فنانونا السريان   الاستاذ الفنان باسم حنا بطرس يعد الملف خصيصا لموقع بخديدا

Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

بريد القراء

موارد السريان

السريان

الموسيقى والأطبَّاء العراقيين

الدكتور أرمان بحوشي

الأطبّاء والموسيقى

في كتابه عن (الكلية الطبية الملكية العراقية) الصادر حديثاً، تناول مؤلِّفه الدكتور سالم الدملوجي في بعض صفحاته الأطباء الذين زامَلهم في مراحل الدراسة الطبية الذين عَنوا بالفن والموسيقى والرياضة. منهم مَن درس الموسيقى في المعهد الموسيقي، وغيرهم مارسوها كهوايةً ذاتية.

لابد من التنويه، أنَّ صديقنا وزميلنا في الموسيقى، المهندس الفنان فؤاد ميشو، وهو من أوائل الطلاب الذين إلتحقوا بالدراسة أكاديمياً في المعهد من العام 1936، أرسل لي مشكوراً بضع صفحات مصوَّرَة من الكتاب المذكور.

 يقول فؤاد في التعريف بالكتاب

{ أهداني إبني سرمد كتاباً عن الكلية الطبية. إن الكتاب ممتع جداً جداً، فهو تاريخ لتأسيس الكلية، كما تحدَّث المؤلف، وهو الدكتور سالم الدملوجي، عن الطلاب الذين زاملهم أو عرفهم في الكلية. لقد صوَّرتُ لك الصحائف التي فيها معلوومات عن العازفين الأطباء وعن بعض نشاطات الكليَّة ... عسى أنْ تعجبك}.

ثم يستطرد فؤاد بالقول:

{ لم أجد في الكتاب أي ذِكر عن صباح *، بينما وردَ ذكر لبيب حسّو على أنه ربح سباق الركض في العراق وإنكلترا، وورد ذكر بديع صبحية على أنه رياضي. أعتقد أن سبب ذلك لأنه (يقصد المؤلف) كان يتحدَّث عن ذكرياته في الكلية الطبية بين عام 1940 – 1946، إضافةً إلى تاريخ تأسيس الكلية وأساتذتها }.

صفحات من كتاب {الكلية الطبية الملكية العراقية}

للدكتور سالم الدملوجي

الدكتور أرمان بحوشي

إنه المازج بعفويَّة بين مهنة الطب، وهواية الموسيقى؛ هذا باختصار، كبداية للتعريف ببحوشي. تُرى مَن يكون (في الموسيقى، في أقل تقدير؟)

لم أعرف الرجل سوى سماعي بإسمه كطبيب درس وتخرَّج في الكلية الطبية الملكية العراقية بغداد، في العام 1944؛ وبقيت أسأل: تَرى من يكون هذا الرجل؟

إبنته ياسمين وزوجها جوني برجوني والأنجال مقيمون هنا في مدينة أوكلند (نيوزيلندا)، وهم من معارفنا. لهم إسهامات جادة في نشاط كنيستنا ومجتمعنا في هذا البلد. قلت لها يوماً: هلا تحدثتِ لي عن الجانب الموسيقي في حياة الوالد (أعني أرمان)؛ فوجئت في البداية من سؤالي. ثم شرحتُ لها عن كتاباتي التوثيقية عن فنانينا السريان، على موقع (باخديدا). فزودتني وبالبريد الإلكتروني بنبذة مختصرة عن والدها، جاء فيها:

{إن أباها قد ولد في البصرة يوم التاسع من تشرين الثاني سنة 1918.

وأنهى دراسته الثانوية في بغداد لدى {كليَّة بغداد} للأباء اليسوعيين، في العام 1937.

ومن ثم أنهى دراسته الطبية في العام 1944.

كان زواجه في العام 1952، ليُرزَق وقرينته بخمسة أطفال، أربع أناث وولد واحد. وعمل طويلاً في مجال إختصاصه الطبي، ونال شهرة فيّاضة.

توفي في 14 آذار 2004، في بغداد عن عمر ناهز السادسة والثمانين.}

 من هنا يتضح أن الرجل كان {مخضرماً}، وبخاصة بعد حصوله في العام 1948على درجة الإختصاص في (طب العيون Ophthalmology) من إنكلترة.

 

 

أرمان بحوشي في شبابه

 لا ضير في هذا الحديث كلِّه؛ لكن الرجل كان له شخصيته الثانية التي حاول أن يجعلها صُنْواً لشخصيته الأولى. فقد كان ممارساً، بشكل هواية، للموسيقى. هنا حصل الربط  في آفاق الملَف الفني الذي يحمل عنوان (فنانونا السريان) الذي خصَّصه لي الدكتور رياض حبش على موقع (باخديدا Bakhdida) لأوثِّق فيه لأبرز رجالاتنا المواسِقة العراقيين الذي كان لهم وبعضهم ما زال، دور في الحياة الموسيقية العراقية، وإن يكونوا من خارج الوسط الفني المهني.

ولابد لي، إذاً، للبحث في المصادر التي يمكن أن أستقي منها شيئاً عن موسيقية هذا الرجل. فكان لي من بعضها ما سأسرح بكتابته عن هذا الطبيب الموسيقي.

 الدكتور أرمان بحوشي

كان ولَع أرمان بالموسيقى من صغره، إذ أخذ يستمع إلى الأسطوانات الموسيقية عبر جهاز (الحاكي - الكرامافون) وبدأ يحرِّك أصابع يديه على البيانو الموضوع في البيت، محاولاً عزف مقطع من قطعة موسيقية غرست في ذهنه. وكذلك كان لتردُدِه على الكنيسة وتشبُّع أسماعه للتراتيل التي كانت تؤدَّى من قبل المرتلين بمصاحبة أرغن الكنيسة تأثيراً على ميلِه نحو الموسيقى، ليشدو بصوته العذب (باريتون - Baritone) مع المرتلين *.

كما شدَّه حضوره النوادي الإجتماعية القائمة آنذاك، نحو فرق موسيقى الرقص التي كنّا نسمّيها (Dance Music Bands) في النوادي الإجتماعية، فيقترب منها ويتعرَّف إلى أعضائها ويصادقهم. كانت هذه الفرق تعزف القطع الموسيقية التي تنتشر في المجتمع عبر الأسطوانات، والأفلام السينمائية التي كانت دور السينما " الراقية " تعرضها. إضافةً إلى المربَّعات الليلية (Night Clubs) التي تستخدم عادةً فرقاً موسيقية أجنبية، وتقدِّم ألوان العروض الراقصة.

 وفي الكلية الطبية، إلتقى زملاء الدراسة ممَّن شُغفوا بالفن والموسيقى، فوضعوا برنامجاً لحفلة منوعات فنية [Variety Show] أقيمت على حدائق الكلية الطبية الملكية، إشتمل على الفقرات الآتية:

1.  رقصة المقابر (بالية للموسيقار الفرنسي سانت سان – Macabre*)، قام بالرقص خليل الشابندر (في دور عزرائيل) وقتيبة الشيخ نوري (في دور الشيخ العجوز).

2.  مشهد مخيَّم الغجر، مع غناء آرتين قنطرجيان (باريتون - Baritone). 

3.  أغنية [قُل لي نعم أو لا – Should say yes or no]، قام أدور زيَّا بغناء حوار بين رجل وإمرأة في وقت واحد، فارتدى نصفه ثياب رجل والنصف الآخر ثياب إمرأة. وكان يحصر جسمَه بين ستائر المسرح بوضعٍ جانبي ليغنِّ دوراً ثم يدور على نفسه ليعطِ المنظر الجانبي ويغني الدور الآخر.

4.  مشهد [بحّارة الفولكا Volga boatmen] مع غناء آرتين قنطرجيان.

5. عزف منفرد على الكمان [فانتازيا] لسامي الشيخ قاسم.

6. عزف بيانو لأرمان بحوشي وسيلفا بوغوصيان.

7.  أغنية [حب للهنود الحمر – Indian Love Call] لآرتين قنطرجيان.

8. فصل تمثيلي كوميدي [في عيادة طبيب].

أما أرمان بحوشي، حسب قول الكتاب، فعندما كان يعزف في إحدى الحفلات على البيانو بشدّة وعنف (إيقاعات الجاز الحارَّة) والبيانو يرتجف ويهتزّ، خرج يوسف عقراوي عضو لجنتنا على المسرح بصورة مفاجئة وأزاح بتوتُّر (مزهرية ورد) كانت تتأرجح على سطح البيانو و(أنقذها) من السقوط. وكان ذلك إشارة نقدية (جارحة لعزف أرمان بحوشي) أثارت الكثير من الضحك. لكنه إستمر بالعزف غير مبالٍ، في حين كان الحضور يهتز طرباً وفرحاً باستماعهم لأرمان وهو يعزف بحماس ألواناً من موسيقى الجاز. 

خاتمة المطاف

بقي أن أقول، لم تتوافر أمامي وثائق أكثر مما ذكرته في سياق هذا العرض عن طبيبنا الموسيقي الهاوي أرمان؛ خيراً فعلت إبنته ياسمين مع قرينها جوني، وشكراً لزميلي الفنان المهندس فؤاد ميشو، وكتاب الدكتور سالم الدملوجي.

 هامش

 *حدث أنْ إلتقيتُه، من دون أنْ أعرف مَن هو، في كنيسة (اللاتين – في عقد الكنائس ببغداد) صبيحة عيد الميلاد في العام 1952، على ما أذكر، حيث أنشدَ بصوته الباريتون (السلام عليك يا مريم – Ave Maria) بمصاحبة الأب كراس ين الكرملي، على الأرغن. وبعدها عزفتُ على آلتي (الجيلو Cello) وبمصاحبة الاب المذكور، (Ave Maria للموسيقار فرانز شوبرت).