لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

       بغديدا هذا اليوم         الترميم الشامل:  كنيسة مار يوحنا     كنيسة مار يعقوب

قصة قصيرة

الملحمة

                                                      هيثم بهنام بردى

هـــو:

من مكمني الراسف بالليل السرمدي لا أبصر سوى داخلي المغتسل بشمس سرمدية أما ما وراء السور الشاهق الذي يعتقل عينيّ ويضع حاجزاً ناصع البياض ما بيني وما يحيط بي، فهو عالم غامض، مدهش، سري، بكر... يترامى ويتصادى خلف الحاجز الاسود للنظارات الثقيلة الجاثمة على ارنبة أنفي،... أنا لا ابصرهم بعيني، بل استشف أبعاد كلماتهم التي تتبعثر في الفضاء كفقاعات الصابون أهمس لنفسي...

ـ ما رأؤه قط على حقيقته مثلي

وأفلتت الكلمة الأخرى من اسارها كسجين افلت من اساره

ـ ومثل الآخر..

رددت الكلمة مرة أخرى.

ـ الآخر..

وبأسى وحسرة لطمت الفضاء بلوعتي.

ـ أين أنت أيها الآخر..؟

فأنا، والآخر.. كنا كالظل الذي يتبعه، أو كالهالة التي تطوق هامته أنّى ما حل، وكنا نحن الثلاثة آصرة لم ننفصل ابداً.

الآخــر:

أنه عينه، لم يتبدل فيه شيء سوى انتشار النديف الأبيض في السالفين والشارب الكث، واسوداد العدسات التي تغطي عينيه، ويبدو من اهتزاز رأسه المتواتر وتقوس حاجبيه إستجابة للكلام الذي يرقى إلى مسامعه، إنه فقد آخر ما تبقى من بصره، أما ما خلا هذا فلم يطرأ عليه أي تغيير، فالشعر المسدل لازال كما في الأيام الخوالي مدهوناً ومسرحاً تتموج خصلاته مع النسيم الهاطل كالمطر الربيعي من الابواب  المواربة والنوافذ المشرعة، ولازالت ذراعاه تحتضنان آلة العود مثل الكنغر في تفرده في إحتواء ابنائه، الشيء الوحيد الذي تميز به الآن، هذا التهالك على التدخين، فهو عبارة عن مدخنة لا تني عن العطاء، عطاء خائب لدوائر من دخان أزرق حائر ينتحر بعد هنيهة من الإبحار في الفضاء، وبدنه أصابه بعض البدانة والترهل، ولكن أناقته هي هي، رجل في كامل الأناقة، ولكنه حزين جداً، اشعر بالنحيب المحتبس في حشاياه، تلتقطها أذناي المرهفتان والمدربتان على إستكناه أدق التفاصيل الحبلى بالإبداع،...

منذ الأيام الخوالي، قبل أن تفرقنا الشمس والقمر في لعبتهما الأزلية في تبادل الأدوار، حيث تشتت كلٌّ إلى مصيره، وتفتت الآصرة إلى أجزاء بفعل عنصر أخر هدم كينونتها حيث تشتت كلٌّ إلى فلك جديد بعنصر أخر متشكل على اشلاء الأصرة الميتة....

فالكروان إلى ما وراء البحار، وأنا ورحلتي الغامضة نحو ذلك الحاجز الذي تعجز الذاكرة عن إقتحامه لكي يجلو الغموض الذي ارتدى ايامي الآتية وجعل كل أيامي تدور في بحثي المجنون عن كينونتي وسط مدن عديدة، وبيوت جديدة، وازقة أخرى، وحدائق تلفظني إلى حدائق، وضياع يسلمني إلى أخر. ثالثنا فقط، عاشق العود، هذا السرمدي البقاء، آثر البقاء في المدينة يبحث ويجاهد في إيجاد عنصر مساعد يجعل الآصرة تعاود من جديد تلاحمها واتحادها، افلح أخيراً في جذبي، حين قرات عيناي الباحثتان ابداً عن الإنعتاق والهرب من مملكة التيه أعلاناً عند كشك يبيع الصحف والمجلات عن قيام أحد الأندية الإجتماعية إحياء امسية فنية استذكاراً للمطرب الراحل...

هو:

ـ آه.. يا صديقي، كم  افتقدكما؟

وبعد فترة صمت

ـ الأول غيّبته الحياة، والآخر غيّبه الزمن

أفكر.. حقاً ان الموجة عندما تجن تفرش جنونها على كل شيء، والموجة التي فرقتنا نحن الثلاثة كانت أعتى مما نتصور

نفضت رأسي وأسرت لنفسي.

ـ منذ زمن بعيد لم أرَ الآخر، ترى اين هو الآن؟ وما الذي فعلت به الأيام؟

وانتبه إلى أحد المتكلمين بصوت به تشفٍ يفضحه الميكرفون .

ـ وأود أن أعلن إن الرجل أخذ أكثر من حقه. حتى الأغنية الشهيرة التي تنسب إليه... غناها أخرون... قبله، فهي من التراث القديم المتوارث

غامت الرؤى وأكتسى ضباب أسود عينيّ ، كدت أنهض وأُحاجج وأزجر المتكلم، لولا إنني استلمت، بغتة، إشارة خفية نادرة، إشارة على شكل تنهيدة لا يستكنهها شخص غيري، فهمست لنفسي مذهولاً.

ـ إنه هو، الآخر..

وبعد صمت استجمعت فيه كياني.

ـ معقول..؟!

ومن غير ارادتي رفعت أناملي نحو النظارة ناوياً خلعها، ولكنني أحجمت عند اليقين المتأصل الذي يعاود تجذره في دخيلتي.

ـ الآخر، أختفى من حياتي، مثلما أختفى المطرب، في شهر واحد، ربما تكون إشارة مشابهة.

ثم بأسىً عميق .

ـ وتركاني لوحدي، مثل نورس ضال .

واستوفزت ذاتي القلقة عندما استلمت الإشارة ذاتها .

ـ إنه يقين محتم.. الآخر هنا

وانتبه إلى متكلم جديد، نبرة صوته دافق حماسي .

ـ إن المطرب العزيز الراحل، لم يأخذ حقه، فإنه يعتبر بحق العندليب الذي ترجم بشجوه احاسيس ومشاعر شعبنا

ويتكلمون عن المطرب الراحل، بين مادح وهم كثر، وقادح وهو واحد لحد الآن.

الآخر:

        قرأت الخبر أكثر من مرة، إنهارت الاسوار التي كانت تصفد ذاكرتي وتسللت شمس فتية تخترق الأدران العالقة بالبصيرة، وأخذ قشر البصل الذي يكبل ذكرياتي الغائبة يضمحل ويتلاشى أمام الصور التي تدفقت كالشلال تغسل التيه، أتمعن في الصورة بعمق ولوعة، يعانقني الوجه الصبوح الطفولي الوسيم بربطة عنقه البنية الأبدية وتلك النظرة العميقة البارقة التي كان يتميز بها، إقتحمت تفاصيل الوجه جذاذات روحي وتفاعلت مع وجداني وكينونتي وابتدأت الصولة: انفرط شريط الذكريات من القمقم وتتالى في صور ساحرة مغلفة بالضباب مثلما تتبدى الدنيا باشجارها وأنهارها وغاباتها البكر ساعة الشفق، فاحتواني الصحو من كل صوب، والصورة بكل تفاصيلها تخبرني عن تلك الأمسية التي تحدثت فيها الصحف والوسائل السمعية والبصرية عن تالق المطرب وسموه وارتقائه إلى مرتبة المتصوفة والتخاطريين وهم يمطرون الفضاء بصداح آلاف المؤدين، مؤدي الملاحم والجوالين والدراويش والمستبصرين، تزفهم إلى تخوم النيرفانا صداح العود الذي تسامى بين يدي العازف الشاب الذي أراه الآن في الصورة يحتل الجانب الأيمن منها ونظراته تعانق الليل البغدادي بمودة وامل؟ وهو لا يحسب، ولا يخطر في باله قط، إنه سيكون نزيل هذا الليل يحصي ساعاته ويسامره باحثاً عن كينونته الضائعة، وهو يناغي الليل، ويتوسل النهار في مساعدته على إيجاد الضلعين ليكتمل مثلث الإبداع من جديد... نظرتي العميقة والطويلة إلى الصورة جذبت إنتباه صاحب كشك الصحف الذي مشى نحوي ثم جلس جنبي وشاركني النظر في الصورة،... أحسست بالفيضان ينبجس محتدماً أهوج من داخلي ويهدر إلى منخريّ وانبثق السيل الجارف يغسلني ويطهرني فأخذت انشج، ثم تحول نشيجي إلى بكاء، بكاء له بداية ولكن لا مطاف منظور له.

هـــو:

        جلهم يمدحون عطاء المطرب الأصيل ، إلاّ ذاك، أُقر من مكمني وأنا الوذ بصمتي المصطخب إن كلامه به عن الصحة الشيء النسبي، نعم إن الأغنية كانت متداولة في الأعراس منذ قرون عديدة، فقد أورثها الجدود للأبناء والأحفاد مثلما أورثوا اسماءهم، فقد انتقلت إلينا، وكأنها صنو ارواحنا، منذ الجد الأزلي الأول، مروراً بنا، وسيتوارثها حفيدنا الأخير،... هذه الكلمات الأصلية كانت عبر تعاقب الأزمان تتسيّد الأغاني الكثر التي كان يؤديها أبناء القرى المتمرسون أبان الأفراح في الأعراس والأعياد، وكانت أصواتهم والأغنية تصدح في حناجرهم تتسامى لتعانق منابع الغدارن، ونواصي الجبال، وآهاب السهوب، ولجج الوديان، تسافر نحو قصبات البردي وصمت الأهوار عند الشفق، وذؤابات البيبون والقداح ودماء شقائق النعمان،... نعم كان يتناقلها الطيور والدواب، الريح والنسيم، الشمس والقمر، ولكنها كانت مجرد أصوات، مهمتها حمل الكلمات وإرسالها من صقيع إلى صقيع مثل حامل الأخبار الذي ينقلها بحيادية وحرص دون أن ينظر في دواخلها وجوهرها، أصوات تفتقد إلى استجلاء روح الشاعر الأول الذي نسجها بروحه وكينونته، أصوات لم تتمكن من الغوص في صدفة الشعر واخراج اللؤلؤة، من يتسامى مع القصيدة وواضع القصيدة، من يجعل الحرف والكلمات تتسامى، تصل حد التوحد بالأشياء، من يجعل المتلقي لا يردد الكلام مع المغني كالببغاء، يمس القشرة دون الغوص في الروح، بل يتماهى مع المطرب ليجعل الاغنية ترافق الزمان والمكان أياً كان، وأينما كان، في الجبل، الوادي، السهل، الصحراء، في الضيعة، في القرية، المدينة، في الأرض، في السماء،... كان يقول للآخر...

ـ إنني أحس وكأني أم تتهيأ للطلق.

وكان الآخر، يرسل ضحكة كالرعد، فاهرع إليه وأكمّم فمه وأهتف بحنق

ـ أخرس ايها الفوضوي، ستطردنا الحيزبون شر طردة.

وبعد صمت أهمس

ـ هذه خامس غرفة نؤجرها هذا العام.

فقال المطرب..

ـ أسمعا لما ساقوله.

وأمام سحر شخصه أنشددنا إليه، همس

ـ سنجعل هذه الأغنية تنطلق من قمقمها، وسنؤديها بأسلوبنا الخاص.

ومد يده إلى جيب قميصه، وأخرج أوراقاً مطوية، فضّها، أعطاني واحدة، وللآخر واحدة، واحتفظ لنفسه بالثالثة، وقال:

ـ القوا نظرة معمقة.

ونفعل، كلمات الأغنية هي نفسها التي كنا نرددها في شعاف الجبال المكللة بغابات الصنوبر والزعرور والجوز والسنديان، وإيكات الصفصاف والأثل والنخل، ومويجات الأهوار الحبلى بالبردي والقصب والزاخرة بالخضيري والجبار وبط المياه المهاجر، وكثبان الصحارى وبحار الرمال ونواح الصبار، فقط الذي أحسسنا به وجعلنا مذهولين هو تلك النوتة الغريبة التي تختلف تماماً عن اللحن الذي درجت على ترديده الاجيال تلو الأجيال، صحوت من الذهول، ألتفت إليه، كان المطرب يحدق فينا بعينين أحسست إنهما مستعارتان من كائن آخر، ارتعدت أوصالي وأنا اتملاه، وفي لحظة وامظة تيقنت إن الذي يجلس قبالتنا ليس صاحبنا، بل شخص آخر، همست.

ـ ما هذا..؟

عاد الآخر إلى صوابه، وحين حدّق فيه، والتفت إلىّ، وجدت في عينيه نفس البحر من الحيرة الذي يزجني من موجة عاتية إلى أخرى.. فهمس بأسمه والمطرب لا يزال كالتمثال، تمثال من لحم وعظام وجلد .شهيق وزفير، قمت من كرسي، هززته بعنف... صحا، كان مثل مسافر حط رحاله من سفرة بعيدة لآصقاع  نائية متجمدة يرتعص وقد مسته البرداء، أسنانه تصطك، أنفاسه متلاحقة متهدجة، جاءني صوته مثل دقة ناقوس بعيدة..

ـ ماء.

ناولته قدح الماء، وأنا في حيرة من أمري، والإرتباك يعتصر الآخر الذي همس

ـ ما الذي أصابك..؟

إستعاد هدوءه، ارتحل الإصفرار الذي كان يرتديه وعاد إلى وجهه تورده ووسامته

ثم همس..

ـ اسمعتم بالشاعر الذي كتب قصيدة ليست له..

استشففنا نبرة الغموض في نبرته، لم ننبس ببنت شفة...

ـ غناها أمامي.. ولقّنها لي.. ودوّن النوتة.

بعد أن وجدنا لسانينا، همسنا

ـ من..؟

ـ الشاعر الأول؟!!

الآخــر:

        بكائي الحار الصادق جعل صاحب الكشك يتعاطف معي بحميمية فربت على كتفي برفق  دون ان ينبس ببنت شفة، ولكنه استنبط وبأحساس مرهف كونه يمتهن عملاً يتمركز حول ما تنتجه الذاكرات التي تعمل بدأب لا يرتاح ولا يستكين في حنايا الرؤوس الحبلى بالأختراع والخلق، إن هذا الرجل الاشعث ذو الخرق التي بالكاد تستره يحمل في داخله إنسانا حطمته رحى كادت تودي به إلى الإنطفاء لولا الصورة المطبوعة على الجريدة، تناول الجريدة برفق وتفرس فيها بعمق، وحين تامل وجهي الأنيق سرت في انامله إرتعاشة قصيرة، ثم حول عينيه يتملى تفاصيل وجهي لبرهة غير قصيرة، توقف بؤبؤاه على بؤبؤىّ ثم تحول نحو الصورة، ران عليه صمت ثقيل وكأني به ينتحب، أسمع نحيبه هناك عميقاً في الكينونة، احس إن روحه ارتدت جسدي في الحالتين، الحالة الراهنة، وزمن الصورة، رفع رأسه، همس بإعياء.

ـ إنه أنت..؟

ثم بلع ريقه واستطرد متسائلاً

ـ صحيح؟!.

وأجابته دموعي... أنا موقن إن الدموع التي انساحت لم تكن من موقيّ بل من مكان آخر أجهل مصدره، ربما كان من جسدي، أو من جسد شخص آخر، هذه الدموع الممسوسة كالريح المجنونة كانت تطرد كل طبقات النسيان والتبلد والضياع التي كانت تسوّر روحي، بصري، بصيرتي، وفي لحظة رهيفة، ناصلة، حادة،  كنصل السكين، تدفقت الذكريات إلى كياني كمطر ربيعي منعش، وتشربت الذاكرة المتحجرة، الممحلة، باليقين، واحتشدت الصور تقتحم ذاكرتي كالفيضان، أو السيل، أو الموجة العاتية، فأنعتقت من عقالها، أو مصباحها، أو قمقمها، أو قلعتها القاسية القصية، وتذكرت  التفاصيل بالتدريج، ومن الصفر، من اللحظة التي استقللت فيها الباص السريع الجديد، وحتى بدء رحلتي المضنية، ومحاولاتي العديدة الفاشلة لاستشفاف ما بعد الركوب، ذهبت، الواحدة تلوا الأخرى، ادراج الرياح..

همست لنفسي بلسان وصل أخيراً كمركب تائه إلى المنار..

ـ كم هو صعب، ومضنٍ، وقاس، أن يتيه الإنسان في مهاوي الضياع.

وعانقت عيناي الوجه الورود لصاحب الكشك، واستطردت بهدوء يفضحه فرح لا حدود له.

ـ كم هو جميل أن يقتنص الإنسان ذاته الضائعة؟

وأومأ برأسه موافقاً دون أن يستشف مدلول الكلمات، فقد كانت الحيرة توأمه في هذه اللحظة النادرة التي يكتشف منها إن هذا الرجل الجالس على صفيحة كاز صدئة بثيابه الخلقة يقتنص ذاته من جديد، أبتسمت له وقلت:

ـ أتمانع أن تكون أول صديق لي بعد عودتي من ذلك العالم.

فهمس بود.

ـ اين كنت؟

ـ في مجاهل الضياع.

فهمس بلذة المكتشف.

ـ فقدان ذاكرة

رفعت الجريدة واشرت إلى الصورة وقلت.

ـ هذه أعادتني إلى هنا..

وأفردت ذراعي، وبحركة دائرية أحتويت الشارع بما يزخر فيه من خلائق ومركبات، ووضعتهما في المدى المحصور بين الذاكرة المغيّبة الراحلة، والذاكرة المهيمنة الراهنة.

هـــو:

إن حدسي لا يخطئ قطعاً، إني أهجسه، أسمع شهيقه وزفيره، إنه يحاول ان يبعث رسالة، استلم وشوشة غامضة، بها شفرات وصل ومحبة، ولكن ممن...؟ أخمن، بل اقطع إن أحد الحاضرين يعرفني جيداً، وإنه يمارس معي لعبة التخاطر...هذه اللعبة مارسناها معاً، أنا والآخر الغائب والمطرب الراحل، كنا نجلس في المقهى والصمت رابعنا، ونسافر كلٌّ إلى داخله أو وجدانه، ثم وبعد الرحلة المضنية والممتعة معاً، نخرج أوراقنا واقلامنا ونسطّر، وعندما نتبادل الأوراق للقراءة كنا نكتشف بإننا كتبنا شيئاً متشابهاً يصل حد التطابق، هذه الخصلة أو الميّزة كانت تتعمق وتنمو بيننا بتصرم الايام والشهور والسنين، فما أن ينتهي الآخر من كتابة القصيدة حتى تستلمها ذائقتي التي لا تجد صعوبة في تلحينها ومن ثم تتلقفها الحنجرة الساحرة للمطرب الحبيب، فتنتشر بين الناس بسرعة البرق، إن الإشارة التي يرسلها أحد الحضور في هذه الإمسية المخصصة لتأبين المطرب الراحل، سأجعلها مخصصة للإثنين اللذين تركاني وذهبا، الأول طوته البحار في مغامرته المجنونة نحو المجهول وابتلعه خمبابا، والآخر الذي ضاع في غابة الأرز... ولم يبق لي سوى الليل والذكريات التي تعلك ساعاتي، وغليوني الذي اشاكس فيه مشروعنا الموؤد، ذلك الذي بدأناه في أوج العنفوان والشبوة والعطاء، لازال ذلك اليوم يعيش معي كالقرين، حين قال الآخر وهو يدخل الغرفة والبشر يطفح من عينيه.

ـ كتبت قصيدة ملحمية.

قال المطرب وهو يضع المخدة في حضنه ويعتدل على السرير الوحيد للغرفة

ـ ملحمية؟!

ورددها ثانية مع نفسه، ثم همس

ـ تأريخنا سجل مفتوح للحكايا والأساطير والملاحم

وبعد وقفة، هتف متحمساً

ـ ولم لا..؟

وألتفت إلى الآخر وهمس

ـ هات

أعتدل الآخر على الكرسي المتداعي، فتح درفة النافذة وتهيأ للإلقاء، ولكني قاطعته.

ـ لحظة

وأغلقت النافذة وقلت مناكداً

ـ لكي لا تهرب العصافير

ضحك المطرب، ثم قال

ـ سيقوم العود والطبلة بلم شتاتها ثانية.

قال الآخر..

ـ سأقرأ الملحمة، حتى ولو للحيطان.

وألقى الآخر ملحمته، زاملنا في إصغاءنا صمت آسر، وذائقاتنا ترتحل مع حيواتها المتدفقة، كان كل مقطع يرتله من الملحمة يحفر في روحينا توهج الكلمة وسحرها الخرافي في جماله، لتنمو في وجدانينا أشجاراً من نخيل وزيتون وتين، وخمائل من عنب وتفاح ،وبساط قشيب من حبق وخزامي..، وعند (الحرمل) العشبة التي جسّدت الفرح بأقتراب البلوغ نحو نقطة الخلود، والإيثار في مشاركة كل البشر هذه النعمة، والخيبة المريرة في إبقاء الجملة نهاية السطر، أو الرحلة، بلا نقطة تقفل وتنهي السفر المضني في إكتمال الطقس، طقس البحث والمنال والضياع والتهالك والأسى واليقين بإن لكل جذوة إنطفاء، ولكل نوء سكوت، ولكل عاصفة إنتهاء، تنتهي الملحمة. وأخلدت الأنفاس المبهورة للآخر إلى صمت تدريجي إرتفعت معه زقزقة العصافير، ونواح الفاختة، وصخب الأطفال في الأفنية والأزقة، وصراخ الباعة في فم السوق، وسفرنا معاً، نحن الثلاثة ونحن ننصت إلى جرس الكلمات التي شيدت لها لحناً غنته الأطيار والزحافات ومخلوقات المياه..

ويلتقط كياني الإشارة من جديد... إنني الآن على يقين تام، إن هناك من يتنفس معي، ويدخن معي، وتسري دماءه في شراييني...؟ ويشارك فؤادي وجيبه المتسارع، ولكنه من يكون؟ الأول طواه الموت؟ والثاني دخل ممالك الضياع والنسيان... رباه... من يكون؟

الآخــر:

أراه لا يستكين، مثل كائن محاصر، يمج سيكارته ويطلق الدخان بقوة فيتلاشى في الفضاء بعد أن يشكل خطوطاً متقاطعة لوهلة قصيرة، أستلم لجاجة روحه الاسيرة وهي تبحث عن منفذ  للإنعتاق من خيوط العنكبوت التي تحدد قضبان زنزانة ذاته المعذبة، حتى ذراعاه اللتان تمسكان بقوة وحنو عوده الأثير تراختا وأمسكتا بمسندي الكرسي ثم إنحدرتا نحو ركبتيه المطبقتين وتعانقت قبضتا يديه عند إلتقاء الركبتين، كأنما يتهيأ لقفزة جبارة يحلق فيها في الفضاء بحثاً عن شيء نفيس مفتقد، إنني أستلم إشارته بوضوح، إنها دافقة معبئة بسؤال مبهم عن كنهي، يبدو إن الصدمة كانت  قوية جعلت إلتقاطاته الإشارية يصيبها بعض الوهن، فتتشوش عليه جوهر الرسالة، للحظة، عندما أكتشفت سقوطه في عالم الظلام، إن إشارته أو قابليته على التخاطر ستتطور، إذ إن الإنسان الذي تُسلب منه حاسة من الحواس يستعيض عنها بأخرى، وربما الشم هي أقربها، ولكن محاولاته استبيان كنه الإشارة بالتلفت يميناً ويساراً واتساع منخريه تغلفها بعض الضبابية،

ـ ربما بسبب الصدمة بفقده جناحيه وتعوده على الأحراش كطير مقصوص الجناحين، وإنه الان يبحث عن الشمس التي بإشراقها تذبح دياجير الضباب، ليجلو كل شيء، يسبح كحورية تحت شلال الضياء...

إلتفت إلى صديقي بائع الجرائد، الذي اصر أن يكون ـ فعلاً ـ أول صديق بعد عودتي من الرحلة، سيما عندما حكيت له كل شيء ونحن في بيته، بعد إن منحني كل شيء: الحمام، الثياب الجديدة، وصداقته الجديدة الحقيقية، أصر على إن يصطحبني إلى الحفل، قلت له.

ـ إنه يحس بوجودي.

هـــو:

يتكلمون عن سجايا المطرب الراحل، يعددون محاسنه، أحد اقربائه يتكلم ويحدث الحضور عن سيرته منذ ولادته في تلك القرية الجبلية البعيدة في اقصى الشمال ثم رحلته في ميعة الشباب صحبة زميليه الشاعر والملحن إلى بغداد، وسعيه الحثيث لإسماع صوته والحان صديقه وشعر الآخر في الأندية الإجتماعية، ومن ثم تسلقه الشهرة والذيوع في بغداد وفي الخارج  مع كر الزمان، حتى صار اسماً لامعاً يُسمع في اكثر من وسيلة إعلامية، فالتلفاز يعرض إغنياته، والمذياع يقدم اغانيه كل يوم، والمحلات التجارية الخاصة بالكاسيتات تتسابق لأقتناء البوماته، فصارت تنهال عليه الدعوات في الشمال والجنوب من البلد، وصرنا مثل سندباد لا يحط رحله في جزيرة، حتى تناديه أخرى، حتى جاءت تلك الدعوة التي كانت بمثابة مسمار النعش الذي قوض بنية الآصرة وشتت عناصرها، والتي لم اتصور إنها ستنفرط يوماً، فنحن الثلاثة كنا ثلاثة في واحد، او واحد في ثلاثة، فكان ذلك الصباح الشتائي المطير نقطة الإنطفاء وإضمحلال الآصرة، حين دلف الغرفة وهو يتمايل فرحاً وبيده مظروف انيق ينتهي بشريط احمر، هتف.

ـ أحزرا ما هذا؟

فبقينا صامتين، قال وقد زايله الطرب.

 ـ ما بكما.

بقينا على صمتنا، أحس إننا نعرف، فقال وقد زايله الطرب تماماً .

ـ إنها دعوة للسفر خارج العراق .

وبعد صمت..

ـ قررت الرحيل، سأعمل على إستقدامكما حال وصولي هناك.

وبعد صمت..

ـ ساشترط عليهم وجودكما معي...

و.. ذهب، سافر إلى الأقاصي، إلى غابة الأرز، ولم يردنا إي خبر عنه، ولكننا كنا نعلم إنه يعيش هناك... وربما يحي حفلات، في البدء ارسل إلينا يخبرنا صعوبة سفرنا، ثم جاءتنا بعض الرسائل، ومن ثم إنحسرت، وتوقفت، وبعد اشهر عديدة جاءتني الضربة الأخرى التي حولتني  من إنسان ، طموحه لا تحده صفحات إلى مجرد إنسان يأكل ويشرب ويعد ايامه، حين فقدت الآخر، إختفى فجأة ذات يوم، أنصب كل إهتمامي في إيجاده فأضعت الايام والليالي في البحث عنه، ولكنني كنت كمن يبحث عن قطرة ماء وسط صهد صحراء كافرة مترامية لا تعشق سوى سعير شمس لا ترحم وهي ترسل حممها إلى الرمال.. فصرت مثل طير بلا...

ـ أنت طير بجناحين..

إنه صوته، يقيناً إنه هو، ولكن هل هو يقين ما أهجسه واسمعه،... أمد كفيّ نحو إذني، يأتيني  صوته.

ـ إنني معك..أقف جنبك

لا ليس ما أعيشه حلم، بل هو حقيقة قائمة، إنه صوت المطرب .

ـ ولكنك، إعذرني، فقد سمعت إنك رحلت عن عالمنا..

جاءني صوته دافئاً.

ـ عن العالم، أجل منذ زمن بعيد، ولكني الآن معك، ومع الآخر.

هتفت...

ـ الآخر..

وبعد حسرة

ـ الآخر، طوته السنين.

جاءني صوته المفعم بالحياة.

ـ لكنه الآن هنا

قلت في قنوط.

ـ مثلك، روح بلا جسد

ـ إنه بروح وجسد..

وبنبرة فيها حسرة على ايام سالفة بهيجة همس المطرب.

ـ إنني معكما، أنت والآخر، أتوسد جوانحكما معاً

أجهشت ببكاء صامت، انساحت دموعي على خديّ المتغضنين، فأحسست بسبابة تمسحهما، وصوت رقيق يهمس كمن ينتحب .

ـ إنني لم أرحل، فذاتي موزعة بينكما .

الآخر:

ما الذي يعتريني؟.. لِمَ أرتجف..؟! لِمَ تصطك ركبتاي؟!!

ثمة حالة تتلبسني، غريبة، لا عنوان لها، ولكنها خرافية في لذتها،.. أرى صديقي غائباً عن الحضور كلياً، وقد قوّم أذنيه كسلوقي يتهيأ لاقتناص صيد ثمين، وعيناه المطفئتان المختبئتان خلف النظارة السوداء تستجليان صورة في الفضاء، وشفتاه الرصاصيتان بفعل التدخين تتمتمان بتواصل لا يهدأ مثل سحرة الكهوف، أو كهنة المعابد وجسده يرتعش مشدوداً نحو نقطة ما، ثم ثقب فضاء القاعة صوت المذيع الإحتفالي

ـ والان أعزائي الحضور، أترككم مع رفيق درب مطربنا العزيز الراحل، مع الرجل الذي رافق المطرب الاصيل منذ نعومة أظفاره، وهو يلحن أغنياته التي حفظتها القلوب قبل الشفاه...

هـــو:

يرجعني صوت المذيع إلى القاعة، أنهض على مهل وأتحسس بساعدي آلتي الاثيرة إلى روحي، أضعها بين الساعدين فوق القلب مباشرة ثم أنقاد كطفل يحبو للمرة الأولى إلى كف المذيع،  يقودني إلى المسرح ويجلسني على الكرسي المخصص لي ثم اسمعه يعدل الميكروفون بموازاة وجهي، ثم همس، خلت إن المذيع هو يكلمني ولكني سمعت صوت المطرب.

ـ ألم يحن الوقت لنغني الملحمة .

وهطل اللحن مثل مطر موسمي إلى ذاكرتي، همست

        ـ أجل، حان وقت الملحمة، اللحن موجود، هل أعزف المقدمة

سمعت صوت المطرب، كما في الايام الخوالي، دافئاً، دافقاً، رجولياً، ملائكياً.

ـ هيا

أفلتت من فمي آهة حزن عميق إستجابة لنحيب المطرب التي أختصرها بـ  (هيا) التي زخرت بالحب اللامتناهي، والغياب اللامتناهي، والحضور اللامتناهي... همس

ـ هناك مفاجأة في الإنتظار

وصمتي الذي واجهته به كان معبأً بسؤال لا يزال يتسربل بالمفاجأة الآولى

ـ مفاجأة..

ـ هيا أعزف المقدمة

ثم تحتويني كفاه، يلمس خدي، أستشعر دفق الحياة يتسلل من نهايات أصابعه نحو عروقي، فأتماهى مع روحه المهومة المهيمنة، أسمع تصفيق الحضور، فاستل الريشة من جيبي وأدوزن الاوتار، ثم أنهض نصف قامة وأحني هامتي للجمهور، وبعد أن أسحب شهيقاً عميقاً اقول بنبرة خطابية

ـ سأغني لكم في هذه الأمسية التكريمية للمطرب الراحل أغنية (الملحمة) التي لم تمهلنا الأيام لكي نؤديها في حينها

وتخلق ريشتي عالماً حيّاً نابضاً بالتوثب الذي لا مدى له، كانت الذاكرة قد صفدته في مجاهلها فأعتق من أصابعي والأوتار لحناً، يتصاعد، يسمو، ليبدأ أولى رحلات الإنسان الأول نحو فراديس الضياع.

الآخــر:

همست لبائع الجرائد.

ـ سيغني الملحمة

وبعد فترة صمت

ـ سأساعده أن نسي القصيدة..

وقبل أن أقول لجليسي إنه بدأ يتخاطر معي، بفعل قوة خارجية غير محددة المعالم بالنسبة لي أحسست بلمسة واحدة على رقبتي، إلتفتت... كان الرجل الجالس خلفي مشدوداً نحو الملحن، عدت إلى جلستي وإعتدلت.. ولمستني اليد ثانية، ولكن هذه المرة في خدي، إلتفتت... كان جليسي الآخر في عالم غير عالمي، سوّرتني الحيرة لفترة قصيرة، ثم سمعت همسه

ـ تعال معي..

ورأيته...!؟! .. بعينيَّ الباطنيتين.

يقف المطرب الراحل إلى جانبي وذراعه ممدودة، نهضت وأمسكت كفه، وقادني نحو المسرح كالمنّوم مغناطيسياً.

هــو:

يقترب مني، أحس خطواته، لا ليس المطرب لوحده، بل هناك أخر أعرفه، كلما أقترب خطوة، يتعمق أحساسي بحضوره الجميل، ورغم إن حواسي مسخرة لخلق أجواء الملحمة، بصيرتي، بصري، أناملي، ذاكرتي وهي تحاول أن تستذكر نوتة مشاكسة تابى الإنصياع، بيد إني أمسك بها وأقودها نحو الآذان، احسه وجوده المادي وهو يجلس قربي، تشوش فكري وكدت افقد اللحن، بيد إنني سمعت صوته.

ـ فاصو...

وأمسكت باللحن ثانية، واستمررت بالخلق،... مهما أسهبت في الوصف لا يمكنني أن أحيط بتفاصيل تلك الدوامة التي إلقتني في بحر من السعادة والفرح، فرح لا يحده حتى الافق الذي يحاول أن يقطع البحر، فأغرورقت عيناي بالبكاء، فاجهش العود ببكاء بطل الملحمة وهو يرى الديدان تخرج من أنف صديقه الحبيب، سمعت صوت المطرب..

ـ على رسلك يا صاح، إنك تعزف وسط الملحمة..

توقفت، صفق الجمهور بحماس وهو يجهل ما يحدث الان على خشبة المسرح، من لقاء غريب وغير منطقي بالعرف السائد، مطرب راحل منذ عقد من السنين، وشاعر عاد إلى عشه كطير مهاجر، وملحن يحاول أن يعقلن ما يحدث، هتف المطرب كما في الأيام الخوالي.

ـ لقد بدأت الملحمة

فانطلقت الطبلة تجلد الحضور بنداءات وتوجسات الرجل الآول وهو يحث خله ونديمه على خوض الغمار، غمار اقتحام المستحيل، وتحقيق حلم عصي، أبحر العود يشق غمار البحر، وعواصف النوء، ومجذافاه حلم مجنون لرجل مسلوب العقل يحاول أن يقهر المنطق والواقع ويرقى إلى السماء حيث الخلود وصرنا، أنا والمطرب والاخر ربابنة هذه السفينة نصارع العواصف والأنواء لبلوغ الجزيرة اليوتوبيا.

أحد الحضور:

ما يحدث الان على المسرح ضرب من الخيال،..

لم أكن اصدقه لولا أن أناملي متأكدة من وجودي المادي من خلال لمسي لمسند الكرسي الذي أجلس عليه وساعد  جليسي الايمن، والدخان المتحلق من سيكارة الرجل الجالس أمامي، والهمس المبهم لرجلين يجلسان يساري، وعيناي ترصدان فضاء القاعة السابح في ضياء أزرق حالم، فأتأكد أن ما اراه حقيقة، حقيقة قد تمس الخيال، أم إن الخيال تقمص الحقيقة... فلكوني اجلس في الصف الثاني وامتلك أذنين حساستين تلتقطان همس الفراشات، فقد كنت اسمعها، الملحن والشاعر، ولكن ما حيرني إن ثمة صوت ثالث يشاركهما الحديث، فبحثت في الزوايا والكواليس، لم أجد أي شيء البتة، المسرح يحاذي الحائط، وليس ثمة غرف جانبية، فهو ملك لوحدهما حسب، ولكني واثق من الصوت الثالث، واستكنه في نبراته نوع من السطوة المحببة، ولكوني اعرفهم جيداً، الملحن والشاعر والمطرب الراحل، عن كثب، وفي بعض الأحيان، كنت أجالسهم في السنين الخوالي، فقد أختلط على الأمر، وتسائلت والحيرة بحر يقذفني إلى الاعماق.

ـ هل تتغير قوانين  الطبيعة، ويحدث شيء جديد يكون هو الإستثناء، فإن حدث هذا، ودخل دائرة المنطق والمعقول، فإن الإستثناء يحدث الان.

وما عزز ظني الذي يلامس شغاف اليقين من حدوث الخوارق، عندما بدءا بالغناء، الملحن والشاعر الذي أرتقى المسرح بغتة وهو يسير كالمنقاد وفي يده الآخرى طبلته الأثيرة، مثل طفل يحرص على الإمساك بطرف عباءة أمه، وهي تقوده أنى ما تشاء، ظهوره هذا المثير والفجائي بعد اختفاء دام عقد من السنين، يدرج ضمن هذا الإستثنائي الذي تحول إلى حقيقة توطدت في نفسي وأقنعتني بحدوث المعجزة، خصوصاً عندما تواصل الغناء... فقد تيقنت الان، إن الذي انطلق بالغناء، والذي من المفترض أن يكون إثنان، الشاعر والملحن، كانوا ثلاثة... والثالث هو نبرة لا يمكن أن تخطأها أُذناي اللتان حفظتا كل طبقات صداح المطرب الراحل،....

نعم إن الذي كان يغني الملحمة هم: الملحن، الشاعر، والمطرب.

 

الخميس 18/11/2004