مظلات تنحني لقاماتنا

 

د. بهنام عطاالله

 

المجموعة الشعرية الثالثة للشاعر د. بهنام عطاالله ، صدرت عن مكتب الفادي في قره قوش عام 2002. احتوت المجموعة على (16) قصيدة ، منها : وتشم عطر فواجعي ، متاحف متاحف أيتها الفواجع ، بنية الفراغ ، مقطعات الفصول ، محطات تبحث عن معنى ، ومضات خافتة ، وحشة القصيدة الأهلة وغيرها ، حيث كانت اغلب القصائد قد نشرت في الصحف والمجلات العراقية والعربية . كما تناول المجموعة بالنقد والتحليل عدد من النقاد والأدباء والكتاب العراقيين منهم : أنور عبد العزيز ، ساطع محمود الجميلي ، جبو بهنام بابا ، شوقي يوسف بهنام ، معن عبد القادر آل زكريا، وعدالله ايليا ، رمزي هرمز ياكو ، فارس الرحاوي ، كريم اينا وغيرهم ، نشرت اغلبها في الصحف والمجلات العراقية . وسوف تنشر في كتاب مستقل قريباً .

 

 

 وتشم عطرَ فجائعِي

 

ما نحصل‘ عليهِ في حياتِنا

هو الغبارْ..

 والغبار‘ فقط ْ !!

( فتعالوا ،

نجر‘ هذا العصرَ من لسانهِ المبتذلِِ ،

ونمشي عراةًَ

لقولِِ الحقيقةِْ ..) !!

*   *   *

وَتشم‘ عِطرَ فجائعي

تشحنها بالدموعِِ

لأن مآقيكَ اغتنمتْ

شراسة‘ المسافاتِ القصيةِ ..

ويقظة‘ البوحِِ الجميل

تومض مقاماتها الساخنة

منْ وجع الايعازاتِ الركيكةِ

هكذا أنتَ دائماً

غارق‘ بالمواعيدِ اليابسةِ 

سائر فيكَ إليكَ

ومنْ اجلِ ذلكَ ( قلْ دائماً " لا "!!

حتى تركعَ هذهِ ألـ " نعم " ،

صاغرةً عندَ قدميكَ !! ")

     *   *   *

عندَ الجسر ِالقديم ِ

وقفَ الشاعر‘ يبكي منْ فرطِ بلادتهِ !

‘سئلَ .. لماذا تذرف‘ هذهِ الكلمات بلا جَدوى ؟

قال : كي يخلعَ هذا الجسر‘ صدأه‘ ،

ويلبسَ بدلته‘ القديمة َ                           

  *    *    *                        

من أجلكِ أيتها المظلات

ينهمر‘ مطري ..

وتملأ وساداتي

                بأحلام ٍ مؤجلةٍ و

                بلاغات كاذبة

   *   *   *

لمْ تؤشرْ خطوط َ البارومترَ درجة َ

 شخيره‘ هذه الليلة َ

لحدوثِ ‘عطل ٍ فني ٍ في قلبهِ

فأبَدلها بسمفونيةٍ لأوبرا محليةٍ

                             ( إلى بولص شليطا ملكو)

*    *    *

هذهِ الأحابيل‘ ،

ليستْ للحماقةِ والتفاهةِ ...،

أو للكراسي الأنيقةِ ..

بلْ ..

مناشف‘ نؤثث‘ بها أدغالنا

  *     *   *

ما دامَ الطائر‘ ‘يغرد‘ خارجَ سربهِ

فهو إذنْ موجود‘

*     *    *

تمردَ الخيط‘ ،

حينما دخلَ الشاعر‘

من ثقبِ إبرةٍ صاغراً !!

وقدمَ شكوى ..

 إلى هيئةِ الأمم ِ المبعثرةِ

 

خرافـــة

 

(حينَ يضيق‘ الأفق‘ بعينيكَ

تتسع‘ ِجهات‘ الأرض ِ الأربعةِ)

 

                     

ينظر‘ في الإسفلتِ

لا يرى إلا..

 نفسَه‘

ينظر‘ في الأفق ِ

لا يرى إلا..

 نفسَه‘

فالجهات‘ الأربعَ :

شمالْ + جنوبْ + شرقْ + غربْ = X

يقرأ في كتابٍ قديم ٍ

 أو جديدٍ .. لا فرقَ

لا يلفظ‘ سوى اسمِه

يمشي فيمشي (هو) خلفه

مثلَ غيمةٍ في شهر آب

 يهذي ..

فيعود إلى نفسِه

( هذا الرجل‘

كيفَ سيعرف‘

 أنَ القبضة َ من ريح ٍ

وأصابَعه‘ محض‘ هواء ٍ

والأقدام‘ خرافة )


 

انخفاض جوي

 

كيفَ تتراشق‘ بالسنابل ِ

عفواً بالقنابل ِ ،

وتسرق‘ ملحَ وجهي

وأنتَ

 تنزف‘ اشتهاءَ الفصول ِ؟

ولانَ السماءَ عزلتكَ المفرطة

فأنتَ واضح‘  كالخديعةِ

تسح‘ خلفَ زجاج  الأيام ِ 

كيفَ تنهض من أعماقكَ

مثلَ انخفاضٍ جويٍ مزمنِ ٍ

لتستعيرَ أوقاتِنا

وتلقي عن كاهلكَ ‘سحبأً للذكرى !؟

كيفَ تجهل‘ راياتِكَ المبعثرةَ  ،

فوق تقاطعاتِ الطرق  

وإشاراتِ المرور ِ ؟

حيث يتقيأ النهار‘ صحفَ الليل ِ

وحبرَ المطابع ِ

في أكشاكِ بيع  المواجع ِ

والعملاتِ الصعبة ..

أنتَ

مثلَ أقسام ِ الجسدِ ونبضِ الأوجاعِ

لذلكَ تركتَ بصماتكَ

فوقَ طابع ٍ قديم ٍ

أو تأشيرة سفر رثةٍ

تطلق‘ صمتها أنقاض خربة

محشوة َ بعباءةِ القلق

عواصف‘ تحاصر‘ سعالَ أجنةِ الأنابيبِ

المغلفةِ بالصدأ ..

وبوح ِ القصيدةِ المؤجلةِ

 

   *      *        *

تحتفل‘  الولادات‘ في حقل ِ الحياةِ

كالخرافِ الجائعةِ  ..‍‍‍‍‍

ملقية ً أسماءَها في (جرنِ العماذ)

في كنيسةِ الطاهرةِ

و دفاتر (أبونا لويس)

مثل التوابيتِ العتيقةِ / الشائخةِ

معروضة‘ في سوق ِ الخشابينَ

محشوة ً ببصماتِ وضمائرَ وأفعالٍ مطلقةٍ

تلقى عليها نظرة َ اشمئزاز ٍ

أو غفوةٍ ..

أو لفتِ نظر ٍ

للصَحوة

                                                       

 

                                

 

 

 متاحف متاحف...

أيتها الفواجع

 

 

صوت‘ يتحجر‘ في ذاكرةِ القمحِ ِ/ يقضم‘ تفاحةَ َ الأرصفةِ المسبيةِ / تؤرقه‘ دمعة‘ أغلقت ستائرَها وشاخَتْ ، إمتدتْ مع نوايا قاماتِنا / قاماتنا تقتات‘ من حنطةِ الربِ المباركةِ ، وبياضاتِ الملائكةِ/ تماثيل‘ رثة‘ لأرواحِنا وهي تكشط‘ أخطاءَنا وخطايَانا الملونةَ بملاقطِ الحدادين و تجمع‘ / تطرح‘ / ‘تقسِم‘ / وَتضرب‘ فوقَ رؤوسِنا جذورَها التربيعيةَ / التكعيبيةَ ، نلوك‘ هواءَنا العميقَ / َبصمات‘ تختم‘ على الأرضِ بريدَ القيامةِ .

معكِ ما زال الدرب‘ لجوجاً .. أيتها المتاحف‘ ..فثمة‘ ‘سخريةٍ تَشطف‘ مكائَدنا وتلقي بها على الأرائكِ ..

أما آنَ لهذا الزهو المجيدِ أنْ يسقطََ في خَندقِ نواياكِ أيتها الفجيعة‘ !! لتجعليهِ يثرثر‘ أمامَ شرائِطنا البائدةِ ، لئلا يطول‘ لساني وينحني في فمي ، فينبت‘ العشب‘ فيهِ . ويَحفظ‘ على ظهر قلب مراثي أيام ِ طوفانِنا الأخير ِ ..

لتحتفلي يا متاحفَ الشمعِ بفواجعنا ، بألسنةِ النارِ ِ ، وزناخاتِ الأغنياءِ ، فعلى راحةِ لسانكِ ، سأقص‘ شريطَ َ الطفولةِ ، على  مقاسِِ حدقاتي ، وأخطه‘ على طاولةِ الهزيمةِ !! القي بهِ على مساطبِ أسواقِِ الباعةِ المحظوظينَ وسَماسِرةِ السوقِِ السوداءِ / البيضاءِ..لا فرقَ ..

    انه‘حلمي الأعرج‘

     يمشي على عكازةِ الهزائمِ

وشرفات‘ الغيابِ / مغاليق‘ النشوةِ ،

تشهق‘ في (‘مقرتايا )

أو( ديرِِ السيدةِ )

يمتد‘ مثلَ غيمةٍ حطتْ على أنفاسِِ( الشيخ متى )

أو قلايةِ ( إبن العبري..) (1)

هابطة‘ من نعشٍِ على راحةِ يدي

فمنذ‘ أنْ ولدتْ أول‘ كلمةٍ

 تركت‘ هلعي فوقَ سبطاناتِ البنادقِِ

     وجزئياتِ الحلمِِ

     فأرختْ للجروحِِ بلاغاتِها

لأنني لمْ أرَ سوى بريقِِ الملحِِ ،

  يتكئ‘ على أصابعي ..

  وكلما رأيتكَ أقضم‘ صدأ الزمانِِ

  أرتب‘ عظامَ الموتىَ 

      تنفرط‘ كلماتِي مثلَ عزفٍ بليل ٍ ..

  وأنتَ

  يوم سلخوكَ من بقاياكَ ،

  وأخرجوكَ من عقاربِ قانونِِ الوقتِ

  خارجَ إطارِِ الساعةِ

  أبكاكَ الوقت‘ مثلَ عويلِ الراجماتِ

  مثلَ شظايا تدنو مني / تلملم‘ فوضَايَ

   وتلقيها فوقَ ناقلاتِ الجنودِ المجنزرةِ

   كما ‘تلقى الرسائل‘ في محطاتِ البريدِ

   والتوسلاتِ

   في براميلِِ القمامةِ

   مثلكَ أيها الورق‘ الشاحب‘ في دفترِ ذكرى

   أتلو سيرتي الرخيصةَ

   أو..

   مثلكَ أيها الغارق‘ في الغياب

  يومَ طردوكَ من جنةِ الخرابِ

  حاصروكَ بالأسلاكِ الشائخةِ

   ومدافعِِ الهاونِِ و.. أر.. بي..جي 7

   برطوباتٍ تضج‘ بعزلتكَ

   في (الفتحةِ) أو

  فوقَ  (كودو) (2) ليس لك متسع للوقت

  حيث‘ وخزات‘ الـ 106 الساخنة‘

  عندَ لفةِ (كَرْدَمَندْ) (3)

  أو

  فوقَ نقالةِ الأسماء ِ

     ‘جرحاً بارداً ..

 ‘جرحاً ما زالَ ‘يلملم‘ خيباتهِ

  في مستشفى (ديانا) (4)

 ما زالَ ‘يلقن‘ الأصدقاءَ الكذابينَ

  والشعراءَ الملوثينَ بالقصائدِ

  درساً في الأرقِِ الموبوءِ

  الساقطِ في

  أرخبيلاتِ ومتاهاتِ القحط ِ

 

هوامش

(1) اسماء لاديرة قديمة في محافظة نينوى في العراق .               

(2) و(3) اسماء جبال تقع في شمال العراق ، منطقة حاج عمران.

 

 

ومضات خافتة

 

 

 

                 (1)

                  (إلى أبى)

 

كانَ ‘يرَمِم‘ أشلاءَ حديقتنا

كلَ مساءٍ

يفرز‘ منها الدغلَ ..

‘يرتبها حسبَ هواه‘

لمْ يدرِ أن هناكَ صحراءً كبرى ..

تنتظرنا

وان العساكرَ تخبئ‘ خلفَ حديقتنا

ألماً وذكرى

 

         (2)

 

        (إلى عماد)

 

كان عليهِ أن ينسى أسفارَ غزواتهِ

لكنه‘ كتبَ سيرتَه الذاتية

وتركها دونَ أن تكتملَ

على مساطبِ الذكرياتِ

 

         (3)

 

        (إلى  كريم)

 

كتبَ سطراً آخرَ

لمْ يعلمَ انه‘ قد شارفَ

على السفرِ الأبدي

فتركَ حقيبته‘ مليئةً بالكلماتِ

                         

              (4)

 

           (إلي أمي)

 

لأني أراكِ نافذةً

أطل‘ منها إليكِ

تتزاحم‘ فيها المسافات‘

تتمحور‘ الأيام‘

تفلت‘ من دائرةِ الجذبِ

فتشع‘ على جبينكِ ومضات خافتة

 

 

 بيان غير رسمي

  لموت  معلن

 

(الكتابة بلغة واضحة عمل صعب )

  أرنست همنغواي

 

بيان آدم ..

مقطع‘ لغناءٍ قديمٍٍ

قدمَ الكونِِ

إحالة‘ لأزمنةٍ لمْ تبدأ بعد

الكون‘ قصائد‘ متتناثرة

غابة للممكنِِ ..

ساحة‘ للمستحيلِِ

الممكن‘ إطارات مثقوبة‘ مازلتْ تترنح‘ ،

منْ ثقلِ خطيئتِنا الأصليةِ

لكن خطيئَتنا ما زالتْ تحمل‘ ضجيجَ

البهجةِ والحكمةِ 

وتزرع‘ الأدغالَ في سترةِ الندمِِ

    *     *    *

عندمَا أردتَ أن تكتبَ مقدمةَ لحربٍ

عفواً.. لموتٍ معلنٍٍ

وقرأتَ الإعلانَ على أعمدةِ الصحفِ

أو في مداخل شركاتِ دفن الموتى :

" أقصِدْ شركتنا عندما تريد‘ أنْ

ترقدَ في قبركَ مرتاحاً "

أو " نشيع‘ جثمانكَ تشيعاً محتشماً "

أو " لدينا كافة أنواعِِ النعوشِِ وتزيينها ،

ونرتل‘ على ‘جثتكَ أية إنشودة تهواها ،

فهنيئا لكَ إنْ ‘متَ عندنا "

هنا  ..

انتفضتِ البيانات‘ من ثقل الخسائرِِ

وهرب الموت‘ إلي الأرضِِ الحرام ِ

لأنه‘ لمْ يَستطعْ أنْ يَخدشَ حياءَ اللغةِ

فدخلَ في سجل الحياةِ

مثقلاً بالسلاسل ِ

 

 

 

ظلال المعاني

 

 

تتراشق‘ الشفاه‘ بأكداس العناقِِ

تعبئ‘ مصائرها أمامَ رغبةٍ

لا ترفرف‘ أوراقها ..

وعندما سقطتْ ظِلالها

تركتْ شكوكَ فوضاها

مثلَ جثةٍ تائهةٍ ، طاشتْ سهامها

قضمتها سيول‘ الصمتِ

هي فنارات‘ إستقامتْ لخريفِ الحربِ

ضباب‘ يتأرجح‘ من آهاتهِ

وهو يراقب‘ خرائط الفلك

تفتح الملائكة راداراتها

مواثيق لنهود نافرة/عقود غبطة

وبلاغات لم تعلن

من اجل أبهة التاريخ

وبهجته ...

تصبح‘ أنت مثل إضبارة

كلما كثرت اوراقها شاخت /هرمت

ولبست ثوب الأسئلة الثكلى

 

من وحي صورة

 

بعينيهِ ...

(يوحنا) يفترس‘ العالمَ

رؤاه‘ خطوط‘ ،

تصفق‘ لحكمةٍ ...

ثقيلةٍ

تربط‘  خطايانا بسلاسلَ فولاذٍ

‘تطبق‘ وجهَ الكونِ

تهرول‘ مع الفضيحة

تجمع‘ الثرثرةَ

 بينَ فكي القنابلِ

تبحث‘ عن سرِ إختفائِنا فيكَ

بين طيات الموائد المنتفخة

فتبقى أنتَ المنبوذ‘ ..

على الأرصفةِ المبلولةِ

بالكساحِ 

تقاوم خيوطَ الذلِ ،

أمامَ بنادقِِ المتسكعينَ

والبغايا

Text Box:   20
 

*      *    *

 

هي أيقونة‘ تحيل‘ بقاياها سنابلَ قمح ٍ

تلهث‘ مدافنها

توقظ‘ هواجسَنا بهموم ٍ مبعثرةٍ

فوقَ تيجانِ الملوكِ المسبيةِ

وياخاتِهم المطويةِ بأحلامِِ الفقراءِ

مراهنات‘ .. لعنات‘ .. طعنات‘

سوفَ تحتفظ‘ بحقائبها الدبلوماسيةِ .. مغلقةً

ثمَ تلملم‘ خطاها وقراراتِها النازفة

وتلقي بها في عرض ِ البحر ِ

 

 

 

مزامير النوايا المتقاطعة

 

 

يتوكأ على خرائطَ نحيفةٍ ،

تسعل‘ بقاياه‘..

تنهض‘ الهزيمة بسيقانِ الأخطاء

لتتساقطَ أقدامه عند أول خطٍ

لكنْ حينَ يشاكس‘ رتابته‘

يدس‘ أنفاسه‘ بينَ المناقلِ والمثلثاتِ

ينسج‘ من نورِ الأبدية طرقاً ملتويةً

تعلب‘ الفخامةَ في متونِ الهيئاتِ

أشجار‘ معمدة‘ بالملحِ

توشك‘ بالرحيلِ خلفَ ظلهِ

ظله‘ يتبعه‘ ..

يحصى له اخطاءَه‘ كمدخلٍ للسيولةِ

أو للرتابةِ

يأذنني..

فاركض‘ انا.. وظلي يركض‘ خَلفي

أوقفه‘ .. أخبئه‘ في جيبي

أحشد‘ كلَ عساكري

اعلن‘ عليهِ حرباً متخمةً

حرباً .. لامجالَ فيها للرتابةِ ..

أو لملحمةٍ غافيةٍ فوقَ خرائطي

تلوذ‘ بخرابِ نشيدي وصباحاتِي الباليةِ

في اكداسِ الوقتِ المعبأةِ ببراميلِ الحديدِ

فللغيابِ طعم‘ البحرِ/ صمت‘ الرتابةِ

وللصلصالِ أناشيد‘ النهود النازفةِ 

وهي تحتضن‘ سنابكَ الشهوةِ ،

من وهجِ الأبدية..

مسارات‘ تغادر‘ شرفاتِها

ولكي تركبَ صهيلَ النشيجِ

تحلم‘ بالمستحيلِ..

وايقاعاتِ الفجيعةِ / تماثيلِ المتاحفِ/

مزاميرِ النوايا المتقاطعةِ ..

إنها حيوات مسورة بنبضِ الرعشةِ

تشهد القيامة‘ بكثافةِ الصمتِ

تزكم‘ جهاتِي / تعفر‘ سلالاتي

ترتب‘ يافطاتي / بلاطاتي الرطبةَ

وإجازاتي الدوريةَ

تتدلى ذاكرتي من فجوةِ ستائِرها

مسدلةً تئن‘ ..

تهذي في هياِكلها المرتعشةِ

من رائحةِ الدمِ / راجمات‘ الفصولِ

هي ..

مهابط‘ للذةِ ومكابدات‘ الركامِ

 

بنية الفراغ

 ( إلى .. ماجد الشرع )

 

 

 

من خللِ الظلامِ الموؤدِ 

في بدءِ التكوينِ .. ،

ارتعشَ البحر‘ / تدحرجتِ الفلوات‘ /

ركعتِ الريح‘ بطمثِها المنتفظِ

إستباحَ الليل‘ مرادفاتٍ ،

لا معنى لها كمصيري ..

حينَ يلج‘ في آخرِ بنكٍ للأحلام ِالمنقولةِ

 أو غيرِ المنقولةِ ..

هكذا استوقفتْ ذاكرتي ‘حرقةَ التغيبِ ،

في دواليبِ الرشاقةِ وملاذاتِ السفنِ التائهةِ

عندَ مرافئ بواباتكَ اليقظةِ

حينَ أبحرتْ نحو الشواطئ القصيةِ  ،

َتركتْ حبالَها  معلقةً بأفقِ ِالريحِ

وحبائلها تتدحرج‘ نحوَ الربى ،

لترممَ أشلاءَ (الحداثةِ)

           بأسئلةِ التوددِ والرهاناتِ الخاسرةِ

 

            *  *  *

مذْ أيقنتِ الدروب‘ إليكَ

غدتْ الصحارَى تبعث‘ لنا ( شرفاتِ رملِها )

فاستباحتْ أوهامنا بنية‘ الفراغ ِ

ِِالملقى على قارعةِ الصمتِ   

ولها تتهاوى شموس‘ الترغيبِ

في سلةِ المصارفِ وشيكاتِها

هكذا ترقى الترهلات‘ ، وتشذ‘ بقايا الركاكةِ

في الطرقاتِ النديةِ 

وهكذا نتيه‘

في زحمةِ احداثياتِها المستهجنةِ

فوقَ خرائطِ اللامعنى

          

 

             

مقطعات الفصول

          

 

عقول‘ تحمل‘ رائحةََ الحكمةِ

ولكي نسافر‘ نحو نهاياتِها ،

‘تعاكسنا ..

 ثمَ تتلاشَى بهشيمِِ الأبخرةِ

      *   *   *    

أُطاوع‘ الضياعَ في ظلِ الشموخِ

لأنَ أمكنتي مهيبة‘ بالفطنةِ

و(فصول ِ المكائدِ)

      *   *   *

الطبيعة‘ فائقة‘ التكوينِ ،

وهاماتها أناشيد‘ مريبة‘

 تدق‘ مساميرَ الخديعةِ بأضلعِنا

      *   *   *

مع أني أوقت‘ فراغاتِي / خُرافاتِي

امتداداً للمعنى ،

فإنَ استعاراتي مليئة‘

بالألقابِ الساذجةِ

     *   *   *

تضيق‘ خطوط‘ تضاريسي

فوقَ ظلالِ الشكِ وآهاتِ البحرِ ،

وهي تحفل‘ بضجيجِ العناصرِ

    *   *   *                                                  

.. ولأنَ عناصري هائجة

 في انغماسِ الغموضِ

اقتناصِ الخمولْ

 رزمِ الغبارِ فهي دائماً

‘تثقل‘ فاكهتي بخطيئةِ الزوالْ

   *   *   *

تتوجس‘ رهبتي ،

 الغارات‘ المتلَذذة‘ بجسدِي المقتول ِ

فوقَ موائدِ القطيعةِ

   *   *   *

تفلت‘ هيمنتي أشرطةً رتيبةً

 وقتَ الزوالْ

وتمحو الخطايا

في آخرِ المطافِ

بالبياضْ

   *   *   *

تُفاحاتنا تبحث‘ عن حواءٍ ،

وسطَ غاباتِ هواجِسنا

فنقضم‘ تطلعاتِها البهيةَ

*   *   *

حماقات‘ تعسكر‘ بكل رزانة

 عندَ الدوائرِ

 يَستقطر‘ شعوري بألقابهِ …

 يتوثَب‘ ،

 فأعلن‘ …

انغلاقَ الفخامةِ في أبراجِي

 

 

 

مظلات تنحني لقاماتنا

إلى ( شكر وموفق وسلام ويوم 28/آذار/2001 )

 

 

ونحن‘ نعفر‘ خاتمَ أصبعنا

بترابِ الأبديةِ ،

إرتعشت السماوات‘ ..

ولأنه‘ البدء‘

أيقنتِ الدروب‘ بأقدامِنا

واستباحتْ قاماتها ظلَنا

ولأنه‘ الشارة‘ ،

ألقى همومه على طاولةِ الزمانِ

لفظَ أنفاسَه فوقَ بسمتهِ الوحيدةِ

وعندما صقلَ تكوينَها الأخيرَ

إرتجت السواقي / لفظتْ مآقيها

إندفعتِ الغمامات‘ أسراباً من الألم

وعندَ أقربِ حفرةٍ دالةٍ

سقطَ مَتاعه‘..

ففتَحنا للدموع ِمظلاتِنا

لأنَ السماءَ كانتْ ناعسةً

تهطل‘ رصاصاً وذكرى

والتجاعيد‘ بدأتْ بالرحيلِ

من صهوةِ اليقظةِ

 

  *     *     *

 

أهيَ خرافة‘ في المغيبِ ؟

تنحو باتجاهِ مائدةٍ

‘تسقط‘ رطباً وأرغفةً

أم أنَها غيمة كسيحة

تنذر رذاذَها للآتينَ

أهي قيافة التاريخ ِ

أمْ ‘خرافة المعنى

أمْ خرافة في الرأسِ ؟

وهي تنحني لقاماتِ الأضرحةِ

المغلفةِ بالكآبةِ

*     *    *

 

(عبديئيلْ) و( أصابع الكلامْ ) (1)

في ‘جبِ (مار بهنامْ) (2)

إنحدرا نحو السلمِ المرمريِ ،

المؤثثِ بالرموزِ والبخورِ المعتقِِ

ترَجلَ التاريخ‘ .. وقدْ أخفى الشيبَ ،

Text Box:   30 1711 12 
بصبغِِ الرهبةِ

(هما وأنا) اليومَ ضيوف‘

في مشجبِ (سامي لالو) (3)

و(عشائهِ الأخيرِ) (4)

 

الهوامش

(1) مجموعتان شعريتان للشاعرين شكر حاجم الصالحي وموفق محمد .

(2) دير قديم يقع في محافظة نينوى يحتوي على رفاة الشهيدين بهنام واخته سارة .

(3) فنان تشكيلي رائد ، ولد في قره قوش عام 1942 ، وتخرج من معهد الفنون الجميلة / بغداد عام 1962 .

 (4) لوحة فنية كبيرة طولها (350) سم ، وعرضها (190) سم ، استغرق العمل فيها مدة عامين ،أنجزها الفنان سامي لالو  

     لصالح دير مار بهنام الشهيد عام 2001 .

 

 

 

محطات تبحث عن معنى

 

*    صياد

يبحث‘ بينَ أصابعهِ

عن أمواج ٍهشةٍ

عن خيطٍ ضاعَ منه‘

وتماهَى بضوءِ الأمواج ِ

سحبَ الخيطَ

فجاءَ اللاشيء معه‘

   

·  غرناطة

تبحث‘ عن (قصرِها الأحمرِ)

وأشعار لوركا

وبنادق‘ تتسكع‘ صدئةً

وقدْ ألقتْ عن كاهِلها نواياها

منذ‘ ألفٍ

كانتِ الرايات‘ تدق‘

بمسامير القلب

 ألواحاً تتشظى بمراياهم

وما زالتْ حتى الآن ..

تتَهادى في حلمٍ وترق‘

 

·  شاعر

بحثَ بينَ ركامِ قصائدهِ

عن نبضٍ آخرَ

عن رقمٍ سقطَ

من روزنامةِ العمرِ 

فتدفقَ من بينِ أناملهِ

وهج‘ الأوردةِ

وطوفان‘ الذكرى

 

يتراءى لي .. انكَ الريح ...

 وأنا جهاتكَ

 

 

 

تروض‘ الخواءَ الماحاتكَ

أيها اللامع‘ بأبجدياتِ (الرعدِ)

تنهض‘ إصحاحاتكَ المحفورة‘

بضوءِ الكلماتِ على أرصفتي

تهطل‘ موسيقاكَ الخصبة‘ ،

على جمرةِ الانطلاقِ

وحينَ نشطف‘ (نخبَ متاهاتِك)

بجراحِ الرغبةِ ..

تَدعونا لنزهةٍ ،

تضلل‘ شارات الصحوِ

تنفجر‘ كالغيمةِ

تنهض‘ محمولاً على أشرعةِ اللذةِ

لترممَ ظلالَنا الشائخةَ

تقتنص‘ الريحَ ..

 تجمعها مثل قوسِ قزح ٍ

تؤثث‘ مساراتِها وتبعدها نحو جهاتِي

ينكسر‘ مداد‘ الرغبةِ فينا

نتسلق‘ كالأغصانِ أسماءَنا الأولى

وعلى أكتافِنا ‘تركن‘ جغرافيا الكلام ِ

تفتح‘ ثغورَها بألسنتِنا

إنكَ ألانَ تستعد‘ لرسمِ هيئاتِنا ،

ورزم ِ أحلامنِا

لتنسلَ بين غموضِ المعنى

ومخاضاتِ الفعلِ

فيتراءى لي

انكَ الريح‘وأنا جهاتكَ

 

 

انشوطة

 

مثلَ غيمة ٍ يثقبها البرق‘

يقذفها بوجهِ الذهولِ

انشوطةً تتثاءب‘

تنقش‘ إشاراتٍ تتمنطق‘ بأكفِ الريح ِ

وإخفاقاتِ التوجسِ

تحط‘ بلذائذنا

منذ‘ أولِ هفوةٍ باذخةٍ

لمظلاتٍ تنحني بذهولِ المطرِ ،

وتقاسيمهِ ...

تحطم‘ هيئاتِه‘

تفيض‘ هالته‘

لتثقبَ قرصَ الشمسِ

يكتنز‘ الصباح‘ شهيتَه‘ ،

بمشيمةِ النورِ وشبقِِ الخطوطِ

وهي تغور‘ .. تغورْ

 

 

وحشة القصيدة الآهلة

 

منْ أفقِِ المتاهاتِ

كانتْ تتشظى ، مثلَ غفوةِ صيفٍ

تدور‘ في دواليبَ رطبةٍ ..

ولأنها وسادتنا و(وحشتنا الآهلة‘)

فهي دائماً مليئة‘ بالأحلام ِ المؤثثةِ ،

في مشاجبِ الظنونِ

مكسوةً بجراح ِالمعنى وهذيانهِ

ولأنها ‘تعطر‘ باسمِ الضوءِ

بكاراتِ النسمةِ الغافيةِ

فبالوحشةِ أستدرك خطواتها

وبالوحشة أستدرك‘ هفواتِها

أرزم‘ أيامَها بأكفِ الكلماتِ

لأخرِ مرةٍ ..

ولأنها وخزة‘ للطفولةِ الغضةِ

واللعنةِ الناتئةِ ،

ولأنها التائهة‘ أبداً

بينَ درج ِالمحررِ وحقيبتهِ

حينَ أقفلَ عليها قلبه‘

وخَتَمها بالشمع ِالأسود

 

 

احالات

       -          كتب قصائد هذه المجموعة خلال الأعوام :

     1999/2000 /2001

       -         نشرت قصيدة ( بنية الفراغ ) في جريدة الزمـن ، العــــدد

    (75) ، الأحد 9 أيلول ، 2001 .

       -         نشرت قصيدة ( مقطعات الفصول ) في جريد نينوى ، العدد  

    (72 ) ، الأحد 9 أيلول 2001 .

       -         نشرت فصيدة ( مظلات تنحني لقاماتنا ) في جريدة الجنائن   

   ، العدد (51) ، السبت 9 حزيران 2001 .

       -         نشرت قصيدة ( محـطات تـبحث عن معــــنى ) في جريــدة

    الزمن ، العدد (34) ، الخميس 18 كانون الثاني 2001 .

       -         نشرت قصيدة ( ومضات خافتة ) في جريدة الحدباء ، العدد

    (1055) ، الخميس 31 آب 2000 .

       -         نشرت قصيدة ( يتراءى لــي انك الريـــح وأنا جهاتك ) فـي

    جريدة نينوى ، العدد (20) ، الجمعة 25 آب 2000 .

       -         نشرت قصيدة ( انشوطـــة ) في جريدة الحــــدباء ، العـــــدد 

    (1053) ، الخميس 24 آب 2000 .

       -         نشرت قصيدة ( وحشة القصيدة الآهلة ) في جريدة الزوراء 

   ، العدد (170) ، 7 أيلول 2000 .