لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

القس باسل يلدو

قراءة على ضوء القيامة

"ما من حب اعظم من هذا من ان يبذل الانسان نفسه عن أحبائه" (يو 15: 13).

 الاب باسل يلدو

 

سوف نتأمل بهذه الكلمات التي ينقلها لنا يوحنا الانجيلي وهو يصور لنا حياة يسوع المسيح وموته على الصليب. انها كلمات قوية بنى عليها يسوع كل حياته ويقدمها لنا يوحنا كي نبني نحن ايضاً حياتنا عليها بايمان ورجاء على ضوء القيامة.

 

في عشاء يسوع الاخير مع تلاميذه يوم خميس الفصح كان يسوع يعرف مصيره وكان يعرف انه سيُحكم عليه بالموت ويُعلق على الصليب. وقد قبله، واستعد له. ليس لأنه لم يكن يخاف من الموت بل لأنه كان يحب الله والبشر. ولذلك نسمعه يقول في بستان الزيتون: "يا ابتاه لتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كمشيئتي بل كمشيئتك" (لوقا 22: 42).

يعني الخوف كان موجود عند يسوع ومع هذا قدم حياته من اجلنا.

 

انه صعب جداً ان يقدم الانسان حياته من اجل الاخرين، يحتاج قوة وشجاعة وروحية عالية، فلا يقدر كل انسان ان يضحي بحياته، ممكن مرات نضحي بالمال، بالمركز، بالسلطة، بالحب ولكن مو بالانسان! في الحقيقة يسوع اعطانا مثال حي وواقعي بالتضحية وعلى مثاله هذا سار الكثير من الاشخاص (الرسل والقديسين والشهداء) الذين قدموا نفسهم للاخرين، ومن هؤلاء:

القس مكسمليان البولندي الذي كان معتقل في السجن ايام القائد الالماني هتلر، حيث طلب قائد السجن في احد الايام ان يعدم 10 اشخاص من رفاقه، فبدأ واحد منهم بالبكاء والصراخ لانه كان صاحب عائلة واطفال، فقال مكسمليان لمامور السجن ان اقدم نفسي فداء عن واحد منهم فقال له: عن اي واحد؟ فاجاب من اجل صاحب العائلة والاولاد! وفعلاً ضحى بنفسه حتى ينقذ صديقه، مات لاجل الاخر! وعندما تم تطويبه من قبل البابا يوحنا بولص الثاني، كان حاضر بمراسيم التطويب ذلك الشخص الذي خلصه مع عائلته. لاعطاء شهادة حية للتضحية المسيحية.

 

نعم لقد كانت حياة يسوع ايضاً عزيزة عليه. ولكن يظهر انه كان في قلب يسوع شيء اعز من حياته. وهو نحن اخوته البشر. هكذا صار يسوع نموذجا ومثالا للمحبة الاخوية حتى فاقت محبته الاخوية اي محبة اخرى في العالم. نعم لقد سمعنا ان بعض الاخوة يبذلون نفسهم من اجل اخوتهم. كما سمعنا ان بعض الامهات ماتوا من اجل اولادهم، وبعض الآباء فنو حياتهم من اجل عوائلهم. ولكننا لم نسمع بحب وتضحية مثل التي قدمها يسوع من اجل اناس لا يعرفونه. فيسوع لم يكن اخا بالدم لأحد. ولم تكن تربطه اي صلة قرابة، ولم تكن له امرأة ولا اولاد. حتى امه التي كانت عزيزة على قلبهِ فقد قال يوما: "من هي امي ومن هم اخوتي. كل من يعمل مشيئة ابي الذي في السماوات هو اخي وأختي وأمي" (متى 12: 50). وهكذا احب يسوع البشر كلهم من دون استثناء وجعلهم اخوته لأنه عرف انهم اولاد الله مثله.

 

هذا هو يسوع اذن، الاخ الاكبر بيننا. وبما اننا جميعنا اولاد الله يكون يسوع بيننا ابن الله البكر الذي وهب حياته من اجلنا، دون ان يترك شيئ لنفسه؟ الا شيء واحد وهو المحبة.

 

لقد اعطى لنا يسوع علامة ورمز للتضحية، علامة للحب الاخوي بين البشر وهو الصليب. لذلك الجمعة العظيمة ممكن ان نعتبرها مناسبة للتأمل بعطاء الحب الذي بلغ ذروته عند اسلم يسوع نفسه للموت على الصليب واعطى للانسان كل ما كان يملك وهي الحياة.

 

اخوتي واخواتي الاعزاء: اليوم نطلب من الله ان يفهمنا كم هو جميل ان نضحي من اجل الاخرين. فقد قال يسوع بان كل من سقى كاس ماء بارد باسم تلميذ لا يضيع اجره، فكيف اذن من يضحي بحياته من اجل الاخر.

 

فإذا اردنا ان يكون فصحنا حقيقياً؟ يجب ان نبتعد اولا عن كل ما يؤذي أخينا الانسان ويجرحه فنكون مستعدين بان نضحي احياناً باوقاتنا لفائدة وخدمة الجماعة، نضحي بأنانيتنا وببعض مصالحنا، نضحي بالمال الذي يسيطر علينا ويعزلنا عن الآخرين.

 

هكذا فقط نستطيع ان نعيش باخوة ومحبة. وبالتالي نستطيع ان نعيش معاني عيد القيامة.

  

اكبس ادناه  للانتقال الى

 

الصفحة الرئيسية للاب باسل