إشارات لتفكيك قلق الأمكنة

 

المجموعة الشعرية الثانية للشاعر د . بهنام عطاالله ، صدرت عن مكتب النور للطباعة في الموصل / 2000 ، ضمت المجموعة  (11) قصيدة منها : تنويعات على مدارج اليقظة ، الخرائط دمي الآن، عيناك هما البحر، تحوطات أمان  لمدائح غير منفلقة ، نافذة الفصل وأخرى لرثاء الأغلفة ، مدارات لسيرة منهكة . وغيرها . تناول المجموعة  بالدراسة والبحث العديد من الكتاب والنقاد العراقيين منهم : القاص والكاتب انور عبد العزيز  والشاعر شكر حاجم الصالحي ، والقاص والكاتب يعرب السالم ، والشاعر الخديدي وعداالله ايليا والكاتب والقاص معن عبد القادر آل زكريا  والشاعر والناقد كرم الاعرجي والشاعر السرياني نزار الديراني والكاتب د . فارس عبدالله الرحاوي والناقد شاكر محمود الجميلي والشاعر جبو بهنام والشاعر رمزي هرمز ياكو وغيرهم ، حيث كانت  هذه المقالات والدراسات النقدية  قد نشرت في الصحف العراقية : الحدباء ، الزمن ، القادسية ، الجمهورية ، العراق ، ومجلات : الأقلام ، المثقف الكلداني ، جمعها القاص والكاتب يعرب السالم  ونشرها في كتاب عنوانه : (تنافر المفترض المكاني في إشارات لتفكيك قلق الأمكنة ) عام 2001 .

 

نافذة للفصل وأخرى لرثاء الأغلفة

 د . بهنام عطاالله

 

 

أغلفةٌ تنضح بالمكائد ،

ورائحة الدهاء / شواءُ العبارات

أغلفة هشة / للإعلانات واخرى للأضابير ..

 أغلفة لِمَلِكاتِ الجمال / للمواسم الصافيات

 للنصوص المليئة برحيق الكلمات ، وطوفان الأرقام…

كلها تشحذ لغتي بحطام الأخطاء

تتشبث أوهامي بأذيالها

فتمرق نحو فتنة دنيايَ ،

ولثغة الشفق

لتبرر صخبي

وتطوف بي حول ركام الفجائع

ومداد الأيام

        o      o      o

جساراتي أقذفها بوجه الوقت

طليقةً .. فتنفلق شظاياها ،

بتنهدات مكلولة تجوب شوارعي المتربة

وصباحاتي البالية

ولكي ابتكر للأغلفة أناقتها ،

وللفخامة قداديسها

وللغوايات نصالها . .  .

سأعلن للأسرار صحوتها

وهالة صمتها

حيث دقائقها تحسس رغبتي

أمام أصواتها الخجلة

فأدخل فردوسيَ المعلن للزمن ،

وهو يوشم بالبياض ،

أبجدية التراب

    o       o      o

تهرب خطواتي من أسمالها

تهذر بقاياها تحت صهيل الريح

فتئن أسئلتي من نصل الوقت .

المشدود على الرقبة .

فاثقب نافذة للفصل  ،

واخرى لثراء الأغلفة

 1996

 

 أسئـلة الغياب

 د . بهنام عطاالله

 

 

هو السكون

هي البسمة

توشم قصائدي بنوافذها

ترسم كلماتها

تفتح للعصافير قوافيها

وللملائكة تراتيلها

      o      o      o

في هدأة الليل ،

ترسب الوشاية في قاعها ،

لتلعن انزياح الفصول

فارتدي حقيقة البحر ،

حيث الموج يرتد بأناقة الرياح

وهو يحرس رفات مياهه

بالغوايات وموائدها

       o      o      o

أتوسد نشيدي بحكمة التراب

وأهله فوق خرائط

أحملها مع أسئلة الغياب

الى كل جهات القلب

حيث الأناشيد : هواجس داميات

 المواكب رايات منمقة

تخلع بردتها لموائد الرغبات ، وعشب الحدائق ،

وهي تختم ارشيفها بالآس

تملأ هيئاتها برعشة الندى

تنسل من نوافذها

غيمة تعبر طيف القيامات

حيث الاضاريح ، تودع محنتها ،

وصمتها ورقادها

أنها توجس ضجيج السفوح ،

بزهو الأكاليل / انحناءات المدن / بواباتها / أبراج تقاويمها

وهي غارقة بالتواشيح الشجية ،

 برائحة النطف المبعثرِ فوق جهاتي

وأنا اخفق …

بانشودة الروح                                                                              

                           1997

            

 

 

تحوطات أمان …لمدائح غير منفلقة

د . بهنام عطاالله

 

 

هكذا تخضر سعاداتي ،

بصباحاتٍ مرحةٍ  ،

ومساءاتٍ تتململ خلف مواقد النار ،

لتطلق للخلائق والاكوان / مدائح سرمدية / صور بلا رتوش / مسارات للفحولة تفرش ولائمها / تقتنص الخمول وتزحزح العثرات ، وهي تقرأ للبرق مزاميرها …   

تكتب فوق لوح الكتفين هوامش مكتظة بالاستعارات الممتعة / هوامش طليقة / مرحة / تستطاب برقتها / ارتعاشات الضياع / تجمع قصائدي المتناثرة ،

من ديوان لم ينشر بعد

قصائد تحكي عمق خياراتي المغموسة برجفة البرد ،

وهي تتدفق ملء هواجسها / بكارات ترمقني  ،

برائحة طلاوتها ونهم فجائعها

                o         o       o

هي مشاجب للحمائم / تحوطات أمان لمدائح غير منفلقة / رغوة رائقة على طول المدى / مسالك فائقة ، ترنم أناشيد التفرد ، وهي تهرول نحو مخابئها المعلنة  ،

 

نياسمها المؤثثة بالشعر وحوافر الخيول  .

مباضعها تجرجرني

فتنفرج أسارير البراءة  ،

متخمات بالطلاسم / لامعات كالسيوف 

معلقة مثاباتها بأعمدة الرخام 

وهي توقظ بالمواربة والتلهف  ،

ذاكرة الحضارات الندية     

    1996 

 

 

 

 عيناك  هما… البحر

   د . بهنام عطاالله

 

يغادرني صَمتكِ ،

لحظةَ تأرجح الزنابق 

في الحقول المسكونة ،

بنهضة الالوان وذاكرة البحر

        o       o      o 

 

عيناكِ هما … البحرُ

وبدمكِ تنمو الفصول أوشمة للجراح

نحتٌ على الأيقاع

يحركه شرود الموج ،

وسكون الليل

وهو يفتح أمام ملائكته ،

دفاتر الانشاء الأولى

وبكارات الوعد

       o       o       o     

عيناكِ هما … البحرُ

يغسل خفقة الوجه

يصوغ من غبطته قلائد ،

تهطل على شاطئيكِ

فيستنجد البحر بأمواجه

ينشر الصلصال فوق ساعديكِ

لكي تستبيحَ السفائن زبد البحرِ ورذاذَ الأيام

      o       o       o

عيناكِ هما …البحرُ

وقلبي غابة تتثاءب من ظلالها

غابةٌ تنشلها انزياحات الخريف

وفراغ الأمكنة

ارتعاشات الفجر المتيقظ خلسة

في آخر الليلِ

     o       o        o

عيناكِ هما ...البحرُ   

نبضيَ المؤجج في الدربِ

اللاهث أمام رتابة العناصرِ

وهي تتناثر فوق أديم خرائطكِ  .

وفي رباها تغفو نجوم الفجرِ

وسادتها الجرح ُ / ويقظتها الثلجُ

وتبقى عيناك هما … البحر

 1998

 

 

إشارات لتفكيك قلق الأمكنة

    د . بهنام عطاالله

تلبسُ الأمكنة قبافَتها ،

مدائح تهتف لاول صباحٍ ،

يفقد هيبته على عجلٍ

تتناسل مخلوقاته مع صهيل الدم ورشاقة الألوان ، تتوحد / تدوخ أصابعي في البحث عن أُبهة لاناي/عن ابتكار للوقت وتقاسيمه الرائقة…

كم هو هذا المكان راعفٌ يضج بغبار الأسئلة المتوارثة / انه دائما يعبق  بانهيالات القلق وليونة اللقاءات المفجعة / رطوبة المراثي / لزوجة الأضرحة الدبقة المغلفة بالإسمنت / علامات لغبطةٍ محتملةٍ / قرابين لأساطير شائخة / لغة باترة لافتراض العبارات الدمثة / أقنعة لتأطير الحشود المنفلقة ، من فضاء النهارات ، حيث تتناحر فيها الألفاظ ، وطوفان المعنى … تلك النزوات ، لن تخضع يوما لترتيب نصٍ قائضٍ / او هالة لتأجيج العناصرِ ، إنها ملاذات لامكنة تشهق عذوبتها بروائح الاسياخ المتلألئة  من اجيج النار الملتاعة بضجيج الهواء / بأنياب تحرث سواقيها من فرط القلق .

فتنهض المكابرة من رقدتها ،

تهرول مسرعة / تنحرف نحو السهوب ،

لتؤسِسَ فوق ياقاتنا طرائق تهضم

هشيم الوقت وشبق الليل المفرط ،

حيث تتسكع قصائدي خارج السُرب / وحيدة / مرفرفة / معلقة ، بمواثيق المتاهة العذبة / ترميم الأجنة وفضلات الخرائط ، وهي تفتح أزرار الغموض وترتيب الأشكال ، لموتى ينهضون آخر الليل ، يُخضعون الطقوس لغرائز الأنواء / لفحة التكوين الأولى ، وهم يتكئون على مواسم عبقة تكشر عن أنيابها / ثملة / توشك ان تسرق بسمتها ، وتفتت عذوبة أوجاعها .

انها طبائع تغمر علاماتي فوق ارض ،

مليئة بركام الأنساب ،

دهشة الفراشات الجميلات ،

وهنَّ يوقظن الريح من رتابتها / يأسرن أركان الصلافة في أقفاص لا تثنيها مفاتيح المشاكسة / مقامات مشعة تتناثر عبرَ نوافذَ موبوءة بالأثير ، لتمنح عزلتي توحداً بالأشياء ..

                    o              o               o

إنها الأمكنة تعلكني وتمضي سريعاً … سريعاً نحو حتوفها ، لتترك طبوغرافيا المخيلة / طراوة الظلِّ ومفاتنه / شبقه المتراكم مثل جبلٍ شائخ يتلو عليّ وصاياه بتوددٍ … تلسعني الأمكنة بخرائبها الجميلة ، وتصاريحها المنسوخة بالانبهار / رطوبتها الضاجة بالفتنة / تلقي بي فوق هياكل متراصة وذنوب خجلة / تطوف حول أضلعي / تغدق صحوتي

بتراتيلها ، وعند شرفاتها المهيبة وحنينها المخضب بدم الخرافة ويقظة الدهاء / أبحث عن حلباتٍ لفك الاشتباك وتدوين أسطورة البقاء ، عن إشاراتٍ ناضجةٍ لتفكيكِ قلقِِ الأمكنةِ …

 

 1999

الخــــــرائط  دمـي … الآن

 

د . بهنام عطاالله

 

( 1 )

هكذا هي دائما …

أسراب رموز جاثمة فوق دكات الخزائن ، ومدلولات التربيع ، تدثر مخيلتي بيافطاتها المعلقة فوق رتاج العقل ودوائر الوهج / وحدها الخرائط تأسرني /تعطي للترحال لذة تغدق الشهوات بالنوايا ومساقط الظل المهيمنة/ مثل نقط المناسيب الهائمة فوق مناطق التكدس ، ومن أجلها ، لاحاجة لي بعد الآن لتبرير مشاعري ، فهي تحرق كل هواجسي ، ودائما أتوكأ عليها ، أفصل مقاييسها / أوازن مكوناتها / أحشو تخومها بضجيج المناقل / مساطر التقسيم ويقظة المصطلحات . أرسم فوق جسدي نياسمها ، ومن أوردتي أمد جسورا مقدسة تعبر عليها أسراب الملائكة المدججة بالبياض / أوشمة متيقظة ، وبشفرات رزنة لترميز الأمكنة .

 

( 2 )

 

هكذا – بها ولها – تتكاثف : خطوطي / خُطايّ / خَواطري / وخَطايا ، وتسود الأزمنة طقوسي المتوثبة

هكذا – بها ولها – الوقف يتمطى ، يرنو اليّ ، ريثما أوقد لنداء البلاغات شُعلة جهاتي .

 

 

( 3 )

الخرائط دمي … الآن

 أسمال صلفة / إيماءات / إيحاءات / أقاليم / أقانيم صمت / متغيرات بصرية ، تجنح نحو مدائن تنوء بعوالمها / صرامتها /  خطوطها تولد بكارات ومخاضات / مسافات وجهات اشرأبت ، وهي تلملم فَخاخي ، وتخلع كل جساراتها / تغسلها بمياه القيافة والنشيج البهي ، لتجمع شتاتي المبعثرة / المكتظ باحلام الرهبة ومرافئ السهوب ، وخطوط المديات المطلقة …

 

( 4 )

 الخرائط دمي … الآن

" يغلي يجَن ، يدوي / فيغمر فينا صباح المرافئ والذكريات / يضج حنين الخلايا الى واقعها / او يباغت احزاننا بالندى / رُبَ وقتٍ يكون علينا / قلائد عقدٍ / جمانا نضيدا  " ، او ربما يكون كالمناخ دائما ، يلبس ثيابه العتبقة / يرمم بقاياه ، يقذفها نحو تخومي المبعثرة / مساقطي الموجهة / المتحفزة بملكوت الندى ..

 

( 5 )

هي الخرائط دائما ، نهودهن براكين ثائرة / زلازل خصبة ، كخصب الانوثة البضة / نزوات الحطام / أعمدة خابيات في منافي الرماد / احتمالات ذاوية لانزياح الفصول /  نزوات معلقة على كف عفريت / أناشيد مهيبة تفك متاهات الدوائر المتداخلة ، وهي تجوس في نهايتها المخضلة بانساغ الرؤى وعبق النار / صهوة الشهوات المتعطشة / طراوة المعطيات / انهمار المثابات المليئة بالتجاعيد والأنساب / فاصلات تـنعطف حول خاصرتي ، تطارد تهاويم ايامي ونطفها الشاردة باتجاه حبواتها / تهذي مثل غبار هائج يفتح شهوة الصحارى  .

 

مـلــحـق أخير

هي مدارج لهبوط الوقت / ترتيب لرفات الأمكنة مساطب لتأطير الإشاعات وتوزيع المدائح / مناقب ناهضة يكتظ فيها استعراض الفخامة وطمى الفحولات / متعة الفراغ المروض ، لاقتناص الظلال المبعثر فوق مساحات جسدي ، وهو يتشظى من ضراوة الالوان واتساق العناصر /علق السلالات النقية …

هذه خرائطي … وتلك جهاتي …

                                                

1998