لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

القس باسل يلدو

الموت والحياة

لماذا الموت؟

يعتبر الموت من المواضيع المهمة، حيث نتفاجئ كل يوم بموت قريب أو جار أو أخ أو صديق. ويعلم كل إنسان أنه حتما سيسير في هذا الطريق. ورغم ذلك، فإننا نحاول كثيراً أن نبعد من خاطرنا أننا سنموت، نبعد ذلك عن عقولنا وأفكارنا، ربما يحلو لنا أن نقول أن الآخرين يموتون أما نحنُ فليس الآن؟

 

هل نحزن حينما يختطف الموت أحد أحباءنا ؟

إن مشاعر الحزن تجاه فراق أحد الأحباء هي مشاعر ضرورية وهامة، تماماً حينما نحزن في وداع أحد الأحباء وهو ذاهب في رحلة طويلة إلى مكان بعيد، فلن نستطيع أن نراه أو نحدثه أو نناقشه، وسنشعر حتما بألم ناتج عن هذا الفراق. ولكننا لا ينبغي أن نفرط في هذه المشاعر كالذين ليس عندهم رجاء، فنحن نؤمن بالله ونعرف أن الموت هو انتقال وبداية لحياة أبدية مجيدة، وليس نهاية وهلاك. ولهذا مشاعرنا تجاه الموت ينبغي أن تكون مشاعر الاستعداد لا الخوف والحزن (لبس الاسود، التعازي، والحداد) دعونا نستعد ونتمسك أكثر بالرب، نبني علاقة حية معه بالصلاة والكتاب المقدس والتوبة، حتى إذا جاء نستمع إلى ذلك الصوت المبارك: "تعلوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم من قبل تأسيس العالم".

قبل أن نتحدث عن الطريقة التي يجب أن نستعد بها لاستقبال الموت ينبغي لنا أن نتعرف على أنواع الموت كما يبينها لنا الكتاب المقدس:

1. الموت الروحي (موت الخطية): وقد دخل هذا الموت إلى العالم بالخطية التي أخطأ بها أبونا آدم حينما تعدى على وصية الله، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو 5 : 12). "لأن أجرة الخطية هي الموت.

2. موت الإيمان في حياة الإنسان: وهو إدعاء الإنسان بأنه يؤمن بالله (فقط بالكلمات) إلا أن هذا الإيمان يظل خالياً من أعمال المحبة: "لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت هكذا الإيمان بدون أعمال ميت" (يعقوب 2 : 26).

3. الموت الطبيعي: هو موت المسيحي الذي آمن واعتمد، الموت الجسدي، معتمد على اعمالنا، كما يقول الكتاب "لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون" (رو 8 : 13).

 وهناك انواع اخرى من الموت مثل: الشهيد بالمعركة، المجرم بالاعدام، المريض بالسرطان والخ.

 

حقيقة الموت والحياة

خلق الله الإنسان ليحيا، ولكنه أخطأ بعدم استماعه لوصية الله وذلك عندما أكل من شجرة معرفة الخير والشر. وحينما أخطأ وجبت عليه العقوبة لأن "أجرة الخطيئة هي الموت" (رو6: 23) وهكذا "اجتاز الموت في جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو5 :12). وتلوثت طبيعتهم الصالحة بالخطية، وأصبحت الخطية جزءاً من كيانهم وسكنت في أجسادهم. الخصيئة الاصلية!

وكان لابد من وضع حد لهذا الفساد، وأن يرد للإنسان الذي خلقه الله وأحبه طبيعته النقية، وحياته الأبدية. فوعد الله آدم وحواء بالخلاص والنجاة من الموت وذلك بعد سقوطهم مباشرة حينما وعد أن نسل المرأة يسحق رأس الحية (تك 3 : 15).

 

وقد تنبأ الأنبياء في العهد القديم عن هزيمة الموت أمام الله رب الحياة فقال إشعياء النبي: "يبلع الموت إلى الأبد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه وينزع عار شعبه عن كل الأرض لأن الرب قد تكلم" (إش 25: 8). وأكد هوشع النبي على زوال سلطان الموت حينما تنبأ قائلاً: "من يد الهاوية أفديهم من الموت أخلصهم. أين اوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية تختفي الندامة عن عيني" (هو 13: 14). وفي ملء الزمان جاء المسيح وقبل عقوبة الموت  فداء عنا على عود الصليب وكسر شوكة الموت بموته، ووهبنا الحياة من جديد بقيامته. وأعاد لنا طبيعتنا الأولى وأعطانا عربون الحياة الأبدية ورجاء الخلاص من الموت في ملكوت الله (رؤ 20 : 14).

 

الموت المفاجئ

لذلك لابد أن يكون الإنسان مستعداً لمقابلة الموت الجسدي في كل لحظة من لحظات حياته، لأنه في لحظة لا نعلم بها ننتقل من هذا العالم وأعمالنا تتبعنا، ربما يكون الإنسان طفلاً أو شابا أو شيخاً طاعنا في السن حينما يفاجئه الموت، ووقتها لن تكون هناك فرصة لتغيير الأوضاع لذا وجب الاستعداد من الآن.

 

بالنهاية يبقى الموت هو الوجه الآخر للحياة. ففي العالم يوجد الحياة والموت، وهما يتعارضان دائما ويتصارعان. ومع ذلك لا نقدر ان نقول ان الحياة هي خير والموت هو شر؟

نعم نحن البشر نحب الحياة، ولهذا نخاف من الموت ونعتبره شراً. اننا نشعر بالموت وكأنه ضد طبيعتنا. ولكن لو سألنا انفسنا وقلنا لماذا نخاف من الموت ونعتبره شراً؟ نجد اجوبة كثيرة على هذا السؤال. نحنُ نخاف من الموت ونعتبره شرا لأننا نشعر دائما اننا غير شبعانين من الحياة. ولكن مهما طالت الحياة فان الانسان لن يشبع من الحياة ابدا (كلما يكبر يتمسك اكثر بالحياة، بالبداية يقول: اتمنى لو اعيش 50 سنة وبعدين 70 وبعدين 90). وسيبقى الانسان بالتالي خائفا من الموت باستمرار. اما اذا شبع الانسان من الحياة فهو لن يخاف من الموت كثيرا، لأنه سيعرف انه قد وصل الى كل ما يبتغيه ويريده.

 

نلاحظ ان القديسين والشهداء يموتون ميتة جيدة ولا يخافون من الموت. على مثال معلمهم يسوع المسيح الذي غلب الموت وانتصر عليه. اما مشكلتنا نحن فهي اننا لسنا قديسين ولا شهداء. ولا مجال للمقارنة بين حياتنا وحياة يسوع المسيح. ومع ذلك اذا اردنا ان نغلب على الموت وعلى الخوف منه فليس لنا سوى طريقة واحدة وهي ان نتمسك بكلام المسيح الذي يقول: لا تخافوا ممن يقتلون الجسد، لأنهم لا يقدرون ان يقتلوا النفس. اما هذا فيعني ان نسعى في حياتنا، كالمسيح وكالقديسين الى ما يشبع الانسان حقا.

فما هو الشيء الذي يشبعنا؟ يقول يسوع: "من يأكل من الخبز الذي اعطيه انا لا يموت، بل يحيا الى الابد". فما هو الخبز الذي يعطيه يسوع لنا؟ انه تعاليمه التي تشبع الانسان وتملأ حياته بالفرح والسلام والسعادة. هذه التعاليم فهي تعاليم المحبة والأخوة والسلام. تعاليم التسامح والتعاون والتواضع. تعاليم محبة الآخرين واحترامهم ومساعدتهم

 

اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للاب باسل يلدو