لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف بغديدا هذا اليوم

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

أسبُوع الصَّلاة مِن أجل وحدَة الكنَائِس

 

أسبُوع الصَّلاة مِن أجل وحدَة الكنَائِس

18-25 كانون الثاني 2009

 

"لقد دُعينا إلى الرجاء الواحد"

 

النصّ المختار لتأمّلنا في هذا الأسبوع

"فأطلب إليكم أنا الأسير في الربّ أن تسلُكوا كما يحقّ للدعوة التي دُعيتم بها. بكلّ تواضعٍ ووداعة وبطول أناةٍ محتملين بعضُكم بعضًا في المحبّة. مجتهدين أن تحفظوا وحدانيّة الروح برباط السلام. جسدٌ واحدٌ وروحٌ واحدٌ كما دُعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحدٌ، إيمانٌ واحدٌ، معموديّةٌ واحدة. إلهٌ وآبٌ واحدٌ للكلّ الذي على الكلّ وبالكلّ وفي كلّكم. ولكن لكلِّ واحدٍ منّا أُعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح".

(من رسالة القديس بولس إلى الأفسسيّين 4: 1-7)

 

النصوص الكتابيّة والتأمّلات والصلوات من أجل الوحدة

 

اليوم الأوّل: الجماعات المسيحيّة في مواجهة الانقسامات القديمة والحديثة!

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

حزقيال 37: 15-19، 22-24أ                  بين يديك يكونون واحدًا

مزمور 103: 8-13 أو 18              الرب رؤوف ورحيم ... كثير الرحمة

1 كورنثوس 3: 3-7، 21-23                   فإنّ بينكم حسدٌ وخصام ... أنتم للمسيح!

يوحنّا 17: 17-21                        فليكونوا بأجمعهم واحدًا ... ليؤمِنَ العالم

 

تأمّل

إنّ المسيحيّين مدعوّون ليكونوا أدواتًا لحبِ الله الأمين والمُوحِّد، في عالم ٍ أصبح مطبوعًا بكثيرٍ من الانقسامات والخصامات. فإنّنا نحن الذين اعتمدنا باسم الآب والابن والروح القدس، إذ نُعلن إيماننا بالمسيح المصلوب والقائم من بين الأموات، نغدو خاصّة المسيح، وشعب الله المدعوّ ليكون جسد المسيح في العالم ولأجله. ولهذا صلّى الربّ يسوع من أجل تلاميذه: ليكونوا واحدًا، حتّى يؤمِنَ العالم.

فالانقسامات بين المسيحيّين حول أُسُس الإيمان والحياة تمُسُّ بالصميم قدرتنا على الشهادة في قلب العالم. على مثال ما جرى في العديد من البلدان، حيثُ بُشِّرَ بإنجيل المسيح بأصواتٍ متناقضة، مُعلنةً البشرى الساره بطرقٍ مُتنافرة. ولعلَّ تجربتنا الكبرى تكمن في أن نرى في انقساماتنا الحاليّة، وكلّ الخلافات التي تُسبّبُها، الميراث الطبيعيّ لتاريخنا المسيحيّ، بدل أن نجد فيها تضاربًا داخليًا وتناقضًا لإعلاننا أنّ الله قد صالح العالم بابنه الوحيد.

 

إنّ رؤيا حزقيال لقطعتَي الخشب التي كُتِبَ عليهما اسما مملكتي إسرائيل المنقسمة، والتي تصير واحدةً في يد الله، لصورةٌ معبِّرَةٌ عن قدرة الله على المُصالحة التي تُحقِّقُ لشعب الله المُنقسم ما لا يُمكنه أن يُحقِّقَهُ من نفسه. وهذا ما يُشبه حال الانقسام المسيحيّ، ويُقدّمُ صورةً جليّة عن مصدر كلّ مُصالحة في صُلب البشرى المسيحيّة. فعلى قطعتي الخشب التي تكوِّن الصليب، يفتدي ربُّ التاريخ جراحات العالم وانقساماته. وبتقديم ذاتِهِ المُطلق على الصليب، يحمل المسيحُ خطيئة العالم، غافرًا إيّاها بحبّ الله الأمين. أن نكون مسيحيّين يعني أن نصطبغ بموت المسيح، الذي برحمته اللامتناهية، يحفِرُ أسماء البشريّة المجروحة على خشب الصليب، فيوحِّدَنا به، ويُصالحَنا بالله، ويُعيدَ إلينا رباط الأخوّة.

 

الوحدة بين المسيحيّين هي شراكةٌ مُرتكزة على إنتماءنا للمسيح ولله، الذي بتوبتِنا إليه يمنحنا المُصالحة بقدرة الروح القدس. وصلاتنا لأجل وحدة المسيحيّين المنظورة تقوم على اعترافِنا بثقتنا بالله، وانفتاحِنا المُطلق على عمل الروح القدس. فحين تقترن هذه الصلاة بجهودنا الأُخرى التي نُتمّمُها لتحقيق الوحدة، تتحقق الطريقة الفضلى التي من خلالها يُظهِرُ الروح القدس للعالم مُصالحتنا بالمسيح، هذا العالم الذي أتى المسيح ليُخلِّصَهُ.

 

صلاة

يا إله الرحمة، لقد أحببتَنا ومحوت ذنبونا بابنك الوحيد، إذ أردت أن تُصالح كلّ الجنس البشريّ بحبِّكَ الخلاصيّ. أنظر إلى الذين يعملون ويُصلَّون من أجل الوحدة بين الجماعات المسيحيّة المُنقسِمة. وأعطنا أن نكون إخوةً وأخواتٍ مُوحَّدين في حُبِّكَ. لكي نصيرَ واحدًا بين يديكَ. آمين.

 

صلاة من أجل الوحدة

أيها الربّ يسوع، يا مَن في ليلية اقبالك على الموت من أجلنا صلَّيت لكي يكون تلاميذك بأجمعهم واحدًا، كما أنّ الآب فيك وأنت فيه، اجعلنا أن نشعر بعدم أمانتنا ونتألم لانقساماتنا.

أعطنا صِدقًا فنعرف حقيقتنا، وشجاعةً فنطرح عنا ما يكمن فينا من لامبالاة وريبة، ومن عداء متبادل.

وامنحنا يا ربّ، أن نجتمعَ كلُّنا فيك، فتُصعد قلوبُنا وأفواهنا، بلا انقطاع، صلاتَك من أجل وحدة المسيحيّين، كما تريدُها أنتَ وبالسبل التي تريد.

ولنجد فيكَ، يا أيها المحبّة الكاملة، الطريقَ الذي يقود إلى الوحدة، في الطاعة لمحبّتك وحقّك. آمين.

 

(الموضوع من الكتيب الذي أعدّه "مجلس كنائس الشرق الأوسط" في هذه المناسبة)

 

اليوم الثاني: المسيحيّون في مواجهة الحرب والعنف

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

أشعيا 2: 1-4                     ولا يتعلّمون الحرب بعد اليوم

مزمور 74: 18-23             ولا تنسَ على الدوام حياة بائسيك

1 بطرس 2: 21-25            بجراحِهِ شُفيتُم

متّى 5: 38-48                            صَلُّوا من أجلِ مُضطهِديكُم

 

تأمّل

إنّ الحرب والعنف حاجزان كبيران أمام وحدة البشريّة التي خلقها الله. وهما يُعبِّران خير تعبير عن الانقسام الموجود في داخل كلِّ واحدٍ منّا، والذي لَمْ يُشفَ بعد، وعن الكبرياء البشريّ غير القادر على العودة إلى الأساس الحقيقيّ لوجودنا. فالعالم عمومًا، والمسيحيّون خصوصًا، يتوقون إلى وضع حدّ للانقسامات في العالم، وإلى رؤية السلام وسْط الخلافات التي تعيشها الشعوب كافّة. فمن يضعُ حدًّا لدوّامة الحرب والعنف هذه؟

 

يُظهر لنا المسيح في حالات العنف والظلم الأكثر فظاظةً القدرة على وضع حدٍّ لدائرة الحرب والعنف العبثيّة. فقد علّم تلاميذه، الذين خبروا العنف والغضب بحسب المنطق البشريّ، كيفيّة مواجهة هذه الأمور بمنطق الملكوت (متّى 26: 51-52).

 

يكشفُ لنا المسيح حقيقة العنف البشريّ. فبأمانته للآب، مات على الصليب لكي يُخلِّصنا من الخطيئة والموت. ومن على الصليب أظهر لنا المفارقة والصراع المُلازم للطبيعة البشريّة. فموت المسيح بما تحمّله من عنفٍ وتعذيبٍ، أعطى البداية لخليقةٍ جديدةٍ سمَّرَت على الصليب خطايا البشر والعنف والحرب.

 

لم يُعلَّم المسيح المُسالمة واللاعنف المبنيَّان على البُعد الإنسانيّ. بل وهبنا أن نصير خليقةً جديدة، لنحيا الرجاء والإيمان بما سيأتي، حيث السماوات الجديدة والأرض الجديدة. فرجاؤنا المَبنيّ على إنتصار المسيح على الصليب يَمنحنا العزم للعمل من أجل وحدة المسيحيين وللصراع ضدّ كلّ أشكال الحروب والعنف.

 

صلاة

أيّها الربّ يسوع، أنت الذي قدّمت ذاتك على الصليب من أجل وحدة البشر، نقدِّمُ لَكَ إنسانيّتنا المجروحة بالأنانيّة والكبرياء والتباهي والغضب. فلا تنسَ شعبك المظلوم والمُضطهَد الذي يتعذّب بشتّى أنواع العنف والغضب والبغض، ضحيّة الإيمان الخاطئ والتضارب العقائديّ. مُدَّ لنا يدَ الرأفة واعتنِ بشعبِكَ، لكيّ يتنعَّمَ بالسلام والفرح الذي تهبّهُ لكلّ الخليقة.

 

أيّها الربّ، إجعلنا، نحنُ المسيحيّين، أن نعملَ معًا لكيّ تتمَّ عدالتُكَ بدلاً من عدالتنا البشريّة. أعطنا الشجاعة لنُساعِدَ الآخرين في حمل صليبهم، بدل أن نضع صليبنا على أكتافهم، وهبنا الحكمة الكافية لكي نُعامل أعداءَنا بالحبّ بدل أن نُبغِضَهم. آمين.

 

اليوم الثالث: المسيحيّون في مواجهة الظلم الإقتصادي والفقر

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

لاويّين 25: 8-14                سنة يوبيلٍ مقدَّسة

مزمور 146                         الرب يُجري الحكمَ للمظلومين

1 تيموثاوس 6: 9-10           حُبُّ المالِ أصلُ كُلِّ شَرّ

لوقا 4: 16-21                            أرسَلَني لأُعلِنَ سَنَةَ رضًى عند الرب

 

تأمّل

إنّنا نُصلّي لكي يأتي ملكوت الله. ونترجّى عالمًا حيث البشر، وخصوصًا الأكثر فقرًا بينهم، لا يموتون قبل الأوان. ففي كلّ حين يزيد التنظيم الاقتصاديّ حالة الفقراء سوءًا، كما يُرخي بثقله على اختلال التوازن الاجتماعيّ. والمجتمع الدوليّ يجد ذاته اليوم في مواجهة عدم الاستقرار المتصاعِد للعمل البشريّ، وإزاء كلّ النتائج المتأتية عنه. فوثنيّة السوق التجاريّ، على مثال محبّة المال، هما كما يقول القدّيس بولس في رسالته إلى تيموثاوس، "أساس كلّ شرّ".

 

فماذا تستطيع الكنائس المسيحيّة أن تفعله إزاء هذا الواقع؟ فلنلقِ معًا نظرةً على لاهوت اليوبيل في الكتاب المقدَّس، الذي تبنّاه الربّ يسوع أساسًا لرسالته التي حملها إلينا. فبحسب نصّ اللاويّين، في سنة اليوبيل، يُعلِن الشعب حالة التحرير ويعيش بموجبها. والمُهجَّرون لأسباب إقتصاديّة يستطيعون العودة إلى ديارهم وبالقرب من عيالهم. وإذا كان أحدُهم قد فقد كلَّ ما له، يمكنه أن يعيش وسْط الشعب كما يعيش اللاجئون. فلا يُدَيَّنُ مالٌ بفائدة، ولا يُمَّونُ طعامٌ من أجل الربح.

 

إنّ اليوبيل يوجِبُ على الشعب التصرّف بشكلٍ جماعيٍّ وحسب أخلاقٍ عالية، كمثل تحرير العبيد وعودَتِمِم إلى ديارهم، وتسويةِ الحقوق العقاريّة، وإلغاءِ الديون. وهذا يعني بالنسبة إلى ضحايا النظام الإجتماعيّ الظالم إعادة حقوقِهم وإعطاءهم فرصةً جديدة للعيش في المجتمع.

 

إنّ مصير العالم الحاليّ، الذي يعتبر أنّ المال هو القيمة الكبرى والهدف الأسمى للحياة، لا يُمكن إلاّ أن يكون الموت والاندثار. أمّا نحن أبناء الكنيسة، فإنّنا مدعوّون للعيش معًا بذهنيّة اليوبيل، وإلى نشر البشرى السارّة على خطى المسيح. لذلك علينا أوّلاً أن نقبل المصالحة، وبعد أن نختبر الشفاء من انقساماتنا، علينا أنْ نُصبح أكثر إحساسًا بالانقسامات الأُخرى التي تجرح الإنسانيّة والخليقة أجمع، لكي نسعى إلى الوحدة.

 

صلاة

يا إله العدالة، توجد في عالمنا أماكنُ يَتكدَّس فيه الطعام، وأماكنُ أُخرى حيث لا كفاية من الطعام، وحيث غدا الجياع والمرضى حشودًا غفيرة.

يا إله السلام، يعيش في عالمنا أُناسٌ يستغلّون العُنف والحرب، فيما آخرون، بسبب العُنف والحُروب، مُهدَّدون بأنْ يتركوا منازلهم ويعانوا من التهجير.

يا إله الرأفة، ساعدنا لنفهم أنّه لا يُمكننا أن نعيش بحسب سلطة المال فقط، وأنّ كلمة الله هي مصدرُ حياتنا الحقيقيّ؛

أعطنا أن نُدرِكَ أنّه لا يُمكنُنا الوصول إلى الحياة وإلى النموّ الحقيقيّ إلاّ بحبِّنا لله وبطاعتنا لمشيئته وبعيشنا بموجب تعالميه. نسألك هذا كلّه باسم يسوع المسيح، ربِّنا. آمين

 

اليوم الرابع: المسيحيّون في مواجهة الكوارث الطبيعيّة

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

تكوين 1: 31-2: 3    ورأى الله أنّ كلّ ما عمله حسنٌ جدًّا

مزمور 148: 1-5                سبّحوا الربّ من السماوات

رومة 8: 18-23                 الخليقة أُخْضِعَت للباطل

متّى 13: 31-32                أصغرُ البذورِ كُلِّها

 

تأمّل

لقد خلق الله العالم بحكمةٍ وحبٍّ. وعندما اكتَمَلَ عَمَلُ الخلق، رأى اللهُ أنَّ ذلك حسنٌ جدًّا. واليوم نجد أنفُسَنا والعالم الذي ننتمي إلّيه أمامَ مُشكِلَة طبيعيّة. فالأرض تُعاني من جرّاء الانحباس الحراريّ الناتج عن إستهلاكِنا المُفرِط للطاقة. أمّا المساحات الخضراء والغابات والثروات الحرجيّة فقد انخفضَت إلى النصف خلال فترة الأربعين سنة الأخيرة، في حين أن المناخ الصحراويّ آخِذٌ بالاتساع. أمّا في العالم البحريّ، فقد تراجعت الثروة البحريّة إلى ربع ما كانت عليه سابقًا. وكلّ يوم، يندثر أكثرُ من مئةِ صنفٍ حيٍّ، وهذا ما يُشكِّلُ خسارةً للتنوّع البيولوجيّ، وبالتالي انتهاكًا للإنسانيّة نفسها. فمع الرسول بولس يُمكِنُنا أن نؤكِّدَ أنّ الخليقة مُسلَّمة إلى قوّةِ العدم، وهي تَتَمخَّض وتتأوَّه، كما في أوجاع الولادة، مترقبّةً الخلاص.

 

أمام هذا الواقع، لا يُمكِنُنا أن نَسدُلَ الستار على وجوهِنا لئلا نرى فداحة الموقف. إنّ الجنس البشريّ بأجمَعِهِ يحمِلُ مسؤوليّة التخريب الذي يطال محيطَهُ الطبيعيّ. فالنهم البشريّ والشراهة الغير المسؤولة تُلقي ظلام الموت على الخليقة بأجمعها. وعلى المسيحيّين جميعًا أن يُضاعفوا جهودَهُم من أجلِ حماية الخليقة. فأمام ضخامة الجهد وأهميّة المسؤوليّة، لا يُمكِنُهم أن يعملوا مُنفَردين بعد اليوم، بل عليهم أن يتكاتفوا ويُوَحّشدوا الجهود؛ ومعًا فقط يُمكنهم أن يحموا الخليقةَ التي صنعها الله. لذلك يجبُ أنْ نُلاحِظَ كم كرَّسَ المسيح مِنَ الأهميّةِ لكلِّ عنصُرٍ من عناصِرِ الطبيعة في أمثالِهِ وتعاليمهِ؛ كما حين أعطى إهتمامًا كبيرًا لأصغَرِ الحبوب. وإنطلاقًا من النظرة الكتابيّة للطبيعة، يمكنِ للمسيحيّين أن يَضُمّوا أصواتهم ليُفكِّروا معًا حول مُستقبل عالمنا.

  

صلاة

أيُّها الخالق، لقد خلقت العالم بكَلِمَتِكَ، ورأيت أنّ ذلِكَ حسنٌ. وها نحن اليوم نصنع من الموت والانحلال مُستقبلاً لمُحيطنا الطبيعيّ. أعطنا أن نندم على جشعنا، وساعدنا لنتعتنيَ بكلّ المخلوقات ونحميَ معًا الخليقة. آمين

 

اليوم الخامس: المسيحيّون في مواجهة التميّيز والأحكام الاجتماعيّة

 

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

أشعيا 58: ط 6-12   كيف أستطيع أن أرى الشرّ يصيب شعبي؟

مزمور 133                       ما أجمل أن يسكن الإخوةُ معًا

غلاطية 3: 26-29      جميعُنا واحدٌ فيا المسيح

لوقا 18: 9-14          كلُّ منن يرفع نفسَه يتّضِع ومن يضع نفسه يرتفع

 

تأمُّل

في بداية العالم كانت الكائناتُ البشريّةُ المخلوقةُ على صورةِِ اللهِ موحَّدةً في يدَي الله. وعلى الرغم من ذلكَ، أخذت الخطيئةُ تدخُلُ إلى قلبِ الإنسان، حتّى لم يتوقَّف في يومٍ من الأيّام عن خلق تمييزاتٍ قاتلة.ط فنحنُ نُصَنِّفُ البشر الآخرين بحسب العرقِ والإتنيّة وغيرها من الأمور حتّى أصبح الجنسُ أيضًا عنصرَ تمييزٍ. فغالبًا ما نبني أحكامنا المُسبقة على كون أحدهم رجُلاً أو امرأةً. كما نميّز استنادًا إلى الإعاقة أو الديانة ممّا يشكِّلُ في بعض الأحيان عنصرَ عزلٍ لبعض الناس. كلُّ هذا التمييز هو تجريدٌ للإنسانيّة ومصدر صراعاتٍ وآلامٍ كثيرة.

 

أثناء أداء رسالته الأرضيّة، أظهَرَ المسيح للإنسانيّة عاطفةً مُتوازية ومُشتركة تجاه الرجال والنساء على حدّ السواء. ولم يكُفَّ عن رفضِ التمييز وكلّ مواقف الكبرياء والعنصريّة التي كان يُظهِرُها مُعاصروه. فالأبرار ليسوا من نؤمِنُ أنّهم كذلِكَ، ولا يُمكِنُ أن يكونَ للاحتقارِ مكانٌ في قلب المؤمِن.

 

يتغنّى المزمور 133 بسعادة حياة المُشاركة الأخويّة. فإنَّ فَرَحَ العيشِ معًا كإخوةٍ وأخواتٍ هو الذي يُعطى لنا لنتذوَّقه في لقاءاتنا المسكونيّة، كلَّ مرّةٍ نترفّعُ فيها عن التمييز العقائديّ. والوحدة بين أفراد العائلة البشريّة هي الرسالة المُشتركة بين المسيحيّين. معًا، عليهم أن يعملوا ضدَّ كلِّ تمييز. وهذا هو أيضًا رجاؤهم المُشترك، لأنَّهُم جميعًا واحدٌ في المسيح، كما يقول بولس، فلا يهوديٌّ ولا يونانيّ بعد، ولا عبدٌ ولا حرّ، ولا رجلٌ ولا امرأة.

 

صلاة

أيّها الربّ يسوع، إجعلنا ننتبّهُ للتمييز والعزل اللذين يسودان في مجتمعاتنا. أنر بصيرتنا وساعدنا لنُدرِكَ الأحكام المُسبقة التي تسكنُ فينا. وعلِّمنا أن نُزيل كلَّ إزدراءٍ وأن نتذوَّقَ فرح العيش معًا في الوحدة. آمين.

 

 

اليوم السادس: المسيحيّون في مواجهة المرض والعذاب

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

2 ملوك 20: 1-6      أذكرني أيّها الرب                  

المزمور 22: 1-11      لماذا تركتني؟                   

يعقوب 5: 13-15     وصلاة الإيمان تخلّص المريض                     

مرقس 10: 46-52    ماذا تريد أن أفعل بك؟               

 

تأمُّل

كم من مرّة التقى يسوع أشخاصًا مرضى وشفاهم! فعلى الرغم من كوننا كنائس تعاني من الانقسامات المتعدّدة، إلا أنّنا نُدرك تمام الإدراك مدى رحمة الله تجاه المتألمين. والمسيحيّون بأجمعهم قد اتّخذوا الربّ مثالاً لهم في معالجة المرضى حين بنوا مشتشفياتٍ ومستوصفاتٍ ونظّموا بعثاتٍ طبّية من أجل شفاء الروح والجسد على حدٍ سواء، لخير جميع أبناء الله.

 

إلاّ أنّ هذه المهمة ليست سهلة لأنّ الأشخاص الذين يتمتّعون بصحّةٍ جيّدة لا يفكّرون كثيرًا أو غالبًا ما ينسون أولئك الذين تحول إعاقتُهم أو مرضُهم دون مشاركتهم في الحياة الجماعيّة والذين قد يشعرون عندئذٍ بأنّهم منقطعون عن الله وعن وجوده ونعمه وسلامه.

 

إلهي لماذا تركتني؟ إنّ إيمان حزقيال العميق ساعده على تحمّل مرضه إذ وجد الكلمات المناسبة ليذكّر الله بوعده ورحمته. والمتألّمون المؤمنون أيضًا، قد يستعينون في بعض الأحيان بكلماتٍ من الكتاب المقدّس ليعبّروا عن وجعهم وليقاوموا المرض بعون الله. فإن كانت تربطنا بالله علاقة صادقة ومتينة وعميقة حقًّا، نعبّر عنها بكلمات إيمانٍ وعرفانٍ، يمكننا كذلك، بواسطة الصلاة عينها، التعبير عن وجعنا وألمنا أو حتى عن غضبنا أمام الله.

 

لا يجوز النظر إلى المرضى على أنّهم ضعفاء بحاجة إلى العناية فحسب، بل تجدر الإفادة من عمق إيمانهم كما فهم التلاميذ ذلك في القصّة التي يرويها إنجيل القديس مرقس، حين أرادوا اتّباع يسوع المسيح من دون النظر إلى الرجل المريض في وسْط الجمع. ولم يكترثوا لهذا الأخير إلاّ حين ناداهم. حينئذٍ نظروا إليه وغيّروا توجّههم. كذلك نحن أيضًا، غالبا ما اعتدنا في حياتنا الاهتمام بالمرضى من دون أن يزعجونا أو يتذمّروا من حالتهم السيّئة أمامنا. ولكن، في أيامنا الحاضرة، يأتينا مرضى كثيرون من البلدان الفقيرة ويطالبونا بالأدوية والعناية الطبيّة وقد يزعجونا بإلحاحهم وطلباتهم.

 

كان التلاميذ يريدون منع الأعمى من الاقتراب من يسوع المسيح في الوقت الذي كان عليهم نقل رسالة المسيح، رسالة الحبّ التي تحمل عنوانًا جديدًا: قم وانهض فإنّه يناديك. في البداية، لم يدركوا ما كان يدعوهم إليه يسوع، ولم يفهموا، إلاّ حينما أوصلوا المريض أمامه، أنّه يطلب منهم أن يخصّصوا للمريض وقتًا ليتعرّفوا إليه، ويتكلّموا معه، ويسألوه عن حاجاته وغباته، إذ لا يمكن لجماعة مسيحيّةٍ أن تهدف إلى المصالحة ما لم يشعر المرضى فيها بوجود الله في علاقاتهم مع إخوانهم وأخواتهم في المسيح.

 

صلاة

استمع يا ربّ إلى شعبك حين يصرخ إليك وقد أنهكه المرض والألم. وليشكرْك كلُّ من يتمتّع بصحّةٍ جيدة على عافيته، وليخدم المتألّمين بقلبٍ محبّ ويدين مفتوحتين. إجعلنا يا ربّ أن نحيا دائمًا برضاك وعنايتك لنكوّن جماعة مصالحة تسبّح اسمك على الدوام. آمين.

 

اليوم السابع: المسيحيّون في مواجهة التنّوع الدينيّ

 

نصوصٌ من الكتاب المقدّس

أشعيا 25: 6-9 إنّه إلهنا الذي وضعْنا فيه رجاءنا

المزمور 117: 1-2       سبّحوا الربّ يا كلّ الأُمم

رومة 2: 12-16        الذين يعملون بالناموس يبرَّرون

مرقس 7: 24-30       لأجل هذه الكلمة، اذهبي، فقد خرج الشيطان من ابنتك

 

تأمُّل

يومًا بعد يومٍ تتزايد عمليات العنف في مختلف أنحاء العالم حيث تتصارع الديانات في ما بينها. وتظهر كوريا، على سبيل المثال، بلدًا مثاليًا، حيث تتعايش الديانات الثلاث، البوذيّة والمسيحيّة والكونفوشيوسيّة بسلامٍ في معظم الأحيان.

 

يعلن النبيّ أشعيا أنّ الربّ سوف يمسح كلّ دمعةٍ ويعدّ وليمةً فاخرة لجميع الشعوب والأمم، وينبئ بانّه سيأتي يومٌ تمجِّد فيه شعوب الأرض كلّها الله وتهلّل له، لأنّه خلّصها. إنّ الربّ الذي وضعْنا أملّنا فيه، هو صاحب الوليمة الأبديّة الذي يتحدّث عنها أشعيا في كتابه.

 

عندما التقى يسوعُ امرأةً غير يهودية طلبت منه شفاء ابنتها، أجابها في بداية الأمر بطريقةٍ مفاجئة رافضًا مساعدتها. إلا أنّ المرأة ألّحت عليه بالنبرة ذاتها وقالت له: "إنّ الكلاب الصغيرة تأكل الفتات الذي يتساقط من الأولاد تحت الطاولة". حينئذٍ أدرك الربّ يسوع أنّ المرأة تعي تمامًا أنّ مهمّته تشمل اليهود على حدٍّ سواء، فاذاع لأمرها طالبا منها العودة إلى منزلها ومؤكِّدًا لها شفاء ابنتها.

 

لقد تعهّدت الكنائس تفعيل الحوار الذي يعزّز وحدة المسيحيّين وكذلك الحوار الذي ظهر في السنوات الأخيرة، بين مختلف الأديان السماويّة تحت شكل لقاءاتٍ غنيّةٍ تسعى إلى تعزيز الاحترام والعلاقات الجيدة بين الناس، وإلى إرساء السلام في المناطق التي تعيش نزاعات حادّة. وإن نحن أصغينا بانتباهٍ إلى ما يقوله أخوانُنا من الديانات الأخرى، وجب علينا أن نتعرّف أكثر إلى شمولية محبة الله وملكوته. أما اتّحادنا، نحن المسيحيون، فشهادةٌ مشتركةٌ ضدّ العنف والتعصّب لا بدّ وأن تحمل ثمارها الخاصّة التي تحقق المصالحة الحقيقيّة بين الديانات والشعوب.

 

إنّ الحوار مع المسيحيّين الآخرين لا يعني خسارة هويّتنا المسيحيّة، بل على العكس من ذلك، يحثّنا هذا الحوار إلى طاعة صلاة يسوع المسيح حين قال: ليكونوا واحدًا كما أنا وأنت، أيّها الآب، واحد. لا شكّ في أنّ الوحدة لن تتمّ بين يومٍ وآخر، لأنّها مسيرةٌ نقوم بها مع المؤمنين الآخرين توصِلنا في نهاية المطاف إلى مصيرٍ واحد يملأه الحب والسلام. هذا رجاؤنا!

 

صلاة

نشكرك أيها الربّ يسوع على الوحدة التي تدعونا إليها في إنجيلك. أعطنا الشجاعة لنفتح قلبنا وعقلنا لجارنا، سواءٌ أكان مسيحيًّا أم غير مسيحيّ. إمنحنا القدرة على تجاوز حواجز اللامبالاة والتعصّب والكراهية. أعطنا الرجاء بالأيّام الأخيرة حيث يمشي المسيحيّون معًا نحو الحياة الجديدة، وحيث يتغلب الحبّ على الدموع والمشاكل . آمين

 

 

اليوم الثامن: المسيحيّون يعلنون الرجاء في عالمٍ منقسم

 

تأمُّل

وأجعل روحي فيكم فتحيَون. يرتكز الإيمان في الكتاب المقدّس على الرجاء الثابت بأنّ كلمة التاريخ النهائيّة تعود إلى الله، وبأنّ هذه الكلمة ليست للدينونة، بل هي أوّلاً كلمة الحياة التي تؤسِّس لخلقٍ جديد. صحيح أنّ المسيحيّين يعيشون في عالمٍ متأثّرٍ بشتّى أنواع الانقسامات، كما رأينا في تأمّلاتنا، في الأيّام السابقة. ولكنّ الكنيسة تحافظ على موقف الرجاء، الذي لا يستند إلى إمكانيات البشر وقدرتهم، بل يتجذّر في قدرة الله ورغبته الصادقة بتحويل هذه الانقسامات إلى الوحدة، والبغض المميت إلى حبٍّ يولّد الحياة.

 

يبقى الرجاء المسيحي حيًّا وسْط الآلام العظيمة، لأنه ينبع من حبّ الله الوفيّ الذي تجلّى لنا من خلال صليب المسيح. وينبعث الرجاء مع يسوع من القبر، أي من الغلبة على الموت وسطوته. ولقد انتشر الرجاء يوم العنصرة بحلول الروح القدس الذي يجدّد وجه الأرض. إنّ المسيح القائم من بين الأموات هو بداية حياة جديدة لأنّ قيامته تضع حدًّا للعهد القديم وتعلن بداية بشريّةٍ جديدةٍ أبديّة قائمة على الله، وعلى المصالحة بواسطة الرب يسوع.

 

إنّ الرجاء المسيحيّ يبدأ مع بداية الخليقة التي توكل أمورها كلّها إلى الله. في كتاب الرؤيا، لا يرمز الرجاء المسيحيّ إلى انتظارٍ طويل الأمد لنهاية العالم، بل يعبّر عن رغبةٍ لامتناهية في التجديد الذي تحقّق بالقيامة والفصح. لا يتعلق الأمر بالرجاء في قيامةٍ تتحقّق في نهاية الزمن بسبب تدهور عالمنا، إنّما بالرجاء في تغيير جذريّ وحصريّ للعالم الذي نحيا فيه اليوم. إنّ البداية الجديدة التي يعدنا بها الله تضع حدًّا للخطيئة، وللانقسامات، ولمحدودية العالم، وهي تحوّل الخليقة لتجعلها قادرةً على المشاركة في مجد الله الأبديّ.

 

إنّ الرجاء يحرّك المسيحيّين ويدعوهم إلى الاجتماع للصلاة معًا من أجل الوحدة لأنّ الصلاة الجماعيّة هي القوة التي تنبع من تجديد خليقة الله، والتي تستمدّ حكمتها من الروح القدس الذي ينفح فيها حياةً جديدة، ويستبدل فيها كلّ ما هو قديم بأمرٍ جديد. ولا ريب في أنّ فعاليّة هذه الصلاة ومصداقيتها موتبطتان باستعدادنا للانفتاح على مشيئة الله، وباستسلامنا للوحدة التي يتوق إلى تحقيقها فينا ومن خلالنا.

 

صلاة

أيها الربّ الرحوم، إنّك تسهر دومًا علينا وتساعدنا على تحمّل أوجاعنا ومشاكلنا. أعطنا أن نكون شعبًا مليئًا بالرجاء، يعيش، ويعمل جاهدًا من أجل تحقيق المصالحة والوحدة، آمين.

 

 

بعثه إلى موقع بخديدا

الطالب الإكليريكي .. واثق أوفي

إكليريكيّة دير سيّدة النجاة البطريركيّة - الشرفة