Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

لأعزائنا الصغار

موارد السريان

السريان

مقابلة مع الأب يوسف عبّـــــا

في ضيافـة جريدة صدى السريــان بمناسبة زيارته للوطن وبلدته بخديدا

  بقلبه الطيّب وابتسامته الرقيقة ومزاجه العذب وقبل أن نلتقي به في دار أهله وفي طريقنا إليه كنا نتحدث في الطريق عن ذلك الأب الفاضل الذي أفنى زهرة شبابه في خدمة أبناء جلدته ( بخديدا الحبيبة ) ولمدة تسعة عشرعاما من التعليم والوعظ والارشاد والعمل الرسولي فكان مثالا للراعي الصالح حيث كسب محبة الجميع في بخديدا ، الى أن انتشلته العناية الربانية لينتقل الى خدمة ابناء شعبنا المغتربين في تورنتو كندا .

وصلنا الى داره فوجدناه جالسا مع أهله وأصدقائه الخديديين الذين توافدوا لزبارته وللاستفسار على أحواله .

استقبلنا بحفاوة بالغة وببشاشته المعهودة وقلبه الرحب مبتسما دوما فكان لنا معه هذا الحوار: 

في البداية ، أبت العزيز ، هل لك أن تعطينا وباختصار شيئا  عن سيرتك الذاتية ..

اشكركم كثيرا على زيارتكم وأرحب بكم كلّ ترحيب أما عن سيرتي فأقول :  

ولدت في بخديدا الحبيبة في  حزيران 1951، تلقيت دروسي الابتدائية في مدارسها  ، ثم قصدت اكليريكية مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان بالموصل سنة 1963 حيث أكملت دراستي الثانوية، ثم الفلسفة ومرحلة من العلوم اللاهوتية والكتابية. في تموز 1973 التحقت بالخدمة العسكرية، وبعدها سافرت إلى القاهرة للانضمامّ إلى تلامذة معهد الأقباط الكاثوليك في المعادي بمصر 1976 1977 لمواصلة دراسة اللاهوت التي انقطعت بسبب الخدمة العسكرية وإغلاق اكليريكية مار يوحنا الحبيب الكبرى. مكثت في المعهد سنة دراسية كاملة. في صيف 1977  قصدت فرنسا بمنحة دراسية من جامعة السوربون في باريس لثلاثة أشهر على أثرها حصلت على دبلوم لغة فرنسية. وعدت بعدها إلى دير الشرفة بلبنان لاكمال السنة الأخيرة من اللاهوت في جامعة الروح القدس بالكسليك (1977 1978).

في 30 أيار 1978 عدت إلى بخديدا لاقتبال الرسامة الكهنوتية بوضع يدي المثلث الرحمة المطران عمانوئيل بني في كنيسة الطاهرة في قره قوش، يوم الجمعة 30 حزيران 1978. تعينت كاهناً لرعية مار يعقوب ولمدة خمس سنوات . وفي سنة 1983 استلمت رعية مار يوحنا في قره قوش حيث قمت بترميمها وإصلاحها وشيّدت في فناء هذه الكنيسة سنة 1990  "قاعة الشهداء" تخليداً لذكرى الشهداء من أبناء بخديدا . وتضم القاعة جدارية رمزية للشهادة مع 260 صورة لشهداء بخديدا

مثبتة على ألواح من مرمرية كتب عليها تاريخ استشهاد كل منهم.

برز اهتمامي في حقل الرسالة مع الشباب ومرشدا لأخوية مريم العذراء لعدة سنوات وقمت بتعليم اللغة السريانية والألحان الليتورجية، وتهيئة 150 شماساً من مختلف الدرجات والرتب الكنسية. وقمت بتحديث أخوية مار بولس لتضم الشباب والشابات ليس في قره قوش وحدها، بل انتشرت فروعها في المناطق المجاورة (كرمليس وبعشيقة وبرطلة) وامتدّت الى مدينة البصرة فبلغ عدد المنتمين اليها ( 250 ) شاب وشابة . ولا تزال نشاطاتها وأعمالها الروحية والخيرية يشار اليها بالبنان في بخديدا الى يومنا هذا .

بتاريخ 5 تموز 1997 التحقت بخدمة أبرشية سيدة النجاة السريانية في الولايات المتحدة وكندا، وعهدت اليّ مسؤولية ارسالية مار يوسف للسريان الكاثوليك في تورنتو (كندا ) فعملت بنفس الهمة والنشاط والغيرة الرسولية ، فجمعت العوائل السريانية المشّتتة في هذه المدينة وأسست لها مجلسا رعويا ولجانا مختلفة ( ادارية ومالية ، طقسية واجتماعية ، ثقافية وروحية ولجنة للشباب وأخرى للسيدات ). كما أسّست جوقة تراتيل للكنيسة تعتبر اليوم من أحسن الجوقات في أمريكا وكندا   وأخوية مار يوسف لكلا الجنسين يبلغ عدد المنتمين اليها أكثر من ( 50 ) شخصا . كما قمت بتعليم اللغة السريانية وتهيأة شباب من ابناء الرعية فنالوا رتبة القارئ والمزمّر والرسائلي بوضع يد صاحب السيادة راعي الابرشية المطران مار افرام جوزيف يونان .

منذ بداية سنة 1998 ، أصدرت نشرة شهرية ( نشرة الكلمة ) تتضمّن مقالات روحية واجتماعية وثقافية فضلا عن أخبار ونشاطات الرعية ، كما أصدرت نشرة شهرية أخرى للشباب بالانكليزية باسم ( الشعلة ) .

يوم 10 حزيران 2004 كان يوما تاريخيا لهذه الرعية ، حيث حققت حلم أبناء رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك في تورنتو -  كندا . وقمت بالتوقيع مع سيادة راعي الأبرشية المطران مار افرام جوزيف يونان السامي الاحترام على شراء أول كنيسة سريانية كاثوليكية في كندا. تمّ تكريس الكنيسة الجديدة في 19 آذار 2004 عيد مار يوسف البتول بحضور راعي الأبرشية المطران جوزيف يونان وسيادة المطران ميخائيل الجميل الخديدي وأساقفة من الكنيسة اللاتينية وعدد كبير من الكهنة والراهبات والسفير العراقي في اوتاوا وحاكم مدينة مسيساكا الكندية وجمع غفير من جميع الطوائف المسيحية .

كنت قد استلمت الرعية بعدد محدود من العوائل تعد على الأصابع ، أما اليوم فيصل عدد العوائل المسجلة في سجل الكنيسة أكثر من ( 250 ) عائلة .

كما وضعنا نواة خيّرة لتأسيس أول رهبانية ( نسائية ) سريانية كاثوليكية في شمال أمريكا باسم ( مرسلات سيدة القربان المقدّس ) ،بالاضافة الى واجباتي الرعوية أقوم : بالاشراف على التعليم المسيحي وتهيأة الطلاب والطالبات للمناولة الاولى .. محاضرات خلال ندوات شهرية للعوائل ... سهرات انجيلية للشباب كل يوم سبت على مدار السنة . رياضات روحية للشباب والشابات .

كما إني عضو في اللجنة الاستشارية لأبرشية سيدة النجاة في أمريكا وكندا وسكرتيرا عاما في مؤتمرات الأبرشية . ومدير تحرير مجلة الأبرشية الفصلية . أكتب مقالات دينية وثقافية في الجرائد والمجلات العربية في كندا.

أبت . ماذا عن خدمتك للكنيسة التي تعمل فيها في كندا ؟

في 5/7/1997 ذهبت الى كندا بدعوة من مطران ابرشية السريان الكاثوليك في كندا برفقة الأب بطرس موشي ( الخوراسقف المعاون الأبرشي حاليا ) . ووجدنا كنيسة رعيتنا في كندا في حالة يرثى لها وقد هجرها المؤمنون بعد أن تركها الكاهن السابق  وكان قد حضر سبعة أشخاص فقط في أول قداس أقمناه في الكنيسة .

ومن خلال اتصالاتي المتكررة ومتابعاتي لهم وبمرور الوقت بدأ المؤمنون بالتوافد والمجيء الى القداس . وبعد شهرين من استلامي الرعية وحضور سيادة راعي الأبرشية لأحد قداديس يوم الأحد فاجأني باعلانه للمؤمنين اثناء الموعظة عن قراره بتعيني كاهنا رسميا للرعية لمدة ثلاث سنوات ومن هنا بدات خدمتي في رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك في تورنتو ـ كندا .

أبت . ما مدى علاقة المؤمنين بالكنيسة والكاهن ؟

علاقة الكنيسة بالمؤمنين هناك تختلف اختلافا جذريا عما هي عليه . هنا في العراق وبخديدا خاصة عندما نعلن عن اقامة أي احتفالية أو قداس نجد أن الكنيسة تمتلىء بالمؤمنين وباعداد هائلة . اما في الغرب كما هو الحال في كندا نعاني من مشكلة جذب المؤمنين الى الكنيسة وهنا يكمن دور كاهن الرعية الذي يعمل ويسعى وبكافة الطرق وخاصة ( زياراته واتصالاته بالعوائل والاهتمام بالشباب والأطفال وكذلكّ اتقانه اللغة الانكليزية ليكون قريبا منهم ) لجذبهم الى الكنيسة .

وعلى الكاهن الاتصال بكل عائلة ليسألها عن أحوالها ليشعر المؤمن بأن هناك من يفكر به ويهتم بأموره ومختلف حاجاته الروحية .وعملية الاتصال بالعوائل ليست بالأمر الهيّن حيث أن أماكن سكن الكثير من العوائل بعيدة عن الكنيسة ، لذلك فعمل الكاهن ليس سهلا كما هو الحال هنا .كما أن الحياة في الغرب صعبة من الناحية المعيشية أذ ان الانسان عليه أن يعمل منذ الصباح الى المساء ليؤمّن معيشة عائلته فمن النادر ما نجد رب الأسرة وكذلك زوجته في البيت بسبب العمل .ولهذا نجد العلاقات الاجتماعية محددة جدا . وهنا أيضا يأتي دور الكنيسة أذ ان ايام الآحاد اصبحت مناسبة لألتقاء العوائل بعضها ببعض .بالاضافة الى الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها الكنيسة والتي هدفها لم شمل العائلات أذ اننا نقيم سفرات سياحية وحفلات ترفيهية أثناء المناسبات الدينية ،  فقد أنشانا جوق التراتيل الدينية يعتبر من احسن الجوقات في شمال أمريكا وكندا .وبمساعدة راهبة انتمت الى كنيستنا مؤخرا وكادر متمرّس من شباب وشابات الرعية حيث اقمنا دورات للتعليم المسيحي 

الأب يوسف ، هل الكنيسة التي تصلّون فيها هل هي خاصة بكم أم مؤجرة ؟

بالحقيقة كنا نعاني من مشكلة عدم وجود كنيسة خاصة برعيتنا حيث كنا قد أجرنا كنيسة لاتينية بمبلغ ( 500) دولار لكل شهر ولكن مؤخرا طلبوا منا ترك الكنيسة خلال وقت محدد مما جعلنا ان نفكر بشراء كنيسة خاصة بنا .ومن خلال جمع التبرعات من العوائل وبعون الرب استطعنا جمع المبلغ المطلوب وخلال شهرين قمنا بشراء كنبسة مستقلة بنا اشترك في التبرعات كل الطوائف المسيحية في تورنتو من كلدان وسريان وارثودكس ولاتين بحيث اصبحت كنيسة جامعة مسكونية مسيحية ومن دون تمييز .

أبت العزيز .. ماذا تعني لك الغربة ؟

أصعب ما يمكن أن يتصوره المرء هي الغربة ..اذ انها انسلاخ عن حياتك وأهلك ومجتمعك لكن رسالة الكاهن هي اقوى واسمى من أن تتاثر بمشاعر الغربة وغيرها اذ أن رسالة الكاهن هي تضحية قبل كل شيء وعليه أن يخدم ويبشّر بكلمة الله في أي مكان يطلب منه .

هل في نيتك البقاء في الغربة ؟

أنا خادم الرب ورهن اشارة وارادة رؤسائي الروحيين المتمثلة بصاحب السيادة مطراني الجليل مار باسيليوس جرجس القس موس الذي بحكمته يعيّن الكاهن المناسب في المكان المناسب لخدمة وخلاص النفوس.

هل من كلمة أخيرة توجهها لأبناء بخديدا ؟

أطلب لأعزائي أبناء بلدتي الحبيبة الأمان والاستقرار والعيش الرغيد بوحدة القلوب وتوحيد الكلمة اللتي تنبع عن أصالة الخديديين الشرفاء على مثال الأباء والأجداد الذين حافظوا على هذه البلدة العزيزة ودافعوا عنها وبذلوا الغالي والرخيص من اجل كرامتها وبقائها سالمة من الأخطار التي كانت تريد النيل منها .

أملي أن يكون الحب المتبادل والصادق بينهم يوحدهم لخير وازدهار وتقدّم بلدتنا العامرة بشيوخها ورجالها ونسائها وشبابها وشاباتها وأطفالها ، وبوحدتهم تكمن قوتهم الحقيقية وعطاؤهم المتواصل الزاهر لخدمة أهداف بلدتنا النبيلة والحفاظ على أمنها وأصالتها من أجل أن تبقى بخديدا دوما منارة الايمان والرجاء والمحبة .