فنانونا السريان                   الاستاذ الفنان باسم حنا بطرس يعد الملف خصيصا لموقع بخديدا

 

ثلاثية العشق الوجداني

الموسيقى – البيانو – الإنسان

بياتريس أوهانيسيان

من الذاكرة، ووثائق معهد الفنون الجميلة، والفرقة السمفونية الوطنية العراقية ومواقع الإنترنيت

 الاستاذ الفنان باسم حنا بطرس

 

إنَّها، بياتريس أوهانيسيان – هذا هو إسمها الذي لمعَ في سماء الموسيقى العراقية – العاشقة الوَلهانة في حبِّها للموسيقى؛

وأيُّ حبٍّ أعظم؟

قد لا يعرفها كثير من الناس، لكنها الأكثر شهرةً عند الجميع! ترى هل في كلامي هذا تناقض؟

 

بدءً أقول:

الموسيقى ثقافة، بل تتعدَّى ذلك بكونها أعلى صنوف الثقافة مرتَبةً؛ فهي الثقافة الوحيدة التي تمنح الإنسان كلَّ ما تتوق له نفسه من فرحٍ وراحة وتأمُّل.

فالموسيقى، بعيداً عن التعريفات التخصصية، تتعامل مع الحسِّ الإنساني بدون وساطة أربعٍ من الحواس الخمس: تتعامل من خلال حاسَّة السمع حصراً، لتدخل وتتداخل من خلالها مع المشاعر في الحُب والفرح والإثارة والحُزن والتحفيز والتأمُّل؛؛ إنها التداخُل في كلِّ ذلك نحو الحب الأكبر، العبادة.

 

هكذا هي بياتريس أوهانيسيان، بغدادية المولد والنشأة والإنطلاق.

 

 

Beatrice Ohanessian is a woman of many firsts. She was Iraq's first concert pianist. She was the first ever Iraqi female composer

She performed with the Iraqi National Symphony Orchestra for three decades. Now she makes a quiet living teaching piano from her home in the Twin Cities suburbs

Edina, Minn. — Beatrice Ohanessian sits at an upright piano, her hands darting

 

across the keyboard with remarkable agility.

 

Web Results 1-10 of 44. Powered by Google

 

MPR: Music in Baghdad: An Iraqi pioneer looks back

 

 

 

 بياتريس أوهانيسيان

بدأت دراسة الموسيقى منذ صغرها في مدارس الراهبات في بغداد. حتى كان إفتتاح المعهد الموسيقي العراقي في العام 1936 (معهد الفنون الجميلة فيما بعد)، التابع إلى وزارة المعارف  لتجد فيه خير موقع تصقل فيه مواهبها المبكرة وتطوِّر براعتها الموسيقية.

 

كان ذلك في العام 1937 حين تقدمت بطلب إنتساب إلى المعهد المذكور، وأدَّت الإختبار الأولي أمام هيئة المعهد لتنال الإعجاب. لكنها ولصغر سنِّها تم قبولها بقرار خاص إستثناءً من شرط العمر، تلميذةً على يد الأستاذ الروماني جوليان هرتز، فدرست سبع سنوات لتتخرج سنة 1944 حاصلةً على دبلوم فن بدرجة إمتياز.

 

أمضت سنوات الدراسة في المعهد إلى جانب زميلاتٍ لها من أعمار متقاربة، لأن معظم الذين درسوا البيانو في المعهد كانو من الإناث؛ على إعتبار البيانو آلة الأناقة الأنثوية. والبيانو في الوقت نفسه، قطعة أثاثٍ منزلية أنيقة.

 

لنتصورها تجلس إلى البيانو، فتاة ناعمة لا تكاد العين ترى كيانها المادي، وإنما كطيفٍ تتحرك أنامل أصابعه فوق القطع البيضاء والسوداء المكوِّنة لـ (لوحة المفاتيح – Key Board) لتستطقها أنغاماً رشيقة قافزة وكأنها قطرات الماء حين تسقط على سطح مستويٍّ تنقر عليه ضربات إيقاعية؛ حتى لكأنك، ومنذ صغر بياتريس لا تتمكن من رؤية أصابعها في حركتها هذه.

 

ونمَت الصغيرة بياتريس فتجتاز مرحلة الصِبا، تحوُّلاً نحو الشبابية، وتنمو معها قدراتها الفنية بأعلى مراتب النمو، حتى صار لها، حضورٌ متفرِّد.

 

واصلت دراساتها الفنية المتقدمة، حين حصلت بدون منازع مطلع الخمسينات على زمالة للدراسة العليا في "الأكاديمية الملكية للموسيقى" في لندن، لتنال شهادة التخرج وجائزة "فردريك وسترليك". وحصلت من بَعد على بعثة "فولبرايت" الأميركية للدراسة في مدرسة "جوليارد" في نيويورك. وهي مدرسة المشاهير العريقة. لتعود من بعد إلى بغداد فنانة ناضجة تكاملت لديها معارفها النظرية والعلمية في الموسيقى، بموازاة التطور التعبيري في الأداء الفني للموسيقى.

إستقبلها قسم الموسيقى في معهد الفنون الجميلة، لتحتل مقعدها التدريسي بين زملائها من التدريسيين.

 

منذ دراستها في معهد الفنون الجميلة، برزت موهبتها المتميزة كعازفة بيانو منفرد (صولو) في الحفلات التي كانت تقدمها داخل وخارج المعهد. كما كانت تستقبلها المعاهد والمؤسسات الثقافية لبعض السفارات العاملة في العراق، كالمجلس الثقافي البريطاني ومركز المعلومات الأميركي، وكذلك سفارات فرنسا وإيطاليا وغيرها، لتقديم حفلاتها فيها.

 

ومنها حفلاتها في العراق والشرق الأوسط وأوربا وأميركا، حفلات منفردة أومع الفرق السمفونية.

 

حصلت على جوائز تقديرية داخل العراق وخارجه، من بينها:

-       شهادة تقديرية لرواد الحركة الموسيقية في العراق (لمناسبة إحتفالات اليوم العالمي للموسيقى)،

-       شهادة تقديرية لمسابقة التاليف الموسيقي الأوركسترالي العراقي الأولى، 

-       آلة بيانو كونسيرت (Concert Grand Piano - Steinway)   لمناسبة تكريم الفنانين العراقيين في الثمانينات.

-       شهادة تكريمية لمناسبة الإحتفال بمرور خمسين عاماً على بدايات الفرقة السمفونية الوطنية العراقية (91 – 1992).

 

إنتقلت وشقيقتها سيتا (خريجة معهد الفنون الجميلة في البيانو) للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة الأميركية منذ العام 1996 ملتحقةً بشقيقها الوحيد (آرشان) الذي كان عازف كمان سابقاً. وتقوم هناك بالتدريس.

 

معرفتي بـ بياتريس أوهانيسيان:

بحكم إنتمائي لعائلة فنية رائدة، عائلة حنا بطرس، نمت معرفتي بالعديد من الفنانين، موسيقيين وغير موسيقيين، من خلال الوالد،  وتوطَّدت منذ دخولي معترَك الموسيقى طالباُ في المعهد وعاملاً في الفرق الموسيقية التابعة له. عرفتها وأنا صبي صغير، وكنتُ أتلذَّذ بحضور حفلاتها وأحاول أن أسرق النظر لحركة أصابعها على البيانو.

وطيلة عملي في الفرقة السمفونية، منذ كنت طالباً في السنة الثانية (عام 48-1949) والتي كانت تضم أساتذة المعهد وطلبته، ومن بينهم بياتريس أوهانيسيان قبل إلتحاقها بالبعثة الدراسية في الخارج.

لكن الفترة اللاحقة، من العام 1970، حين أعيدَ تشكيل الفرقة السمفونية الوطنية العراقية، كان عملنا في الفرقة والتشكيلات الفنية الأخرى متواصلاً.

أما من أجمل الأيام التي عملنا فيها سوية، كانت في العام 1974 حين سافرت الفرقة السمفونية إلى لبنان لتقديم حفلات في بيروت وطرابلس، وفي العام 1988 في موسكو وباكو (الإتحاد السوفياتي). قدمت بياتريس في كلا السفرتين أعمالاً من (الكونشيرتو) بمصاحبة الفرقة.

فـإن بياتريس كانت تتعامل مع الجميع، أصغرنا وأكبرنا سنا، معاملة الصديق المحب، فكانت حقاً صديقة الجميع.

 

كنا، نحن جماعة (سومر لموسيقى الصالة) المكونة من عازفي الفرقة السمفونية، فؤاد الماشطة (فلوت)، حسن حمد (كمان)، أسعد محمد علي (فيولا) باسم حنا بطرس (جلو) نستضيف بين الحين والآخر فنانين آخرين للعمل معنا في حفلة أو سفرة للخارج. وكان حضور بياتريس أوهانيسيان كعازفة بيانو معنا في جولتنا في الأردن عام 1995، نقطة بارقة حيث تألَّقَت معنا على مسرح (المركز الثقافي الملكي) و(دارة الفنون) لمؤسسة عبد الحميد شومان في عمان. 

 

كان آخر مرَّة إلتقيتُها وزوجتي في بغداد في العام1997، عند زميلنا المخضرم الفنان منذر جميل حافظ، حين عادت بياتريس وشقيقتها سيتا من أميركا لتتفقد دار سكنها وبعض ما تبقَّى لها من أدوات؛ وتحدَّثنا طويلاً عن أيامنا الحافلة بكل أنواع العطاء؛ كانت تذرف دموعها لمغادرتها العراق – فهي ليست من النوع الذي يتنصَّل من إصالة إنتمائه. وتذرف الدمع وهي تحتضن آلة البيانو الفخمة دائرية الشكل الكبيرة، المهداة لها من رئيس العراق، والتي كانت قد أودعتها أمانةً عند زميلنا منذر؛ كانت تقول بصوت متهدِّج (كيف لي مفارقة هذا "الحبيب")؟

أجل، إنه عشقها الوجداني. الذي إرتضَته بديلاً عن الحبيب!

 

أجل، إنها بياتريس أوهانيسيان!

  كتبت في أوكلند (نيوزيلندا) بتاريخ 20 آذار/مارس 2005: باسم حنا بطرس

 

 Beatrice Ohanessian, considered a musical pioneer in Iraq, now lives and teaches piano at her home in Edina. MPR photo/Marianne Combs

 

تعتبر بياتريس أوهانيسيان من رواد الموسيقى في العراق، حالياً تعيش وتدرِّس البيانو في بيتها في

(إيدينا Edina).

 

الصورة من MPR photo/Marianne Combs