لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 

الرقم: 58/أس/2014

التاريخ: 20/7/2014

بيان إعلامي صادر عن أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

غبطة البطريرك يونان يبحث تطوّرات الأوضاع المأساوية في العراق وسوريا

مع رئيس الأساقفة دومينيك مامبيرتي وزير خارجية الفاتيكان

خلال تواجده في روما قبيل الزيارة البطريركية لأبرشية سيدة النجاة في الولايات المتّحدة وكندا، وعلى أثر تأزّم الأوضاع في العراق وسوريا، خاصةً بعد استهداف مطرانية السريان الكاثوليك في حلب بقذائف هدّامة، وما حصل في الموصل من تهجيرٍ قسري للمسيحيين، وقيام مجموعاتٍ من الإرهابيين التكفيريين بحرق أجزاءٍ من مطرانية السريان الكاثوليك في الموصل، قام غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، على عجلٍ، بزيارةٍ إلى سيادة رئيس الأساقفة دومينيك مامبيرتي وزير خارجية الفاتيكان، صباح يوم السبت 19 تمّوز 2014، يرافقه صاحبا السيادة المطران جرجس القس موسى المعاون البطريركي، والمطران أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، والأب رامي القبلان، والشمّاس حبيب مراد أمين السرّ.

وخلال اللقاء، تداول غبطته مع المطران مامبرتي في آخر المستجدّات والأوضاع المأساوية في الشرق، وبخاصة في سوريا والعراق والأراضي المقدّسة ولبنان، سيّما معاناة المواطنين في حلب، وما يجري حالياً من تهجيرٍ قسري للمسيحيين في الموصل التي فرغت تماماً من أيّ وجودٍ للمسيحيين، بعد أن كان هذا الوجود موغلاً في تاريخ بلاد الرافدين من أقدم العصور المسيحية.

وقد اقترح غبطته على مامبيرتي التنسيق مع سفراء الكرسي الرسولي في بلاد الشرق الأوسط، ودعوة السفراء المعتمدين لدى حاضرة الفاتيكان، والتعاون مع الكنائس الأخرى سيّما الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، لحثّ المراجع الدولية والمرجعيات الإسلامية المعتدلة، لشجب ما يحصل حالياً بحق المسيحيين في الشرق وسائر المكوّنات الأقلية الأخرى، والعمل الجادّ والفعّال لحلّ هذا الوضع الخطير المتأزّم، ولكي تُحفَظ الحقوق المدنية والحريات الدينية لجميع المكوّنات الدينية والمذهبية والعرقية في بلاد الشرق الأوسط، سيّما العراق وسوريا.

وقد أبدى المطران مامبيرتي تفهّمه الكامل لما طرحه غبطته من هواجس وما قدّمه من أفكار، مشاطراًَ إيّاه القلق على مصير الوجود المسيحي في بلدان المشرق، ومؤكّداً أنه سيبذل قصارى جهده لإطلاق صرخة الحق والعدالة، ومشيراً إلى السعي الحثيث لقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، وتوجيهاته الحازمة لكي تُحترَم إنسانية جميع المكوّنات البشرية في البلاد المذكورة.

وانتهى اللقاء بنفحة رجاء من الرب يسوع "إله كلّ رجاء وتعزية"، فيبزغ فجر القيامة بعد هذا الليل الطويل من المحن والآلام.

 

 

الرقم: 55/أس/2014

التاريخ: 2/7/2014               

 

بيان إعلامي صادر عن أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

 

البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان

يتفقّد أبناءه السريان العراقيين النازحين من بلدة بغديده ـ  قره قوش (شمال العراق)

ويحثّهم على العودة إلى ديارهم

 

 إثر تعرّض بلدة بخديده ـ قره قوش السريانية (من سهل نينوى، شمال العراق) لقصفٍ عشوائي من قبل مسلّحين جرّاء الأحوال المتردّية في مدينة الموصل وجوارها، اضطرّ عدد كبير من أهالي هذه البلدة الآمنة إلى نزوح مفاجئ وجماعي لم يسبق له مثيل، متوخّين الأمن في مدن إقليم كردستان، سيّما مدينة عنكاوا، وألقوش ودهوك.

 وفور ورود هذا النبأ الأليم، توجّه غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، إلى أربيل حيث استقبله في مطارها الدولي وزير الداخلية في حكومة كردستان كريم سنجاري، ووزير النقل والإتصالات جونسون سياويش، وعدد من الأساقفة والمسؤولين، انتقل غبطته حالاً إلى زيارة عددٍ من المراكز المخصصة لإيواء النازحين في عينكاوا ـ أربيل، فحثّهم على "العودة إلى بلدتهم وبالأخص الشباب بينهم رغم التحدّيات، فيكونوا على قدر المسؤولية في الدفاع عن أرضهم والتمسُّك بها". وأشاد "بالجهود الجبّارة التي قُدِّمت للآلاف من العائلات النازحة من قبل المطران بشار وردة رئيس أساقفة أربيل للكلدان، وجمعية الرحمة وسائر الأخويات والمنظّمات المدنية والمؤسسات والأهالي أفراداً وجماعات".

 وبثّت زيارة غبطته روح الحياة في هؤلاء المؤمنين الذين هلّلوا لقدوم أبيهم الروحي العام إليهم، رسولاً للمحبّة والسلام والرجاء والأمل بمستقبل أفضل.

 احتفل غبطته صباح الأحد 29/6/2014 بالقداس في كاتدرائية مار يوسف للكلدان بعينكاوا، وجدّد في الموعظة دعوته النازحين "بتحمّل هذه المحنة الأليمة بالصبر والإيمان"، داعياً إيّاهم "للتغلّب عليها بشجاعة وروح وطنية متأصّلة في تاريخ أجدادهم الممزوج بالشهادة"، حاثّاً "القادرين على العودة إلى بلدتهم ومنازلهم وأعمالهم".

 ومن هناك، تفقّد غبطته بلدة برطلة السريانية، حيث احتشد المؤمنون للقاء أبيهم الروحي، حاملين أغصان الزيتون. فشجّعهم وشدّ أزرهم، ممتدحاً إيمانهم وثباتهم، ومتفقّداً النازحين إلى هذه البلدة من قره قوش.

 

 ثمّ انتقل غبطته إلى بلدة بغديده ـ قره قوش، المحطّة الرئيسية في زيارته الأبوية. وكانت المفاجأة في القداس المسائي الذي أقامه في كنيسة الطاهرة الكبرى، التي احتشد فيها ألوف المؤمنين، في مشهدٍ أشبه بالأعياد الكبرى. ها هم أبناء هذه البلدة يلبّون نداء الرب على لسان غبطة أبيهم البطريرك، فيعودون إلى أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم، والقلّة الباقية على طريق العودة في غضون ساعات. وهناك ارتجل غبطته موعظةً أبويةً، امتدح فيها "أصالة وعراقة أبناء هذه البلدة الذين يتحلّون بالإيمان والرجاء والمحبّة، وقد استقبلوا في السنوات الأخيرة النازحين من بغداد والموصل وسواها من المدن". وحيّا غبطته صمودهم، مثبّتاً عزيمتهم في "التشبّث بالأرض، والذود عنها بكلّ ما أوتوا من قوّة وعزم ومحبّة وإخلاص". كما أكّد غبطته "بأننا شعب لا يطالب بامتيازات بل بالمساواة في المواطنة مع سائر مكوّنات بلاد الرافدين، وأنّنا دعاة سلامٍ وتآخٍ لا عنف ولا تصادُم".

 وقدّم غبطته جزيل الشكر لرئيس إقليم كردستان وحكومته وجيشه على "كلّ المساعدة التي قدّموها للنازحين وللبلدة، لتخطّي الظروف الراهنة، وكلّ ما سيقومون به مع جميع النزيهين والمخلصين لتأمين الخدمات للمواطنين كي يعيشوا بكرامة في بلدتهم".

 وحثّ غبطته أبناء البلدة على "توحيد كلمتهم ورصّ صفوفهم للنهوض ببلدتهم"، معلناً رسالته لهم: "أن يجعلوا بلدتهم بخديده ـ قره قوش الأولى في همومهم وأفكارهم ومشاريعهم، مقدّمينها على كل انتماء وموالاة. فتنهض من كبوتها وتعود إلى سابق عهدها، مشعّةً في هذه المنطقة بالخير والسلام". وكان غبطته قد عبّر عن شكره وتقديره لسيادة راعي الأبرشية المطران مار يوحنّا بطرس موشي وكهنته الذين صمدوا في بلدتهم رغم الأخطار التي أحدقت بهم، مقدّمين أنصع الأمثلة عن الراعي الصالح الذي "لا يهرب... بل يبقى مع القطيع".

 قبل عودته إلى لبنان، تفقّد غبطته يوم الإثنين 30/ 6 العائلات التي كانت نزحت إلى بلدتي دهوك وألقوش، وحثّهم على العودة سريعاً. ثمّ زار وزير الداخلية في حكومة كردستان لشكره، وتأكيد مطالبة أبناء قره قوش بتأمين الخدمات للبلدة بأسرع وقت، ولمس منه كلّ تجاوب واحتضان للبلدة وسكّانها.

 والتقى غبطته بغبطة مار لويس روفائيل الأوّل ساكو بطريرك بابل على الكلدان، وتداولا في أوضاع المسيحيين وحضورهم في العراق، بحضور مطارنة من الكنيستين السريانية والكلدانية.

غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يصلّي من أجل السلام في بغديده ـ قره قوش، ويتّصل بسيادة المطران بطرس موشي للإطمئنان عن الأوضاع هناك

بعدما تعرّضت البلدة السريانية بغديده ـ قره قوش في سهل نينوى ـ العراق، إلى القصف اعتباراً من ظهر اليوم الأربعاء 25 حزيران 2014، حتى هدوء الأحوال في فترة المساء، ممّا أدّى إلى نزوح مئات العائلات عن البلدة، تابع غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلي الطوبى، الأوضاع هناك عن كثب من مقرّ كرسيه البطريركي في دير الشرفة ـ حريصا ـ لبنان، وتواصل بالهاتف لعدّة مرات مع سيادة المطران مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، المقيم والموجود في قره قوش، والذي ساهم في إعادة استتباب الأمن فيها.

وخلال اتصاله، شجّع غبطة أبينا البطريرك أخاه سيادة المطران يوحنا بطرس موشي، ومن خلاله أبناءه الكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمؤمنين والمؤمنات في بغديده ـ قره قوش، وحثّهم على الصبر والتحلّي بالإيمان بالرب يسوع وبكنيسته المقدسة التي وعدها بقوله "أنا في وسطها فلن تتزعزع ... وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".

كما أكّد عليهم غبطته ضرورة ووجوب اتّخاذ الحيطة والحذر والإنتباه لحماية أنفسهم ورعاياهم وعائلاتهم وسلامتهم.

وجدّد غبطته اتّحاده معهم بالصلاة الحارّة إلى الرب يسوع، ملك السلام وسيّد الأمان، من أجل إحلال الأمن والسلام بصورة دائمة وكاملة في قره قوش، وفي العراق بأسره. إنه السميع المجيب. 

نداء من غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان  بخصوص الأوضاع في الموصل وسهل نينوى

من مطار سانت بيترسبرغ في روسيا حيث يعود غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي إلى مقر كرسيه البطريركي في بيروت، بعد أن أنهى زيارة كنسية إلى روسيا، يتوجّه غبطته إلى أبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية في أبرشيتي الموصل وتوابعها وبغداد بما يلي:

أيها الأبناء والبنات الأعزاء

في ظل الظروف العصيبة التي تعصف بمدينة الموصل الحدباء وبسهل نينوى برمّته، نتضرّغ إلى الله تعالى، ومعنا أخوانا الحبيبان المطران مار يوحنا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، والمطران مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، سائلينه تعالى أن يعيد الأمن والسلام والإستقرار إلى مدينة الموصل الحدباء وإلى كل أرجاء سهل نينوى وبغداد، بل إلى العراق الحبيب بأسره.

كما نتوجّه إليكم أيها الأبناء الأحباء، إكليروساً ومؤمنين، ونناشدكم أن تتحلّوا بالصبر، ويتمسّكوا بالإيمان بربّهم وكنيستهم. فالرب الإله لا يترك خائفيه ومحبّيه أبداً، والذي يتّكل على الله لا يخيب وبه ينجو من كلّ الشرور. وإنّ الرب أمين أن يوجد من المحنة خلاصاً. إنه السميع المجيب، له المجد وعليه الإتكال، بشفاعة والدته القديسة مريم العذراء الطاهرة سيّدة النجاة، ومار بهنام وسارة، وجميع القديسين والشهداء، آمين.

اغناطيوس يوسف الثالث يونان

بطريرك السريان الأنطاكي

مطار سانت بيترسبرغ ـ روسيا 10/6/2014

الرقم: 45/أس/2014

التاريخ: 13/5/2014

 

بيان إعلامي

صدر عن أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية في بيروت البيان التالي:

البطريرك يونان يستقبل السفير الروسي في لبنان

نطالب بإحلال السلام في سوريا والشرق بالأساليب السلمية والحوار السياسي دون تدخُّل خارجي

أكّد غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، خلال استقباله السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين، "ضرورة إحلال السلام والأمان في سوريا والشرق بالأساليب السلمية وبالحوار السياسي دون أيّ تدخُّل خارجي".

وكان البطريرك يونان قد استقبل زاسيبكين في مقرّ الكرسي البطريركي السرياني في المتحف ـ بيروت، ظهر اليوم الثلاثاء 13 أيّار 2014، بحضور السفير جورج سيام، والأستاذ أمل أبو زيد، والمطارنة: أنطوان بيلوني، يوسف ملكي، جرجس القس موسى، يوحنّا جهاد بطّاح، وكهنة الدائرة البطريركية.

وخلال اللقاء، تبادل غبطته مع ضيوفه الحديث حول الأوضاع في الشرق عامّةً والحضور المسيحي فيه، سيّما في لبنان وسوريا والعراق، خاصةً ما يجري حالياً في سوريا من عنف عبثي وقتل وتدمير وتخريب وتشريد يطال على الأخص الأبرياء.

وشدّد غبطته على "ضرورة إحلال السلام والأمان في سوريا والشرق، باعتماد الأساليب السلمية، وبالحوار السياسي دون أيّ تدخُّل خارجي، ونبذ العنف من أيّ جهةٍ أتى".

هذا واستبقى البطريرك يونان ضيوفه الكرام إلى مائدة الغداء في الصرح البطريركي، ثم غادروا شاكرين غبطته.                      

  أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

 

 

الرقم: 78/2014

التاريخ: 16/4/2014

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام

وأولادنا الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الأفاضل

وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المبارَكين بالرب في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار

 

 نهديكم البركة الرسولية والمحبّة والدعاء والسلام بالرب، ملتمسين لكم فيض النِّعَم والبركات:

قيامة الرب يسوع من بين الأموات في فجر الأحد وهو اليوم الأوّل من الأسبوع، انتصارٌ للمحبّة على الموت، والنعمة على الخطيئة، والحياة على الفناء، وتجدُّد الرجاء بقيامة الإنسان والمجتمعات والأوطان نحو حياةٍ أفضل.

قيامة الرب، هي فعل إيمانٍ فريد، وعربون رجاء البشرية في الإنعتاق من ربقة المادّة للإنطلاق في عالم الروح. إنّها تبدّد الخوف وتحلّ الطمأنينة، فالمسيح القائم باقٍ أبداً مع كنيسته كما وعد فمه القدّوس وقال: "هاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم" (مت 28: 20)، لكن ليس بصورةٍ ملموسةٍ، إنّما: بكلمته المحيية، وبروحه القدّوس، وبسرّ الإفخارستيا، ووسط كنيسته بالمحبّة الفاعلة بين أبنائها وبناتها.

بمناسبة عيد القيامة المجيدة، يطيب لنا أن نتقدّم من جميع إخوتنا الأحبار الأجلاء آباء السينودس المقدّس لكنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، وأعضاء الإكليروس والمكرَّسين، ومن أبناء كنيستنا وبناتها المؤمنين، بالتهاني القلبية مع مشاعر المحبّة الأبوية، ضارعين إلى الرب يسوع "القيامة والحياة"، أن يبسط أمنه وسلامه في العالم بأسره، وبخاصةٍ في بلادنا المشرقية المعذّبة، سيّما في لبنان الحبيب، وسوريا الجريحة، والعراق الغالي، ومصر، والأراضي المقدّسة، ليعود إليها استقرارها، وكذلك من أجل الأردن، وتركيا، وبلاد الإنتشار السرياني، في أوروبا وأميركا وأستراليا. كما نصلّي من أجل جميع النازحين، والفقراء، والمعوَزين، والحزانى، والمتألّمين، فينعم الجميع بالطمأنينة والثقة لبناء عالمٍ أفضل.

وإذ نبتهل إلى الرب كي يجعل هذا الزمن الخلاصي المقدّس موسم خيرٍ ونعمةٍ لكم أجمعين، نختم بمنحكم بركتنا الرسولية عربون محبّتنا الأبوية، ولتشملكم جميعاً نعمة وبركة الثالوث الأقدس: الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد، آمين. وكلّ عام وأنتم بألف خير.

ܩܳܡ ܡܳܪܰܢ ܡܶܢ ܩܰܒܪܳܐ... ܫܰܪܺܝܪܳܐܺܝܬ ܩܳܡ  المسيح قام من القبر... حقّاً قام

                                                 

                                                   اغناطيوس يوسف الثالث يونان

                                                           بطريرك السريان الأنطاكي

     ܡܶܢܝܳܢܳܐ: ܥܛ/ܒ̱ܝܕ

ܣܺܝܩܽܘܡܳܐ: ܝܘ/ܕ/ܒ̱ܝܕ

ܠܰܐܚܰܝ̈ܢ ܡܥܰܠܰܝ̈ܳܐ ܡܺܝܛܪ̈ܳܦܽܘܠܺܝܛܶܐ ܘܶܐܦܶܣܩܽܘ̈ܦܶܐ ܪ̈ܳܡܰܝ ܐܺܝܩܳܪܳܐ

ܘܠܰܒܢܰܝ̈ܳܐ ܕܺܝܠܰܢ ܟ̣ܽܘܪ̈ܶܐܦܶܣܩܽܘܦܶܐ ܘܟܳܗܢ̈ܶܐ ܘܰܡܫܰܡܫܳܢ̈ܶܐ ܘܕܰܝܪ̈ܳܝܶܐ ܘܕܰܝܪ̈ܳܝܳܬܳܐ ܡܝܰܬܪ̈ܶܐ

ܘܠܰܒܢܰܝ̈ܳܐ ܘܰܒܢ̈ܳܬܳܐ ܕܺܝܠܰܢ ܡܗܰܝܡܢ̈ܶܐ ܡܒܰܪ̈ܟ̣ܶܐ ܒܡܳܪܝܳܐ܆ ܒܠܶܒܢܳܢ ܟܺܝܬ ܘܒܰܐܬܪ̈ܰܘܳܬܳܐ ܕܡܰܕܢܚܳܐ ܘܰܒܥܳܠܡܳܐ ܟܽܠܶܗ

 

ܒܽܘܪܟܬܳܐ ܫܠܺܝܚܳܝܬܳܐ ܘܚܽܘܒܳܐ ܐܰܒܳܗܳܝܳܐ ܘܰܫܠܳܡܳܐ ܒܡܳܪܰܢ ܠܟܽܘܢ ܡܫܰܟܢܺܝܢܰܢ܆ ܥܰܡ ܫܽܘܐܳܠ ܛܰܝܒܘ̈ܳܬܳܐ ܘܡܰܘ̈ܗܒܳܬܳܐ ܫܦܺܝ̈ܥܳܬܳܐ:

ܩܝܳܡܬܶܗ ܕܡܳܪܰܢ ܝܶܫܽܘܥ ܡܫܺܝܚܳܐ ܕܡܶܢ ܒܶܝܬ ܡܺܝ̈ܬܶܐ ܒܫܰܦܪܶܗ ܕܝܽܘܡ ܚܰܕ ܒܫܰܒܳܐ܆ ܕܗܽܘܝܽܘ ܫܽܘܪܳܝ ܫܳܒܽܘܥܳܐ܆ ܙܳܟ̣ܽܘܬܳܐ ܗ̱ܝ ܕܚܽܘܒܳܐ ܥܰܠ ܡܰܘܬܳܐ܆ ܘܛܰܝܒܽܘܬܳܐ ܥܰܠ ܚܛܺܝܬܳܐ܆ ܘܚܰܝ̈ܶܐ ܥܰܠ ܡܺܝܬܽܘܬܳܐ܆ ܘܚܽܘܕܳܬ ܣܰܒܪܳܐ ܕܒܰܩܝܳܡܬܶܗ ܕܒܰܪܢܳܫܳܐ ܠܘܳܬ ܚܰܝ̈ܶܐ ܛܽܘܒܬܳܢ̈ܶܐ.

ܩܝܳܡܬܳܐ ܗܳܟ̣ܺܝܠ ܕܡܳܪܰܢ ܗܰܝܡܳܢܽܘܬܳܐ ܗ̱ܝ ܦܪܺܝܫܬܳܐ܆ ܘܪܰܗܒܽܘܢܳܐ ܕܣܰܒܪܳܗ̇ ܕܐ̱ܢܳܫܽܘܬܳܐ ܒܚܽܘܪܳܪܳܐ ܕܡܶܢ ܐܰܪ̈ܥܳܢܳܝܳܬܳܐ ܠܘܳܬ ܗܳܠܶܝܢ ܕܪܽܘܚܳܐ܆ ܟܰܕ ܡܪܺܝܡܳܐ ܠܕܶܚܠܬܳܐ ܘܡܰܫܪܝܳܐ ܒܗܺܝܠܽܘܬܳܐ.

ܡܫܺܝܚܳܐ ܕܶܝܢ ܕܩܳܡ ܚܰܝܳܐ ܐܺܝܬܰܘܗ̱ܝ̱ ܠܥܳܠܰܡ ܥܰܡ ܥܺܕ̱ܬܶܗ ܐܰܟ̣ܡܳܐ ܕܶܐܫܬܰܘܕܺܝ ܘܶܐܡܰܪ: «ܗܳܐ ܐܶܢܳܐ ܥܰܡܟ̣ܽܘܢ ܐ̱ܢܳܐ ܟܽܠܗܽܘܢ ܝܰܘ̈ܡܳܬܳܐ ܥܕܰܡܳܐ ܠܫܽܘܠܳܡܶܗ ܕܥܳܠܡܳܐ» (ܡܰܬܰܝ ܟܚ: ܟ)܆ ܠܰܘ ܡܓܰܫܡܳܢܳܐܺܝܬ܆ ܐܶܠܳܐ ܒܡܶܠܬܳܐ ܡܰܚܝܳܢܺܝܬܳܐ܆ ܘܰܒܪܽܘܚܶܗ ܩܰܕܺܝܫܳܐ܆ ܘܰܒܡܶܨܥܰܬ ܥܺܕ̱ܬܶܗ ܒܚܽܘܒܳܐ ܕܡܰܥܒܶܕ ܒܶܝܬ ܒܢ̈ܶܝܗ̇.

ܒܦܽܘܪܣܳܐ ܕܥܺܐܕܳܐ ܕܰܩܝܳܡܬܳܐ ܦܳܪܽܘܩܳܝܬܳܐ܆ ܬܰܗܢܝ̈ܳܬܳܐ ܠܶܒܳܢܳܝ̈ܳܬܳܐ ܕܚܰܡܺܝ̈ܡܳܢ ܥܰܡ ܪ̈ܶܓܫܶܐ ܚܽܘܒܳܢܳܝ̈ܶܐ ܡܫܰܡܪܺܝܢܰܢ ܠܟ̣ܽܘܢ ܐܳܘ ܐܰܚܰܝ̈ܢ ܡܥܰܠܰܝ̈ܳܐ ܡܺܝܛܪ̈ܳܦܽܘܠܺܝܛܶܐ ܘܶܐܦܶܣܩܽܘ̈ܦܶܐ ܐܰܒܳܗ̈ܳܬܳܐ ܕܣܽܘܢܢܳܕܳܘܣ ܕܥܺܕ̱ܬܰܢ ܣܽܘܪܝܳܝܬܳܐ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ ܕܰܐܢܛܝܽܘܟ܆ ܘܰܠܗܰܕ̈ܳܡܰܝ ܩܠܺܝܪܳܘܣ܆ ܘܰܠܥܰܡܳܐ ܕܺܝܠܰܢ ܣܽܘܪܝܳܝܳܐ ܡܒܰܪܟ̣ܳܐ. ܟܰܕ ܡܦܺܝܣܺܝܢܰܢ ܠܶܗ ܠܡܳܪܰܢ ܝܶܫܽܘܥ ܕܗܽܘܝܽܘ «ܩܝܳܡܬܳܐ ܘܚܰܝ̈ܶܐ»܆ ܕܢܰܫܦܰܥ ܫܰܝܢܶܗ ܘܰܫܠܳܡܶܗ ܒܥܳܠܡܳܐ ܟܽܠܶܗ܆ ܘܕܺܝܠܳܢܳܐܺܝܬ ܒܡܰܕܢܚܳܐ ܡܶܨܥܳܝܬܳܐ ܕܡܶܫܬܰܢܩܳܐ ܒܬܰܟܬܽܘ̈ܫܶܐ ܘܒܰܩܪ̈ܳܒܶܐ܆ ܘܰܦܪܺܝܫܳܐܺܝܬ ܒܠܶܒܢܳܢ ܘܣܽܘܪܺܝܰܐ ܘܥܺܝܪܰܐܩ ܘܡܶܨܪܶܝܢ ܘܰܐܬܪ̈ܰܘܳܬܳܐ ܡܩܰܕ̈ܫܶܐ܆ ܘܝܽܘܪܕܢܳܢ ܘܬܽܘܪܟܺܝܰܐ܆ ܘܟܰܪ ܕܰܫܟܺܝܚܺܝܢ ܣܽܘܪ̈ܝܳܝܶܐ܆ ܕܒܰܐܡܺܝܢ ܢܺܝܚܽܘܬܳܐ ܢܶܩܢܽܘܢ ܒܢܰܝܢܳܫ̈ܳܐ. ܘܳܐܦ ܡܨܰܠܶܝܢܰܢ ܡܶܛܽܠ ܟܽܠܗܽܘܢ ܓܰܠܘ̈ܳܝܶܐ ܘܡܶܣܟܺܢ̈ܶܐ ܘܒܳܝ̈ܫܶܐ ܘܰܐܒܺܝ̈ܠܶܐ ܘܚܳܫܽܘ̈ܫܶܐ܆ ܕܢܶܬܬܢܺܝܚܽܘܢ ܥܰܡܡ̈ܶܐ ܒܣܰܒܪܳܐ ܘܰܬܟ̣ܺܝܠܽܘܬܳܐ ܠܒܶܢܝܳܢ ܥܳܠܡܳܐ ܕܝܰܬܺܝܪ ܢܰܨܺܝܚ.

ܡܶܬܟܰܫܦܺܝܢܰܢ ܓܶܝܪ ܠـܪܺܝܫ ܟܽܘܡܪ̈ܰܝܢ ܥܳܠܡܺܝܢܳܝܳܐ ܕܢܶܥܒܕܺܝܘܗ̱ܝ̱ ܠـܙܰܒܢܳܐ ܗܳܢܳܐ ܦܳܪܽܘܩܳܝܳܐ ܠـܒܽܘܪ̈ܟܳܬܳܐ ܘܰܠܚܰܕܘ̈ܳܬܳܐ ܥܠܰܝܟܽܘܢ. ܡܶܟܺܝܠ ܩܰܘܰܘ ܟܰܕ ܚܠܺܝܡܺܝ̈ܢ ܘܰܢܛܺܝܪ̈ܺܝܢ ܒܡܳܪܝܳܐ܆ ܘܛܰܝܒܽܘܬܳܐ ܕܰܬܠܺܝܬܳܝܽܘܬܳܐ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ ܐܰܒܳܐ ܘܰܒܪܳܐ ܘܪܽܘܚܳܐ ܕܩܽܘܕܫܳܐ ܚܰܕ ܐܰܠܳܗܳܐ ܫܰܪܺܝܪܳܐ ܬܗܶܐ ܥܰܡܟܽܘܢ ܠܥܳܠܰܡ.

ܩܳܡ ܡܳܪܰܢ ܡܶܢ ܩܰܒܪܳܐ... ܫܰܪܺܝܪܳܐܝܬ ܩܳܡ. ܥܺܐܕܳܐ ܒܪܺܝܟ̣ܳܐ... ܘܠܰܫܢܰܝ̈ܳܐ ܢܰܓܺܝܪ̈ܳܬܳܐ

 

                                          ܐܺܝܓܢܰܐܛܝܳܘܣ ܝܰܘܣܶܦ ܬܠܺܝܬܳܝܳܐ ܕܒܶܝܬ ܝܽܘܢܰܐܢ

                                                 ܦܰܛܪܝܰܪܟܳܐ ܕܰܐܢܛܝܘܟܺܝܰܐ ܕܣܽܘܪ̈ܝܳܝܶܐ        

   

Nr. Prot.: 80/2014

Date: 16/4/2014

 

A nos vénérables frères Archevêques et Evêques bien-aimés

Aux révérends Pères, Diacres, religieux, religieuses et séminaristes

Et a tous nos fidèles au Liban, en Orient et dans la Diaspora

 

Paix et amour dans le Seigneur:

La Résurrection du Seigneur Jésus au matin de pâques signifie pour nous Chrétiens la victoire de l’amour en trainant la défaite de la mort et du pêché. Elle ranime dans le cœur de ceux qui croient en Jésus l’espérance dans la résurrection de l’homme, ainsi que le retournement de toutes les situations difficiles et des conflits qui déchirent notre monde.

La résurrection du Christ nous appelle à un acte de foi, et pousse l’humanité à aspirer vers un monde meilleur, en mettant toute confiance dans les valeurs spirituelles. En retournant vers son Père, Le Christ ressuscité ne quitte pas son Eglise mais reste vivant dans les cœurs des chrétiens, et leur parle chaque jour à travers son Esprit-Saint qui est présent toujours dans l’Eglise et le monde. C’est bien lui qui a dit: «Voici que je serai avec vous tous les jours jusqu’à la fin du monde» (Math 28: 20). Il demeure parmi nous aussi par sa parole inscrite dans l’Evangile, et par l’eucharistie, et son sacrement d’amour. 

A l’occasion de la glorieuse fête de pâques, nous présentons à nos vénérables frères membres du Saint Synode de notre Eglise Syriaque Catholique d’Antioche, à tout notre Clergé, ainsi qu’à tous nos fidèles, l’expression de nos vœux paternels, priant le Christ ressuscité d’accorder sa paix et sa miséricorde, au monde entier, et surtout à notre Proche-Orient tourmenté par les guerres et l’insécurité, notamment le Liban, la Syrie, l’Iraq, l’Egypte et la Terre Sainte, leur souhaitant la réconciliation et la stabilité. Nos prières vont aussi vers la Jordanie, la Turquie, et les pays que nos fidèles ont adoptés pour seconde patrie à travers le monde : en Europe, Amérique et Australie. Nous prions aussi pour les déplacés, les réfugiés, les pauvres, les nécessiteux, les affligés, et les souffrants, afin que tout le monde retrouve la joie et la sécurité auxquelles il aspire.

En souhaitant que ces fêtes pascales soient pour vous tous source de joie, d’espérance, et de grâces abondantes, nous vous accordons de tout cœur notre bénédiction paternelle, implorant sur vous les faveurs et la protection de la Sainte Trinite: le Père, le Fils et le Saint-Esprit, Amen.

Le Christ est ressuscité… Il est vraiment ressuscité.

 

Ignace Youssef III YOUNAN

Patriarche d’Antioche de l’Eglise Syriaque Catholique

           

Nr. Prot.: 81/2014

Date: 16/4/2014

 

To our brothers, Archbishops and Bishops, Fathers of our Holy Synod of Antioch,

To the Priests, Deacons, religious and consecrated men and women,

To all the faithful people in Lebanon, the Middle East and the Church of Extension

 

In this blessed Easter season, we extend to you all, our heartfelt prayerful wishes of Peace and joy as we renew our hope and confidence in the One who conquered death, overcoming the sin and reconciled our humanity with His heavenly Father, One God, Creator of all.

 

The Lord’s Resurrection on Sunday, the first day of the week, is the ultimate sign of victory of Love over death, Grace over sin, Life over nothingness. It is the Hope rebirth of our humanity for a better world. The Lord’s Resurrection is quite the assurance of His everlasting presence with us, among us and for us:”Here I am with you always to the end of the age” (Mt. 28:20)

 

Yes indeed, the Risen Lord, promised us through his disciples that He will remain always with us: in His living Word, His grace filled Sacraments, through the pouring of His Holy Spirit and not last within His Church nurtured with His Most precious Body and Blood, the divine sacrifice offered for our sanctification and the life of the world.

 Christian communities in the Middle are facing today the most fearful challenge which threatens their very survival in their own land. Let us remind all nations that we are the forgotten “rest” of the first community of believers in Jesus the Nazarean Savior and that our land was first blessed by His Birth, Passion and Resurrection. While we are proud of our forefathers and foremothers who kept witnessing to the Gospel of Love and Peace, since the beginning of Christian faith, enduring in their homeland, every kind of persecutions by a majority of religious denomination, that recognizes no separation between religion and politics. It is time to remind all believers in the world, specially our brethren in the West, that our ancestors did shed their blood, only because of their love and faithfulness to their Lord, the God-Incarnate, Jesus Christ.

 I, therefore, beg you to continue praying our Divine Prince of Peace to have mercy on us and strengthen us to keep the Hope alive. Innocent people, particularly vulnerable and targeted Christians, continue to suffer in the Middle East and most particularly in Syria and Iraq. They are suffering because of violent hatred exercised by many militant religious groups, that are often tacitly even openly supported by western politicians. Hundreds of thousands among Christians have been targeted and forced into exile inside their own country or had no other choice than to emigrate.

 Many among clergy members and faithful, have been abused, kidnapped or killed because they represent a minority still believing in the Gospel of love, justice and peace. As we had stated since the beginning of the horrible turmoil in Syria, those atrocities could not happen but because of the complicity of that “Machiavellianism policy” adopted by those who look for economical opportunism by promoting  “political correctness”.

 Let us hope that one day, with the prayers, courage and effective solidarity of the silent majority of our Christian brothers and sisters in the Western World, peoples of the Middle East would rediscover their true calling to spread God’s Love and reconciliation for a better world.

 During this blessed Easter season, I promise to keep you all, dear brothers and sisters, in my prayers and “Qurbono” the Divine Liturgy of the Eucharist. To you, who live in Lebanon, Syria, Iraq, the Holy Land, Jordan, Egypt, as well to the beloved communities living in Europe the Americas and Australia, I want to send through the media my best prayerful wishes. May our Risen Lord grant you all His Peace and Joy. Halleluia!

Happy Easter!

 

Ignatius Youssef III YOUNAN

Patriarch of Antioch of Syriac Catholic Church

 

ܐܓܪܬܐ ܕܥܐܕܐ ܕܩܝܡܬܐ ܦܪܘܩܝܬܐ

ܫܢܬ ܒ̱ܝܕ

رسالة عيد القيامة المجيدة

عام 2014

 

ܒܫܡ ܐܝܬܝܐ ܡܬܘܡܝܐ ܐܠܨܝ ܐܝܬܘܬܐ ܐܚܝܕ ܟܠ

ܐܝܓܢܐܛܝܘܣ ܝܘܣܦ ܬܠܝܬܝܐ ܕܒܝܬ ܝܘܢܐܢ

ܕܒܪ̈ܚܡܘܗܝ ܕܐܠܗܐ

ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܟܘܪܣܝܐ ܫܠܝܚܝܐ ܕܐܢܛܝܘܟܝܐ ܕܣܘܪ̈ܝܝܐ

باسم الأزلي السرمدي الواجب الوجود الضابط الكل

اغناطيوس يوسف الثالث يونان

بنعمة الله

بطريرك الكرسي الرسولي الأنطاكي للسريان

 

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الاحترام

وأولادنا الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الأفاضل

وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المبارَكين بالرب

في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار

نهديكم البركة الرسولية والمحبّة والدعاء والسلام بالرب، ملتمسين لكم فيض النِّعَم والبركات والخيرات:

 

ܗܳܐ ܐܶܢܳܐ ܥܰܡܟܽܘܢ ܐ̱ܢܳܐ ܟܽܠܗܽܘܢ ܝܰܘ̈ܡܳܬܳܐ ܥܕܰܡܳܐ ܠܫܽܘܠܳܡܶܗ ܕܥܳܠܡܳܐ

هاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم (متى 28: 20)

1.     مقدّمة: حضور المسيح فيضٌ من قيامته

قيامة الرب يسوع من بين الأموات في فجر الأحد وهو اليوم الأوّل من الأسبوع، انتصارٌ للمحبّة على الموت، والنعمة على الخطيئة، والحياة على الفناء، وتجدُّد الرجاء بقيامة الإنسان والمجتمعات والأوطان نحو حياةٍ أفضل.

يظهر يسوع القائم من الموت لأسابيع متتالية وبأشكالٍ مختلفة، إلى يوم صعوده، ليثبّت إيمان تلاميذه بالقيامة، مبدّداً خوفهم، ومشجّعاً إيّاهم على الخروج من يأس القبر والموت والإنطلاق للبشارة بالقيامة. المسيح القائم باقٍ أبداً مع كنيسته كما وعد فمه القدّوس وقال: "هاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم" (مت 28: 20)، لكن ليس بصورةٍ ملموسةٍ، إنّما: بكلمته المحيية، وبروحه القدّوس، وبسرّ الإفخارستيا. لذلك ظنّه تلاميذه شبحاً لأنّ جسده القائم الممجَّد هو جسدٌ نوراني لا يُرى إلا بعين الإيمان. وهو يفتح أذهانهم ليفهموا الكتب المقدّسة، مبتدئاً بموسى والأنبياء والمزامير، كما صنع مع تلميذَي عمّاوس. الرب القائم من الموت هو المحوَر الذي يجعلنا نفهم ما تنبّأ عنه الأنبياء قبل مجيئه في ملء الزمن، وما صنعه في حياته العلنية على الأرض، وما سيحدث بعد قيامته.

2.     حضور المسيح بكلامه المحيي في حياة المؤمنين

لثلاث سنواتٍ من الحياة العلنية، كرز الرب وهو يتجوّل بين المدن والقرى، في اليهودية والجليل وصور وصيدا، في خطابٍ مباشرٍ كما في الأمثال، بالبشارة الجديدة المحيية، داعياً الشعب التائق لمجيء المسيح المنتظر، إلى التوبة وطاعة الله، أبيه السماوي. لقد مثّلت المعجزات ـ الآيات التي اجترحها يسوع بدءَ الزمن "المسيحاني"، مؤكّداً على اتّحاده بأبيه السماوي القادر على الخلق من جديد، شافي النفس والجسد معاً، معلناً سرّ الملكوت، الذي ينمو في قلوب المؤمنين، لتتكلّل حياتهم باكتماله في سعادة السماء. ولم تدرك الجموع التي كانت تذهب للقائه وسماعه، وحتى تلاميذه المختارون، كُنهَ رسالة الرب، إلا بعد أن قام ممجَّداً (كما يذكر الإنجيل مراراً). ونفهم أنّ كلام الرب الإله المحيي، كما جاء في الكتاب المقدّس، بعهديه القديم والجديد، هو رسالة حضورٍ لله بين شعبه. فكما أنّ الله أتمّ خلق الكون بكلمته الأزلية (كما ورد في سفر التكوين)، كذلك أكمل "كلمة الله" عمل الخلاص للبشرية برمّتها، تعليماً وآياتٍ وأعمال رحمة مدهشة، متأنّساً في أحشاء الطوباوية مريم فتاة الناصرة البتول الطاهرة، وفادياً، معلّقاً على خشبة، ومنبعثاً من القبر، منتصراً على الخطيئة والموت.

 قيامة الرب، هي فعل إيمانٍ بامتياز، وهي عربون رجاء البشرية في الإنعتاق من ربقة المادّة للإنطلاق في عالم الروح. جسده القائم من الموت ينتقل إلى حالة الجسد الروحاني الذي لا يخضع لشريعة الزمان والمكان، إنّه جسدٌ مملوءٌ من قدرة الروح القدس. وهكذا تختلف قيامة يسوع جوهرياً عن القيامات التي أجراها، التي هي عودةٌ إلى حياة الأرض بمعجزةٍ إلهيةٍ، على أن يعقب هذه العودةَ الموتُ مجدّداً.

أضحت قيامة الفادي الحدث المحوري الأساسي في صلب الإيمان، يسمو التاريخ ويفوقه. لهذا نرى التلاميذ يشكّون بالرغم من كلّ البراهين الحسّية التي أعطاهم إيّاها الرب: أراهم يديه ورجليه، ودعاهم للمسه، وأكّد لهم أنّه ليس مجرّد روح بل من لحم وعظام (لو 24: 39)، وأكل أمامهم (لو 24: 43). لم يظهر بعد قيامته للعالم بل لتلاميذه لأنّه أراد أن يفتح أذهانهم لقبول كلام الحياة وفهم الكتب المقدّسة، فيُضحوا شهوداً لقيامته "وأنتم شهودٌ على ذلك" (لو24: 48)، بعد فهم الكتب المقدّسة (لو24: 45).

إنّ الرب يسوع لا يظهر إلاّ للذين يحبّونه، أي الذين يحفظون كلمته ويجعلون منها نوراً لعيونهم، وروحاً وحياةً لمسيرتهم على هذه الفانية، وهدياً لدروبهم وقلوبهم. هؤلاء يحبّهم يسوع، ويحلّ عليهم بروحه القدّوس، وإليه يأتون، وعنده يصنعون لهم منزلاً (يو 14: 23).

3.     حضور المسيح في وسط الكنيسة

بقيامته من بين الأموات، أصبح المسيح الرب حيّاً أبداً وسط كنيسته. فقيامته حدثٌ تاريخيّ مثل حدث موته على الصليب، والحدثان متكاملان: الفداء والتبرير، على ما يؤكّد بولس الرسول: "سلّمتُ إليكم قبل كلّ شيءٍ ما تسلَّمْتُه أنا أيضاً، وهو أنّ المسيح مات من أجل خطايانا، وأنّه قُبِرَ وقام في اليوم الثالث كما ورد في الكتب، وظهر لبطرس ثمّ للإثني عشر (1كور 15: 3 ـ 5). حقيقة القيامة تلقَّتْها الجماعة المسيحية الأولى، وتناقلَتْها الكنيسة بالتقليد، وكتبَتْها في كتب العهد الجديد، وأعلنَتْها بالكرازة مع صليب الفداء. إنّ ظهور الرب العلني لتلاميذه طوال أربعين يوماً بعد قيامته كما ألِفُوهُ قبل الصلب، تأكيدٌ صارخٌ على حضوره الدائم في حياة الكنيسة.

قيامة الرب انتصارٌ على الموت لأنّه ربّ الحياة، وبموته الكفّاري تضامن مع المتألّمين، فقدّس آلامهم وأعطاها قيمةً فدائيةً، وبذلك أظهر قدسية الحياة البشرية وكرامتها. فكلّ امتهانٍ لحياةٍ بشريةٍ، حسّياً أو روحياً أو معنوياً، هو اعتداءٌ صارخٌ على قدسيتها وعلى عمل الفداء. إنّ ما يجري من اعتداءات تعذيبٍ جسدي وروحي، في هذا وذاك من البلدان حول العالم، يدينه الإنجيل والمسيحية إدانتهما لآلام الصلب التي أنزلها أمثالهم بالسيد المسيح. فآلام المسيح متواصلةٌ عبر آلام الأبرياء من أجل فداء العالم، واعتداءات الصالبين مستمرّةٌ في أولئك المعتدين على الأبرياء.

تمنح الكنيسة سرّ الخلاص الشامل، ومن خلالها يكشف المسيح محبّة الله لجميع الناس ويحقّقها. وها هو البابا بولس السادس يُسمّي الكنيسة "المشروع المنظور لحبّ الله للبشرية، وهو مشروعٌ يجعل من الجنس البشري كلّه شعباً واحداً لله، يجتمع في جسد المسيح الواحد، ويبني هيكلاً واحداً للروح القدس" (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية 774 ـ 776).

4.     حضور المسيح في سرّ الإفخارستيا

تتواصل ذبيحة الفداء في ذبيحة القدّاس، فهذا الذي "مات ليفتدينا من خطايانا وقام لتقديسنا"، حاضرٌ أبداً في سرّ الإفخارستيا، حيث استمرارية ذبيحة الفداء ومائدة جسده ودمه للحياة الجديدة. من هذا السرّ تنطلق الشهادة لقيامة المسيح، فيتغذّى المؤمنون به، ليثبتوا في يسوع ويثبت يسوع فيهم (يو 6: 56). وليس هناك احتفالٌ بالذبيحة الإلهية الإفخارستية، من دون الإعتراف بحقيقة قيامة الفادي، الذي "هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد" (عب 13: 8). إنّ حضور المسيح في سرّ القربان هو مصدر الرجاء الصامد في حياتنا اليومية وفي التزامنا الدؤوب بعملية تجديدٍ يطال حياتنا، فيجعل منها قرباناً روحياً وعطية فداءٍ لخير إخوتنا، ولتجديد وجه العالم والتاريخ بطبعهما بقيم الإنجيل. وهكذا يحلّ السلام والمصالحة بدل النزاع والخلاف، وتسود ثقافة الحياة عوضَ ظلمة الموت.

أكّد قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في قدّاسه الأوّل: "الإفخارستيا هي قلب الحياة المسيحية، وينبوع رسالة الكنيسة، رسالة إعلان إنجيل الخلاص. الإفخارستيا تجعل المسيح القائم حاضراً أبداً، يواصل هبة ذاته لنا، ويدعونا إلى المشاركة في مائدة جسده ودمه".

وفي تأمّلات آبائنا السريان تأكيدٌ على محورية الكنيسة في سرّ الخلاص من خلال جسد الرب ودمه اللذين تهبهما للمؤمنين به:

«ܛܽܘܒܰܝܟܝ ܥܺܕܬܳܐ ܕܩܳܠܶܗ ܕܰܒܪܳܐ ܥܒܺܝܕ ܠܶܟ̣ܝ ܢܳܛܽܘܪܳܐ܆ ܘܡܽܘ̈ܟ̣ܠܶܝܗ̇ ܕܰܫܝܽܘܠ ܠܳܐ ܚܳܣܢܺܝܢ ܠܶܟ̣ܝ ܡܶܟܺܝܠ ܘܰܠܥܳܠܰܡ. ܦܰܓܪܶܗ ܝܰܗ̱ܒ ܠܶܟ̣ܝ ܡܶܐܟ̣ܽܘܠܬܳܐ܆ ܘܰܕܡܶܗ ܟܳܣܳܐ ܕܦܽܘܪܩܳܢܳܐ܆ ܚܽܘܣܳܝܳܐ ܠܝܰܠـܕ̈ܰܝܟܝ» (من كتاب ܫܚܺܝܡܳܐ الإشحيم، هو كتاب الصلوات الفرضية اليومية البسيطة، مساء يوم الثلاثاء، صفحة 132).

وترجمته: "طوباكِ أيّتها الكنيسة، فإنّ كلام الرب هو حارسٌ لك، وأبواب الجحيم لن تقوى عليكِ إلى الأبد. فقد منحكِ جسده مأكلاً، ودمه كأس خلاص، مغفرةً لأولادكِ".

5.     حضور المسيح بيننا ومعنا ومن أجلنا

الرب يسوع القائم من الموت أصبح "القيامة والحياة"، و"من آمن به وإن مات فسيحيا" (يو 11: 25). فالقيامة ليست حدثاً يجري في اليوم الأخير فقط، بل هي قبل كلّ شيء شخص يسوع المسيح بالذات "أنا القيامة والحياة" (يو 11: 25). إن كنّا فيه، تكون لنا الحياة التامّة، والقيامة التي ستجري هي حاصلة الآن فينا. أجل، هناك قيامة أخيرة، غير أنّ القيامة التامّة هي المسيح نفسه: "ستأتي ساعةٌ وهي الآن حاضرةٌ، حين يسمع الأموات صوت ابن الله، والذين يسمعون يحيون" (يو 5: 25). لذلك أردف الرب يسوع: "كلّ مَن يحيا ويؤمن بي لن يموت إلى الأبد" (يو 11: 26).

حضور الرب بيننا هو من أجلنا، فمع كونه غائباً حسّياً عن عيون التلاميذ، إلاّ أنّه حاضرٌ معهم ويرافق خطاهم، يتركهم يختبرون ضعفهم وفشلهم، ثم يظهر لينتشلهم من هذا الضعف ويحوّل الفشل إلى نجاحٍ باهر. نراهم لم يصطادوا شيئاً طوال الليل، لكنّهم بعد ظهور الرب وتوجيه عملهم، يحصدون شباكاً مليئةً بالصيد الوفير (أنظر يو 21: 1 ـ 14).

إنّ الرب يسوع، مهما احتجب عن عيوننا، يظلّ يرانا ويعرف ما نعانيه، ويأتي في وقتٍ لا ننتظره ليملأ الفراغ الذي يخيفنا ويحزننا، شرط أن نصغي إليه عندما يكلّمنا، وأن نفعل بما يُوحيه لنا، كما حصل مع الرسل في آية الصيد العجيب.

من هنا أهمّية الصلاة والتأمّل قبل القيام بأيّ عملٍ أو اتّخاذ أيّ قرار. إنّها صلاة الإستنارة والتشفّع التي تبدأ بسماع كلام الله والتأمّل فيه، والإصغاء إلى إلهامات الروح القدس، والتماس شفاعة "أمّ المشورة الصالحة". صلاة المؤمنين وتوبتهم وأعمالهم الصالحة وآلامهم وتضحياتهم، كلّها علامات حضور الرب وسط شعبه.

ولعلّ مِن أجمل ما يصوّر حضور الرب بيننا واتّحاده بنا، تأمّلٌ لآباء كنيستنا السريانية ضمن صلاة سبت لعازر:

«ܒܰܪ ܥܶܠܳܝܳܐ ܚܠܰܛ ܗ̱ܘܳܐ ܢܰܦܫܶܗ ܥܰܡ ܬܰܚܬܳܝ̈ܶܐ܆ ܕܢܶܚܠܽܘܛ ܐܶܢܽܘܢ ܥܰܡܶܗ ܒܫܽܘܒܚܳܐ ܒܰܐܬܪܶܗ ܕܰܐܒܽܘܗ̱ܝ» (من كتاب ܦܢܩܺܝܬܳܐ الفنقيث، وهو كتاب الصلوات الفرضية لأيّام الآحاد والأصوام والأعياد، الجزء الرابع، صفحة 769، باعوث (طلبة) مار يعقوب).

وترجمته: "جعل ابن العليّ نفسه مع السفليين، ليشركهم معه بالمجد في ديار أبيه".

6.     حضور المسيح في حياتنا دافعٌ للشهادة له

الشهادة للرب يسوع هي الإلتزام برسالة الكنيسة الموجَّهة إلى جميع شعوب الأرض وأممها: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت 28: 19). فالإنجيل لا يُفهَم جيّداً إلاّ في ضوء قيامة المسيح التي تجعل كلام الله "روحاً وحياةً"، وتحفظ الكنيسة في حالة شبابٍ دائمٍ، بفضل المسيح الحيّ فيها، الذي يسير بجانبها، مشدّداً عزيمة أبنائها وبناتها، فاتحاً عيونهم لفهم كلامه والعيش بمقتضى تعاليمه، تماماً كما سار مع التلميذين إلى عمّاوس (لو 24: 13 ـ 35).

البشرى السعيدة التي تحملها الكنيسة إلى العالم اليوم هي أنّ الكلمة الأخيرة هي للقيامة لا للموت، على ما يقول القدّيس أوغسطينوس: "أيّها الإخوة تشجّعوا، الموت سيموت أيضاً فيكم! إنّ ينبوع الحياة وصل إلينا بيسوع المسيح. فلنعمل في الحاضر، ولنأمل في المستقبل".

لا تقفُ القيامة عند حدود الحياة الروحية، بل تتعدّاها لتبلغ إلى الحياة الخُلقية والإجتماعية والسياسية. "فالفداء القائم على الموت والقيامة يشكّل الحدّ الإلهي الذي فرضه الله على الشرّ، بحيث أنّ الشرّ أضحى مغلوباً جذرياً بالخير، والبغض بالحبّ، والموت بالقيامة (البابا يوحنا بولس الثاني، ذاكرة وهويّة، صفحة 35).

لذا نرجو لأوطاننا قيامةً روحيةً وخلقيةً وسياسيةً بما يتلاءم مع تعاليم الرب التي طبعها في قلب كلٍّ منّا، متذكّرين كلمة رسول الأمم مار بولس: "فإذا كان أحدٌ في المسيح، فإنّه خلقٌ جديد. قد زالت الأشياء القديمة، وكلّ شيءٍ صار جديداً. وهذا كلّه من الله الذي صالحَنا بالمسيح، وأعطانا خدمة المصالحة" (2 كور 5: 17 ـ 18).

7.     حضور المسيح يُدخِلنا في منطق الله وتصميمه الخلاصي

حضور المسيح القائم من الموت فينا يُنيرنا بشخصه وكلامه وأفعاله، وقد أكّد هو نفسه ذلك: "جئتُ أنا إلى العالم نوراً، فكلّ مَن آمن بي لا يبقى في الظلام" (يو 12: 46).

إنّ مشاغل حياتنا وهواجسنا الكثيرة ومخاوفنا الدائمة قد تجعلنا ننسى أنّ الرب حاضرٌ، ولربّما تُنسينا كلامه، فتطغى علينا الأحداث اليومية، وتتلاشى قيمة مبادئنا الإيمانية. لا بدّ لنا من اللجوء إلى الرب وإلى كلامه الحيّ والمحيي وإيحاءات روحه القدّوس لنُدرك معاني الأمور، ونُحسن قراءة علامات الأزمنة. فالرب يسوع "واقفٌ على باب قلب كلّ واحدٍ منّا يقرعه، إن سمع أحدٌ صوته وفتح الباب، يدخل إليه ويتعشّى معه" (رؤ 3: 20). إنّه حاضرٌ دائماً ليقوّم إعوجاجنا ويصوّب فكرنا، حتّى لو اعتقدنا أنّ ذلك يخالف مصالحنا الآنيّة، لأنّنا لا بدّ وأن يُطابق فكرُنا فكرَ الله وتصميمه الخلاصي. وهذا ما فعله يسوع في ظهوره للرسل، ولتلميذَي عمّاوس اللذين رافقهما في الطريق، وصحّح نظرتهما للأمور، وبدّد حزنهما، وزرع في قلبهما الأمل والرجاء.

من هنا، وأمام كلّ ظرفٍ وحدثٍ، علينا أن نستلهم فكر الله من كتبه الموحاة ومن تعاليم الكنيسة، فندخل في "منطق الله". وهذا كلّه يتطلّب أن نكون مؤمنين حقّاً، أي أن نؤمن بالحقائق الإلهية ونعمل بموجبها، ونشهد لها منادين بالإيمان بالإنجيل والتوبة، سعياً إلى تحقيق ملكوت الله على الأرض.

وخير قدوةٍ لنا في الدخول بمنطق الله وطاعته والإلتزام بكلامه ووصاياه، العذراء مريم، التي في عرس قانا الجليل التمست خير العروسين والمدعوّين، فدعت الخدّام، ومن خلالهم كلّ واحدٍ منّا، للدخول في منطق الله: "مهما قال لكم فافعلوه" (يو2: 5). وهي القدوة من اللحظة الأولى لقبولها تصميم الله الخلاصي بقولها "نعم" جواباً على الملاك، معلنةً استعدادها وجهوزيتها للتكرّس لنشر بشرى إنجيل المحبّة والسلام والخلاص، حتى أضحت شريكةً في التجسّد وشريكةً في الفداء. ولا تزال حاضرةً من سمائها، ترمق بعنايتها الوالدية أبناءها وبناتها المؤمنين المسافرين في بحر هذا العالم، تقودهم كنجمة الصباح إلى الميناء الأمين، وقد أودعنا الرب يسوع إيّاها أمّاً لجميعنا وهو في قدس أقداس آلامه على الصليب: "يا مريم هذا ابنكِ، يا يوحنّا هذه أمّكَ" (يو 19: 26 ـ 27).

8.     إطلالة العيد هذا العام

مع أنّ المسيح قد مات وقام منتصراً على الموت بعد ثلاثة أيّام، إلاّ أنّنا نحن المسيحيين المشرقيين نُصلَب يومياً ومنذ فجر الإيمان بالمسيح، وقد ورثنا عن أجدادنا الرجاء والإيمان بأنّ القيامة لا بدّ آتية يوماً لا محالة.

وها هو عيد القيامة يحلّ هذا العام أيضاً ونحن نعيش الرجاء في أن يعمّ الأمن والسلام والإستقرار في مجتمعاتنا المشرقية التي لا تزال تئنّ وتحتمل، وتعيش الصراعات والنزاعات وعدم الإستقرار، فيبدو وكأنّ لا مكان في هذه البلاد للفرح والطمأنينة، إذ يسودها الألم والحزن والخوف.

فمن أرض لبنان المقدّسة إلى سوريا المشرقية، من فلسطين أرض القيامة إلى مصر والعراق، يعيش المسيحيون مع إخوتهم من مختلف الطوائف في مجتمعاتٍ غير مستقرّة.

وإن كان لبنان اليوم من بين هذه الدول الأكثر استقراراً، غير أنّ المصاعب والأزمات تلاحق شعبه منذ عقود، متأرجحاً بين الأزمات نتيجة الصراعات المؤلمة بين مختلف مكوّناته داخلياً، والتدخُّل الإقليمي والدولي الآثم. ممّا جعل هذا البلد المتألّق في حضارته والفريد في رسالته في محيطه وبين البلدان العربية، يتحمّل الكثير من الخضّات السياسية والأزمات الإقتصادية والتحدّيات الإجتماعية، ممّا يؤثّر سلباً على الأجيال الصاعدة.

إنّنا نصلّي وإخوتنا رعاة الكنائس في لبنان والشرق مع جميع اللبنانيين من أجل حصول الإنتخابات الرئاسية في موعدها، مع ما يحمّل القيّمين على إجراء هذا الإستحقاق من مسؤولية تاريخية حفاظاً على الموقع الأوّل للمسيحيين في الشرق برمّته، إذ إنّ رئيس لبنان هو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي. فلا مجال للفراغ والإفراغ، لأنّ في ذلك رسالة واضحة إلى مسيحيي الشرق بأنّ شريكهم المسلم يريد تفريغ الشرق منهم. 

إنّ وطننا الحبيب لبنان، المميَّز بتنوُّع مكوّناته دينياً ومذهبياً وحزبياً، والذي قال عنه الطوباوي البابا يوحنّا بولس الثاني: "لبنان أكثر من بلد، إنّه رسالة، رسالة حرّية وتعدّدية للشرق والغرب"، عليه أن يُضحي في هذا الزمن الرديء، وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ وجود المسيحيين في الشرق، المثالَ في محيطه العربي في تحقيق العيش الواحد بين مواطنيه، والأمانة للحرّيات الدينية والمدنية، كما لمبادئ الديمقراطية الحقّة التي يطمئنّ لها جميع المواطنين، أكثريةً كانوا أم أقلّيات.

لذا ندعو جميع الرعاة الروحيين والمسؤولين السياسيين أن يحملوا وزناتهم بكلّ صدقٍ وتجرُّدٍ، ويقدّروا الأمانة التي أولاهم إيّاها الشعب، فيلجأوا إلى انتهاج الحوار والتفاهم على أساس الإحترام والثقة المتبادَلين، نابذين لغة التعصُّب والتخوين والإستئثار في مختلف المناسبات كما في الخطاب الديني، ومتحرّرين من الإنتماءات للقوى الإقليمية والدولية. نحثّهم كي يعتمدوا الشراكة في اتّخاذ القرارات وفي تنفيذها، وأن يعطوا الأولوية لخير الوطن والمواطنين، تضامناً مع الضعفاء والمهمَّشين وذوي الدخل المحدود، وما أكثرهم في أيّامنا هذه!

كما نذكّر القيّمين على شؤون لبنان، من روحيين ومدنيين، بأن يحثّوا الهيئة العامّة لمجلس النواب كي تقرّ قانوناً جديداً للإنتخابات النيابية، لا يهمّش السريان، وهم من المكوّنات الأساسية لهذا الوطن.

ويطيب لنا أن نهنّئ أبناءنا وبناتنا في أبرشية لبنان البطريركية، إكليروساً ومؤمنين، ومعهم جميع اللبنانيين واللبنانيات، بعيد القيامة المجيدة، سائلين الرب يسوع القائم من الموت، أن يعيد هذا العيد عليهم بالخير والصحّة والبركة.

نتوجّه خاصّةً إلى أبنائنا وبناتنا في سوريا الحبيبة الجريحة المستباحَة منذ أكثر من ثلاث سنوات، والتي أصبحت منهكةً إقتصادياً ومفتّتةً إجتماعياً ومنقسمةً ثقافياً، ونذكّرهم بأنّ الكنيسة تصلّي لتحلّ القيامة في هذا البلد، ولتنتصر لغة الحوار والسلام على لغة المدفع والحرب. فسوريا الحضارة العريقة تنزف دماً والعالم متغافلٌ بل متآمر. لم تعد سوريا تحتمل تهجير الملايين من مواطنيها داخل البلاد وخارجها، لأنّ مقوّمات البلاد تتداعى يوماً فيوماً على رؤوس الجميع. وستأتي ساعةٌ، ما لم يتّعِظِ المتحاربون، ستتداعى سوريا الدولة والشعب والمؤسّسات.

إننا ومن موقعنا كرعاةٍ روحيين، نشارك جميع إخوتنا رعاة الكنائس الشقيقة، الهموم والهواجس التي تهدّد حياة أبنائنا وبناتنا ومستقبلهم، ونجدّد تأكيدنا على الملأ بأنّنا ندعو لإحلال السلام والأمان على أساس الحرّية والعدالة وكرامة الإنسان، دون انحيازٍ سياسي ولا طائفي. كما نؤكّد أنّ الديمقراطية التي نفاخر بالتشبّث بمبادئها، تأبى إقصاء جهةٍ، مهما كان عدد أفرادها قليلاً. إنّما الديمقراطية الحقّة تعلّم احترام الغير، وإن اختلف في الرأي والدين أو المذهب، وتسعى إلى نشر السلام والطمأنينة والإحترام بين المواطنين.

وفيما نشدّد أنّنا نحن المسيحيين مكوِّنٌ أصيلٌ ومؤسِّسٌ في سوريا، لا بل نحن سكّانها الأصليون، ولا وجود لسوريا التاريخ العريق والحضارة المنفتحة من دوننا، نناشد الضمير العالمي، كي يبذل الجهود الحثيثة لإطلاق سراح جميع المخطوفين، وبخاصّةٍ مطرانَي حلب للسريان الأرثوذكس يوحنّا ابراهيم، وللروم الأرثوذكس بولس اليازجي، والكهنة الثلاثة: ميشال كيّال، واسحق (ماهر) محفوض، وباولو دالّوليو. ونستنكر استهداف المناطق الآمنة والمواطنين الأبرياء العزَّل، كما حصل للمكوّن المسيحي إكليروساً ومدنيين في بلداتهم وقراهم وأديرتهم وكنائسهم. كما نترحّم على أرواح الشهداء الأبرياء الذين سقطوا ضحية الحرب، ونصلّي من أجل شفاء الجرحى.

إنّنا ندعو جميع الأطراف، ومعهم كلّ من لهم دورٌ من دولٍ ومنظّماتٍ، إلى تحكيم الضمير ونبذ العنف وتوحيد الرأي، لوضع خطّةٍ رشيدةٍ تجمع مكوّنات الشعب السوري على اختلاف طوائفها وقومياتها وأحزابها، حول طاولة الحوار والمصالحة، لورشة إعادة الإعمار وبلسمة القلوب.

وإذ نجدّد محبّتنا الأبوية وتضامننا ومشاركتنا الصلاة من أجل أبنائنا وبناتنا في أبرشياتنا السريانية الأربع في سوريا، في دمشق وحمص وحلب والجزيرة، إكليروساً ومؤمنين، نشجّعهم مؤكّدين لهم أنّ فجر القيامة لا بدّ وأن يبزغ، فيضيء درب بلادهم الحبيبة بضياء السلام والأمان.

أمّا العراق الغالي، هذا البلد الذي طالت معاناته وآلام مواطنيه، فإنّنا نتوجّه إلى جميع مكوّناته في هذا الزمن المقدّس، وقبل أسابيع من الإنتخابات النيابية فيه، متمنّين أن تحصل في جوٍّ هادئٍ وديمقراطي حضاري يثبّت أسس الدولة، ويؤمّن التمثيل الصحيح لكلّ مكوّنات الشعب العراقي. كما نحثّ جميع أبنائه لتوحيد جهودهم في سبيل زرع بذور السلام الدائم فيه. فمتى خَلُصَت النيّات، وقُطِعَت الطريق على أهل الفتن وزارعي الشقاق والدمار والموت، يستعيد العراقيون ثقتهم بذاتهم وبوطنهم، ويتعاونون مع المخلصين من المسؤولين عن الحياة العامّة، في خدمة شعبهم ونهضة بلدهم، لما فيه خيرهم المشترك، ومستقبل أجيالهم الطالعة.

ونتوجّه بشكلٍ خاص إلى أبنائنا وبناتنا في أبرشياتنا ورعايانا السريانية في بغداد والموصل وسهل نينوى وإقليم كردستان والبصرة، إكليروساً ومؤمنين، معربين لهم عن عمق محبّتنا وصلاتنا كي تزول المحنة عن بلادهم، فيشرق فيها نور القيامة الذي طال انتظاره.

ونتقدّم بالتهنئة الأبوية من أبنائنا وبناتنا في الأراضي المقدّسة، سائلين الله أن يقوّيهم في الثبات، متجذّرين في تلك الأرض حيث انتصر ربنا يسوع على الموت وأتمّ سرّ تدبيره الإلهي من أجل خلاصنا. ونحن نستعدّ معهم لاستقبال قداسة البابا فرنسيس في أواخر شهر أيّار القادم إن شاء الله، سائلينه تعالى أن تكون زيارة الحجّ هذه سبب بركةٍ وخيرٍ وسلامٍ على الديار المقدّسة والشرق بأسره.

كما نهنّئ أبناءنا وبناتنا في الأردن، داعين لهم بالنجاح والتوفيق في أعمالهم، لما فيه خيرهم وسعادتهم.

ونعايد أعزّاءنا في النيابة البطريركية في تركيا، ونتمنّى لهم الإزدهار وفيض النِّعَم وأسعد الأيّام.

ونهنّئ أبناء كنيستنا في مصر، التي نصلّي أن تعيد الإنتخابات الرئاسية القادمة الأمان والسلام لهذه البلاد الحبيبة ولفئات مواطنيها، مهما اختلفت انتماءاتهم وتوجّهاتهم.

ولا ننسى أبناءنا وبناتنا في كنائسنا وأبرشياتنا وإرسالياتنا في بلاد الإنتشار، في أوروبا وأميركا وأستراليا، فنتوجّه إليهم بالمحبّة الأبوية والتهاني القلبية، وهم في ازديادٍ عددي مطّرد نتيجة الأوضاع الأليمة في الشرق. ونشدّد عليهم أن يتمسّكوا بإيمانهم وتراثهم الكنسي الأصيل ولغتهم السريانية المقدّسة. فعليهم تقع مسؤولية تاريخية في تنشئة أولادهم على مبادئ الإيمان والعادات والتقاليد العريقة، التي ترعرعوا في كنفها في بلاد نشأتهم الأصلية المشرقية، غير مهملين المحبّة والإخلاص للبلاد التي فتحت لهم ذراعيها واستقبلَتْهم بعد أن قست عليهم ظروف الحياة. ونحن نؤكّد لهم سعينا الحثيث واهتمامنا البالغ لتأمين الرعاية الروحية الضرورية اللازمة لهم، بالتعاون مع إخوتنا المطارنة وأبنائنا الكهنة الذين يخدمونهم.

ولا يفوتنا أن نتوجّه إلى الذين أرغمَتْهم الأوضاع المؤلمة في سوريا والعراق على النزوح والهجرة، تحت كلّ سماء، مؤكّدين لهم محبّتنا ودعمنا المطلق لبذل كلّ جهدٍ ممكنٍ في سبيل مساعدتهم ومؤازرتهم. ونحثّهم على ضرورة التمسّك بإيمانهم وانتمائهم الكنسي، مهما اشتدّت المعاناة، طالبين لهم وفور النِّعَم وراحة البال.

وفي هذا العيد المجيد، لا يسعنا إلا أن نذكر الفقراء والمعوزين والمهمَّشين والمستضعَفين، وكلّ عائلةٍ غابت عن أعضائها فرحة العيد لفقدانها أحد أفرادها، فلا تجده في حلقة العائلة أثناء بهجة الإحتفال بهذه الأيّام المباركة، سائلين لهم فيض البركات والتعزيات السماوية.

9.    أفراحٌ تعمّ الكنيسة في العالم

بعد رقاد قداسة المثلّث الرحمات أخينا البطريرك مار اغناطيوس زكّا الأوّل عيواص، الذي ودّعناه من بيروت إلى دمشق فمعرّة صيدنايا، بتأثّرٍ وحزنٍ وألمٍ، لكن برجاءٍ لا يخيب، فَرِحْنا مع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة بانتخاب خلفٍ له هو قداسة أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم، وهنّأناه متمنّين له خدمة مثمرة لما فيه خير الكنيسة. فنحن لطالما أكّدنا مع إخوتنا رعاة الكنيسة الشقيقة أنّنا "كنيسةٌ واحدةٌ وشعبٌ واحدٌ، بأصولٍ واحدةٍ وجذورٍ واحدةٍ، لنا إيمانٌ واحدٌ، وتجمعنا اللغة السريانية المقدّسة والتراث الأنطاكي العريق".

ونفرح مع الكنيسة الجامعة بإعلان قداسة البابوين يوحنّا الثالث والعشرين ويوحنّا بولس الثاني، في احتفالٍ كنسي مهيب سيتمّ بإذنه تعالى يوم الأحد الجديد وعيد الرحمة الإلهية في السابع والعشرين من شهر نيسان الجاري في حاضرة الفاتيكان. فنشارك قداسة البابا فرنسيس وآباء الكنيسة حول العالم هذه المناسبة المباركة، طالبين بركة وشفاعة هذين القدّيسين الجديدين لبلادنا والعالم.

كما نفرح أيضاً مع كنيستنا السريانية في أوروبا بتقديس وتدشين أوّل كنيسة سريانية في هولندا، في احتفالٍ تاريخي سنقيمه إن شاء الله مع جميع أحبار كنيستنا يوم الأحد الواقع في الرابع من شهر أيّار القادم. وإنّنا فيما نهنّئ كاهنَي كنيستنا في هولندا وأبناءنا هناك على همّتهم الشمّاء وإنجازهم الرائد هذا، نتمنّى أن يكون ذلك حافزاً لإرسالياتنا السريانية في البلدان الأوروبية الأخرى، فتحذو حذوهم لنثبّت رسالة كنيستنا في تلك البلاد. 

ولا يفوتنا أن نشجّع أبناء كنيستنا وبناتها في بلاد الشرق وعالم الإنتشار، إكليروساً وعلمانيين، ونوجّههم كي يصلّوا إلى الله أن يؤهّلنا لنكمل دعوى تطويب المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي، مطران جزيرة إبن عمر في تركيا، الذي قدّم حياته على مذبح الشهادة دفاعاً عن الإيمان في خضمّ الحرب العالمية الأولى عام 1915. ويغمرنا الرجاء بالوصول إلى إعلان تطويبه في الذكرى المئوية لاستشهاده في العام القادم 2015.

10.خاتمة: حضور المسيح دائم ومدعاة للسلام

إنّ بهجة عيدنا، أيّها الأحبّاء، هي دائماً في متناول أيدينا، ولن يطال الإخفاق مَن أراد أن يُشارك فيها. فالكلمة الذي صار لنا كلّ شيء، هو قريبٌ منّا، ربّنا يسوع المسيح الذي وعدنا بإقامته الدائمة فينا، وحضوره معنا حسبما نادى قائلاً: "هاءنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم" (مت 28: 20).

بهذه الروح نتوجّه إليكم بالتهنئة الأبوية القلبية بعيد قيامة ربّنا يسوع المسيح، راجين منه، وهو ملك السلام، أن ينشر أمنه وسلامه في العالم بأسره، وبخاصة في بلادنا المشرقية المعذّبة.

ومع قداسة البابا فرنسيس، نؤكّد ما قاله في رسالته الأولى لمناسبة يوم السلام العالمي لهذا العام 2014: "إنّ الأخوّة هي الأساس والطريق إلى السلام... وحدها المحبّة تسمح باكتشاف الأخوّة ومودّتها واختبارها وإعلانها والشهادة لها".  

وخير ما ننهي به تأمّلٌ من رتبة السلام في يوم عيد القيامة بحسب طقسنا السرياني الأنطاكي:

«ܫܰܝܢܳܟ ܡܳܪܰܢ ܘܰܫܠܳܡܳܟ ܘܗܰܝܡܳܢܽܘܬܳܟ܆ ܗܰܒ ܠܳܗ̇ ܠܥܺܕܬܳܟ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ ܐܺܝܡܳܡܳܐ ܘܠܺܠܝܳܐ. ܘܒܰܛܶܠ ܡܶܢܳܗ̇ ܣܶܕ̈ܩܶܐ ܘܚܶܪ̈ܝܳܢܶܐ܆ ܘܰܐܥܒܰܪ ܡܶܢܳܗ̇ ܡܰܚܘ̈ܳܬܳܐ ܕܪܽܘܓܙܳܐ. ܘܢܶܬܶܠ ܫܠܳܡܳܐ ܠܰܚܕܳܕ̈ܶܐ ܒܠܶܒܳܐ ܕܰܟ̣ܝܳܐ܆ ܘܚܽܘܒܳܟ ܢܶܗܘܶܐ ܒܰܝܢܳܬܰܢ ܦܳܪܽܘܩܶܗ ܕܥܳܠܡܳܐ. ܗܰܠܶܠܽܘܝܰܗ ܘܗܰܠܶܠܽܘܝܰܗ» (من كتاب ܡܥܰܕܥܕܳܢܳܐ المعذعذان، وهو كتاب الصلوات والرتب الإحتفالية، رتبة السلام في عيد القيامة، صفحة 124).

وترجمته: "هب يا ربّنا كنيستك المقدّسة أمنك وسلامك والإيمان بك نهاراً وليلاً. وانزع منها الشقاقات والخصومات، وأبعد عنها ضربات الغضب. فنعطي بعضنا السلام بقلبٍ نقي، وتملك محبّتك بيننا يا مخلّص العالم، هللويا وهللويا".

 

نختم بمنحكم بركتنا الرسولية عربون محبّتنا الأبوية، ولتشملكم جميعاً نعمة وبركة الثالوث الأقدس: الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد، آمين. وكلّ عام وأنتم بألف خير.

 

ܩܳܡ ܡܳܪܰܢ ܡܶܢ ܩܰܒܪܳܐ... ܫܰܪܺܝܪܳܐܺܝܬ ܩܳܡ

المسيح قام من القبر... حقّاً قام

صدر عن كرسينا البطريركي في بيروت ـ لبنان

في اليوم العاشر من شهر نيسان سنة 2014

وهي السنة السادسة لبطريركيتنا

 

 

الرقم: 37/أس/2014

التاريخ: 31/3/2014

بيان إعلامي

صدر عن أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان الإعلامي التالي:

 

 

البطريرك يونان يهنّئ بطريرك السريان الأرثوذكس الجديد اغناطيوس أفرام الثاني كريم

 

فور إعلان انتخاب المجمع الأنطاكي السرياني الأرثوذكسي المقدّس لنيافة الحبر الجليل مار كيرلّس أفرام كريم مطران أبرشية شرقي الولايات المتّحدة الأميركية بطريركاً جديداً لأنطاكية وسائر المشرق ورئيساً أعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، ظهر يوم الإثنين 31 آذار 2014، حضر مهنّئاً إلى المقرّ البطريركي في دير مار يعقوب البرادعي ـ بكفيا ـ لبنان، صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلّي الطوبى، على رأس وفد كنسي ضم مطارنة وكهنة وشمامسة.

وأكّد البطريركان على أنّ الكنيستين السريانيتين الكاثوليكية والأرثوذكسية هما كنيسة واحدة وشعب واحد بجذور وأصول واحدة وأيمان واحد، مجدّدين الرغبة المشتركة بالعمل معاً قلباً واحداً ويداً واحدةً من أجل تقوية أواصر الوحدة والشهادة المشتركة في هذه الأيّام الصعبة وفي هذه الظروف العصيبة التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط، وبخاصّةً لبنان وسوريا والعراق".

أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

 

الرقم: 65/2014

التاريخ: 22/3/2014

 

نيافة أخينا الحبر الجليل مار ثاوفيلوس جورج صليبا الجزيل الإحترام

مطران جبل لبنان وأمين عام المجمع المقدّس للكنيسة الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية الشقيقة

وجميع إخوتنا المطارنة الأحبار الأجلاء أعضاء المجمع المقدّس الجزيلي الإحترام

 

بعد المعانقة الأخوية وإهدائكم المحبّة والسلام بالرب يسوع فادينا ومخلّصنا نقول:

          تلقّينا النبأ المفجع بانتقال قداسة المثلّث الرحمات مار اغناطيوس زكّا الأوّل عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، ملبّياً نداء الرب مخلّصه إلى فرح ملكوته الأبدي، مردّداً مع رسول الأمم: "جاهدتُ الجهاد الحسن، أكملتُ السعي، حافظتُ على الإيمان، وقد أُعدّ لي إكليل البرّ الذي يجزيني به الرب الديّان العادل في ذلك اليوم، لا وحدي، بل جميع الذين اشتاقوا ظهوره" (2 تيم 4: 7 و8).

أجل، رقد هذا الرجل العظيم ورحل عن عالمنا الفاني، مخلّفاً إرثاً ثميناً خطّه بأحرفٍ من نور، تسطع في حنايا تاريخ كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية العريقة في المجد.

كان قداسته رجل المسكونيات بامتياز، فأقام العلاقات الأخوية وعقد الإتفاقات الراعوية مع رؤساء الكنائس، ونذكر باعتزاز العلاقة التي تربط قداسته بكنيستنا السريانية الكاثوليكية. فكان مقداماً في هذا المضمار، ويعود له الفضل في تقوية أواصر الأخوّة والمحبّة والتعاون بين كنيستينا الشقيقتين، وكم كان يتمنّى أن تصل الكنيستان يوماً إلى الوحدة المنظورة بينهما. وهذا ما نصلّي ونعمل من أجله، راجين أن نبلغ بنعمته تعالى هذه الوحدة المنظورة بين الكنيستين السريانيتين الشقيقتين. وقد التقينا بقداسته آخر مرّة في دير مار يعقوب البرادعي في العطشانة ـ بكفيا ـ جبل لبنان، في الثاني من شهر كانون الثاني المنصرم، حيث لمسنا في قداسته ما عهدناه من محبّةٍ وأخوّةٍ وتقدير، إذ جدّد أمامنا التأكيد على مشاعر المحبّة والرغبة في الوحدة، فقال ما حرفيته: "نحن كنيسةٌ واحدةٌ ولسنا كنيستين، نشترك بأصولٍ واحدةٍ وجذورٍ واحدةٍ، ونمارس طقوساً كنسيةً واحدةً، بل نؤمن إيماناً واحداً". وقد عقدنا العزم على اللقاء مجدّداً في كرسينا البطريركي في بيروت، إلا أنّ رقاد قداسته حال دون ذلك.

أحبّ شرقنا الغالي، فعمل بكلّ ما أوتي من جهدٍ وقوّةٍ على توطيد دعائم المواطنة الأصيلة الحقّة، وحثّ أبناء كنيسته في بلاد الشرق على الإخلاص للوطن، وعلى التشبّث بأرضهم وبلاد نشأتهم والذود عنها، وعدم هجرتها. كما لم يهمل أبناء الكنيسة الذين قست عليهم الظروف، فاضطرّوا إلى مغادرة الوطن إلى بلاد الله الواسعة، مشجّعاً إيّاهم على الإخلاص لأوطانهم الجديدة، مع الإرتباط الدائم بكنيستهم في بلاد نشأتهم في الشرق، وقد زارهم مراراً متفقّداً شؤونهم، وعيّن لهم الرعاة لتأمين خدمتهم الروحية.

عرفنا قداسته رائداً في ترسيخ دعائم العيش المشترك، ولطالما كان ينادي بالمحبّة والإلفة والتسامح بين جميع المواطنين لأيّ دينٍ انتموا، لإيمانه بحرّية الإنسان في التعبير وممارسة الشعائر الدينية، كتطبيقٍ حتمي لحقوق الإنسان في عيشٍ حرٍّ كريم.

خلال سني بطريركيته الأربع والثلاثين، بعث النهضة في الكنيسة السريانية، فاهتمّ ببناء البشر والحجر على السواء. اعتنى بالشبّان والشابّات، فأسّس مراكز التربية الدينية وأقام الدورات اللاهوتية، ما دفع بكثيرين منهم إلى الإنتماء إلى الحياة الإكليريكية. فازداد عدد الرهبان بشكلٍ مطّرد، وأنشأ قداسته رهبنة مار يعقوب البرادعي للعذارى، وأعدّ للكنيسة جيلاً من الرعاة الروحيين مزوّداً إيّاهم بالعلوم الضرورية لرعاية الكنيسة.

أمّا عمرانياً، فها نحن نعاين الصروح تعلو وتشمخ، من كنائس وأديرة ومؤسّسات كنسية عديدة، في مختلف البلدان التي يقطنها السريان. يأتي في مقدّمتها الصرح الكبير الذي ابتناه قداسته في معرّة صيدنايا ـ ريف دمشق، باسم قدّيس السريان العظيم، مار أفرام ملفان الكنيسة الجامعة.

امتلك قداسته من الفصاحة والبلاغة ما جعله من أمراء الكلام، وترك مجموعةً ضخمةً من المؤلّفات تضمّ عصارة فكره وقلمه من مواعظ ومحاضراتٍ وسواها في مواضيع ومناسباتٍ شتّى.

أحبّ الكنيسة السريانية الملنكارية في الهند، وزارها مرّاتٍ عديدةً مبدياً إعجابه بإيمان أبنائها وتعلّقهم بكنيسة أنطاكية.

ولا ننسى ما عُرف عن قداسته من روحٍ أبويةٍ عطوفةٍ على الغريب والقريب، ومبادرته إلى مدّ يد العون لكلّ محتاج.

خلاصة القول، إنّ الكنيسة السريانية بل العالم المسيحي خسر برحيل قداسته قامةً نادرةً، فقد كان مثالاً للإيمان بربه وقدوةً للمؤمنين بالصوم والصلاة والإلتزام الكنسي في أحلك الظروف وأقساها شدةً. وجاء انتقاله إلى السماء في وقتٍ تمر منطقة الشرق الأوسط عامةً وسوريا خاصةً بأزمنةٍ صعبة، وهو المعروف بمحبّته لوطنه وشعبه.

واليوم، نتوجّه إليكم جميعاً، أيّها الأحبار الأجلاء، وإلى آل عيواص الأكارم وأنسبائهم، وإلى أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الأنطاكية وبناتها في العالم، إكليروساً ومؤمنين، بأحرّ التعازي، بالأصالة عن نفسنا، وبالنيابة عن إخوتنا المطارنة الأحبار الأجلاء آباء المجمع الأنطاكي السرياني الكاثوليكي المقدّس، سائلين ربّنا يسوع المسيح، "القيامة والحياة"، أن يتغمّد روح قداسة أخينا المثلّث الرحمات بمراحمه الواسعة، ويهبه إكليل البرّ، ويسكب على قلوبكم جميعاً بلسم العزاء بفيض نعمه وبركاته، وينعم على كنيستكم الشقيقة براعٍ صالحٍ، فيتابع المسيرة بحسب قلب الربّ ومشيئته القدّوسة. وليكن ذكره مؤبّداً.

  اغناطيوس يوسف الثالث يونان    

 بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي

 

رسالة الصوم لعام 2014

اغناطيوس يوسف الثالث يونان

بنعمة الله

بطريرك السريان الأنطاكي

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام

وأولادنا الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الأفاضل

وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المباركَين بالرب في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار

     نهديكم البركة الرسولية والمحبّة والدعاء والسلام بالربّ، ملتمسين لكم فيض النِعَم والخيرات:

"هوذا الآن وقتٌ مقبول، هوذا الآن يوم خلاص" 2 كور 6: 8

     نتوجّه إليكم برسالتنا الأبوية هذه في مطلع زمن الصوم المقدّس لهذا العام 2014، وهو، بمعونة العناية الإلهيّة، في كلّ سنة، وقتٌ مقبولٌ وفرصةٌ سانحةٌ، لنتعمّق في معنى هويتنا المسيحية وقيمتها، كما هو فرصة لتجديد حياتنا مع الربّ بالصوم والصلاة وممارسة أعمال الرحمة.

    الصوم هو بمثابة رياضة روحية تدوم ستّة أسابيع، تنتهي برتبة الوصول إلى الميناء في أحد الشعانين. ثمّ يليها أسبوع آلام الرب يسوع وصلبه لفدائنا، بحيث يتواصل واجب الصوم حتى ليل القيامة. إنه مناسبة فريدة للإلتزام الروحي والتقشّفي العميق القائم على نعمة المسيح الذي يجدّد لنا الدعوة: "توبوا وآمنوا بالانجيل" (مرقس1: 15(.

    في زمن الصوم ننقطع عن الطعام واللحوم وسواها تكفيراً عن خطايانا، وتدريباً لإراداتنا، وكبحاً لأهوائنا السيّئة، إذ نسعى خلاله كي نحقّق السيطرة على الأنانية، ونتحرّر من الميول الأرضية محلّقين في أجواء الروح، بفضيلة التجرُّد والطهارة والطاعة لله.زمن الصوم هو زمن ترويض الجسد على الإكتفاء بما يحتاج إليه الإنسان لقوام حياته. وهذه خير طريقة ليتمكّن الإنسان معها من السيطرة على أهوائه، والتزام جانب الإعتدال في كلّ شيء، طعاماً كان، أو كلاماً، أو ما سوى ذلك من شؤون الحياة.

    زمن الصوم مسيرة ارتدادٍ بالروح القدس، نلاقي خلالها الله في حياتنا، إذ نلتقي معاً إخوةً وأخواتٍ بالمسيح.وكما اقتاد الروح القدّوس ربَّنا يسوع إلى البرية ليصوم أربعين يوماً ويجرَّب من إبليس، ويختم صومه بانتصاره الرائع على المجرِّب (لوقا 4: 1ـ2)، هكذا يقود الروحُ الكنيسةَ في الزمن، ويهدي خطانا في صحراء هذا العالم، وبخاصةٍ في زمن الصوم، لنختبر مع المسيح نقصنا وضعفنا، وحاجتنا إلى التوبة والتجدّد. الروح يقرّبنا من الله، الذي يخلّص نفوسنا: "أقودها إلى البرية وأخاطب قلبها" (كلام النبي هوشع عن قرب الله من    شعبه 2: 16).

    وفي تأمّلات آبائنا السريان ضمن صلوات الصوم في كتاب الفنقيثܦܶܢܩܺܝܬܳܐ، وهو كتاب صلوات الآحاد والأصوام والأعياد، تأمّلٌ يتغنّى بالصوم، داعياً لاقتنائه زوّادةً تقود المؤمن إلى الملكوت

    "ܗܳܐ ܡܰܛܺܝ ܠܶܗ ܨܰܘܡܳܐ ܡܟܰܠܶܠ ܠܰܐܬܠܺܝ̈ܛܶܐ. ܛܰܝܶܒܘ ܠܶܗ ܪ̈ܽܘܡܝܳܢܰܝܟܽܘܢ، ܛܰܒܥ̈ܶܐ ܛܳܒ̈ܶܐ ܘܫܰܦܺܝܪ̈ܶܐ. ܕܡܰܩܢܶܐ ܠـܟܽܘܢ ܙܰܝܢܳܐ ܟܰܣܝܳܐ، ܕܒܶܗ ܬܶܬܟܰܬܫܽܘܢ ܥܰܡ ܒܺܝܫܳܐ. ܦܽܘܩܘ ܠܽܐܘܪܥܶܗ ܟܰܕ ܚܳܕܶܝܬܽܘܢ،ܘܩܰܒܠܽܘܗ̱ܝ ܒܝܰܕ ܕܽܘܒܳܪ̈ܰܝܟܽܘܢ. ܕܡܰܩܢܶܐ ܠـܟܽܘܢ ܓܶܦ̈ܶܐ ܕܪܽܘܚܳܐ، ܕܰܒܗܽܘܢ ܬܶܣܩܽܘܢ ܠܰܡܪ̈ܰܘܡܶܐ".

    وترجمته: "ها قد أقبل الصوم الذي يكلّل الأبطال. أعدّوا له هداياكم، أي أعمالكم الصالحة. فهو يُكسبُكم سلاحاً خفياً، به تحاربون الشيطان. إخرجوا للقاء الصوم بفرح، واستقبلوه بالسيرة الحسنة، فهو يمنحكم أجنحةً روحيةً، ترفعكم إلى الأعالي"(من صلاة مساء الأحد الأوّل من زمن الصوم وهو تذكار تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل، صفحة 14).

    الصوم عودةٌ إلى الله بسماع كلامه والتوبة إليه، والتوبة كلمة سريانية ܬܝܳܒܽܘܬܳܐ، أي الرجوع. نرجع إلى الله بسماع كلامه من أجل تسليط أنواره على حياتنا، فنكتشف ما شابها من نقائص، ومن أجل تثقيف عقولنا وضمائرنا بالمبادىء التي تنير سبيلنا ومسلكنا. إنّه زمن التوبة والإعتراف بخطايانا، لتتمّ مصالحتنا البنوية مع الآب السماوي. عندئذٍ نعيش فرحين فصح الرب، بالعبور إلى حياةٍ جديدةٍ أنعمت بها علينا قيامة المخلّص

    في مَثَلِ الإبن الشاطر، "رجع الإبن إلى نفسه"، بهذا "الرجوع" في الفكر والإصغاء إلى صوت الضمير،   " تذكّر" حالته الأولى السعيدة عند أبيه، "كم أجيرٍ في بيت أبي يفضل الخبز عنه، وأنا هنا أهلك لجوعي" (لوقا 15: 17).الرجوع إلى النفس هو طريق التوبة، إنه رجوعٌ إلى الضمير الذي هو حضورٌ إلهيٌّ في الذات البشرية، تنيره الوصايا الإنجيلية، وتصقله الشريعة الوضعية.

    "أقوم وأمضي إلى أبي" (لوقا 15: 18)، فلأنّ الرجوع إلى الضمير اقترابٌ من قداسة الله، يكتشف الإنسان حقيقته الداخلية الخاصة التي شوّهَتْها الخطيئة، فيقصد التحرّر."فنهض ومضى إلى أبيه" (لوقا 15: 20)، التذكُّر ينتهي بالرجوع إلى البيت الإلهي، إلى شركة الحياة مع الله الذي يعيد إلينا البنوّة المفقودة.

    يتلازم الصوم مع الصلاة، فهي وحدها تقوّينا لنغلب تجربة اليأس ونقوى على مرارة الفشل أمام المصاعب والمحن والأوجاع، والشعور بالفراغ الروحي الذي نظنّه ناتجاً عن "صمت" الله في حياة البشر. فيسوع، وقد اقتربت ساعة آلامه، ركع وصلّى. لا أحد يستطيع أن يتحمّل ألمه من دون تعزية الله وعضده، ولأنّ المسيح بآلامه تضامن مع كلّ إنسان، فقد أعطى لآلام البشر قيمةً خلاصيةً، وجعلها تواصلاً لآلام الفداء. وهو، بقوّة قيامته، يقطع معنا الطريق في ظلمة الليل الموحشة، ويشدّدنا ويعزّينا.

    إنّ الصوم يدعونا إلى ممارسة الصدقة، لننمو في المحبّة، وللتعرّف إلى يسوع ذاته في الفقراء. بالصدقة نقدّم شيئاً مادّياً، كعلامةٍ لعطاءٍ أكبر بإمكاننا أن نقدمّه للآخرين، وهو إعلان المسيح والشهادة له. باسمه تكمن الحياة الحق. فالصدقة هي مجمل أعمال الرحمة التي تحييها المحبّة، نساعد بها إخوتنا وأخواتنا، سواء في حاجاتهم الجسدية بإطعام الجائع، وإيواء الشريد والغريب، وكساء العريان، وزيارة المريض والسجين، أم في حاجاتهم الروحية، بالتعليم والتربية والتعزية والمشورة والتشجيع.

    في الرسالة بمناسبة زمن الصوم لهذا العام 2014، يدعونا قداسة البابا فرنسيس إلى ممارسة الصدقة وأعمال الرحمة والخير: "نحن المسيحيّين مدعوون، أسوةً بمعلّمنا، للنظر إلى معاناة إخوتنا في الإنسانية، والإحساس بهذه المعاناة، والعمل على التخفيف من ثقلها فعلياً... وزمن الصوم هو زمن التجرّد، لكي نساعد الآخرين، ونغنيهم بفقرنا... ولن يكون التجرّد صادقاً إن خلا من بُعْدِ التوبة. أرتابُ في الصدقة، التي لا تكلّف صاحبها، ولا تسبّب له بعض الألم".

    ولعلّنا نجد في كلام القدّيس أفرام السرياني، ملفان الكنيسة الجامعة، تحديد مفهوم الصوم وماهيّته، بقوله:

    "ܨܽܘܡ ܨܰܘܡܳܐ ܕܰܐܪܒܥܺܝܢ ܝܰܘܡܺܝ̈ܢ،ܘܗܰܒ ܠܰܚܡܳܟ ܠܰܐܝܢܳܐ ܕܟܰܦܺܝܢ. ܘܨܰܠܳܐ ܒܝܰܘܡܳܐ ܫܒܰܥ ܙܰܒܢܺܝ̈ܢ،ܐܰܝܟ ܕܺܝܠܶܦܬ ܡܶܢ ܒܰܪ ܐܺܝܫܰܝ".وترجمته: "صُمِ الصوم الأربعيني وأعطِ خبزكَ للجائع. وصلِّ سبع مرّاتٍ في اليوم، كما تعلّمْتَ من ابن يسّى (داود)".

     أيها الأحبّاء،

     في هذه الأيّام المباركة، ونحن نستقبل زمن الصوم، لا يسعُنا إلاّ أن نسأل ربّنا يسوع المسيح، ملك السلام، كي يبسط أمنه وسلامه في العالم، وبخاصّةٍ في بلادنا المشرقية.

    نصلّي من أجل سوريا التي تتقاذفها أمواج العنف والبغضاء بعبثية مخيفة، وتنزف دماً ودماراً وخراباً،

    نصلّي من أجل العراق الذي طالت معاناته وازدادت آلامه،

    نصلّي من أجل لبنان المهدَّد بالعنف الطائفي البغيض والتشنّجات ومخاطر البطالة والهجرة،

    نصلّي من أجل السلام المبني على الحق والعدل في الأراضي المقدّسة، وفي مصر،

    ونصلّي من أجل الأردن، وتركيا، وسائر بلاد الشرق،

    كما ندعو لكنيستنا في عالم الإنتشار أن تبقى راسخةً في الإيمان، شاعرةً بآلام الكنيسة الأمّ وأولادها، ومدركةً الأخطار التي تهدّد وجودها.

    ونصلّي لترفرف في العالم برمّته رايات المحبّة والسلام والأمان والإستقرار.

             ليكن هذا الزمن زمناً يحثُّنا على بذل جهدٍ شخصي وجماعي لاتّباع المسيح، فنكون شهوداً لمحبّته!

    أيّها الرب يسوع، على مثالك ندخل الصوم المقدّس، راجين أن يكون، بكلمتك ونعمتك، زمن استنارةٍ وتوبة، زمن تغييرٍ وتجدُّد. "فهوذا الآن وقتٌ مقبول، هوذا الآن يوم خلاص"(2 كور 6: 8).

    لتعضدنا العذراء مريم، أمُّ الله وأمَتُه الأمينة، في مسيرتنا لبلوغ الإحتفال بعيد قيامة الربّ، ونحن مزوَّدون بالصلاة، والصوم، وممارسة الصدقة وأعمال الرحمة، وقد تجدَّدْنا كلّ التجدُّد بالروح.

     وإنّنا، فيما نصوغ هذه الأماني، نمنحكم جميعاً بركتنا الرسولية عربون محبّتنا الأبوية، سائلين الله أن يتقبّل صومكم وصلاتكم وصدقتكم، والنعمة معكم.

     صدر عن كرسينا البطريركي في بيروت ـ لبنان

    في اليوم الأوّل من شهر آذار من عام 2014

    وهي السنة السادسة لبطريركيتنا

 

 

 

الرقم: 3/أس/2014

التاريخ: 14/1/2014

بيان إعلامي

 

صدر عن أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان الإعلامي التالي:

 

 

المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى زائراً رسولياً على السريان الكاثوليك في أوروبا الغربية

 

أعلن راديو الفاتيكان ظهر يوم الاثنين 13 كانون الثاني 2014، أنّه تطبيقاً لقوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية، سمّى قداسةُ البابا فرنسيس سيادةَ المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي، ورئيس أساقفة الموصل وتوابعها سابقاً، زائراً رسولياً على السريان الكاثوليك في أوروبا الغربية.

    ألف مبروك لسيادة المطران جرجس القس موسى هذه المهمّة الرسولية الجديدة. وفيما يلي نبذة على حياة سيادته: 

المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى

المعاون البطريركي للسريان الكاثوليك

رئيس أساقفة الموصل سابقاً

الزائر الرسولي على السريان الكاثوليك في أوروبا الغربية

وُلد في 25 تشرين الأوّل 1938

إكليريكية مار يوحنّا للآباء الدومينيكان في الموصل  1951ـ1962

رًسم كاهناً في 10 حزيران 1962

رئيس أساقفة الموصل في 9 كانون الأوّل 1999

معاون بطريركي للسريان الكاثوليك في 26 حزيران 2010

أحد مؤسّسي الجماعة الكهنوتية "كهنة يسوع الملك" في 18 أيلول 1962

أحد مؤسّسي المجلّة العراقية "الفكر المسيحي"، ورئيس التحرير فيها، ميلاد 1964

أحد مؤسّسي كاريتاس العراق، فرع نينوى 1991

سهرات إنجيلية لدى العائلات في لبنان والموصل وقره قوش وسنجار وملبورن

أستاذ في إكليريكية مار يوحنّا في الموصل ـ العراق، وإكليريكية سيّدة النجاة للسريان الكاثوليك ـ الشرفة ـ لبنان، وكلية بابل في بغداد وعنكاوا.

عمل كلّ حياته تقريباً مع حركات الشبيبة في العراق: الليجيو ماريه، جيك، أندية الشبيبة، جي أم جي

قاضٍ في المحكمة الكنسية للطوائف الكاثوليكية في الموصل

منسّق اللجنة المسكونية لاحتفالات يوبيل سنة 2000

اختُطف من قبل مجموعة مسلّحة في 17/1/2005، وحُرِّر في اليوم التالي.

أمين سرّ السينودس السرياني العام، والسينودس الدائم، وسينودس انتخاب البطريرك الذي عُقد في روما سنة 2009

عضو في منظّمة "برو أورينتي" ممثّلاً الكنيسة السريانية الكاثوليكية

عضو في لجنة الحوار اللاهوتي الرسمي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية ممثّلاً الكنيسة السريانية الكاثوليكية

شارك في مؤتمرات دولية في العراق، لبنان، مصر، الأردن، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، كندا، الفيلبين، تايلاند، أستراليا، أندونيسيا، النمسا، ليشتنشتاين

يتقن اللغات: السريانية، العربية، الفرنسية، والإنكليزية

مؤلّف ومترجم لكتب عدّة، أحدثها بالفرنسية بعنوان "Jusqu’au bout"، الحائز على الجائزة الأولى لمنظّمة "عمل المشرق" لعام 2012، وقد أصدر المؤلِّف ترجمته إلى العربية في أواخر عام 2013 بعنوان "حتى النهاية"

 

 

 

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلي الطوبى ينعم على الأب عماد اقليميس النائب البطريركي على البصرة والخليج بالخوراسقفية ولبس الصليب والخاتم 

+ ولد الأب عماد اقليميس في 20/9/1966 في بلدته بغديدا( قره قوش)،نينوى.

 + دخل الى المعهد الكهنوتي في بغداد /الدورة ، حي الميكانيك عام .1986

 +نال الرسامة الكهنوتية على يد مثلث الرحمات المطران عمانوئيل بني في 2/تموز/1992 .

 + خدم خدمة العلم بعد الرسامة الكهنوتية ولمدة سنة ونصف.

 + خدم في كنيسة الطاهرة في قره قوش حوالي سنة.

 + خدم في كنيسة مار يوحنا في قره قوش بعد سفر راعي الكنيسة الاب يوسف عبَّا ( المطران مار افرام يوسف عبا حالياً) الى امريكا. ولمدة سنتين .

 + بتاريخ 18/12/1996 انتمى وابرز الوعد، مع إخوته الكهنة في جمعية كهنة يسوع الملك.

 +خدم في كنيسة العائلة المقدسة للسريان الكاثوليك في كركوك بعد مرض الاب سطيفان سطيفان زكريا رحمه الله اعتبارا من 1/7/1998 ولغاية 1/5/2013 .

 + عينه غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان كنائب  بطريركي على البصرة والخليج والعربي، وعينه في كنيسة العائلة المقدسة بدلا من الأب سولاقا كرومي الذي أحيل إلى التقاعد لأسباب مرضية.

 + رقاه غبطة البطريرك إلى درجة الخور أسقفية، مع إنعام حمل الصليب المقدس والخاتم، في 30_12_2013.

الرقم: 84/أس/2013

التاريخ: 19/12/2013

بيان إعلامي

     أصدرت أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان الإعلامي التالي حول الرسالة التي وجّهها صاحب الغبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بمناسبة عيد الميلاد المجيد 2013:

البطريرك يونان يوجّه رسالة عيد الميلاد 2013

     جدّد البطريرك يونان في رسالة الميلاد دعوةَ الكنيسة إلى إحلال السلام والأمان على أساس الحرّية والعدالة وكرامة الإنسان، دون تأييدٍ لنظامٍ أو حزبِ. ودعا لأن يكون لبنان المثال في المحيط المشرقي في تحقيق العيش الواحد بين مواطنيه، والأمانة للحرّيات الدينية والمدنية، كما لمبادئ الديمقراطية الحقّة التي يطمئنّ لها جميع المواطنين، أكثريةً كانوا أم أقلّيات.

    وذكّر بأنّ المسيحيين مكوِّنٌ أصيلٌ ومؤسِّسٌ في سوريا، ودعا جميع الأطراف المتنازعة ومعهم كلّ من لهم دورٌ من دولٍ ومنظّماتٍ، إلى تحكيم الضمير ونبذ العنف، وتوحيد الرأي، لوضع خطّةٍ رشيدةٍ تجمع مكوّنات الشعب السوري على اختلاف طوائفها وقومياتها وأحزابها، حول طاولة الحوار والمصالحة، لورشة إعادة الإعمار.

    أشار البطريرك يونان في رسالته الميلادية إلى "الأوضاع غير المستقرّة التي يسودها الخوف على المصير في العديد من دول المشرق التي تئنّ تحت وطأة الصراعات والنزاعات، بل الحروب الأهلية المروّعة". وجدّد تأكيده على "دعوة الكنيسة إلى إحلال السلام والأمان على أساس الحرّية والعدالة وكرامة الإنسان، دون تأييدٍ لنظامٍ أو حزبٍِ سياسي"، مؤكّداً أنّ "الديمقراطية  كما نعرفها ونعيشها تأبى إقصاء جهةٍ ما مهما كان عدد أفرادها قليلاً، وتعلّم احترام الغير وإن اختلف في الرأي والدين أو المذهب، وتسعى إلى نشر السلام والطمأنينة والإحترام بين المواطنين".

    وتوجّه بالتحية إلى أبناء الكنيسة في سوريا، محذّراً من "تصاعد العنف بإسم الدين، الذي سبق أن حذّر منه، وهذا ما لا تقبله أيّة أعراف أو مواثيق دولية". وكرّر الدعوة إلى "جميع الأطراف المتنازعة ومعهم كلّ من لهم دورٌ من دولٍ ومنظّماتٍ، إلى تحكيم الضمير ونبذ العنف، وتوحيد الرأي، لوضع خطّةٍ رشيدةٍ تجمع مكوّنات الشعب السوري على اختلاف طوائفها وقومياتها وأحزابها، حول طاولة الحوار والمصالحة، لورشة إعادة الإعمار وبلسمة القلوب".

    وذكّر بأنّ المسيحيين "مكوِّنٌ أصيلٌ ومؤسِّسٌ في سوريا، لا بل سكّانها الأصليون"، وناشد "الضمير العالمي، ببذلالجهود الحثيثة لإطلاق سراح جميع المخطوفين، وبخاصّةٍ مطرانَي حلب  للسريان الأرثوذكس وللروم الأرثوذكس، وجميع الكهنة والراهبات والأيتام"، مستنكراً "استهداف المناطق الآمنة، سيّما المناطق المسيحية التاريخية العريقة كمعلولا وصدد وسواهما".

    وتوجّه إلى مسيحيي العراق، وحثّهم على أداء الشهادة للإنجيل بفرح، كي "تنهض أرض الرافدين بجميع مواطنيها من كبواتها، متغلّبةً على جنون العنف وعبثية الإنتقام".

    وتقدّم بالتهنئة إلى أبناء الأبرشيات السريانية في الأراضي المقدّسة، والأردن، وتركيا، ومصر، وبلاد الإنتشار في أوروبا وأميركا وأستراليا.

    وإلى لبنان "الوطن الحبيب" كما دعاه غبطة البطريرك، ذكّر غبطته بمعاناة اللبنانيين "من تشنّجٍ في العلاقات وتنافرٍ وتراشقٍ واتّهاماتٍ بسبب خلافات أهل السياسة"، ودعا "أن يكون لبنان المثال في محيطه المشرقي، في تحقيق العيش الواحد بين مواطنيه، والأمانة للحرّيات الدينية والمدنية، كما لمبادئ الديمقراطية الحقّة التي يطمئنّ لها جميع المواطنين، أكثريةً كانوا أم أقلّيات".

    ودعا جميع المسؤولين "أن يقدّروا الأمانة التي أولاهم إيّاها الشعب، فيلجأوا إلى انتهاج الحوار والتفاهم على أساس الإحترام والثقة المتبادَلين، نابذين لغة التعصُّب والتخوين والإستئثار، ومتحرّرين من الإنتماءات للقوى الإقليمية. نحثّهم على الشراكة في اتّخاذ القرارات وفي تنفيذها، وأن يعطوا الأولوية لخير الوطن والمواطنين، تضامناً مع الضعفاء والمهمَّشين وذوي الدخل المحدود، وما أكثرهم في أيّامنا هذه. كما نحثّهم على تشكيل حكومةٍ جديدةٍ تكون على قدر طموح اللبنانيين وتطلّعاتهم، وتحظى بتمثيلهم، على أمل وضع قانونٍ عصري حديثٍ للإنتخابات النيابية، يعطي كلّ ذي حقٍّ حقّه".

    وفي كلمته الروحية التي جاءت بعنوان "رأينا نجمه في المشرق، فأتينا لنسجد له"، تناول غبطته المعاني السامية لعيد ميلاد الرب يسوع المسيح بالجسد "كمنبع الخلاص والرجاء والنور والسلام للبشرية بأسرها"، داعياً المؤمنين "إلى اتّباع النجم الذي يهدينا إلى يسوع الذي هو نور الميلاد وفرحه".

    وختم غبطته بتهنئة الأساقفة والكهنة والإكليروس والمؤمنين، متمنّياً لهم ميلاداً مجيداً وعاماً جديداً ملؤه الخير والبركة والفرح والسعادة

رسالة عيد الميلاد المجيد لغبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان

وجّه غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلّي الطوبى، رسالة عيد الميلاد المجيد لهذا العام 2013.

ܐܓܪܬܐ ܕܥܐܕܐ ܕܡܘܠܕܐ

ܫܢܬ ܒ̱ܝܓ

رسالة عيد الميلاد المجيد

عام 2013

ܒܫܡ ܐܝܬܝܐ ܡܬܘܡܝܐ ܐܠܨܝ ܐܝܬܘܬܐ ܐܚܝܕ ܟܠ

ܐܝܓܢܐܛܝܘܣ ܝܘܣܦ ܬܠܝܬܝܐ ܕܒܝܬ ܝܘܢܐܢ

ܕܒܪ̈ܚܡܘܗܝ ܕܐܠܗܐ

ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܟܘܪܣܝܐ ܫܠܝܚܝܐ ܕܐܢܛܝܘܟܝܐ ܕܣܘܪ̈ܝܝܐ

باسم الأزلي السرمدي الواجب الوجود الضابط الكل

اغناطيوس يوسف الثالث يونان

بمراحم الله

بطريرك الكرسي الرسولي الأنطاكي للسريان

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام

وأولادنا الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الأفاضل

وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المبارَكين بالرب

نهديكم البركة الرسولية والنعمة والمحبّة والسلام بمخلّصنا يسوع المسيح:

 

"رأينا نجمه في المشرق، فأتينا لنسجد له" (مت 2: 2)

 1. مقدّمة: الميلاد مبعث الخلاص والرجاء

    ميلاد المسيح، ابن الله، هو الحدث الأعظم ولأبهج في تاريخ البشر وتاريخ الخلاص. بفعل محبّةٍ لا يوصَف، ينحني الله على إنسانيتنا، فيصير "كلمته" الأزلي بشراً ويسكن بيننا ليرفعنا إليه. بالميلاد أشرق النور على البشرية فنالت الخلاص، وصدح مجد الله في سماء بيتَ لحم، وترنّم الملائكة بالسلام على الأرض، واستقرّ الرجاء في القلوب. أناشيد الفرح والتهليل تردَّد صداها في أصقاع الأرض، فسمعها الرعاة البسطاء.

    "ولمّا تمّ ملء الزمن" (غلا 4: 4)، وُلد الربّ يسوع من أحشاء مريم العذراء، بمشيئة الآب وبقوّةٍ من الروح القدّوس. ابن الله يُحصى في سجلات البشر، لكي يُحصي جميع الناس المتّحدين به في سجلّ الخلاص الأبدي. يولَد في بساطة المذود وفقره، ليرسم في العالم طريق التواضع والبساطة والغنى بالله. ويزوره المجوس، علماء المشرق، الذين رأوا نجمه، فأتوا ليسجدوا له، كما يخبرنا القدّيس متّى في إنجيله: "ولما وُلِدَ يسوع في بيت لحم اليهودية في أيّام الملك هيرودس، إذا مجوسٌ من المشرق قد جاؤوا إلى أورشليم، قائلين: أين هو المولود ملك اليهود، فإنّنا رأينا نجمه في المشرق، فأتينا لنسجد له" (مت 2: 1 و2).

 

2. شمولية تجسُّد الكلمة

    لقد هيّأ الله مجيء كلمته الأزلي متجسّداً وسط شعبه بالآباء والأنبياء والناموس، بطرق متنوّعة، وإذ تحقّق هذا التجسّد، تجاهله الشعب. ولأنّ رسالة المسيح الخلاصية عامّةٌ شاملةٌ لا تنحصر بشعبٍ واحدٍ وعنصرٍ واحدٍ وجيلٍ واحدٍ، بل هي للعالم أجمع ولكلّ الأزمنة، فقد أعدّت العناية الإلهية أن يأتي المجوس من المشرق إلى فلسطين ليسألوا عن المولود الذي دُعي ملك اليهود، لأنّه ملك الملوك وربّ الأرباب.

    المجوس هم حكماءٌ وثنيّون من بلاد فارس، بحسب التقليد، وهذا الأمر يفسَّر بقول متّى "آتون من المشرق" (مت 2: 1). إنهم علماء فلك، يدرسون سير النجوم والكواكب ويراقبون حركتها، ويسجّلون ذلك بحسابٍ دقيقٍ، معتقدين أنّ للنجوم تأثيراً على حياة الكائنات. لذا يستشيرهم الملوك في الأمور المهمّة، فحازوا مناصب مرموقةً في مجتمعهم جعلتهم يبلغون مصاف الأمراء والعظماء.

    وفي القرن الثالث تبنّى أوريجانس عددَهم بثلاثة، ومثله فعل البابا القدّيس لاوون الكبير في القرن الخامس. وأُعطُوا في القرن السابع أسماءً، وفي القرن الخامس عشر ألواناً، فهم: ملكيور ولونه أبيض، وغسبار أصفر، وبلتازار أسود، كرمزٍ للبشرية جمعاء. 

    إنّ مجيء المجوس للسجود ليسوع المولود كان متوقَّعاً، فقد سبق أن تنبّأ النبي بلعام بن بعور عن الميلاد الخلاصي: "أراه وليس في الحاضر، أُبصِره وليس من قريب... يخرج كوكبٌ من يعقوب، ويقوم صولجانٌ من إسرائيل... من يعقوب يخرج سيّدٌ..." (عدد 24: 17ـ19). كما أنبأ أنّ نجماً يظهر في السماء يختلف عن سائر الكواكب، وظهوره يدلّ على ولادة ملكٍ عظيمٍ يسمو على سائر ملوك الأرض. وأوصى باتّباع هذا النجم العجيب، وتقديم الهدايا له، ذهباً ولباناً ومرّاً.

 

3. كبرياء هيرودس وفرح المجوس

    استدعى هيرودس المجوس سرّاً وأرسلهم للتحقّق من مكان وجود الطفل ـ الملك، وطلب منهم أن يعودوا إليه ليذهب هو أيضاً ويسجد له! كان يريد بحيلته أن يستعمل حكمة المجوس للوصول إلى مأربه، ألا وهو قتل المسيح المنتظَر. لذا فضّل أن يُبقي مخطّطه طيّ الكتمان، فقرّر إبادة الطفل دون إخبار أهل أورشليم الذين كانوا ينتظرون خلاص إسرائيل من أيدي المحتلّين على يد مسيحهم الآتي. خطّط هيرودس لدقائق الأمور، فأقفل باب قلبه أمام إرادة الربّ، وأعلن ضمنياً رفضه لأقوال الأنبياء، قرّر قتل المسيح المنتظَر تحت ستار العبادة له. أعلن إيمانه أمام الشعب، لكنّه في الواقع كان غير مؤمنٍ، لا بل كان يطمح لقتل المسيح وعدم السماح له بولوج عتبة تاريخ إسرائيل.

    أمّا المجوس، فبعد أن تبعوا النجم الذي أرشدهم إلى فلسطين، ثم عاد واحتجب عنهم وتركهم تائهين، ظهر من جديد أمام هؤلاء الوثنيين المفتّشين عن الحقيقة، الذين لم يخشوا الإتّجاه إلى ملكٍ جديدٍ وإلى الإله الحقيقي. لم ينغلقوا أمام قساوة قلوبهم وكبريائهم، بل كانوا باتّضاعهم يعلمون أنّهم لا يملكون الحقيقة كلّها، بل يسعون للتفتيش عنها.

    "فرحوا فرحاً عظيماً جداً" (مت 2: 10) عندما أبصروا النجم، بعكس هيرودس وسكّان أورشليم الذين اضطربوا وخافوا. ابتهج المجوس لأنّ لقاء الربّ يجلب الفرح لا الخوف.

    في إنجيل لوقا، نجد الملائكة يهتفون ويبشّرون الرعاة بفرحٍ عظيمٍ، وهذا الفرح عينه اختبره المجوس الوثنيون، دون سماع الملائكة وأناشيدهم، فلقاء الربّ يجلب الفرح لمن يبحث عنه ويقبله في حياته. الرعاة والمجوس ونحن ومن سيأتي بعدنا نقول مع يوحنّا الرسول: "نحن عاينَّا ونشهد أنَّ الآب أرسل ابنه مخلّصاً للعالم. فمن شَهِد أنَّ يسوع هو ابن الله، فالله فيه مقيمٌ، وهو مقيمٌ في الله" ( 1 يو 4: 14ـ15). وبهذا الصدد يقول القدّيس أوغسطينوس: "من هم هؤلاء المجوس إلا بكور الأمم، لقد كان الرعاة من بني إسرائيل، أمّا المجوس فكانوا أمميين. كان الأوّلون ملاصقين لـ "ماسيّا" ـ المسيح ، والآخرون جاؤوا إليه من بعيد. لقد أسرع الكلّ إلى حجر الزاوية... أظهر الملائكةُ المسيحَ للرعاة، وأعلن النجمُ عنه للمجوس. الكلّ تكلّم من السماء! الملائكة تسكن السماوات والنجوم تزيّنها، ومن خلال الإثنين تُعلن السماوات مجد الله".

 

4. مريم الدليل ويوسف المربّي

    "دخل المجوس، فرأوا الطفل مع أمّه مريم" (مت 2: 11): عبارة معبّرة جدّاً، تحمل في طيّاتها أبعاداً مهمّة:

ـ يسوع هو المسيح الطفل، هو الكلمة المتجسّد: إنّ كلمة الله قد صار طفلاً حقيقياً، أخذ ضعف إنسانيتنا ووُلِد من عذراءٍ اسمها مريم. وهذا تأكيدٌ على إنسانية المسيح الكاملة، لقد أخذ جسداً من إمرأة. أخذ هويّةً، هو ابن مريم العذراء. يتحاشى متّى الكلام عن يوسف هنا ليعطي حقّ الأبوّة لله وحده، وحقّ الأمومة الحقيقية لمريم العذراء.

ـ مريم هي دليلنا، كما كانت دليل المجوس، إلى ابنها: هو حاضرٌ معها، إلى جانبها، هنا يجد الإكرام المسيحي لمريم معناه الأعمق. لقد جاء المجوس ليعبدوا الطفل، فأكرموا مريم أيضاً. أكرموها بعبادة ابنها، أعطوها مكانها الحقّ كوالدة الكلمة بالجسد. هذا هو نفسه إكرامنا لمريم، نكرمها بعبادة ابنها وبالتفتيش عنه في حياتنا. وتبقى هي الدليل لنا للوصول إلى ابنها، هي المعلّمة لنا في التتلمُذ لابنها، وفي الإقتداء به واتّباعه، وهي التي سترافقه فيما بعد حتى الجلجلة والصليب، فالموت والقيامة، لتضحي "الشريكة" في الفداء.

    فكما سلّمت مريم لمشيئة الرب في بشارة الملاك جبرائيل لها بقولها: "أنا أمة الرب، ليكن لي حسب قولك" (لو 1: 38)، هكذا نراها بجوار يسوع متأمّلةً، متنبّهةً للطفل العجيب، وعيناها تبصران كنوز المجوس، الذهب واللبان والمرّ، وقلبها يتفحّص كنوز قلوبهم، السجود والتأمّل والمحبّة، ولكنّها بكليّتها تركّز على التأمّل بالكنز الحقيقي الذي يحوي جميع كنوز الحكمة والمعرفة. سلّمت أمر شكوك يوسف وموقفه إلى الربّ العارف قلوب البشر، وسَلِمَت.

    استلم يوسف مهمّته من الرب الذي أعلن له في حلمٍ قائلاً: "يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأنَّ الذي حُبِل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع، لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم... فلما استيقظ يوسف من النوم، فعل كما أمره ملاك الربّ، وأخذ امرأته..." (مت 1: 20ـ21، 24). استلم المهمّة الجسيمة، أي رعاية مريم وهي حُبلى، وساندها وكان إلى جانبها في ولادتها ابنها يسوع، وقام بمهمّة رعاية الأمّ والطفل المولود، فاهتمّ بالبحث له عن مكانٍ، وبتسميته حسب قول الملاك، وبإدخاله إلى الهيكل، ومن ثمّ "قام وأخذ الصبي وأمّه ليلاً ولجأ إلى مصر" (مت 2: 14). وبعد موت هيرودس تابع مهمّته: "قام وأخذ الصبي وأمّه ودخل أرض إسرائيل" (مت 2: 21). قام يوسف بتنفيذ كلّ المهام الموكَلة إليه من الربّ، كمربٍّ صالحٍ، بارٍّ وأمين. تمّم وكالته على أفضل وجه... بلا تذمُّرٍ، بلا كلام... بصمتٍ وتصميمٍ لعمل ما يطلبه الربّ... فكأنّي به يقول بروح قول العذراء: "أنا خادم الرب.. وجِّهْني لأعمل مشيئتك".

 

5. الإنتماء إلى الكنيسة

    يتميّز متّى عن لوقا بذكره البيت، كما لو أنّ فكرة أنّ يسوع قد وُلد في مذود لم تكن حاضرةً في ذهنه. إنّ كلمة "بيت" في العهد الجديد، في الأناجيل كما في الرسائل، تحمل معنىً أعمق من مجرّد البيت العادي، فالبيت يرتبط بمفهوم الكنيسة بشكلٍ جذريّ، ومتّى يتكلّم رمزياً عن ابتداء دخول الأمم كلّها في حقيقة المسيح وفي جسد كنيسته.

    إنّ المجوس قد دخلوا البيت، علامة رمزية للشعوب التي سوف تدخل إلى حياة المسيح من باب المعمودية، وتنال الخلاص. إنّها شعوبٌ من خارج شعب الله وأرض ميعاده، جاءت من المشرق البعيد، من أرض الوثنيين، لتدخل في حقيقة المسيح الخلاصية.

    ولأنّها "كنيسة الله" وهو يدعوها لتجتمع، فهي واحدة، ووحدانية الله هي التي تخلق وحدة الكنيسة في كلّ الأمكنة التي تتواجد فيها. يتعزّز الإنتماء إلى كنيسة الله بسرَّي المعمودية والقربان، اللذين يُدخلانِنا في حضارة المحبّة المسيحية. وهكذا نكون كنيسةً محلّيةً من جهة، ومؤمنين يدعوهم الله ويجمعهم في جماعةٍ واحدةٍ هي كنيسته، من جهة أخرى.    

    إنّ الإنتماء إلى الكنيسة يقتضي إعلان الإيمان بالمسيح ابن الله الحيّ، وتجديد حياتنا، فكراً ومسلكاً وموقفاً، وفقاً لمقتضيات الإيمان بالمسيح. الكنيسة عروس المسيح تعلّمنا الإيمان وتقود التجديد. وقفة شخصية وجماعية: في العائلة، في الرعية، في المؤسّسة، في الجماعة الرهبانية، والإكليريكية، وفي الحركة الرسولية، للتساؤل والمساءلة حول واقع الإيمان عندنا، وحول التجدّد في داخلنا!

 6. المجوس يسجدون للإله المولود

    قدّم المجوس للطفل الإلهي ثلاث هدايا، ذهباً ولباناً ومرّاً، والهدايا كانت تُرفَع عادةً في هياكل الوثنيين قرابين شكرٍ للإله العظيم. فجاءت هدايا المجوس دليلاً ساطعاً على حكمتهم وإقرارهم يألوهية الطفل يسوع.

    قدّموا له الذهب الذي يُقدَّم للملوك، لأنّهم رأوا فيه ملكاً، ومملكة المسيح روحيةٌ ليست من هذا العالم. وهي تجمع كلّ من يؤمن به إلهاً ومخلّصاً. والمؤمنون باسمه، يقدّمون له قلوبهم نقيةً طاهرةً مؤهَّلةً لسكناه، مصفّاةً كالذهب بنار التوبة، ومزيّنةً بالمحبّة والفرح.

    قدّموا له اللبان، لأنّهم وجدوا فيه إلهاً عظيماً يستحقّ أن يُحرَق أمامه بخور الحمد والشكر. فيسوع هو الإله المتجسّد، الكلمة الذي "صار بشراً فسكن بيننا" (يو 1: 14). والمؤمنون به يقرّبون له صلواتهم وابتهالاتهم وأعمالهم الصالحة بخوراً زكيّ الرائحة، عابدين إيّاه بالروح والحقّ.

    وقدّموا له أخيراً المرّ، إشارة إلى الآلام التي سيقاسيها في سبيل إتمام عمل الفداء بذبيحته الكفارية على الصليب. وهكذا فالمؤمنون يحملون الصليب في حياتهم، مقتفين أثر معلّمهم الصالح، ويموتون عن ذواتهم وأنانيتهم، ليحيوا ثابتين فيه ومعه على الدوام.

    لقد كان المجوس حكماء، إذ ميّزوا نجمه، فلم يقولوا بأنّهم رأوا مجرّد نجمٍ، بل عاينوا نجمه، على ما يقول يوحنّا في مقدّمة إنجيله: "ورأينا مجده مجداً من لدن الآب لابنٍ وحيدٍ ملؤه النعمة والحقّ" (يو 1: 14).

    وفي صلوات ميلاد الرب يسوع بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، يتغنّى الآباء السريان بهؤلاء المجوس الذين أتوا من المشرق ليسجدوا للملك المولود، وقد اهتدوا بالنجم إلى مكانه. فيعلنوا إيمانهم به، ليغيّروا لاحقاً مسار حياتهم بالذهاب في طريقٍ أخرى جديدةٍ، طريق الإيمان بالمخلّص:

    ܡܫܺܝܚܳܐ ܐܶܬܺܝܠܶܕ ܒܓܰܘ ܒܶܝܬ ܠܚܶܡ܆ ܘܡܶܢ ܡܰܕܢܚܳܐ ܡܓܽܘ̈ܫܶܐ ܐܶܬܰܘ ܠܺܐܝܩܳܪܶܗ. ܡܫܰܐܠܺܝܢ ܗܘܰܘ ܘܳܐܡܪܺܝܢ: ܕܰܐܝܟܳܐ ܐܶܬܺܝܠܶܕ ܡܰܠܟܳܐ ܕܠܰܫܠܳܡܶܗ ܐܶܬܰܝܢ܆ ܬܰܘ ܢܶܒܪܽܘܟ ܘܢܶܣܓܽܘܕ ܠܶܗ.

    ܡܶܢ ܟܰܘܟܰܒ ܢܽܘܗܪܳܐ ܡܓܽܘ̈ܫܶܐ ܐܶܣܬܰܒܰܪܘ܆ ܕܗܳܐ ܒܒܶܝܬ ܠܚܶܡ ܫܪܶܐ ܡܰܠܟܳܐ ܗܰܘ ܕܶܐܬܺܝܠܶܕ. ܗܽܘ ܐܺܝܬܰܘܗ̱ܝ ܝܰܠܕܳܐ܆ ܘܗܽܘ ܐܺܝܬܰܘܗ̱ܝ ܨܶܡܚܳܐ܆ ܟܽܠܟܽܘܢ ܥܰܡܡ̈ܶܐ܆ ܬܰܘ ܢܶܒܪܽܘܟ ܘܢܶܣܓܽܘܕ ܠܶܗ.

    وترجمتها: "وُلِد المسيح في بيت لحم، وأتى المجوس من المشرق لإكرامه. كانوا يسألون قائلين: أين وُلِد الملك الذي جئنا لنلقي عليه السلام، تعالوا نجثو ونسجد له.

    لقد بُشِّر المجوس من كوكب النور (النجم) أنّ الملك المولود حالٌّ في بيت لحم. إنه المولود، وهو الشعاع، يا جميع الشعوب تعالوا نجثو ونسجد له".

                               

7. الميلاد مانح النور والسلام

    ميلاد الرب هو حدثٌ خلاصيٌّ للعالم برمّته من الخطيئة والخوف والمجهول الذي ينتظرنا، وبخاصّةٍ في هذه الأيّام المضطربة التي يعاني فيها الكثيرون من أبناء كنائسها المشرقية وبناتها ممّا يدور في بلادهم من حروبٍ ومآسٍ واضطرابات.

    لقد بلغ خبر ميلاد الرب رعاة بيت لحم الفقراء البسطاء بلسان الملاك: "ها إنّي أبشّركم بفرحٍ عظيمٍ، يكون فرح الشعب كلّه: وُلد لكم اليوم مخلّصٌ في مدينة داود، هو المسيح الرب" (لو 2: 11). فصدّقوا وأسرعوا إلى حيث وُلد، وآمنوا وسجدوا له، وأخبروا بميلاده. وبلغ خبره مجوس المشرق الأغنياء العلماء من خلال نجمٍ ظهر في سماء بلاد فارس، فقرأوا فيه ميلاد ملك الأزمنة الجديدة. صدّقوا وحثّوا السير على هدي النجم حتّى بيت لحم، فرأوا وآمنوا، وسجدوا وأخبروا، وقدّموا له الهدايا.

    ونحن هنا اليوم نواصل هذه المسيرة، كما سوانا في كلّ كنائس الأرض. نسير على درب هؤلاء المجوس، يهدينا النجم، والمتمثّل بمحبّة الربّ لنا، هذا النجم الآتي من المشرق، وفي ذلك دلالةٌ ساطعةٌ على حماية الربّ لهذا الشرق مهما طال أمد المِحَن والضيقات. فلا بدّ للّيل أن ينجلي، ولا بدّ للظلام أن يندثر.

    نرجو أن يكون لقاؤنا بالمسيح لقاء إيمانٍ وتجدُّدٍ في الرؤية والعيش والمسلك، مثل الرعاة والمجوس، لا مجرّد ذكرى. بل أن ندرك أنه حان وقت الخلاص، وأنّ الرب سيملك على قلوبنا وعقولنا، فينيرها بنوره الخلاصي الوهّاج، فهو "نورٌ من نورٍ"، على حدّ تعبيرنا في قانون الإيمان.

    فَلْنَسِرْ تابعين نور الربّ المخلّص، منصتين إلى أمّنا مريم القائلة: "إفعلوا كلّ ما يأمركم به" (يو 2: 5). وهكذا نحيا السجود الحقيقي للربّ الذي يشرق علينا بنوره ويهبنا ذاته مع عطية السلام.

    وها هو قداسة البابا فرنسيس يتغنّى بنور المسيح في موعظة له، فيقول:

    "نور يسوع هو نور كلّ حكمة... مرهَفٌ وهادئ... على غرار النور الذي أضاء ليلة الميلاد: إنّه يفوق كلّ ادّعاء... وهو يهب ذاته مانحاً السلام".

    وفي رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام للعام الجديد 2014، بعنوان "الأخوّة: الأساس والطريق للسلام"، يعتبر البابا فرنسيس أنّ الأخوّة تشكّل مدماكاً أساسياً لا بدّ منه لبلوغ السلام، إذ يقول في مقدّمة الرسالة:

"تشكّل الأخوّة بُعداً أساسياً للإنسان، الذي هو كائنٌ علائقي. واليقين الحيّ لهذه العلاقة يحملنا لنرى ونعامل كلّ شخصٍ كأختٍ حقيقيةٍ وأخٍ حقيقي. فبدون هذه العلاقة الأخوية، يصبح من المستحيل بناء مجتمعٍ عادلٍ وسلامٍ راسخٍ ودائم".

 

8. إطلالة الميلاد هذا العام

    يطلّ العيد علينا هذه السنة أيضاً، في ظلّ أوضاعٍ غير مستقرّةٍ يسودها الخوف على المصير، ونحن نرى دولاً عديدةً في مشرقنا تعاني وتئنّ تحت وطأة الصراعات والنزاعات، بل الحروب الأهلية المروّعة، التي "ما هي إلا هزيمة للإنسانية"، على ما صرّح قداسة البابا فرنسيس. فلا مكان في هذه البلاد للفرح ولبهجة العيد والطمأنينة، بل يسود الألم والحزن والخوف.

    إنّنا ومن موقعنا كرعاةٍ روحيين، نشارك جميع إخوتنا رعاة الكنائس الشقيقة الهموم والهواجس التي تهدّد حياة أبنائنا وبناتنا ومستقبلهم، ونجدّد تأكيدنا على الملأ بأنّنا ندعو لإحلال السلام والأمان على أساس الحرّية والعدالة وكرامة الإنسان، دون تأييدٍ لنظامٍ أو حزبٍِ سياسي. كما نؤكّد أنّ الديمقراطية التي نفاخر بالتشبّث بمبادئها، تأبى إقصاء جهةٍ مهما كان عدد أفرادها قليلاً، إنّما الديمقراطية تعلّم احترام الغير وإن اختلف في الرأي والدين أو المذهب، وتسعى إلى نشر السلام والطمأنينة والإحترام بين المواطنين.

    استجابةً لدعوة قداسة البابا فرنسيس ببادرةٍ أبويةٍ منه لاقت عميق الأثر في القلوب والعقول، شارَكْنا كلّنا في الصلاة والصوم، بقلبٍ واحدٍ ونفسٍ واحدةٍ، من أجل السلام في سوريا وبلاد الشرق، في السابع من أيلول (سبتمبر) المنصرم. ولا نزال نصلّي مع قداسته ومع جميع ذوي الإرادات الحسنة على نيّة السلام الذي لا يمكن بلوغه دون شروطٍ يجب إتمامها، وهي شروطٌ على جميع المؤسّسات الرسمية والإجتماعية أن تستوفيها: منها ما يعود إلى العائلة التي عليها أن تربّي أبناءها على احترام الغير، وإلى الدين الذي يأمر باحترام جميع خلائق الله ولا سيّما الإنسان، وإن كان على غير دينك وثقافتك وتقاليدك، وإلى الدولة التي يجب أن ترعى جميع الناس بالمساواة وبتطبيق مبادئ العدالة. وهذه خطّةٌ ينبغي أن يطبّقها كلٌّ من المؤسّسات التربوية والحركات الإجتماعية والحزبية، وخاصةً الإعلام الذي غالباً ما يشوّه الحقائق، ويزيّفها بقصد تحقيق مكاسب غير مشروعةٍ، وعلى حساب السلم الأهلي، الذي تنبغي إشاعته في مجتمعاتنا وبلداننا بالنظر إلى ما عند الناس، وإن كانوا خصوماً، من حسناتٍ لا يمكن التعامي عنها، دون الوقوف على السيّئات التي يحسن التغاضي عنها حبّاً بالسلام الذي تتوق إليه مجتمعاتنا.

    نتوجّه خاصّةً في هذه الأيّام الميلادية بعقولنا وعواطفنا إلى أبنائنا وبناتنا في سوريا الحبيبة الجريحة، التي يقاسي مواطنوها الأمرَّين في ظروفٍ مأساويةٍ تُجسِّدها حربٌ ضروس تكاد تنعدم معها كلّ مقوّمات الحياة. ممّا يدمي القلوب لما تشهده هذه الأرض العزيزة من خرابٍ ودمارٍ، وانهيارٍ اقتصادي وشحنٍ طائفي، الأمر الذي دفع بكثيرين من المواطنين إلى الهجرة والنزوح هائمين على وجوههم، بحثاً عن ملجئٍ يأويهم، ويُبعد عنهم خطر الموت. كما يتصاعد في سوريا العنف باسم الدين، وهو ما حذّرْنا منه مراراً قبل حدوثه، الأمر الذي يندى له الجبين، ولا تقبله أيّة أعراف أو مواثيق دولية.

    وفيما نشدّد أنّنا نحن المسيحيين مكوِّنٌ أصيلٌ ومؤسِّسٌ في سوريا، لا بل نحن سكّانها الأصليون، نناشد الضمير العالمي، ببذل الجهود الحثيثة لإطلاق سراح جميع المخطوفين، وبخاصّةٍ مطرانَي حلب للسريان الأرثوذكس يوحنّا إبراهيم، وللروم الأرثوذكس بولس اليازجي، والكهنة الثلاثة: ميشال كيّال، واسحق (ماهر) محفوض، وباولو دالّوليو، والراهبات والأيتام. كما نستنكر استهداف المناطق الآمنة، سيّما المسيحية العريقة والموغلة في القدم، كمعلولا وصدد وسواهما.

    إننا ندعو جميع الأطراف، ومعهم كلّ من لهم دورٌ من دولٍ ومنظّماتٍ، إلى تحكيم الضمير ونبذ للعنف، وتوحيد الرأي، لوضع خطّةٍ رشيدةٍ تجمع مكوّنات الشعب السوري على اختلاف طوائفها وقومياتها وأحزابها، حول طاولة الحوار والمصالحة، لورشة إعادة الإعمار وبلسمة القلوب.

    وفيما نجدّد محبّتنا وتضامننا ومشاركتنا الصلاة الحارة من أجل جميع المواطنين في سوريا، وبخاصّةٍ أبنائنا وبناتنا في أبرشياتنا السريانية الأربع في دمشق وحمص وحلب والجزيرة، رعاةً روحيين وإكليروساً ومؤمنين، نؤكّد لهم أنّ نور ميلاد ربّنا يسوع، ملك السلام، لا بدّ وأن ينير درب آلامهم، ليعبروا إلى ميناء الخلاص، وهم متحلّون بالرجاء الصالح الذي بشّر به الملائكةُ الرعاةَ. ونصلّي إلى الرب كي يتغمّد برحمته جميع الشهداء الأبرياء في سوريا، ويمنّ على الجرحى بالشفاء التامّ، وعلى المفجوعين بفقد عزيزٍ بالصبر والعزاء.

    أمّا العراق الغالي، هذا البلد الذي طالت معاناته وآلام مواطنيه، فإنّنا نتوجّه إلى جميع مكوّناته لتوحيد الجهود في سبيل زرع بذور السلام الدائم فيه. فمتى خَلُصَت النيّات، وقُطِعَت الطريق على أهل الفتن وزارعي الشقاق والدمار والموت، يستعيد العراقيون ثقتهم بذاتهم وبوطنهم، ويتعاونون مع المخلصين من المسؤولين على الحياة العامّة، في خدمة شعبهم ونهضة بلدهم، لما فيه خيرهم المشترك، ومستقبل أجيالهم الطالعة.

    وإنّنا ننوجّه خاصةً إلى أبناء أبرشياتنا ورعايانا في العراق، سيّما في بغداد والموصل وسهل نينوى وإقليم كردستان والبصرة، ونحثّهم على أداء الشهادة لإنجيل المحبّة والسلام بفرحٍ، فيجدّدوا فعل رجائهم بالرب يسوع مخلّصهم حيث لا رجاء بشري، كي تنهض أرض الرافدين بجميع مواطنيها من كبواتها، متغلّبةً على جنون العنف وعبثية الإنتقام.

    ونتقدّم بالتهنئة الأبوية من أبنائنا وبناتنا في الأراضي المقدّسة، سائلين الله أن يقوّيهم في الثبات، متجذّرين في تلك الأرض حيث وُلِدَ الرب يسوع وأتمّ سرّ تدبيره الإلهي من أجل خلاصنا.

    كما نهنّئ أبناءنا وبناتنا في الأردن، داعين لهم بالنجاح والتوفيق في أعمالهم، لما فيه خيرهم وسعادتهم.

    ونعايد أعزّاءنا في النيابة البطريركية في تركيا، ونتمنّى لهم الإزدهار وفيض النِّعَم وأسعد الأيّام.

    ونهنّئ أبناء كنيستنا فيمصر، سائلين الرب يسوع أن ينشر أمنه وسلامه في ربوعها، وأن يحيا مواطنوها بالمحبّة والوئام، ويتعاضدوا من أجل ازدهار وطنهم، مهما اختلفت انتماءاتهم وتوجّهاتهم.

    أمّا وطننا الحبيب لبنان، فها هم المواطنون ما زالوا يعانون سوء الحال، من تشنُّجٍ في العلاقات، وتنافُرٍ، وتراشُقٍ واتّهاماتٍ بين أهل السياسة، الذين انتخبهم الشعب، أو هم قد فُوِّضُوا لخدمته ليعملوا على تقدُّمه من عمرانٍ وازدهار. ومعلومٌ أنّ ميزة لبنان هي في تنوُّع مكوّناته دينياً ومذهبياً وحزبياً، وعليه أن يُضحي المثال في محيطه المشرقي في تحقيق العيش الواحد بين مواطنيه، والأمانة للحرّيات الدينية والمدنية، كما لمبادئ الديمقراطية الحقّة التي يطمئنّ لها جميع المواطنين، أكثريةً كانوا أم أقلّيات.

    لذا ندعو جميع المسؤولين أن يقدّروا الأمانة التي أولاهم إيّاها الشعب، فيلجأوا إلى انتهاج الحوار والتفاهم على أساس الإحترام والثقة المتبادَلين، نابذين لغة التعصُّب والتخوين والإستئثار، ومتحرّرين من الإنتماءات للقوى الإقليمية. نحثّهم كي يعتمدوا الشراكة في اتّخاذ القرارات وفي تنفيذها، وأن يعطوا الأولوية لخير الوطن والمواطنين، تضامناً مع الضعفاء والمهمَّشين وذوي الدخل المحدود، وما أكثرهم في أيّامنا هذه. كما نحثّهم على تشكيل حكومةٍ جديدةٍ تكون على قدر طموح اللبنانيين وتطلّعاتهم، وتحظى بتمثيلهم، على أمل وضع قانونٍ عصري حديثٍ للإنتخابات النيابية، يعطي كلّ ذي حقٍّ حقّه.

    ولا يفوتنا أن نهنّئ أبناءنا وبناتنا في أبرشية لبنان البطريركية، ومعهم جميع اللبنانيين واللبنانيات، بعيد الميلاد المجيد، متمنّين لهم عاماً جديداً مليئاً بالبركة والسعادة والنجاح.                 

    كما لا ننسى أن نتوجّه إلى من أرغمَتْهم الظروف في سوريا والعراق على النزوح والهجرة، تحت كلّ سماء، مؤكّدين لهم دعمنا المطلق في كلّ ما نستطيع أن نقدّمه لهم. ونذكّرهم بضرورة المحافظة على إيمانهم وانتمائهم الكنسي، سائلين لهم الإستقرار والأمان وفيض النِّعَم.       

    وفي هذا العيد، نذكر خاصّةً الفقراء والمعوَزين والمنسيين والمستضعَفين، وكذلك العائلات التي آلمها أن تفقد أحد أفرادها، فلا تجده في حلقة العائلة أثناء بهجة الإحتفال بهذا العيد المجيد. ونسأله تعالى أن يحمل لهم العام الجديد كلّ خير وبركة وعزاء.

    أمّا أبناؤنا وبناتنا في بلاد الإنتشار،في أوروبا وأميركا وأستراليا، فإنّنا نهنّئهم بهذا العيد المجيد، ونجدّد لهم محبّتنا الأبوية واتّحادنا معهم برباط الإيمان الواحد المتجذّر ببلاد نشأتهم في المشرق. ونشجّعهم كي يبقوا أُمَناء لهذا الإيمان ولتراثهم الكنسي السرياني الأصيل، ويحرصوا على نقله سالماً إلى الأجيال الطالعة.       

    كما نطلب من جميع أبناء كنيستنا وبناتها في بلاد الشرق وعالم الإنتشار، إكليروساً وعلمانيين، أن يشاركونا الصلاة والتضرّع إلى الرب الإله كي يمنّ على كنيستنا السريانية بفرح إعلان المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي مطران جزيرة ابن عمر في تركيا، طوباوياً على مذابح كنيستنا، ونحن نتابع حالياً ملف دعوى تطويبه في مجمع دعاوى القدّيسين في الفاتيكان.

 

 9. خاتمة: يسوع هو نور الميلاد وفرحه

    من معاني عيد الميلاد المجيد، أن تتجلّى فرصةٌ جديدةٌ لكلّ واحدٍ كي يبحث ويسأل عن أولوية الرب يسوع في حياته، فيكمل فرحنا. يسوع وحده كان محور بحث أولئك المجوس القادمين من المشرق يستدلّون من خلال النجم، ليأتوا ويسجدوا له معترفين بملوكيته.

    وخير ما نختم به مناجاة مريمية توجّه بها قداسة البابا فرنسيس إلى أمّنا مريم العذراء في ختام رسالته العامّة الأولى "نور الإيمان"، إذ يقول:

    "أيّتها العذراء مريم، علّمينا أن ننظر بعينَي يسوع، حتى يكون هو نور طريقنا، كي ينمو فينا على الدوام نور الإيمان هذا، إلى أن يأتي ذاك اليوم الذي لا يعرف غروباً، الذي هو المسيح ذاته، ابنكِ، وربّنا!".

     نجدّد تهانئنا الأبوية بمناسبة عيد الميلاد المجيد، مع أطيب الأمنيات أن يكون العام الجديد 2014 زمن بركةٍ ونعمةٍ وسعادةٍ لكم جميعاً. ونصلّي كي يبسط الرب يسوع أمنه وسلامه في أقطار المسكونة قاطبةً، سيّما في بلادنا المشرقية. ولتشملكم جميعاً نعمة الثالوث الأقدس وبركته: الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد، له المجد، إلى الأبد، آمين.

 

ܡܫܺܝܚܳܐ ܐܶܬܝܠܶܕ ... ܗܰܠܶܠܽܘܝܰܗ                              وُلد المسيح ... هللويا

 

صدر عن كرسينا البطريركي في بيروت ـ لبنان

في اليوم العشرين من شهر كانون الأول عام 2013،

وهي السنة الخامسة لبطريركيتنا

 


بسم الاب والابن والروح القدس   امين

يحتفل غبطة ابينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان الكلي الطوبى بالذبيحة الالهية يوم الاحد المصادف 1 ـ12ـ2013  في مدينة كولون ـ المانيا في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا  وبعد القداس  يستقبل غبطنه  المؤمنين في قاعة الكنيسة وتقاسم  الغداء معهم.

عنوان الكنيسة هو

St. Antonius Kirche

Tiefental straße 40

51063  Köln

البيان الختامي

لمجمع أساقفة كنيسة السريان الكاثوليك الأنطاكية

دير الشرفة من 2- 5 تشرين الأول  2013

 

          عقد أساقفة كنيسة السريان الكاثوليك الأنطاكية مجمعهم السنوي في المقر البطريركي الصيفي، في دير الشرفة، درعون (لبنان) في الفترة من 2- 5 تشرين الأول  2013، برئاسة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، ومشاركة آباء المجمع القادمين من أبرشيات لبنان والعراق وسوريا والأردن ومصر والولايات المتحدة وكندا وروما. 

          حضر جلسة الإفتتاح ولأول مرة سيادة السفير البابوي في لبنان المطران كبريالي كاتشا بدعوة من غبطة السيد البطريرك، ونيافة المطران ثيوفيلوس جورج صليبا ممثلا قداسة البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكيا والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم. وكان قداسته ينوي تلبية دعوة غبطة أبينا البطريرك والحضور شخصياً لولا أنّ ظروفاً صحية طارئة منعته، وهذه بادرة تاريخية تستحق التسجيل بين الكنيستين السريانيتين الشقيقتين. 

 وقد أقيم قداس وجناز عن روح المثلّث الرحمة المطران يوليوس ميخائيل الجميل المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا المتوفى في روما في 3 ك1 2012.

          وكانت المواضيع الرئيسة التي عالجها المجمع السرياني لهذا العام، كما يلي:

1.      الخدمة الكهنوتية والجوانب العملية لعيشها في الأبرشيات الأم وفي بلاد الإنتشار.

2.      استكمال مشروع التجديد الطقسي في الإحتفال بالقداس، الذي أعدّت دراسته اللجنة الطقسية.  وأسند ضبط الترجمة العربية إلى لجنة ضليعة باللغتين العربية والسريانية لإقرارها في سينودس العام المقبل، مع إمكانية استخدام ليتورجيا الكلمة على سبيل الإختبار منذ الآن. 

3.     التقارير عن أوضاع الأبرشيات في الرقعة البطريركية وبلاد الإنتشار. وقد لاحظ الآباء الأوضاع المريرة التي تعيشها بلادنا المشرقية العربية بسبب فقدان الأمن والأمان والضغوط المتنامية والإعتداءات المباشرة على المسيحيين والكنائس من جرّاء التطرّف الديني والهجرة الناجمة عن الحروب وأجواء الخوف من المستقبل. وفيما عبّر الآباء عن ضرورة استمرار الحضور المسيحي في هذا الشرق، والشهادة والصمود في أوطاننا بصبر الشهود والقديسين، دعوا في المقابل الى إعطاء  الإنتباه اللازم إلى كنائس الإنتشار كجناح متنامٍ لكنيستنا السريانية، ورفده بالكهنة المهيَّأين تهيئة جيدة وبالدعوات لمتابعة خدمة أبنائنا، والحفاظ على التواصل مع تراثنا الكنسي وبين الأبرشيات الأمّ وجماعات الإنتشار.

 

4.     شؤون المؤسسات الرهبانية والمعاهد الكهنوتية.

 

وخرج الآباء بهذه المناسبة ببعض التوصيات:

1.     فيما يشيد آباء المجمع بالحرية والأمان اللذين ينعم بهما لبنان، يناشدون القادة السياسيين لنبذ خلافاتهم، فيلتفوا حول مؤسساتهم الدستورية. ومن أجل انقاذ لبنان من الفراغ والفوضى والشلل، يهيبوا بهم أن يزيلوا كل العقبات أمام تشكيل حكومة مسؤولة وفاعلة تخدم مصلحة لبنان فوق كلّ شيء، وطناً للعيش المشترك والحرية، وتعالج الضائقة الإقتصادية والبطالة المتفشّية لا سيّما في صفوف الشباب. 

2.     يرفع الآباء صلاتهم، منضمّين إلى كلّ ذوي الإرادات الصالحة، من أجل عودة السلام والإستقرار في سوريا، و يشجبون أساليب العنف والمقايضة على حياة الناس في حرب يدفع الشعب ثمنها، كما يدينون كلّ تدخّل خارجي، من حكومات أو مجموعات. ويدعون إلى تفضيل لغة الحوار على لغة السلاح، لغة الإعتراف بالآخر شريكاً على لغة الإستئثار، لغة التطوير والإصلاحات الحقيقية على لغة الإدانة والرفض.

3.     يجدّد آباء المجمع دعوتهم الملحّة إلى قادة العراق السياسيين والدينيين كي يرجّحوا جانب التفاهم والتفاوض الهادئ لحلّ القضايا العالقة بغير لغة العنف، مستنكرين مسلسل التفجيرات العبثية التي تحصد نفوس الأبرياء كلّ يوم. ويعربون عن أملهم في أن ينعم الشعب العراقي أخيراً بالأمان والإستقرار، في جو المواطنة المتساوية والمسؤولة، من دون تمييز في الدين أو القومية أو المذهب أو الطائفة، بين أكثرية وأقلية.

4.     يعرب المجمع عن تأييده لكلّ مبادرات توحيد الصف الفلسطيني لضمان حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته، وصولاً إلى قيام دولته المستقلة لتأخذ موقعها السلمي بين دول المنطقة، ويبني الشعب الفلسطيني ذاته ومؤسّساته بصورة طبيعية.

5.     يدعو الآباء كلّ الأطراف في مصر إلى احلال السلام والأمان في أرض الكنانة، بالعدل والمساواة بين جميع المكوّنات، ويرفضون التطرّف الديني والتدخّل الأجنبي اللذين كادا يؤدّيان إلى حرب أهلية وتقسيم الوطن، وقد نجمت عنهما اضطرابات واعتداءات على دور العبادة والمقدّسات، ويسترحمون الله على أرواح الشهداء.

6.                        وإذ يثمّن آباء المجمع بادرة قداسة البابا فرنسيس في الدعوة إلى يوم صلاة وصوم في العالم أجمع في 7 أيلول المنصرم من أجل السلام في سوريا والشرق الأوسط، هو القائل: "فلتصمت الأسلحة وليُفسَح المجال للسلام"، يتوجّه آباء المجمع إلى الحكومات والأنظمة في بلدان الشرق الأوسط لتأمين الحقوق الدستورية الكاملة للمسيحيين في أوطانهم، فيتمتّعوا بالمشاركة المتكافئة في حياة بلادهم، ويهيبون بأبنائهم للمساهمة بكلّ طاقاتهم وكفاءاتهم في بناء أوطانهم. كما يدعو آباء المجمع أبناءهم وبناتهم أن يتمسّكوا بالإيمان ومحبّة الكنيسة، وأن يعوا رسالتهم كشهود لإنجيل السلام وكجسر للمصالحة والتلاقي بين أبناء الديانات والقوميات، ويحثونهم على الثبات في الرجاء والصبر والتمسّك بالأرض.                                                         

  أمين سرّ المجمع              المطران باسيليوس جرجس القس موسى

   دير الشرفة في 5/10/2013

 

غبطة أبينا البطريرك يقيم قدّاساً تضامنياً

مع الجاليتين السورية والعراقية في لبنان بمناسبة عيد الميلاد

بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وفي تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم السبت 21 كانون الأوّل 2013، أقام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلّي الطوبى، قدّاساً احتفالياً في بازيليك سيّدة لبنان ـ حريصا، عاونه فيه صاحبا السيادة مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي، ومار يوحنّا جهاد بطّاح النائب البطريركي العام لأبرشية بيروت البطريركية، والأبوان أفرام سمعان وفراس دردر، وذلك تضامناً مع أبناء الجاليتين السورية والعراقية في لبنان، ورغبة من غبطته أن يشاركهم فرح الميلاد.

حضر القدّاس سيادة السفير البابوي في لبنان المطران كبريالي كاتشا ممثّلاً قداسة البابا فرنسيس، وسيادة المطران جو معوّض ممثّلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وصاحبا السيادة المطرانان مار رابولا أنطوان بيلوني، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، وعدد من الأساقفة والكهنة والشمامسة وجموع غفيرة من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى غبطته موعظة تناول فيها معاني عيد الميلاد "كبشرى فرح وخلاص للبشرية، هذا الفرح العظيم الذي صالح البشر مع الله ونشر السلام في الأرض والرجاء في القلوب".

وأكّد غبطته أنّ "العيد هذا العام يحلّ وفي القلوب غصّة لما يعانيه إخوةٌ لنا وأبناء، في سوريا والعراق، من آلامٍ ومآسٍ واضطراباتٍ تحرمهم بهجته. وإنّنا ومن موقعنا كرعاةٍ روحيين، نشارك جميع إخوتنا رعاة الكنائس الشقيقة الهموم والهواجس التي تهدّد حياة أبنائنا وبناتنا ومستقبلهم، ونجدّد تأكيدنا على الملأ بأنّنا ندعو لإحلال السلام والأمان على أساس الحرّية والعدالة وكرامة الإنسان، دون تأييدٍ لنظامٍ أو حزبٍ سياسي. كما نؤكّد أنّ الديمقراطية التي نفاخر بالتشبُّث بمبادئها، تأبى إقصاء جهةٍ مهما كان عدد أفرادها قليلاً، إنّما الديمقراطية تعلّم احترام الغير وإن اختلف في الرأي والدين أو المذهب، وتسعى إلى نشر السلام والطمأنينة والإحترام بين المواطنين".

وقال غبطته: "نتوجّه في هذه الأيّام الميلادية بعقولنا وعاطفتنا إلى أبنائنا وبناتنا في سوريا الحبيبة الجريحة، وخاصّةً أبناء أبرشياتنا السريانية الأربع، في دمشق وحمص وحلب والجزيرة، التي يقاسي مواطنوها الأمرَّين في ظروفٍ مأساويةٍ تجسّدها حربٌ ضروس تكاد تنعدم معها كلّ مقوّمات الحياة، ممّا يدمي القلوب لما تشهده هذه الأرض العزيزة من خرابٍ ودمارٍ وانهيارٍ اقتصادي وشحنٍ طائفي، الأمر الذي دفع بكثيرٍ من المواطنين إلى الهجرة والنزوح هائمين على وجوههم، بحثاً عن ملجئٍ يأويهم، ويُبعد عنهم خطر الموت. كما يتصاعد في سوريا العنف بإسم الدين، وهو ما حذّرنا منه مراراً قبل حدوثه، الأمر الذي يندى له الجبين، ولا تقبله أيّة أعراف أو مواثيق دولية. وفيما نشدّد أنّنا نحن المسيحيين مكوِّنٌ أصيلٌ ومؤسِّسٌ في سوريا، لا بل نحن سكّانها الأصليون، نناشد الضمير العالمي بذل الجهود الحثيثة لإطلاق سراح جميع المخطوفين، وبخاصّةٍ المطرانين يوحنّا ابراهيم وبولس اليازجي، والكهنة ميشال كيال، اسحق (ماهر) محفوض، وباولو دالّوليو، والراهبات والأيتام. كما نستنكر استهداف المناطق الآمنة، سيّما المسيحية العريقة والموغلة في القدم، كمعلولا وصدد وسواهما.

إنّنا ندعو جميع الأطراف ومعهم كلّ من لهم دورٌ، من دولٍ ومنظّماتٍ، إلى تحكيم الضمير ونبذ العنف وتوحيد الرأي، لوضع خطّةٍ رشيدةٍ تجمع مكوّنات الشعب السوري على اختلاف طوائفها وقومياتها وأحزابها، حول طاولة الحوار والمصالحة لورشة إعادة الإعمار وبلسمة القلوب".

وأضاف غبطته: "أمّا العراق الغالي، هذا البلد الذي طالت معاناته وآلام مواطنيه، فإنّنا نتوجّه إلى جميع مكوّناته لتوحيد الجهود في سبيل زرع بذور السلام الدائم فيه. فمتى خّلُصّت النيّات، وقُطِعَت الطريق على أهل الفتن وزارعي الشقاق والدمار والموت، يستعيد العراقيون ثقتهم بذاتهم وبوطنهم، ويتعاونون مع المخلصين من المسؤولين على الحياة العامّة، في خدمة شعبهم ونهضة بلدهم، لما فيه خيرهم المشترك، ومستقبل أجيالهم الطالعة.

وإنّنا نتوجّه خاصّةً إلى أبناء أبرشياتنا ورعايانا في العراق، سيّما في بغداد والموصل وسهل نينوى وإقليم كردستان والبصرة، ونحثّهم على أداء الشهادة لإنجيل المحبّة والسلام بفرحٍ، فيجدوا فعل رجائهم بالرب يسوع مخلّصهم حيث لا رجاء بشرياً، كي تنهض أرض الرافدين بجميع مواطنيها من كبواتها، متغلِّبةً على جنون العنف وعبثية الإنتقام".

وتابع غبطته: "أمّا في وطننا الحبيب لبنان، فالمواطنون ما زالوا يعانون سوء الحال، من تشنُّجٍ في العلاقات واتّهاماتٍ بين أهل السياسة، ومعلومٌ أنّ ميزة لبنان هي في تنوُّع مكوّناته، دينياً ومذهبياً وحزبياً، وعليه أن يضحي المثال في محيطه المشرقي في تحقيق العيش الواحد بين مواطنيه والأمانة للحرّيات الدينية والمدنية والمبادىء الديمقراطية الحقّة التي يطمئنّ لها جميع المواطنين، أكثريةً كانوا أم أقلّيات.
ندعو جميع اللبنانيين إلى أن يلجأوا إلى انتهاج الحوار، نابذين لغة التعصُّب والتخوين والإستئثار، ومتحرّرين من الإنتماءات للقوى الإقليمية، وأن يعتمدوا الشراكة في اتّخاذ القرارات وفي تنفيذها، وأن يعطوا الأولوية لخير الوطن والمواطنين ولحثّهم على تشكيل حكومة جديدة على قدر طموح اللبنانيين، برعاية وإشراف فخامة رئيس البلاد".

وختم غبطته موعظته مجدِّداً دعوته أبناءه في الجاليتين السورية والعراقية في لبنان إلى "أن يحيوا الأمل بغدٍ مشرقٍ، فلا بدَّ لملك السلام الذي بميلاده زرع السلام والأمان أن ينشر سلامه في بلادنا المشرقية المعذَّبة. فلا بدَّ للّيل أن ينجلي، ولا بدَّ للظلام أن يزول. وُلِدَ المسيح، هللويا".

وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الختامية، مع التمنيات بعيد ميلاد مجيد وعام جديد يحمل السلام والأمن لبلادنا المشرقية والعالم.

 الكلمة الافتتاحية لسينودس تشرين الأوّل 2013

مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي

سيادة المطران كبريالي كاتشا السفير البابوي في لبنان، نيافة أخينا مار ثيوفيلوس جورج صليبا ممثّل قداسة أخينا مار اغناطيوس زكّا الأوّل عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، الإخوة الأجلاّء أصحاب السيادة آباء سينودس كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، حضرات الخوارنة، والآباء الكهنة.

ܚܽܘܒܳܐ ܘܰܫܠܳܡܳܐ ܒܡܳܪܰܢ ܝܶܫܽܘܥ ܡܫܺܝܚܳܐ، ܕܒܰܫܡܶܗ ܡܶܬܟܰܢܫܺܝܢܰܢ ܐܰܟ̣ܚܰܕ ܒܗܳܕܶܐ ܣܽܘܢܳܗ̱ܕܽܘܣ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ

نحيّيكم تحيّة المحبّة والسلام من لدن أبينا والرب يسوع المسيح، شاكرين تلبيتكم دعوتنا للحضور والمشاركة في أعمال سينودسنا الأسقفي في دورته العادية لهذا العام 2013، فنتداول في شؤون كنيستنا ومسيرتها خلال العام المنصرم، منذ انعقاد مجمعنا الأخير في أيلول 2012.

كنّا نودّ لو نتوجّه بتحيّة محبّة أخوية خالصة إلى قداسة الأخ الكبير مار اغناطيوس زكّا الأوّل عيواص الكلّي الطوبى، الذي كان سيشاركنا شخصياً في افتتاح سينودسنا هذا، ولكنّه أُدخِل إلى المستشفى حسبما أُعلِمنا البارحة ليلاً، نصلّي من أجل شفائه العاجل. لذا يطيب لنا أن نرحّب بصاحب النيافة أخينا مار ثيوفيلوس جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس وسكرتير المجمع المقدّس للكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة، الذي أصرّ أن يشاركنا في هذه الجلسة الافتتاحية باسم قداسته، تعبيراً عن عمق محبّته، وتأكيداً على أنّنا بحق كنيسة واحدة وشعب واحد موحَّد بالتقليد والتراث وباللغة السريانية المقدّسة، لغة ربّنا يسوع المسيح ووالدته الطاهرة ورسله الأبرار. وإنّ الأمل يغمرنا بغدٍ مشرق تسرّع فيه كنيستانا الخطى وصولاً إلى الوحدة الكاملة المنشودة، أمنية إكليروس الكنيستين والمكرَّسين والمؤمنين فيهما.

ولا يغيب عن بالنا اللقاء المسكوني التاريخي الأخير الذي جمعنا بقداسته، إذ احتفلنا معاً برتبة السجدة للصليب ودفن المصلوب يوم الجمعة العظيمة، في كاتدرائية مار يعقوب السروجي ـ جبل لبنان، بدعوة كريمة من نيافة أخينا المطران جورج صليبا.

أيّها الإخوة الأجلاّء، نشكر الله تعالى لإنعامه على كنيستنا الجامعة بانتخاب قداسة أبينا البابا فرنسيس، رسول المحبّة والسلام، وبابا الفقراء والمتواضعين، سائلين الله أن يأخذ بيده ويؤيّده في كلّ عمل يقوم به، إعلاءً لراية الكنيسة ونشر إنجيل مخلّصنا وفادينا في سائر أرجاء المعمورة. وقد تشرّفنا بلقاء قداسته غير مرّة، ولمسنا قربه الروحي والشخصي من أبناء الكنيسة، واهتمامه البالغ بشؤون الكنيسة في الشرق.

وكلّنا نذكر بمحبّة وعرفان وامتنان حبرية قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، وخاصةً زيارته الأخيرة إلى لبنان، وكانت آخر محطّاتها في ديرنا هذا، دير الشرفة، حيث تمّ اللقاء المسكوني، مختتماً بلقائه هذا زيارته الأخيرة خارج الفاتيكان. ندعو له بالصحّة والعافية. ولا يفوتنا أن نرفع الصلاة والدعاء راحةً لنفس أخينا المثلّث الرحمات مار يوليوس ميخائيل الجميل المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، الذي غادر هذه الفانية منتقلاً إلى ملكوت السماء في 3 كانون الأوّل المنصرم، وقد ودّعناه إلى مثواه الأخير بمأتمٍ مهيب ترأّسناه في كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش. رحمه الله، ومتّعه بنصيب الرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء. كما نترحّم على روح الأب الشهيد فرانسوا مراد الذي قدّم حياته على مذبح الشهادة في سوريا، ونعزّي أهله وذويه وأبرشيته، أبرشية الحسكة ونصيبين، بشخص راعيها أخينا مار يعقوب بهنان هندو. ونسأل الله أن يتغمّد روح الأب فرانسوا، كما سائر أرواح الشهداء والشهيدات في فردوس النعيم.

نفتتح سينودسنا اليوم وقلوبنا يعتصرها الألم جراء الاضطرابات السائدة في منطقتنا المشرقية. فبعد المآسي والنكبات التي حلّت بكنيستنا السريانية في تركيا، ثمّ لبنان، والعراق، تجتاز سوريا أوضاعاً مأساوية منذ أكثر من ثلاثين شهراً، نتيجة أعمال العنف الدامية التي تعصف بها، وتنذر بأوخم العواقب إذا ما استمرّت بالشكل الذي اتّخذه أعداء الحرية الحقيقية المتآمرون على ذلك البلد. كلّ هذه الشدائد أصابت كنائسنا ومؤسّساتنا بل أبناءنا وبناتنا في صميم حياتهم ووجودهم، ونكبت البشر والحجر، منتجةً واقعاً قد لا ندرك حقيقته إلاّ بعد جيلين أو ثلاثة.

        وفي هذا المقام نثني على صمود أبنائنا وبناتنا في سوريا، في أبرشياتنا الأربع من دمشق وحمص إلى حلب والجزيرة، ونحيّي بشكل خاص سيادة أخينا المطران مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، الغائب عنّا بالجسد بسبب المعوقات الأمنية وأخطار السفر. ولكنّه أكّد لنا في مكالمة هاتفية أوّل أمس أنه حاضرٌ معنا بالروح، يشاركنا الرجاء كي يحلّ الأمن والسلام في أبرشيته وفي بلده. وهنا لا يسعنا إلاّ أن نصلّي متضرّعين إلى الرب، مع جميع إخوتنا من إكليروس ومؤمني الكنائس الشقيقة، كي يفكّ أسر صاحبي النيافة مار غريغوريوس يوحنّا ابراهيم مطران حلب للسريان الأرثوذكس وبولس اليازجي مطران حلب للروم الأرثوذكس، اللذين اختُطفا بعملية إرهابية في 22 نيسان الماضي. كما نصلّي من أجل إطلاق سراح الكاهنين المخطوفين وسائر المخطوفين الأبرياء، ومن أجل الشهداء، ضحايا الحرب المجرمة التي فرضت على هذا البلد، مندّدين بأقصى العبارات بالمخطّطين والمموّلين لها، دولاً ومجموعات.

        إنّ هذه المرحلة هي من أخطر المراحل التي عرفتها المسيحية في منطقتنا المشرقية. فبسبب الاضطرابات التي تعاني منها سوريا، كما بلاد الرافدين والنيل، أضحت ظاهرة الهجرة القسرية للمسيحيين واقعاً فرض نفسه، لأنّ الصراعات الطائفية باسم الدين، تزداد متنقّلةً من بلد إلى آخر، ولأنّ الإرهاب الوحشي روّع الآمنين في أراضي الآباء والأجداد.

من هنا نلاحظ خيبة المسيحيين كما سائر الأقلّيات في بلدان الشرق الأوسط، من النهج الذي اتّخذه ويصرّ على اتّخاذه المسؤولون السياسيون في العالم الغربي. فهم يغذّون العنف بكلّ الوسائل، وذلك بالإسم المزيَّف للحرية والديمقراطية والتعدّدية، بينما يغمضون أعينهم على أنظمة لا تزال تجمع بين الدين والدولة وتحرم أقلّيات دينية من حقوقها الإنسانية الأساسية باسم دين الأغلبية. فالحلول المنشودة للأزمات الراهنة في الشرق الأوسط لن تتحقّق بالتصاريح الرنّانة والشعارات البرّاقة، بل بالعمل الجدّي لفرض احترام شرعة حقوق الإنسان المدنية لجميع المواطنين دون تمييز. وعلى الدول المُحِبَّة للسلام والعدل أن تتنادى لتحقيق المبادئ التي عليها قامت الديمقراطيات الحديثة، ومن أجلها بذلت شعوبها التضحيات الجمّة، فلا تتجاهل هذه المبادئ على مذبح المادّة والابتزاز المالي.  

إنّ المسيحيين المشرقيين يشكّلون مكوّناً عريقاً وأميناً لقضايا شعوب بلادهم، ولهم الحق أن يشاركوا سائر المكوّنات في البلد الواحد، في المواطنة الحقة وغير المنقوصة. كان المسيحيون وما زالوا، يدافعون عن هويتهم الوطنية، ويفتخرون بمساهمتهم في نموّ بلدهم، بالطريقة الحضارية التي دعتهم العناية الإلهية أن يشهدوا لها، بمحبّة وبروح العيش الواحد، يتقاسمون مع سائر المواطنين حلو الحياة ومرّها. لذا فهم يثقون بوعد مخلّصهم الرب يسوع وعهده الصادق الأمين، الذي يشدّد ضعفهم، ويحثّهم على مواصلة السير في دربه، بروح الشركة والشهادة لإنجيل المحبّة والعدل والسلام، مهما اعترت طريقهم من صعوبات وواجهتهم من تحديات. بهذا الإيمان المفعم بالرجاء والثقة بأنّنا نحن الذين نلنا نعمة التبني لله، قد رسمَنا الله على كفّه، وهو يكلأنا بحمايته ويرعانا بعينه الساهرة، على ما قال النبي أشعيا عن أورشليم: "هاءنذا على كفي رسمتكِ، وأسواركِ أمام عينيَّ في كل حين" (أشعيا 49: 16). فنحن أبناء الكنيسة المقدّسة، عروس المسيح، نتلمّس حضور الله كلّ حين في حياتنا. فهو الراعي الذي يسهر على القطيع ويشجّعه للإنطلاق في جدّة الحياة بإيمان ثابت لا تزعزعه الأنواء ولا تنال منه الشدائد: "فهو الذي يعزّينا في جميع شدائدنا لنستطيع، بما نتلقّى نحن من عزاء الله، أن نعزّي الذين هم في أيّة شدّة كانت"، كما يؤكّد لنا مار بولس رسول الأمم (2 كور 1: 4).

وإنّنا إذ نشكر الله الذي سهّل لإخوتنا الأساقفة أن يشاركوا في أعمال هذا السينودس، وبخاصّة القادمين من أبرشيات سوريا، نجد أنّه من واجبنا أن نجسّد تمنّياتنا وأدعيتنا وصلواتنا بتفعيل روح التضامن والتعاضد، لتخفيف آلام المؤمنين ومساعدتهم على متابعة الشهادة لربّهم في أرض الآباء والأجداد، وكنا قد لبّينا دعوة قداسة أبينا البابا فرنسيس، فكرّسنا يوم 7 أيلول للصلاة والصوم من أجل إحلال السلام في سوريا والشرق. وسعَينا وما زلنا لتخفيف آلام محنة النزوح المهينة التي يمرّ بها إخوة وأخوات لنا، أُرغموا على الهجرة، فأقاموا مرغَمين فيما بيننا. وما زال الكثيرون يقاومون تجربة التغرّب وراء البحار، متّكلين على الرحمة الإلهية وعلى محبّتنا الفاعلة وتضامننا الصادق مع مأساتهم وقضاياهم المصيرية.

كما نحيّي لبنان، موئل الحضارات والحريات، وندعو لهذا البلد الغالي بالاستقرار والازدهار، وبتفعيل المحبّة والألفة والتضامن بين مختلف مكوّناته، ليبقى نبراساً حضارياً لبلدان الشرق. ولن نألوَ جهداً لنذكّر المسؤولين فيه، بإنصافنا نحن السريان بما نستحقّه من حقوق في مرافق الدولة ومؤسّساتها.

سنناقش في سينودسنا موضوع الإصلاح الليتورجي في كنيستنا السريانية، وكنّا قد درسناه سابقاً، وشكّلنا لجنةً طقسيةً ليتورجية قامت بجهود كبيرة نشكرها عليها. فسنعكف على متابعة العمل في هذا الموضوع، محافظين على تقاليدنا العريقة التي نتشارك بها مع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة.

وسنعالج موضوعاً بالغ الأهمّية في حياة كنيستنا، وهو الكهنوت الخدميّ في الشرق وبلاد الانتشار، من التنشئة، إلى الرسامة، فالخدمة الراعوية في الأبرشيات، والعلاقات بين الكاهن ورئيسه الكنسي، والشراكة والانفتاح بين الكهنة، وأوضاع الكهنة الدارسين في الخارج.

وكما هو محدّد في جدول أعمال السينودس، سنستمع إلى تقارير تتناول شؤون أبرشيّاتنا وإرساليّاتنا ومؤسّساتنا في الشرق وعالم الانتشار، إضافةً إلى مؤسّساتنا الرهبانية وإكليريكيّتنا البطريركية، والوكالة البطريركية لدى الكرسي الرسولي، وملء المقعد الشاغر بين أعضاء السينودس الدائم، وتسمية زائر رسولي لإرساليّاتنا في أوروبا، وسواها من المواضيع التي سيطرحها آباء السينودس.

ولا ننسى أن نوجز أبرز الأعمال والنشاطات التي قام بها كرسينا البطريركي منذ انتهاء السينودس الماضي حتّى اليوم، ولعلّ من أبرزها وأهمّها:

المشاركة في الجمعية العامّة العادية الثالثة عشرة لسينودس الأساقفة حول "البشارة الجديدة لنقل الإيمان المسيحي"، ضمن إطار سنة الإيمان.

إختتام التحقيق الأبرشي في دعوى تطويب المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي مطران جزيرة إبن عمر في تركيا، وملفّ الدعوى الآن أمام مجمع دعاوى القدّيسين في الفاتيكان.

المشاركة في احتفالات بدء حبرية قداسة أبينا البابا فرنسيس، وتولية الإخوة البطاركة: تواضروس الثاني، يوحنّا العاشر اليازجي، لويس روفائيل الأوّل ساكو، وابراهيم إسحق.

زيارات أبوية راعوية ورسمية إلى أبناء كنيستنا وبناتها في العراق ومصر، والوكالة البطريركية في روما، وفرنسا، والمملكة المتّحدة، والولايات المتّحدة الاميركية، وكندا. وقمنا بزيارةٍ هي الأولى إلى رعايانا وإرساليّاتنا في أستراليا وهولندا. وفي هذه الزيارات كلّها، تفقّدنا شؤون الأبرشيات والإرساليات السريانية، فشجّعنا الكهنة في خدمتهم، وثبّتنا المؤمنين مستمعين إلى همومهم ومطّلعين على حاجاتهم، وقمنا بزيارات إلى بعض المسؤولين الرسميين، وإلى عدد من الإخوة الأساقفة رعاة الكنائس الشقيقة.

ألقينا كلمات عن الأوضاع في الشرق ضمن شهادة أمام مجلس رؤساء الأساقفة في الولايات المتّحدة الأميركية الذي عُقد في تشرين الثاني 2012 في مدينة بلتيمور ـ ولاية ميريلاند، وفي مؤتمر من تنظيم رسالة مريم العذراء سيّدة فاتيما، بعنوان "رسالة سيّدة فاتيما، طريق نحو السلام"، في مدينة نياغرافولس ـ كندا، في أوائل أيلول المنصرم.

تابعنا الإعداد لمشروع مار يوسف السكني في الفنار، ونأمل أن نستحصل قريباً على الرخص اللازمة للشروع ببناء مئةٍ وخمسين شقّة شكنية لشبابنا.

القيام ببعض أعمال الترميم في ساحة دير الشرفة، والبدء بترميم أسطحة إكليريكية دير الشرفة وإكسائها بالقرميد.

وأقامت كنيستنا بهمّة الشمّاس يوسف ضرغام، معرض مخطوطات دير الشرفة في جامعة الروح القدس الكسليك، في أيّار الماضي، وتضمّن ما يزخر به تراثنا من كنوز ثمينة تضمُّها نفائس الكتب والمخطوطات.

        أجدّد شكري لحضوركم، وإذ أكِل أعمال سينودسنا إلى عناية الرب وهدي أنوار روحه القدّوس، تحت أنظار أمّنا مريم العذراء والدة الإله سيّدة النجاة، وشفيع كنيستنا مار أفرام، وجميع القدّيسين والقدّيسات والشهداء والشهيدات، أسأل الله أن يؤهّلنا للعمل سويّةً يداً بيد بشراكة سينودسية ملؤها المحبّة والحقّ، فنقدِّم ما هو لخير كنيستنا المقدّسة وبنيانها، سيّما وأنّ أبناءنا وبناتنا، إكليروساً ومؤمنين، يشخصون إلينا متطلِّعين إلى ما سنقوم به تعزيزاً لشهادتنا. ܬܘܕܝ ܣܓܝ.

دير الشرفة في 2/10/2013

 

الرقم: 66/أس/2013

التاريخ: 14/9/2013

 

بيان إعلامي

صدر عن أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان التالي:

البطريرك يونان: "إسمعوا صوت الحقّ... كفّوا يدكم عن نحر الشعوب..!"

شارك غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي في مؤتمر نظّمته رسالة مريم العذراء، سيّدة فاتيما، بعنوان "رسالة سيّدة فاتيما، طريق نحو السلام"، يُعقد في مدينة نياغرافولس ـ كندا، ما بين 8 ـ 13 أيلول الجاري 2013. وقد ألقى غبطته يوم الأربعاء 11 أيلول، كلمة للمئات من المجتمعين الذين قدموا من مناطق مختلفة، ضمّت الولايات المتّحدة، أميركا اللاتينية، أوروبا، أفريقيا، وآسيا، شرح فيها الأوضاع المأساوية التي تمرّ بها بلدان الشرق الأوسط، سيّما سوريا. كما نبّه غبطته إلى المخاطر التي تجابهها الأقلّيات الدينية والقومية، وبشكل خاص المسيحيون، الذين يتعرّضون بسبب إيمانهم للإهانات والخطف والقتل، ويجبَرون على النزوح داخل سوريا وخارجها. وكلّ ذلك بحجّة أنّهم متَّهَمون بموالاة النظام! وشدّد غبطته على أنّ المسيحيين يشكّلون النسيج الأعرق والأكثر أمانة لبلادهم، كانوا وما زالوا يدافعون عن هويتهم الوطنية، ويفتخرون بمساهمتهم في نموّ بلدهم، بالطريقة الحضارية التي دعتهم العناية الإلهية أن يشهدوا لها بمحبة وبروح الأخوّة نحو الجميع.

وقد التقى غبطته مع مسؤولين كنسيين ومدنيين، وبين هؤلاء الدكتور ران بول، العضو السابق للكونغرس الأميركي والمرشَّح سابقاً عن الحزب الجمهوري إلى رئاسة الجمهورية في الولايات المتّحدة، كذلك النائب والوزير في ولاية أونتاريو كيم كريتور. وجرى تبادل للحديث معهما بوضوح وجرأة بشأن الأوضاع في الشرق الأوسط عامّةً، وشرح لهما ضرورة تجنيب سوريا أيّ ضربة عسكرية، لأنّها ستقود دون شكّ إلى كارثة عظمى للشعب السوري، كما في لبنان والعراق ولمختلف شعوب المنطقة.

أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

 

 

الرقم: 53/أس/2013

التاريخ: 31/7/2013

بيان إعلامي

صدر عن أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان التالي:

البطريرك يونان يزور السفارة الإسبانية معزّياً

زار غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك أنطاكية للسريان الكاثوليك، السفيرة الإسبانية Milagros Hernnando Etxeberria، صباح يوم الثلاثاء 30 تمّوز 2013، وقدّم لها التعزية للفاجعة التي عرفتها إسبانيا، على إثر حادثة قطار سان جاكومو دي كامبوستلا. كما دار الحديث بينهما حول الأوضاع المضطربة في منطقة الشرق الأوسط، والأحداث الدموية التي تعرفها سوريا، والتهجير الذي يتعرّض له مئات الألوف من المواطنين، وما تقوم به مؤسسات الكنيسة من خدمات اجتماعية لتأمين احتياجات النازحين من مسكن، وغذاء واستشفاء. ودعا غبطته السفيرة لزيارة دير الشرفة البطريركي، للتبرّك بأيقونة سيّدة النجاة، والتعرّف على كنوز مخطوطاته الشهيرة.

وقد شارك غبطة البطريرك في الإفطار الذي دعت اليه السفارة الإيرانية في يوم القدس، مساء اليوم عينه بدعوة من السفير غضنفر ركن أبادي، في حضور شخصيات رسمية وفعاليات سياسية واجتماعية وثقافية. وقد هنّأ غبطته السفير الإيراني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك مع التمنيات بالخير والهناء.

أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

 الرقم: 46/أس/2013

التاريخ: 20/6/2013

بيان إعلامي

صدر عن أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان الإعلامي التالي:

 البطريرك يونان يلتقي سفراء أوروبيين

بدعوة من السفير السابق جورج سيام، التقى البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي على طاولة الغداء ذي النكهة اللبنانية الذي أعدّته عقيلة السفير في منزلهما في اليرزة، عدداً من السفراء المعتمَدين في لبنان: سفيرات ألمانيا والنمسا واليونان وكندا، وسفراء إيطاليا والدنمارك وروسيا والسويد والجمهورية الشيكية، وممثّل الأمين العام للأمم المتّحدة ومدير برنامج الأمم المتّحدة الإغاثي، وممثّل الإتحاد الأوروبي في سوريا. كما حضر السفير ناجي أبي عاصي المستشار الديبلوماسي لفخامة الرئيس العماد ميشال سليمان.

قدّم البطريرك يونان للمدعويين حقيقة ما يجري في سوريا، والنتائج المريعة للصراعات الدموية التي تخضّ هذا البلد الشقيق منذ 27 شهراً، فانعكست نتائجها الوخيمة على الشعب السوري كافةً، وبشكل خاص على الأبرياء الذين أضحوا فريسة للقتل والخطف والابتزاز والتهجير، وبينهم المسيحيون وسائر المكوّنات الدينية والإتنية، فدمّرت الحجر ولم تُبقِ على البشر. وطلب البطريرك من السفيرات والسفراء أن ينقلوا معاناة الشعب السوري إلى حكومات بلادهم، كي تساهم فعلياً في إخماد نار الإقتتال، بدلاً من تأجيجه، ساعيةً  لدعوة الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات بغية المصالحة وبناء المستقبل.

كما ذكّرهم غبطته بواجب العمل الجدّي للإفراج عن المطرانين المخطوفين في شمال سوريا، يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، كقضية إنسانية تعني جميع الضمائر المخلصة.

 

 أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

 

 

 

موعظة "العنصرة" الأحد 19 أيار 2013م

لغبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان

كاتدرائية سيدة الشارة للسريان الكاثوليك، بيروت

قداس تيلي لوميير ـ نورسات ـ نور الشباب

 

******

"وهذا كلّه يعمله الروح الواحد نفسه، موزّعاً مواهبه على كلّ واحدٍ كما يشاء"

(1 كورنثس 12: 11)

ترحيب بالمشاركين والحضور...

أتينا اليوم للمشاركة كإخوة وأخوات في ذبيحة القداس الإلهية، لنشكر الرب بنوع خاص على عطيته السامية لنا التي وعد بها التلاميذ: الروح القدوس، وهو الأقنوم الثالث المتّحد مع الآب والإبن لتقديسنا... وكما يقول المزمور: "ما أجمل أن يجتمع الإخوة معاً...".

-   تُحدِّثنا القراءات التي سمعناها من الكتاب المقدس عن معنى هذا العيد العظيم، الذي ندعوه باللغات السامية "العنصرة"، وبحسب اللغة اليونانية "الفينطيكوستي" أي عيد اليوم الخمسين للقيامة. وهو عيد حلول الروح القدّوس على التلاميذ المجتمعين حول العذراء الطوباوية مريم في العلّية.

-   في ختام الإنجيل بحسب متى الرسول، استمعنا إلى الرب القائم ظافراً من بين الأموات يرسل تلاميذه أن: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس، وعلّموهم أن يعملوا كلّ ما أوصيتكم به...". فالروح المعزيّ الذي كان قد وعدهم به، هو عينه الروح القدّوس، الأقنوم المتّحد والمساوي للآب الخالق، والإبن المخلّص في سرّ وحدة الثالوث. هذا السرّ الخفيّ من الدهور الأكثر عمقاً وسموّاً في إيماننا المسيحي، والذي يستحيل أن يفقه كنهه أيُّ عقل بشري...

-   في القراءة الأولى، يُحدِّثنا سفر أعمال الرسل الذي كتبه لوقا الأنطاكي، بأنّ الروح القدّوس، قد حلّ على التلاميذ المجتمعين في أورشليم حول العذراء مريم، "بدويٍّ كريح عاصفة"، وبشكل "ألسنة من نار"، فامتلأوا منه. ووقف سمعان كيفا رئيس الرسل يكرز جهراً للآلاف من البشر الآتين من الشَتات، يذكّرهم باكتمال النبوءات بسرّ الفداء الذي أتمّه المسيح الرب، بآلامه وموته وقيامته. وبعد أن كان التلاميذ الجليليون قد تشتّتوا خائفين، نراهم ينطلقون ليحملوا البشرى السارّة إلى العالم أجمع دون عنف أو مَكر، بل بقوّة الروح وحده، حتى الاستشهاد من أجل معلّمهم المحبوب.

-   وفي القراءة الثانية، يذكّرنا بولس رسول الأمم حسبما كتب لكنيسة كورنثس، أنه هو الروح القدّوس عينه الذي يوزّع "مواهبه على كلّ واحد كما يشاء". ويوضح بأنّ هذه المواهب المتنوّعة قد جُعلت لبناء الكنيسة جسد المسيح السرّي. ويتابع الرسول ويقول: "فارغبوا بالمواهب الفضلى... وأنا أدلّكم على أفضل الطرق": المحبة..!

لذا نستطيع القول إنّ عيد العنصرة هو عيد انطلاقة الكنيسة بامتياز. الروح يرافق خطوات  الجماعة المسيحية الأولى ويوحّدها، ليعدّها كي تكون العروس التي تتألّق بجمال حبّها لعريسها المسيح الفادي، والتي ستُبرهن عن الأمانة لعريسها الإلهي، بالمحبة التي تجمع أولادها بعضهم مع بعض، محبة تبني دون غشّ ولا رياء..!

العنصرة، يقول البابا بنديكتوس الذي باركنا بزيارته التاريخية في أيلول الماضي، هي انطلاقة

"الكرازة الجديدة". والكرازة لفظة سريانية ܟܳܪܽܘܙܽܘܬܳܐ تعني إعلان البشرى السارة. فهي لا تعني الكرازة بإنجيل جديد، بل هي المتجدّدة أسلوباً، كي تعطي جواباً يناسب علامات الأزمنة وحاجات البشر والشعوب اليوم... لأنّ يسوع المسيح "هو هو أمسِ واليوم وإلى الأبد" (عبرانيين 13: 8).

وعيد "العنصرة" هو كما تعلمون العيد السنوي لمؤسسة ذات رسالة إعلامية فريدة ومميّزة، مؤسسة نحبّها جميعاً، وغالباً ما استيقظنا لنصلّي معها أو نتأمّل معها بأسرار إيماننا. لقد عرفناها وتابعناها وهي تضيء نفوس المؤمنين في بلدان المشرق وسائر أصقاع العالم. هي المؤسسة الإعلامية التي نفخر بها وندين لها بالشكر العميق، المتمثّلة بالقنوات الرائدة حاملة النور: "تيلي لوميير" وقد مرّت 23 سنة على انطلاقتها، وفضائية العائلة "نور سات" التي تعيّد ميلادها العاشر، وفضائية الشباب "نور الشباب" التي تطوي عامين من عمرها الفتيّ الواعد...

هذه القنوات الثلاث إنما هي إطلالاتٌ سماويةٌ انطلقت من لبنان، لتبارك لبنان أرضاً وشعباً، وتقرّب بين كنائسنا، وتعرّف عن تراثنا العريق والغنيّ بتنوّعه، وتربّي أطفالنا، وترافق  شبابنا، وتدافع عن قيم العائلة المسيحية المهدَّدة كياناً وأخلاقاً...

لقد سعت تيلي لوميير ونورسات ونور الشباب، وما زالت تجهد كي تكون في عصرنا اليوم شاهدةً للبشارة المحيية، وللوحدة المسيحية، وللمحبة الشاملة.

 

·        بشهادتها للبشارة المحيية، عرفت أن تكرز بكلام الله الموحى في الكتاب المقدس، وقدّمت البرامج الكتابية التي تتلائم وأعمار المشاهدين، أبحاثاً وأفلاماً، وبالتقنيات العصرية المتوفّرة، بالرغم من قلّة الموارد نسبةً لقنوات شبيهة. فجاءت كرازتها ثمرةً من أعمال الروح القدس، ترشدنا إلى المعلّم الإلهي، وتحثّنا على تذوّق كلمة الحياة، كبشرى سارّة لخلاص بشريتنا المعذّبة. تلك هي خبرة الجماعة المسيحية الأولى التي رأت كلام الله ينتشر بالوعظ والشهادة (أعمال 6/7).

·        وبشهادتها للوحدة المسيحية، برهنت على أنها تجمع ولا تفرّق بين المسيحيين والكنائس، وقدّمت بمساواة قدر المستطاع، إرثَنا الليتورجي العريق والغنيّ بتنوُّعه، بنقلها الاحتفالات الدينية، لا سيّما ذبيحة القداس الإلهية. كذلك العبادات والصلوات والترانيم من طقسية قديمة وحديثة، وزيارات لدور العبادة والأماكن الأثرية، في لبنان وسائر بلادنا المشرقية. لقد حقّقت نجاحاً منقطع النظير على درب الوحدة المسيحية، إذ كرّست برامج مطوَّلة ومتنوّعة لإكرام أمّنا الطوباوية مريم والدة الله وأمّ الكنيسة، إن في تلاوة الوردية، وإن في الترانيم والصلوات الخاصة بها. وهي الأمّ السماوية، "أمّ النور"، التي رافقت ولا تزال تضيء طريق قنوات النور.

·        ولقد برعت هذه القنوات الثلاث، ومَن سار بوحيها، بالشهادة للمحبة الشاملة، التي لا تعرف تمييزاً ولا إقصاءً. والمحبة هي أفضل المواهب التي يغمرنا بها الروح القدّوس، تعرف كيف: "تصبر وترفق... وتفرح بالحق، وهي لن تزول أبداً"، كما يذكّرنا بولس الرسول. ونقولها بكلّ اعتزاز، دون الإنتقاص من فضلٍ لآخرين، إنّ المحبة ستظلّ هويتنا المسيحية بامتياز، لأننا بها عُرفنا تلاميذاً للمسيح بدايةً في أنطاكية... وإلى أقاصي المعمورة. لذا لم يتوانَ المسؤولون والعاملون في "تيلي لوميير"، عن تجسيد المحبة الفاعلة، ففتحوا قلوبهم وبسطوا أيديهم لمن طرق بابهم، للمحتاج والمهجّر، للغريب كما للقريب... مجسّدين أعمال الرحمة التي ترضي قلب المعلّم الإلهي.

-          نثمّن الجهود الرائعة التي جعلت تيلي لوميير ونورسات ونور الشباب، شبكاتِ إعلام مسيحي يؤدّي رسالة المحبة والسلام، بأسلوب حضاري يترفّع عن المماحكات والاحتكار الأناني لدينٍ أو طائفة أو نظام سياسي. وإقراراً بالحقيقة والتزاماً بالحق، نرى واجباً علينا أن نشكر جميع الذين ساهموا في إطلاق هذه المؤسّسة الإعلامية، من روّادٍ مؤسّسين، إكليروساً ومؤمنين ومؤمنات، ومن داعمين متبرّعين، إن بأوقاتهم، أو كفاءاتهم أو أموالهم. كذلك نقدّر جهود مقدّمي البرامج، والمشاركين والعاملين في مختلف جوانب الإعلام الديني المرئي والمسموع. إننا نفخر بهم، وغالبيتهم من المتطوّعين، ما زالوا يقاسمون وقتهم، ويكرّسون كفاءاتهم، ويتبرّعون بسخاءٍ من مالهم. لقد آلوا على أنفسهم أن يحملوا هذه الرسالة الرائعة بلغة عالمنا المعاصر، التي تكاد تكون حصراً لأصحاب النفوذ والأموال، الذين يتبنّون عولمةً تؤلّه البشر وتعطي الأولوية للمادّة. وبينهم مَن يحثّ على كراهية الآخر واستبعاده، ومن يشحن النفوس ويغتال الأمل في قلوب أجيالنا الصاعدة.

-          وبالرغم من الضغوط، والحاجة الماسّة للدعم المالي، لم تكن هذه القنوات الإرسالية يوماً خانعةً لسلاطين المال، ولا ابتغت ربحاً مادّياً. ولأنها مُغرَمةٌ بربح النفوس للمسيح، ظلّت أمينةً لرسالتها، كما أرادها مؤسّسها المعتكف والحاضر دوماً، الزاهد في حطام الدنيا، الذي يتوخّى درب الكمال، كما خطّه له معلّمه الإلهي، الذي لم يكن له حجر يسند اليه رأسه!!

 

-          وإذ نتابع احتفالنا بسر المحبة على مذبح الفداء، لا يجوز لنا أن نتناسى ما حلّ بإخوةٍ وأخواتٍ لنا من نكباتٍ وتهجير، في سوريا والعراق البلدين الغاليين، فحلّوا ضيوفاً بيننا، وفتحنا لهم قلوبنا وبيوتنا ومؤسّساتنا. لنصلِّ بحرارةٍ وإيمانٍ كي تعود الألفة بين جميع مكوّنات البلد الواحد، فيحلّ السلام والأمان شرطاً ضرورياً لبناء البشر والحجر. ولنضاعف الإبتهال لله أبي المراحم كي يُفرَج عن المطرانين الجليلين يوحنا وبولس المخطوفين في حلب. ونطالب من هذا المنبر القوى الإقليمية والدولية التي تدعم الفئات الخاطفة ألا يكتفوا بالتنديد والتحسّر، بل يقوموا بخطواتٍ جدّية لإطلاق سراح الحبرين المذكورين، اللذين لا ذنب ولا انتماء سياسياً لهما في الصراع الدائر في سوريا الجريحة.

-          ويشهد التاريخ بأنّ لبناننا الحبيب، قياساً لمساحته الصغيرة وموارده الطبيعية الضئيلة، كان على مدى تاريخه وما يزال، البلد الأكثر ضيافةً والمحطّة الأكبر وسعاً للاجئين. ولكي لا تتفاقم الأمور سوءاً، من الضروري أن نرتّب البيت، ونشعر مع المواطنين الذين يئنّون من الضائقة المادّية التي نقلتهم إلى ما  دون مستوى الفقر. لذا فالمطلوب من الذين أؤتُمنوا على الشؤون السياسية أن يكفّوا عن النظر شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، فيتّفقوا فيما بينهم لكي يؤدّوا واجباتهم، وأوّلها اليوم، هو التوافق على قانونٍ انتخابي يؤمّن التمثيل الصحيح والعادل لجميع المكوّنات، أكثريةً كانوا أم أقلية، فيتساوى الجميع في الواجبات كما في الحقوق.

"تعال أيّها الروح القدس واملأنا من مواهبك، وأشعِل فينا نعمة حبّك!"

ولتشملكم جميعاً بركة الثالوث الأقدس، الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد،

له المجد إلى الأبد، آمين.

 

 

 

 الرقم: 37/أس/2013

التاريخ: 15/4/2013

بيان إعلامي

صدر عن أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية البيان الإعلامي التالي:

البطريرك يونان في فرنسا

لقاءات رسمية وخاصة تتناول الأوضاع المقلقة في الشرق الأوسط

قام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بزيارة إلى باريس، يرافقه سيادة المطران مار غريغوريرس الياس طبي رئيس أساقفة دمشق للسريان الكاثوليك، وذلك على دعوة من مؤسسة "غوث الكنيسة المتألّمة" للمشاركة في صلوات مخصّصة لـ "ليلة الشهود"، المقامة في كلّ عام، في كاتدرائية نوتردام ـ باريس. وقد شارك في ذبيحة القداس وفي الصلوات واللقاءات إلى جانب غبطته، كلٌّ من كردينال أبوجا، عاصمة نيجيريا، ومطران من البرازيل، وراهبة من أخوات المحبة قادمة من لاوس ـ آسيا.

وفي الأيام التي سبقت هذا الاحتفال الديني الرئيسي مساء الجمعة في 12 الجاري، أجرى البطريرك يونان مقابلات مع الصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة، حيث قدّم نظرته وشهاداته حول الأوضاع  المقلقة التي تعرفها بلدان الشرق الاوسط بشكل عام، وحول التحدّيات التي تجابه مسيحييه، سيّما في سوريا، ولبنان، والعراق، ومصر... وأجرى بنوع خاص مقابلات إذاعية مع راديو نوتردام، ومع تلفزيونKTO ،  ودعي إلى نشرة الأخبار المسائية للقناة الأولى الفرنسية TF1كما أقيم مؤتمر صحفي مع غبطته في مقر مؤتمر الأساقفة الكاثوليك. وشارك غبطته في جلسة نقاش مفتوحة حول الحرية الدينية في بلدان ما سمّي بـ "الربيع العربي"، وذلك في قاعة للمجلس الوطني (البرلمان) الفرنسي، بحضور نواب ووزراء ورسميين، وعدد غفير من الصحفيين والمواطنين، وقد دعا إليها النائب جان ـ فريدريك بواسون  Poisson.

وقام غبطته، أثناء وجوده في باريس، بلقاءات مع رسميين في الوزارة الخارجية. والتقى بشكلٍ منفردٍ بالسيد نيكولا ساركوزي رئيس الجمهوية الفرنسية السابق، وبالسيد فرنسوا بايرو رئيس "الحركة الديمقراطية"، وتبادل مع كلٍّ منهما الحديث في شؤون منطقة الشرق الأوسط، لا سيّما فيما يخصّ الأحداث المقلقة، والأخبار التي تُنقَل عن بعض السياسيين في فرنسا وبريطانيا المطالبين بتسليح المعارضة السورية، والنتائج المروّعة التي ستنجم عن هذا التسليح، وأقلّها استمرار أعمال العنف إلى أجلٍ طويلٍ يدفع ثمنه الشعب السوري.

وقبل أن يعود غبطته إلى لبنان، سيتوجّه إلى روما، حيث يقابل قداسة البابا فرنسيسكو، لشكره على اهتمامه بالسلام في منطقة الشرق الأوسط، وليسأله أن يستمر في الجهود المبذولة لإقناع الدول التي تتدخّل في الشأن السوري، أن تكفّ عن تحريضها على استمرار العنف وشحن النفوس بالبغض الطائفي.

 

ܐܓܪܬܐ ܕܥܐܕܐ ܕܩܝܡܬܐ ܦܪܘܩܝܬܐ

ܫܢܬ ܒ̱ܝܓ

رسالة عيد القيامة المجيدة

عام 2013

 

ܒܫܡ ܐܝܬܝܐ ܡܬܘܡܝܐ ܐܠܨܝ ܐܝܬܘܬܐ ܐܚܝܕ ܟܠ

ܐܝܓܢܐܛܝܘܣ ܝܘܣܦ ܬܠܝܬܝܐ ܕܒܝܬ ܝܘܢܐܢ

ܕܒܪ̈ܚܡܘܗܝ ܕܐܠܗܐ

ܦܛܪܝܪܟܐ ܕܟܘܪܣܝܐ ܫܠܝܚܝܐ ܕܐܢܛܝܘܟܝܐ ܕܣܘܪ̈ܝܝܐ

 

باسم الأزلي السرمدي الواجب الوجود الضابط الكل

اغناطيوس يوسف الثالث يونان

بمراحم الله

بطريرك الكرسي الرسولي الأنطاكي للسريان

إلى إخوتنا الأجلاء رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الاحترام

وأولادنا الخوارنة والكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة الأفاضل

وجميع أبنائنا وبناتنا المؤمنين المباركين بالرب

نهديكم البركة الرسولية والنعمة والمحبة والسلام بمخلّصنا يسوع المسيح:

"لأنّنا إذا شاركناه في آلامه، نشاركه في مجده أيضاً"

·مقدّمة: محورية القيامة

في مثل هذه الأيّام من كلّ عام، نحيي بشكلٍ فريد ومميّز حدث قيامة الرب يسوع من بين الأموات، وهو ملء الفداء الذي أتمّه المخلّص بآلامه وموته وانبعاثه ممجَّداً من القبر. مع المسيح نتألّم، ومعه نموت عن الخطيئة، ومعه نقوم لحياة جديدة، كي نشاركه في مجد سعادة السماء.

بعد أن دخل يسوع إلى أورشليم يوم الأحد راكباً جحشاً بن آتان بتواضعٍ منقطع النظير، أسّس السرّ الفصحي من خلال ثلاثية خميس الأسرار وجمعة الآلام العظيمة وسبت النور. هذا السرّ ليس فقط تذكاراً لحدثٍ من الماضي، بل هو حاضرٌ على الدوام بالشكل الأسراري من خلال حياة النعمة بالروح القدس. وهذا ما عناه مار بولس رسول الأمم بقوله: "فأعرفه وأعرف قوة قيامته والمشاركة في آلامه، فأتمثّل به في موته، لعلّي أبلغ القيامة من بين الأموات" (في 3: 10 ـ 11)، وقوله أيضاً: "لأنّنا إذا شاركناه في آلامه، نشاركه في مجده أيضاً" (روم 8: 17).

·من الصليب إلى القيامة

إنّ المسيح كلمة الله المتأنّس، المسمَّر على خشبة الصليب، هو ذبيحة فداء عن البشرية جمعاء، إتماماً لإرادة الآب الخلاصية، وتحقيقاً لسرّ محبّته العظمى: "لقد تمّ كلّ شيء" (يو 19: 30)، و"يا أبتِ، بين يديك أستودع روحي" (لو 23: 46). هو ملك المحبّة التي تفوق كلّ كنوز الأرض، ورغم هول الصليب يفكّر الفادي بنا، فيسلّم أمّه مريم الأمومةَ الشاملة لجميع الناس ولكلّ واحدٍ منهم، بشخص يوحنّا الحبيب، هم الذين تركوه وخذلوه وصلبوه: "يا امرأة هذا ابنكِ، ويا يوحنّا، هذه أمّكَ" (يو 19: 26 ـ 27). إنّ مأساة الصليب متواصلة بسبب خطايا كلّ إنسان، لكنّ ذبيحته دائمة في سرّ الإفخارستيا، أي تجديد العشاء الفصحي، تكفيراً عن خطايا كلّ واحدٍ منّا. 

في باعوث (طلبة) مار أفرام بحسب طقس يوم الجمعة العظيمة، يتأمّل آباؤنا السريان بالابن المصلوب الذي آلف ووحّد بين أقطار المسكونة الأربعة بواسطة الصليب الرباعيّ الأبعاد، محوّلاً إيّاه من مصدرٍ للعار واللعنة إلى مَعينٍ للبركات والخيرات:

"ܡܬܰܚ ܢܰܦܫܶܗ ܒܰܪ ܐܰܠܳܗܳܐ ܥܰܠ ܩܰܝܣܳܐ ܕܰܨܠܺܝܒܽܘܬܳܐ܆ ܘܒܰܦܫܳܛܳܐ ܕܬܰܪܬܶܝܢ ܐܺܝܕ̈ܰܘܗܝ ܐܶܚܰܕ ܠܰܐܪܒܰܥ ܦܶܢܝ̈ܳܬܐ. ܐܳܘ ܨܠܺܝܒܳܐ ܕܰܡܠܶܐ ܚܶܣܕܳܐ ܘܢܳܒܥܳܐ ܡܶܢܶܗ ܚܰܠܝܽܘܬܳܐ܆ ܩܒܺܝܥܳܐ ܒܶܗ ܠܰܘܛܰܬ ܚܰܘܳܐ ܘܰܡܠܶܐ ܟܽܠܶܗ ܒܽܘܪ̈ܟܳܬܳܐ".

وترجمته: "مدّ ابن الله نفسه على خشبة الصليب، وببسط يديه الإثنتين ضبط الجهات الأربع. أيها الصليب المملوء عاراً ومنه تنبع الحلاوة، إنّ لعنة حواء قابعة فيه وهو المفعم بالبركات".

كتب المفكّر المسيحي الفرنسي باسكال: يوجد في العالم ثلاث مراتب من العظمة: مرتبة المادّيات، وفوقها مرتبة الفهم الخارق، وفوق الإثنتين، مرتبة الحبّ والجودة التي هي ميزة الإله المتأنّس، يسوع المسيح، وتُسمّى مرتبة القداسة. إلى هذه الأخيرة ينتمي المسيحيون، بحكم دعوتهم. وقد تجلّت لنا بسموّها على خشبة الصليب، ومنها وُلدت البشرية الجديدة المتمثّلة بالكنيسة، "جسد المسيح السرّي"، بتعبير القدّيس بولس، أو "المسيح الكلّي" بتعبير القدّيس أوغسطينوس.  

·من الآلام إلى المجد

حقّق يسوع، من خلال الألم، فداءَ البشرية، ففي سيره على درب الآلام وارتفاعه على خشبة الصليب، قضى على عبثية الألم والموت، واهباً الإنسان النعمة والتبرير. وها هو يشرح حقيقة هذا الأمر حينما قال لتلميذَي عمّاوس: "يا قليلَي الفهم وبطيئَي القلب عن الإيمان بكلّ ما تكلّم به الأنبياء، أما كان يجب على المسيح أن يعاني تلك الآلام فيدخل في مجده؟" (لو 24: 25 ـ 26).

ومثلما دخل يسوع بآلامه إلى المجد، هكذا كان نصيب رُسُله من هذه الآلام التي أدخلتهم، هم أيضاً، إلى المجد السماوي: "ما كان الخادم أعظم من سيّده" (يو 15: 20). ولا يزال نصيب الآلام، حتّى يومنا هذا، طريق المؤمن إلى ملكوت السماوات، فكم من الآلام نعاني، جسدية ونفسية، مادّية ومعنوية!

لم يأتِ المسيح لينهي الآلام ويزيل الضيقات والصعوبات، بل جاء ليعلّمنا كيف نتغلّب على الألم ونجعل منه طريقاً إلى الملكوت، وكيف نداوي الجراح بزيت الغفران وبلسم المحبّة. يقول بطرس الرسول: "لهذا دُعيتم، فقد تألّم المسيح أيضاً من أجلكم وترك لكم مثالاً لتقتفوا آثاره" (1 بط 2: 21). والأثرُ الأكبر الذي تركه لنا، محبّتُه الكُبرى التي أوصلته إلى بذل ذاته على الصليب. وما يجعلنا نتغلّب على مرارة الألم هو عيشنا وصية الرب بمحبّة بعضنا البعض كما أحبّنا هو، لننتقل معه من الموت إلى الحياة. ويوضح القدّيس يوحنّا ذلك في رسالته الأولى بقوله: "نحن نعلم أنّنا انتقلنا من الموت إلى الحياة لأنّنا نُحبّ إخوتنا، مَن لا يحبّ بقي رهن الموت" (1 يو 3: 14).

لا تقف القيامة ومفاعيلها عند حدود الحياة الروحية فقط، بل تتعدّاها لتبلغ بها إلى الحياة الخلقية والاجتماعية والسياسية. والبابا الطوباوي يوحنّا بولس الثاني يقول: "فالفداء القائم على الصليب والموت والقيامة يشكّل الحدّ الإلهي للشرّ، بحيث أنّ الشرّ أضحى مغلوباً جذرياً بالخير، والبغض بالحبّ، والصليب والموت بالقيامة" (يوحنّا بولس الثاني، ذاكرة وهوية، صفحة 35).

· 

·جراح المسيح علامة فارقة للقيامة

إنّ توما، أحد التلاميذ الإثني عشر، وقد شكّ بالقيامة، جثا ساجداً أمام المخلّص، معلناً إيمانه بقيامته، بعد أن تلمّس جراح الصلب وطعنة الحربة التي أصبحت، بالنسبة إليه، علامات فارقة (يو 20: 24 ـ 29).

لم تُلغِ القيامة جراح المسيح، بل بقي جسده موسوماً بها ليؤكّد أنّ "المحبّة أقوى من الموت". فآثار المسامير وطعنة الحربة لم تشوّه منظره، بل جعلته أكثر إشراقاً.

إنّ أحد اللاهوتيين يشبّه هذه السمات "بالأوسمة التي زيّنت جسده بعد انتصاره على الخطيئة والشرّ". وسيحمل الفادي جراحه إلى السماء لأنّها هي التي ستكون أبلغ شاهدٍ لشفاعته لدى الله الآب من أجل الخطأة: "هو الذي حَمَل خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن خطايانا فنحيا للبِرّ. وهو الذي بجراحه شفيتم" (1 بط 2: 24). وقد أطلق الفنّانون العنان لمخيّلاتهم في رسم صُوَر المسيح، فنجد في جميع لوحاتهم آثار الجراح في يدَيه ورجليه وجنبه تأكيداً لهذه الحقيقة اللاهوتية: إنّه لولا العذاب لما كان الفداء، ولولا إكليل الشوك لما كان إكليل المجد.

 

·من الحزن إلى الفرح

ما يشدّ الانتباه في حادثة ظهور يسوع لتلاميذه أنّهم فرحوا لمشاهدته بعد أن أراهم يدَيه وجنبه. فلم يكن فرحهم بخبر القيامة بقدر ما كان الفرح بشخص القائم من بين الأموات الحامل علامات الصليب. وهذه إشارة إلى أنّ العذاب ليس طريق المجد وحسب، بل هو أيضاً طريق الفرح، إذا ارتضيناه مع المسيح ومن أجله. كما أنّ "الرسل انصرفوا من المجلس فرحين بأنّهم وُجدوا أهلاً لأن يُهانوا من أجل اسم يسوع" (أع 5: 41).

يدعو بطرس الرسول إلى فرح الاشتراك في عذابات المسيح: "افرحوا بقدر ما تشاركون المسيح في آلامه، حتّى إذا تجلّى مجده كنتم في فرح وابتهاج" (1 بط 4: 13). ويعبّر بولس الرسول عن فرحه بالعذابات التي يتحمّلها: "يسرّني الآن ما أعاني لأجلكم، فأتِمّ في جسدي ما نقص من شدائد المسيح، في سبيل جسده الذي هو الكنيسة" (كول 1: 24)، "قد امتلأتُ بالعزاء وفاض قلبي فرحاً في شدائدنا كلّها" (2 قور 7: 4).

لقد أنبأ المسيح بهذا الفرح الناتج من العذاب حين قال لتلاميذه في أثناء العشاء الأخير: "الحقّ الحقّ أقول لكم: ستبكون وتنوحون، وأمّا العالم فيفرح. ستحزنون، ولكنّ حزنكم سينقلب فرحاً... وما من أحد يسلبكم هذا الفرح" (يو 16: 20 ـ 22).

يعيش الناس في حياتهم اليومية أنواعاً شتّى من الألم والمعاناة، فأفراد العائلة يعانون ويتألّمون لإصابة أحدهم بمرضٍ عضال، أو لخيانة زوجية، ويتألّم الأفراد والجماعات بسبب فراقٍ أو خيانةٍ أو غدر. إلا أنّ المؤمن يُطلَب منه أن يفرح، حتّى في عذاباته، ولا يعني ذلك إنكار الإحساس البشري والشعور الإنساني، أو الاستكانة الراضخة لصعوبات الحياة وتحدّياتها، أو التلذّذ المرضي بالألم والتعبّد الخاطئ بإذلال الجسد. إنّما الفرح في العذاب عند المؤمن ينبع من التسامي فوق الألم، فلا يرزح تحت وطأته، بل يجعله باباً للدخول في المجد السماوي: "إنّ آلام الزمن الحاضر لا تعادل المجد الذي سيتجلّى فينا" (روم 8: 18). ويفرح المسيحي في عذاباته لأنّه يتمثّل بالمسيح الذي تحمّل الآلام والصليب. فمَن لا يحمل صليبه كلّ يوم ويتبعه ليس أهلاً له (مت 10: 38).

في معرض التعبير عن الفرح بالقيامة، تؤكّد صلوات رتبة السلام التي تحتفل بها كنيستنا السريانية في قداس العيد، أنّ القيامة هي زمن الفرح والسرور للسماء والأرض، وهي مجلبة الأمن والسلام:

"ܒܗܳܢܳܐ ܥܺܐܕܳܐ ܚܳܕܶܝܢ ܒܶܗ ܫܡܰܝܳܐ ܘܰܐܪܥܳܐ ܘܟܽܠ ܕܰܒܗܽܘܢ܆ ܕܒܶܗ ܩܳܡ ܡܳܪܰܢ ܡܶܢ ܩܰܒܪܳܐ ܘܰܐܒܗܶܬ ܐܶܢܽܘܢ ܠܨܳܠܽܘ̈ܒܶܐ... ܘܝܰܗ̱ܒ ܗܘܳܐ ܠܳܗ̇ ܠܥܺܕܰܬ ܩܽܘܕܫܳܐ ܫܠܳܡܳܐ ܘܫܰܝܢܳܐ ܐܰܡܺܝܢܳܐ".

وترجمته: "في هذا العيد تفرح وتبتهج السماء والأرض وكلّ ما فيهما، إذ فيه قام ربّنا من القبر وأخزى الصالبين... ومنح الكنيسة المقدّسة السلام والأمان الدائم".

 

·الكنيسة الجامعة في فرح وعيد

منذ بضعة أسابيع، وبعد حبرية عابقة بعطر رائحة المسيح الزكية، تلك التي ملأت أجواء لبنان الحبيب بالبركة والوداعة، أضحى قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر لنا المثال، مقدّماً للعالم كلّه أمثولةً عظيمةً عن أنّ الإيمانَ فعلُ حبٍّ كبير للمسيح وكنيسته، وفعلُ تسليمٍ مطلق لإرادة الله، وفعلُ تواضعٍ وتجرّدٍ عميق من الذات، وهو المتسامي فضيلةً وعلماً. فأعلن استقالته، بالغاً الذروة في مفهوم المسؤولية وفي الشجاعة على ممارستها.

وقد أنعم الله على كنيسته ببابا جديد، يحمل المشعل ويتابع المسيرة، متقدّماً أبناء الكنيسة الجامعة وبناتها، وسائراً بهم إلى مروج العزّ والفضيلة. إنّه البابا فرنسيسكو، هذا الإنسان المتواضع، الوديع، المحبّ الفقراء والضعفاء والمحتاجين والمهمَّشين، مقتفياً إثر المسيح وناهجاً على خطى أسلافه العظام.

إننا نصلّي ضارعين إلى الرب الإله كي يمنحه الصحة والعافية، ويأخذ بيده لما فيه خير الكنيسة المقدّسة التي تسير في بحرٍ متلاطم الأمواج، فيقودها إلى ميناء الأمان والسلام.

·صدى العيد في شرقنا والعالم اليوم

تعيش منطقتنا الشرق أوسطية هذه الأيام حالةً من عدم الاستقرار والقلق، إذ تعاني دولٌ عدّة فيها من حروب وصراعات ونزاعات تهدّد وجودها ومستقبل مواطنيها. فتغيب عن كثيرين منهم فرحة العيد ليحلّ مكانها الحزن والألم.

إننا، ومن موقعنا كرعاة روحيين مؤتمَنين على حياة أبنائنا وخلاص نفوسهم، نكرّر مع ذوي الفطنة والحكمة شجبَنا وإدانتَنا لاستعمال العنف والسلاح بحجّة نشر الديمقراطية وأفكار الإصلاح. إنّ مفهوم الديمقراطية، أي ممارسة الشعب حقَّه في تنظيم حياته المدنية، يعني مسيرةً حضاريةً هدفها حياة الإنسان وليس موته. فلا سبيل لنشر الديمقراطية الحقّة ولتفعيل المساواة في المواطنة بين الجميع في البلد الواحد، بغضّ النظر عن العدد أو العرق أو الدين، إلا بالجلوس على طاولة المفاوضات عبر الحوار البنّاء، وانتهاج لغة العقل بالاحترام المتبادل. وهذا يتطلّب شجاعةً تزيل ما ترسّب من اتّهاماتٍ وآثارٍ سلبية للنزاعات.

إننا ندرك أنّ ما تكابده شعوبٌ عدة في مشرقنا، من مختلف أشكال الترهيب والتنكيل والأخطار التي تهدّد الحياة والكيان، هو تحدٍّ كبير أرغم الكثيرين من أبنائنا على مغادرة ديارهم وترك ممتلكاتهم، بحثاً عن مكانٍ ينعمون فيه بالأمان والطمأنينة. منهم من نزح إلى مناطق أكثر أمناً ضمن البلد الواحد، وآخرون هاجروا بلاد المنشأ بحثاً عن عيشٍ حرّ ومستقبل كريمٍ في بلدٍ غريب.

لا تزال أفكارنا وقلوبنا ومشاعرنا متوجّهةً خصوصاً إلى سوريا الجريحة، التي يعاني مواطنوها صراعاتٍ ومعارك دامية تتفطّر من جرائها الأكباد. وها هي سوريا يسودها الخراب والدمار والتفتّت يوماً بعد يوم. وها هم عشرات الأبرياء يسفكون دماءهم على مذبح الوطن، والاقتصاد في حالة تقهقُر، ومؤسّسات الدولة والمجتمع المدني تتكبّد الأضرار الفادحة.   

أمام هول المآسي والآلام التي فُرِضت على الشعب السوري ظلماً وبهتاناً، لا يسعنا إلا أن نجدّد محبّتنا وتضامننا ومشاركتنا الصلاة الحارة من أجل جميع المواطنين في سوريا، وبخاصة أبنائنا وبناتنا في أبرشياتنا السريانية الأربع في دمشق وحمص وحلب والجزيرة، رعاةً روحيين وإكليروساً ومؤمنين. ونحن نتوجّه إليهم، بثقةٍ وإيمانٍ ببشرى السلام التي حملها القائم من بين الأموات، متيقّنين أنّ درب الآلام التي يعانونها الآن لا بدّ وأن ينبلج في نهايتها فجر القيامة.

كما نهيب بجميع الأطراف المتنازعين، أن يحكّموا ضميرهم الأخلاقي وحسّهم الوطني، فلا يتأثّروا بأيّ ضغطٍ أو إملاء من أيّ جهةٍ أتى، بل يعتمدوا جميعاً لغة الحوار والتفاهم والمصالحة، نابذين لغة السلاح والعنف والتطرّف التي لن تؤدّي إلا إلى المزيد من القتل والدمار وتفتيت الوطن. وإذ نسأل للشهداء الرحمة، ندعو للجرحى والمصابين بالشفاء والتعافي، وللمفجوعين بفقد عزيز بنعمة الصبر والتعزية السماوية.                       

ولا يغيب عن بالنا العراق، بلاد الرافدين، البلد الأمّ لعددٍ كبيرٍ من المواطنين المعذَّبين، الذي لا يزال يعاني ويتألّم. إننا نحثّ جميع مكوّناته على التعاضد وشبك الأيدي للنهوض به وإحلال الأمن والسلام في ربوعه، وذلك بنبذ شرور الطائفية والعصبية والقبلية التي تقف عائقاً أمام تقدّمه وازدهاره.

ونوجّه محبّتنا وصلاتنا بشكلٍ خاص إلى أبناء أبرشياتنا هناك، سيّما في بغداد والموصل وسهل نينوى وإقليم كردستان والبصرة، مشجّعينهم على مواصلة الشهادة للرب في هذا البلد العزيز، فهم مكوِّنٌ أصيلٌ ومؤسِّسٌ فيه. كما نحيّي بالمحبّة مهنّئين غبطة أخينا البطريرك الجديد للكنيسة الكلدانية مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، وقد شاركنا بفرح في حفل توليته في بغداد منذ ثلاثة أسابيع، راجين أن يكون عهده مدعاة خير وبركة للمؤمنين هناك.

إننا نهنّئ أبناءنا وبناتنا في الأردن، بمناسبة عيد القيامة المجيدة، متمنّين لهم كلّ خير، ولبلدهم دوام التطوّر والازدهار.

كما نتوجّه بالمعايدة إلى أبنائنا وبناتنا في الأراضي المقدّسة، ونصلّي من أجلهم كي يقوّيهم الرب لأداء الشهادة لإنجيل المحبّة والسلام.

أما مصر، فقد زرناها منذ أسبوعين، وشاركنا في حفل تولية غبطة أخينا الأنبا ابراهيم اسحق البطريرك الجديد للأقباط الكاثوليك، وزرنا قداسة أخينا الأنبا تاوضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس، وشكرنا الله لما لمسنا من محبة أخوية وتضامن كلّي بين الرعاة الروحيين والمؤمنين هناك. وإنّنا فيما نهنّئ أبناء كنيستنا هناك بالقيامة المجيدة، نضرع إلى الفادي المنبعث أن يحلّ أمنه وسلامه في هذا البلد، بالوحدة والألفة بين مواطنيه على تنوُّع انتماءاتهم.

وبهذا العيد المجيد، لا يفوتنا أن نعايد أبناءنا وبناتنا في تركيا، متمنّين لهم أيّاماً هانئة، ومثمّنين دورهم وعملهم في المحافظة على الوجود التاريخي لكنيستنا وشعبنا السرياني هناك.

أما لبنان، وطننا الحبيب، الذي لا يزال يعاني الإنقسامات والتشنّجات بين أبنائه، والتي تزداد خطورتها، سيّما بعد استقالة الحكومة وانتظار تشريع قانون انتخابي تتوافق عليه أقلّه الأغلبية.

إنّ الواجب يدعونا إلى إيقاظ اللبنانيين على ما وصلوا إليه من سوء حال، والإهابة بهم إلى تناسي خلافاتهم الشخصية والحزبية والطائفية، والاستماع إلى صوت الضمير في ظلّ الوضع الخطير الذي نعيشه اليوم، سيّما على المستوى الأمني والمعيشي والاقتصادي والاجتماعي. هذا الأمر يقتضي من أصحاب الإرادات الصالحة العمل على رصّ الصفوف، وجمع القوى، للنهوض بالوطن من كبوته. وهذا لن يكون بالهرب من الواقع وبتجاهله، بل بمعالجته بالحكمة والرويّة، وبما يستوجبه من دقّة، وبالعودة إلى الروحية التي وضعت أسس العيش الواحد بين اللبنانيين.

من هنا ندعو القيّمين على شؤون البلاد أن يتحلّقوا حول فخامة رئيس الجمهورية، على طاولة حوار صريح وحضاري، ويبادروا إلى تأليف حكومة تكون قادرة على مواجهة التحدّيات التي تعصف بالوطن، وتجري الانتخابات النيابية التي يجب أن تتمّ وفق قانونٍ انتخابي يؤمّن التمثيل العادل والشامل لكلّ مكوّنات المجتمع وفئاته.

أمّا أبناؤنا وبناتنا في بلاد الانتشار، في أوروبا وأميركا وأستراليا، فإننا نهنّئهم بهذا العيد المجيد، معبّرين لهم عن محبّتنا الأبوية وافتخارنا بهم، ممتدحين إيمانهم والتزامهم بكنيستهم الأمّ وتعلّقهم الدائم ببلاد نشأتهم. وقد قمنا في شهر شباط المنصرم بزيارة مؤمنينا المنتشرين في أستراليا، وفرحنا كثيراً بما لمسناه لديهم من شعور كنسي وتعلُّق بالشرق.

وإذ نؤكّد حرصنا على متابعة شؤون كنائسنا في بلاد الانتشار، نحثّ أبناءنا هناك على التواصل الدائم مع الكنيسة والوطن في الشرق، والحفاظ على وديعة الإيمان والتراث السرياني الأصيل ونقلهما إلى الأجيال اللاحقة، حتى تتعزّز الشهادة الواحدة لإيماننا وتراث كنيستنا.

·خاتمة: القيامة تنقلنا من الخوف إلى السلام:

يؤكّد قداسة البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر في رسالته "الشخص البشري قلب السلام"، أنّ السلام ينبع من قلب الإنسان: "بما أنّ الفرد البشري مخلوق على صورة الله... فهو مدعو، بفعل النعمة، إلى إنضاج قدرته على المحبّة، وتطوير العالم، بتجديده إيّاه في العدالة والسلام الذي هو نعمة وعطية من الله ومهمّة... إنه (أي السلام) يتجلّى في خلق الكون وفي افتداء البشرية من فوضى الخطيئة... فالخلق والفداء يمهّدان لفهم معنى وجودنا على الأرض" (من رسالته "الشخص البشري قلب السلام"، فقرة 2 و3).

بعد أن خيّم الحزن على التلاميذ في أثناء العشاء السرّيّ بسبب قرب فراق معلَّمهم، يسكّن يسوع روعَهم بقوله: "السلام أستودعكم وسلامي أعطيكم" (يو 14: 27). وبعد موته ودفنه، يحضر في وسطهم ليهدّىء اضطرابهم، مردّداً تحيّة السلام، ليعلّمنا أنّنا بالسلام نستطيع أن نقهر الشرّ ونمحو الخوف ونزرع الوفاق.

أيها الأحبّاء، إنّ معنى احتفالنا السنوي بشكلٍ خاص بقيامة يسوع هو أننا مدعوون كي نقوم معه من ظلمة الخطيئة إلى نور النعمة، وأنّ بلاد هذا المشرق المعذَّب مدعوّة أيضاً لتقوم بوجهٍ مضيءٍ، متغلّبةً على كلّ آثار الشرور وتداعيات الصراعات العنيفة وشبح اليأس في مسيرتها الزمنية على هذه الأرض.

نجدّد التهنئة بهذا العيد المجيد، سائلين الرب يسوع القائم من بين الأموات أن يعيده عليكم جميعاً بالخير والبركة، بشفاعة والدته القديسة مريم وجميع القديسين والشهداء، ولتشملكم جميعاً بركة الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين. 

ܡܫܺܝܚܳܐ ܩܳܡ ܡܶܢ ܒܶܝܬ ܡܺܝ̈ܬܐ܆ ܫܰܪܝܪܐܝܬ ܩܳܡ

مشيحو قوم من بيت ميثيه، شاريروإيث قوم             المسيح قام من بين الأموات، حقاً قام

صدر عن كرسينا البطريركي في بيروت ـ لبنان

 في اليوم السادس والعشرين من شهر آذار عام 2013،

وهي السنة الخامسة لبطريركيتنا  

 

الرقم: 19/أس/2013

التاريخ: 27/3/2013

بيان إعلامي

            صدر عن أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك البيان الإعلامي التالي:

البطريرك يونان يوجّه رسالة عيد القيامة

ندعو إلى الالتفاف حول رئيس الجمهورية على طاولة الحوار وتأليف حكومة قادرة

يجب أن تجري الانتخابات النيابية وفق قانون يؤمّن التمثيل العادل والشامل

 

أكّد غبطة بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان أنّ على "القيّمين على شؤون البلاد أن يتحلّقوا حول فخامة رئيس الجمهورية، على طاولة حوار صريح وحضاري، ويبادروا إلى تأليف حكومة تكون قادرة على مواجهة التحدّيات التي تعصف بالوطن، وتجري الانتخابات النيابية التي يجب أن تتمّ وفق قانونٍ انتخابي يؤمّن التمثيل العادل والشامل لكلّ مكوّنات المجتمع وفئاته". كلام البطريرك يونان جاء في رسالة عيد القيامة التي وجّهها إلى أساقفة وكهنة وإكليروس وأبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية وبناتها في لبنان والشرق والعالم، حيث حثّ جميع اللبنانيين على التيقّظ لما وصلوا إليه من سوء حال، وأهاب "بهم إلى تناسي خلافاتهم الشخصية والحزبية والطائفية، والاستماع إلى صوت الضمير في ظلّ الوضع الخطير الذي نعيشه اليوم، سيّما على المستوى الأمني والمعيشي والاقتصادي والاجتماعي".

وشدّد على أنّ "لبنان، وطننا الحبيب، لا يزال يعاني الإنقسامات والتشنّجات بين أبنائه، والتي تزداد خطورتها، سيّما بعد استقالة الحكومة وانتظار تشريع قانون انتخابي تتوافق عليه أقلّه الأغلبية". واعتبر أنّ "هذا الأمر يقتضي من أصحاب الإرادات الصالحة العمل على رصّ الصفوف، وجمع القوى، للنهوض بالوطن من كبوته، مؤكّداً أنّ هذا الأمر "لن يكون بالهرب من الواقع وبتجاهله، بل بمعالجته بالحكمة والرويّة، وبما يستوجبه من دقّة، وبالعودة إلى الروحية التي وضعت أسس العيش الواحد بين اللبنانيين".

 وأكّد غبطته أنّ "الواجب يدعونا لنحثّ القيّمين على شؤون البلاد أن يتحلّقوا حول فخامة رئيس الجمهورية، على طاولة حوار صريح وحضاري، ويبادروا إلى تأليف حكومة تكون قادرة على مواجهة التحدّيات التي تعصف بالوطن، وتجري الانتخابات النيابية التي يجب أن تتمّ وفق قانونٍ انتخابي يؤمّن التمثيل العادل والشامل لكلّ مكوّنات المجتمع وفئاته". 

وتطرّق إلى الأوضاع في الشرق مشيراً إلى أنّ "منطقتنا الشرق أوسطية تعيش هذه الأيام حالةً من عدم الاستقرار والقلق، إذ تعاني دولٌ عدّة فيها من حروب وصراعات ونزاعات تهدّد وجودها ومستقبل مواطنيها. فتغيب عن كثيرين منهم فرحة العيد ليحلّ مكانها الحزن والألم".

وكرّر غبطته "مع ذوي الفطنة والحكمة شجبَنا وإدانتَنا لاستعمال العنف والسلاح بحجّة نشر الديمقراطية وأفكار الإصلاح"، مؤكّداً أنّ "مفهوم الديمقراطية، أي ممارسة الشعب حقَّه في تنظيم حياته المدنية، يعني مسيرةً حضاريةً هدفها حياة الإنسان وليس موته". واعتبر أنّ "لا سبيل لنشر الديمقراطية الحقّة ولتفعيل المساواة في المواطنة بين الجميع في البلد الواحد، بغضّ النظر عن العدد أو العرق أو الدين، إلا بالجلوس على طاولة المفاوضات عبر الحوار البنّاء، وانتهاج لغة العقل بالاحترام المتبادل. وهذا يتطلّب شجاعةً تزيل ما ترسّب من اتّهاماتٍ وآثارٍ سلبية للنزاعات".

وأشار غبطته إلى أنّ "ما تكابده شعوبٌ عدة في مشرقنا، من مختلف أشكال الترهيب والتنكيل والأخطار التي تهدّد الحياة والكيان، هو تحدٍّ كبير أرغم الكثيرين من أبنائنا على مغادرة ديارهم وترك ممتلكاتهم، بحثاً عن مكانٍ ينعمون فيه بالأمان والطمأنينة. منهم من نزح إلى مناطق أكثر أمناً ضمن البلد الواحد، وآخرون هاجروا بلاد المنشأ بحثاً عن عيشٍ حرّ ومستقبل كريمٍ في بلدٍ غريب".

من هذا المنطلق، توجّه غبطته إلى أبناء الكنيسة السريانية في "سوريا الجريحة، التي يعاني مواطنوها صراعاتٍ ومعارك دامية تتفطّر من جرائها الأكباد". وأشار إلى أنّ "سوريا يسودها الخراب والدمار والتفتّت يوماً بعد يوم. وها هم عشرات الأبرياء يسفكون دماءهم على مذبح الوطن، والاقتصاد في حالة تقهقُر، ومؤسّسات الدولة والمجتمع المدني تتكبّد الأضرار الفادحة".   

وناشد غبطته "جميع الأطراف المتنازعين، أن يحكّموا ضميرهم الأخلاقي وحسّهم الوطني، فلا يتأثّروا بأيّ ضغطٍ أو إملاء من أيّ جهةٍ أتى، بل يعتمدوا جميعاً لغة الحوار والتفاهم والمصالحة، نابذين لغة السلاح والعنف والتطرّف التي لن تؤدّي إلا إلى المزيد من القتل والدمار وتفتيت الوطن". وجدّد مشاعر المحبّة والتضامن والصلاة من أجل المواطنين، وبخاصة أبناءه السريان في دمشق وحمص وحلب والجزيرة السورية، "أمام هول المآسي والآلام التي فُرِضت على الشعب السوري ظلماً وبهتاناً"، مؤكّداً "أنّ درب الآلام التي يعانونها الآن لا بدّ وأن ينبلج في نهايتها فجر القيامة". وترحّم على أرواح الشهداء، داعياً "للجرحى والمصابين بالشفاء والتعافي، وللمفجوعين بفقد عزيز بنعمة الصبر والتعزية السماوية".

وحيّا غبطته أيضاً أبناءه السريان في العراق، "البلد الأمّ لعددٍ كبيرٍ من المواطنين المعذَّبين، الذي لا يزال يعاني ويتألّم"، حاثّاً "جميع مكوّناته على التعاضد وشبك الأيدي للنهوض به وإحلال الأمن والسلام في ربوعه، وذلك بنبذ شرور الطائفية والعصبية والقبلية التي تقف عائقاً أمام تقدّمه وازدهاره".

كما هنّأ غبطته السريان في سائر بلاد المشرق وعالم الانتشار بعيد القيامة المجيدة، متمنياً أن "تقوم بلاد هذا المشرق المعذَّب بوجهٍ مضيءٍ، متغلّبةً على كلّ آثار الشرور وتداعيات الصراعات العنيفة وشبح اليأس في مسيرتها الزمنية على هذه الأرض".

وفي كلمته الروحية، تناول غبطته بالشرح المعاني الروحية لقيامة الرب يسوع من بين الأموات، مشدّداً على أنّ مشاركة الرب يسوع في آلامه هي مدخل لمشاركته مجد قيامته، فالألم والحزن والصليب هي جسر عبور إلى مجد القيامة وفرحها والسلام والأمان.

            هذا وقد طبعت البطريركية هذه الرسالة في كتيّب تمّ توزيعه على أبناء الكنيسة السريانية في لبنان والعالم.

     أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية