لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

إشعال السيجارة في زمن القحط!!

وقائع قلميَّة من ذكريات الأيام

 الاستاذ الفنان باسم حنا بطرس

 

بدايةً، شاهدتُ هذه الصورة في موقع { نادي بابل الكلداني في النرويج }، إستنسختُها فوراً وبدون تردد، وقد إنتفضَت من مشاهدتي للصورة فكرة كتابة هذه الأسطر.

 

 

 

خلال فترة دراستي في مرحلة الإبتدائية ، بمدرسة الطاهرة ببغداد، أيام ما بعد الحرب العالمية الثانية في الأربعينات، كنا نشاهد بعض معلِّمينا من المدخِّنين يتفنَّنون في إيجاد وسيلة إقتصادية لإشعال السيجارة، التي كانت هي الأخرى من نوع (اللَّف) إسترخاصاً لكلفة الأسعار.

 

فهناك مَن كان يجلس إلى الرحلة أو المنضدة، ويقوم وبواسطة شَفْرة مُوسى ممسِكاً بتلابيبها، بقطع عود الثُقاب (الشخاط) طولياً إلى جزئين، بعناية فائقة.. وبهذا يكون قد ضاعَف عدد العود في علبة الثقاب. وحين تشتعل السيجارة، يقوم من ثمَّ بإطفاء عود الثقاب بعناية أيضاً، ليعيدها إلى العلبة كي يستخدمها ثانيةً بإشعالها من لهيب نار موقدٍ أو صوبة.

 

وهنالك مَن كان يُمسِك بتلابيب قطعتين من الحَصو أو الحجر الخشن (غير الأملس) ليقوم بقَدْح الواحدة بالأخرى بما يُعرَف بالزِناد، على كومة من قصاصات ورقيَّة جافَّة أو القِش اليابس، والنفخ من فمه فيها لتلتهب الكومة بشعلة نار، فإمّا يولع سيجارته مباشرةً من الكومة المشتعلة، أو يولع بقيَّة عود ثقاب ومن ثم ...! فتشتعل اللفافة ليبدأ باستنشاق الدخان بلذَّة كبيرة. لكنه بالتأكيد يسعى إلى إبقاء جزء من سيجارته هذه مطفأةً ليعيدها إلى العلبة وتدخينها فيما بعد.

 

 

ويتفتَّق الذهن عن وسائل أخرى، وبخاصة عند مَن يعتمر النظَّارة الطبيَّة فيستخدم عدسة زجاجتها كمكبِّرة، يمرِّر من خلال بؤرتِها أشعة الشمس نحو رأس السيجارة، فتشتعل ويتصاعد الدخان منها.

 

أمَّا أحد مدرسينا في إعدادية التجارة ببغداد، فقد كان يحلو له التدخين أثناء الدرس، بل إنه لا يتوانى من طلب سيجارة من أحد الطلبة. وأذكر أن ذلك الأستاذ كان يقوم بتوريث سيجارته مباشرة من سيجارة طالب مولعة.

 

لا أدري كيف تولَّدت فكرة الكتابة هذه، وأنا لستُ من المدخنين. لكنها طرفة خلقتها ظروف الحرمان والحصار والحرب.

 

بقي أنْ أضيف، أننا – تلاميذ الإبتدائية ومن بعد طلبة الثانوية إلخ.، كنا نستخدم المكبِّرة لتمرير شعاع الشمس خِلسةً نحو عضوٍ مكشوف من أعضاء جسم صديقٍ زميلٍ لنا، فتوخزه بحركة لاسعة لينتفِضْ غاضباً قد يؤول الوضع بنتيجتها إلى الشجار.

 

إنها ذكريات أيام التلمذة الجميلة.

ويقولون:

{ التدخين مُضِرٌّ بالصحَّة }