بخديدا والرحالة الأجانب

د. بهنام عطاالله

                        

زار العديد من الأجانب بخديدا في قرون وسنوات متفاوتة وكتبوا عنها ووصفوا نمط الحياة  فيها ، وأحوالها المعاشية وعاداتها وتقاليدسكانها،  فضلاً عن  نوع العمارة السائدة فيها آنذاك ..

ففي عام 1818 م قام الرحالة الإنكليزي بكنغهام برحلته إلى العراق ، زار خلالها بخديدا ( قره قوش) حيث وصلها في يوم 7 تموز 1816 وكتب عنها في  كتابه المعنون (رحلتي الى العراق) :

وصلت بعد ظهر هذا اليوم إلى قرية واسعة تدعى قره قوش كانت كل الدور في القرية مبنية باللبن والطين ، والواقع ان هذا هو طراز البناء الذي يستعمله الفقراء في هذه البلاد ، بسبب فداحة نفقات الحصول على الحجر ... توجد بين بيوت قره قوش المصنوعة من اللبن بعض البيوت الكبيرة ذات الشرفات يحيط بها إطار مجوف من الجبس على القسم الأكبر من البيوت يتألف من أكواخ صغيرة ذات سقوف طينية مخروطية الشكل ، وكأنها مجموعة من خلايا النحل . اغلب السكان مسيحيون من اتباع الكنيسة السريانية ، وهم لا يتحدثون فيما بينهم إلا باللغة السريانية ، ولكنهم يخاطبون الأجانب بالعربية والتركية . أما الحرفة الرئيسية لسكانها فهي الزراعة ورعي الأغنام .

كان في استقبالنا في قره قوش محافظ خيول البريد ( سروجي باش) وهو الذي يحفظ خيول البريد الحكومية عنده ، وقد عاملنا هو واتباعه باحترام بالغ . فخصصت إحدى الغرف لاستراحتنا ، وقد فرشت الأبسطة والمقاعد وهيأة  لنا غلايين التبغ والقهوة ، واعدت الصحون الكثيرة . وبعد تناولنا الطعام وامتطينا جيادنا وغادرناها حوالي الساعة الثالثة بعد ظهر يوم  7 تموز . متجهين إلى الجنوب الشرقي .. إلى اربيل عبر نهر الزاب .

أما الرحالة الألماني كونراد برويسر فقد زار بخديدا عام 1909وكتب عنها في مذكراته قائلاً :

بعد أن وصلت دير مار بهنام يوم 1/ نيسان / 1909 رحلت باتجاه بخديدا فوصلتها يوم 3 / نيسان/ 1909 على ظهر الخيل ... وكان رئيس الدير قد حدثني كثيراً عنها وعن كنائسها ، ولو كان يؤكد إن ديره اجمل الأديرة كلها ، وكان على حق لأنني بعد تجوالي لساعتين في كنائس قره قوش ، وهي قرية كبيرة تقطنها ستمائة عائلة مسيحية ، وجدت بأن بيوتها من الطين , وتخلو كنائسها من النقوش إلى حدٍ يجلب الانتباه . يوجد في القرية خمسة كنائس , اسوارها عالية عارية , سقوفها مسطحة أفقية ، والكنيسة الوحيدة التي احتوت بعض النقوش هي كنيسة سركيس وباكوس ، والمواد المستخدمة في بناء الكنائس هي الأحجار كسر الآجر المصفوفة في ملاط الجبس .

إن هذه الكنائس وان لم تكن جميلة المظهر وتكسب أهمية خاصة لان بعضها يمثل شواهد أنماط المباني المسيحية المبكرة ، مما يسبغ عليها قيمة تأريخية . وعلى بعد مسيرة نصف ساعة تقع خرائب كنيسة يسميها الأهالي دير (ماقوتيه) يعني بها (موقورتايا) أي دير السريان ، ولا يختلف هذا الدير عن غيره من الأديرة ، ولما لم نجد تفاصيل إضافية عن الخرائب تستحق الاهتمام ،  ولم نجد بقايا أخرى لمبانٍ أثرية ،  قررنا السير قدما للوصول إلى الموصل عبر اقرب الطرق قبل أن يخيم الظلام .

المصادر:

     1.            جمس بكنغهام ، رحلتي إلى العراق ، ترجمة سليم طه التكريتي . ج1 ، مطبعة بغداد ، 1968 .

     2.            كونراد برويسر، المباني الأثرية في شمال بلاد الرافدين في العصور المسيحية القديمة والإسلامية ، ترجمة علي يحي منصور ، وزارة الثقافة والإعلام ، بغداد ،1980