هيثم بهنام بردى

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف بغديدا هذا اليوم

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

القاص والروائي هيثم بهنام بردى

تجليات الفضاء السردي

قراءات في سرديات هيثم بهنام بردى

 كتاب جديد لمحمد صابر عبيد

 

لنخبة من النقاد والأكاديميين، ومن إعداد وتقديم الأستاذ الدكتور محمد صابر عبيد، وعن دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق، وبغلاف أنيق من تصميم أمينة صلاح الدين، وبواقع (176) سفحة من القطع المتوسط. صدر الكتاب الموسوم (تجليات الفضاء السردي/ قراءات في سرديات هيثم بهنام بردى).

والكتاب هو حصيلة بحوث الجلسة النقدية التي أقامها البيت الثقافي- شعبة الحمدانية يوم الأحد الموافق 18/3/2012 على قاعة فرقة مسرح قره قوش (بفديدا) للتمثيل والمخصصة للقاص والروائي هيثم بهنام بردى.

يتوزع الكتاب على تقديم ومدخلين وخمسة بحوث وكما يلي:

ـ تقديم

ـ مدخل أوّل

ـ مدخل ثان

محمد صابر عبيد

ـ الرؤية المكانية في القصة القصيرة جداً عند هيثم بهنام بردى.

الدكتور نبهان حسون السعدون

 ـ البعد التاريخي للشخصية في رواية قديسو حدياب لهيثم بهنام بردى.

الدكتور علي أحمد محمد العبيدي.

ـ الإحساس بالزمن/ قراءة سردية لقصة تليباثي لهيثم بهنام بردى.

الدكتور سالم نجم عبدالله.

ـ التجربة الذاتية القصصية/ قصة "المخاض" مثالاً قرائياً

 الدكتور خليل شكري هياس.

ـ شعرية الدلالات الإنسانية في قصص أرض من عسل لـ هيثم بهنام بردى

الدكتور فيصل غازي النعيمي.

وندرج فيما يأتي تقديم المعد في متن الكتاب لأهميته.

 

تقديم

أ.د محمد صابر عبيد

 

       حين كلّفني الصديق المبدع هيثم بهنام بردى بالتقديم لهذا الكتاب وإعداده استجبت فوراً لسببين مركزيين، الأوّل هو حبي واحترامي للمبدع هيثم إنساناً صديقاً وكاتباً، والثاني هو إيماني بالعمل النقديّ الجماعيّ الذي يرسي تقاليد جديدة للعمل النقديّ العربيّ الحديث، وهو ما عكفتُ عليه منذ سنوات وأصدرتُ بمعية فريقي النقدي أكثر من عشرة كتب نقدية، أصبحت الآن واقعاً نقدياً قارّاً شهد بأهميته الكثير من الأدباء والمثقفين على أكثر من صعيد.

   حبي واحترامي للمبدع هيثم جاءا عبر تفاعل إنسانيّ وإبداعيّ تجاوز زمنياً العقدين، كان في كلّ هذه السنوات حريصاً على التواصل، مثلما هو حريص على الكتابة والمعرفة بإخلاص نادر يشعرك بأنه لا حياة ولا بهجة ولا سعادة له خارج هذا الفضاء، على النحو الذي جعلني أنظر إليه بعين الإعجاب والمتابعة والانتماء، فعالم الإبداع عالم بالغ الخصوصية والنوعية والحساسية ولا يرضى بعالم آخر ينافسه أو يوازيه أو يكون نداً له في حياة المبدع، فكم من مبدع أبهر القرّاء في سنوات معينة ثم غاب وطواه النسيان، وظلّ يتعكّز على مجده السالف القديم الذي تلاشى أثره بمرور الزمن وأصبح أثراً بعد عين كما يقال، فالبقاء لمن يستمرّ في طريق الإبداع ويضحّي بكلّ شيء من أجله كما هو هيثم بهنام بردى نموذجاً.

    هيثم بهنام بردى مبدع جميل دائب الحركة والتفاعل على مستويات كثيرة، جادّ في إبداعه والترويج له وإيصاله إلى كلّ مكان متاح وممكن، يقتنص أيّة فرصة متاحة من أجل أن يصدر مجلة أو جريدة، أو يسهم مع آخرين في ذلك، ويجتهد من أجل أن تقام أمسية هنا أو ندوة هناك، ولا يكتفي بالترويج لإبداعه بل لإبداع أصدقائه ممن يعتقد أنهم جديرون بذلك، وقد أنتج هذا السلوك الحضاري الجميل الكثير من العلاقات الثقافية المهمة بين الأدباء والمثقفين، التي أنتجت بدورها محاضرات وندوات وكتب ومقالات ونشاطات ثقافية كثيرة كان لها الأثر البالغ في إنجاز حراك ثقافي وأدبي ثريّ ومتنوع، لم يكن له ليحيا بهذه الدينامية والتألق والحضور لولا الجهود الذالية الشخصية المتفانية من هيثم.

   وبطبيعة الحال لو لم يكن هيثم مبدعاً حقيقياً وأصيلاً وقد سخّر حياته كلّها لخدمة إبداعه لما استطاع أن يفعل هذا كلّه، ولما نجح في مسعاه الذي ليس له من هدف سوى الرغبة الحقيقية في بناء مناخ ثقافي صحّي ونقي ونظيف ومبدع، بعيداً عن الحسابات الفقيرة الضيقة التافهة التي سبق لها أن سحقت تحت عجلتها الكثير من المواهب التي انغمرت في مياه مكاسب ساذجة فغرقت في مياهها الآسنة وضاعت إلى الأبد.

   لعلّ من أبرز ما يتمتّع به المبدع هيثم في سردياته هو حضور حسّ الالتقاط العالي والذكي للحظات إنسانية دقيقة لا يكتشفها غيره، ويعالجها بطريقة تأليفيّة دقيقة جداً كما يعالج طبيب ماهر حالة مرضية غريبة تفترض براعة ودهاءً وابتكاراً غير اعتياديّ، ويصنع منها قصّة قادرة على إقناع المتلقي بأنها موجودة قريباً جداً منه بقوّة السرد، وقد كنت قبل أيام في رحلة تسكّع دورية أقوم بها صحبة صديقي المبدع الدكتور خليل شكري هيّاس في (باب السراي) في مدينة الموصل، وحيث شاهدنا الكثير من اللقطات الإنسانية التي تصلح لتحويلها إلى قصص قلت لصديقي خليل إنّنا نحتاج الآن إما لهيثم بهنام أو جمال نوري كي ينهضا بهذه المهمة، فكلاهما يتمتعان بحسّ الالتقاط العالي لهذه الحالات التي تنطوي على كثافة إنسانية نوعية لا يراها إلاّ من توافر على مثل هذه الموهبة.

    لعلّ الأبحاث التي أسهم فيها الزملاء الأعزّاء في هذه الندوة قد أتت على نحو أو آخر على الكثير من الخصائص الإبداعية النوعية التي تميّزت بها سرديات هيثم، فذهب الدكتور نبهان حسون السعدون  في بحثه الموسوم بـ ((الرؤية المكانية في القصة القصيرة جداً عند هيثم بهنام بردى(( إلى تحليل عنصر أصيل ومركزيّ من عناصر الفضاء السرديّ في قصص هيثم القصيرة جداً، وسخّر لذلك كلّ آليات المعالجة النقدية (النظرية والإجرائية) التي أسهمت في الكشف عن حضور بالغ الحساسية والتجلّي لعنصر المكان في هذه القصص، بحيث تحوّلت تقانات التشكيل المكاني إلى رؤية سردية تجاوزت حدود الحضور الفضائي التقليديّ وشكّلت نسيجاً فاعلاً في العمارة القصصية.

     وعالج الدكتور علي أحمد محمد العبيدي في بحثه ((البعد التاريخي للشخصية في رواية قديسو حدياب لهيثم بهنام بردى)) رواية غير متداولة كثيراً لهيثم، واجتهد في تحليل البعد التاريخي للشخصية وهو البعد الأكثر حضوراً وظهوراً في هذه الرواية، كاشفاً عن همّ تاريخي واضح عنده يعمل على المرجعيات بحسّ توثيقي سردي يسعى إلى الموازنة بين الواقعة التاريخية في مضانّها الحقيقية، والواقعة السردية في مضانّها التخييلية، على النحو الذي يتمّ فيه تأرخة الواقعة السردية وسردنة الواقعة التاريخية.

     أمّا البحث المعنون بـ ((الإحساس بالزمن/  قراءة سردية لقصة تليباثي لهيثم بهنام بردى)) للدكتور سالم نجم عبد الله، فقد ذهب إلى معالجة قضية مهمة في ميدان الفضاء السرديّ هي قضية الإحساس بالزمن، هذا الإحساس الذي يتنوّع في شكله وحضوره دائماً بحسب الفاعل السرديّ الذي يقوم بفعل الإحساس، إذ قد يكون الفاعل السرديّ هو الراوي أو الشخصية، ولا تتأكد قوة هذا الإحساس وبلاغة حضوره إلا من خلال وصوله إلى مجتمع القراءة والتلقي، وهو ما حاول البحث الكشف عنه في مستوى معين من مستوياته في قصة مميزة جداً للقاص هي قصة ((تليباثي)) المحرّضة والمثيرة.

     الدكتور خليل شكري هياس في بحثه الموسوم بـ ((التجربة الذاتية القصصية/ قصة "المخاض" مثالاً قرائياً((، سعى في انتخابه لقصة ((المخاض)) إلى مقاربة قضية توظيف التجربة الذاتية في الصوغ القصصي، وهو ما يعالج كيفية التهجين السرديّ بين منطقة معينة من مناطق السيرة الذاتية بمرجعياتها الواقعية، ومنطقة التأليف القصصي بمرجعياتها التخييلية، على النحو الذي يؤكّد خاصية نوعية مهمة في قصص هيثم تتمثّل في توظيف التجربة الذاتية الشخصية في التجربة القصصية الفنية.

     البحث الأخير الذي اشتغل على ((شعرية الدلالات الإنسانية في قصص "أرض من عسل" لهيثم بهنام بردى)) للدكتور فيصل غازي النعيمي، عالج في هذا السياق وعلى نحو سيميائي تعالي حضور الدلالات الإنسانية في هذه القصص لتصل إلى مرحلة العلامة، وقد انتبه البحث إلى قوّة حضور هذه الدلالات وهيمنتها على مجريات السرد وفضاءاته وتشكيلاته، على النحو الذي أصبحت جزءاً فاعلاً من طبيعة التشكيل السرديّ وعماريته.

     وبهذا تكون هذه الأبحاث الخمسة بعلميتها وجهدها الأكاديميّ والنقديّ وتنوّعها قد أتت على مفاصل مهمة من تجربة هيثم بهنام بردى السردية، وحين توافرت الرغبة بجمعها وإصدارها في كتاب فإنّ ذلك يعني أنها قد اكتسبت الأهمية البحثية التي تبرّر ذلك، وتعني في سياق آخر إضافة نقدية تضيء تجربة هيثم وتعزّز أهمية سردياته في المشهد السردي العراقي، وتؤّصل في سياق ثالث لتجربة العمل الجماعي على الكتب المشتركة بما تعكسه من روح حيّة للتفاعل والصدق والمحبة والحيوية، في الوصول إلى مناخ نموذجي يموت فيه الكره لصالح الحبّ، ويختفي الحسد لصالح الغبطة، وتتصدّر الموضوعية على حساب الذاتية الضيّقة، في السبيل إلى إنشاء تقاليد جديدة للحياة الثقافية نحن بأمس الحاجة إليها.

 

 

*****