الموت الهيّن ( القتل الرحيم )

القس : يوسف عبا ... تورنتو ـ كندا

  نوعية الحياة مقابل قدسية الحياة

 

الموت الهيّن هو قتل شخص لتجنب ألم أو عذاب يمر  به أثناء مرضه لينهي حياته . هذا النوع من الموت هو مطابق تماما للإجهاض . الطفل في أحشاء أمه ينتظـر مرحلة عبور من أحشاء أمه الى الحياة في الخارج لهذا  تكون الولادة ليست الا مرحلة انتقالية . فلكي تتجنـب الأم ألم الولادة والعناية والهرب من ألم المسؤوليــة فالاجهاض هو اعتداء على شخص ضعيف الذي يمـرّ

من مرحلة الحمل الى مرحلة العناية بعد الولادة . والموت هو مرحلة عبور من الحياة الفانية الى الحياة الأبدية وكما يقول الأب بفوون مدير حركة الكهنة للحياة في الولايات المتحدة بأن الموت هو ليس نهاية بحد ذاته بل مرحلة عبور ويضيف قائلا: ليس عندنا حق على الموت بل بالعكس الموت له حق علينا .

نوعية الحياة ...

هذا هو التعبير السائد اليوم في الغرب .. تعبير وراء فلسفة وعقيدة وطرق منع الحمل والإجهاض والطلاق والموت الهيّن ومساعدة الانتحار . وبقي الانسان لا  ينظر الى حياة الانسان من الناحية الروحية كونها مخلوقة على صورة الله ومثاله وبالتالي لا يجب عليه انتهاك قدسيتها . وهذا ما نسمعه في الغرب ومن الكثير من الناس هنا عن أشخاص وصلوا الى مرحلة نهاية الحياة  التي ليس لنا مهرب منها . فلكي يتجنبوا العذاب وآلام المرض يطالبون الحكومات بسن شرائع للمستشفيات وللأطباء وبموافقة أهل المريض لسحب الوسائل الطبية كالسوائل والاوكسجين والآلة المراقبة عن المريض قبل أوانها لتسريع موت المريض .

كذلك نسمع التعبير في كل انحاء العالم يقول : " بمساعدة الذين يموتون " .

أليس هذا التعبير مبطّن ، ربما لتجنب المصاريف أو بحجة " لكي لا يتعذّب " أو " عاش وخلّف وشبع من الحياة !! " أليست هذه الأنانية البشرية في قمتها .. لماذا نساعد المريض للاستعجال في موته ولا نساعده في تحمّل آلامه ..!!

الأم تريزا قضت حياتها في مدينة كلكوتا الهندية تعالج وتتداوي الذين كانوا على فراش الموت وكانت تساعدهم وتخفف آلامهم في آخر مرحلة من حياتهم بينما نسمع اليوم تعبيرا يسعى من خلاله تشريع القتل الرحيم .

البلدان الوحيدة التي شرّعت الموت المريح ( القتل الرحيم ) هي : هولندة ، بلجيكا ، وولاية أورجن في الولايات المتحدة ، وما زال القتل الرحيم في كندا جريمة يعاقب عليها القانون قد تتراوح بين 10 الى 14 سنة سجن .

 

كيف ننظر الى الألم ولماذا الهرب من العذاب ؟

يقول المثل : العتب على قد المعرفة . من أين جاءت عقلية القتل الرحيم ؟ وما الذي يحصل هنا ؟

جاءت أكيدا من عقلية الناس وتفكيرهم الذي يقول : عندما يكون هناك عذاب يعني إنه قصاص !! ولا يعني لهم أبدا ، أنه صليب قد نشارك به المسيح في آلامنا . أضف الى ذلك عقلية استعمال طرق منع الحمل الاصطناعية التي بها تعقّم الحياة ، وحبوب الاجهاض فلماذا لا يكون بدل هذه الحبّة حبّة أقوى لقتل الرحيم .

الأسقف الراحل فلتون شين من الولايات المتحدة كان يقول :عندما يبتعد الناس أكثر وأكثر عن الله يصبحون منهمكين بالموت والقتل ويكون هذا شغلهم الشاغل .

الكنيسة الكاثوليكية في هولندة منعت القيام بالصلاة على الذين يموتون بالقتل الرحيم لسبب تشريع الحكومة هذه  الممارسات ضد الموت الطبيعي ، هولندة أول بلد في العالم يشرّع الموت الهيّن .

 

ما هو المطلوب؟

عدم استعجال سحب الأدوات الطبية في حال كان هناك كوما ، غيبوبة أو مرض ميؤس منه ، فان الكوما قد تطول أكثر من 10 سنوات ، لأن هنالك أشخاص في الولايات المتحدة قاموا من الكوما بعد 14 سنة .

 

العناية بالوجع:

لقد تحسّن الطب بشكل جيّد وأصبح تخفيف الألم بالمسكنات . وحتى هناك مستوصفات في كندا تهتم بالعناية بالوجع فتخفف من آلام المريض بالاضافة الى ايماننا بقوّة الصلاة التي طلبها منا يسوع للمرضى وهل هناك عمل مقدّس أسمى من هذا العمل . ولهذا يتوجّب علينا قتل الوجع وليس المريض .

 

وصية الحي:

في الغرب هناك وثيقة تسمّى (Living will  ) وصية الحيّ والتوكيل ( Power of Attorney)

 وهذه الوصية على نوعين : واحدة مع الحياة وأخرى ضد الحياة . يجب تعزيز وصية مع الحياة في المستشفيات وعدم توقيعها عشوائيا إلا بعد التأكد منها من قبل مراجع مختصة ومحامي . فالمطلوب هو التوعية لتوصيل الرسالة بأن الحياة مقدسة بدل من نوعيتها . بل أهم من ذلك قداستها وعدم انتهاك حرمتها .

القديسة ترازيا ليسوع الطفل التي ماتت بمرض ( السل ) مرض مزمن وكانت في زهرة شبابها . هي وجميع القديسين الذين يمرّون بامراض ميئوس منها ، شاركوا المسيح  بآلامه على الصليب وكانوا فرحين بذلك .

لنصلّ جميعا من أجل احترام حياة الانسان في كل بلدان العالم ..

حياة الانسان هي من الله واليه تعود متى ما يشاء .