لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

صبـــــــاح جــــــــــولاغ ـ فرنســــــــــــا

 

اللــــــه ... و... قيصـــــر
 
 الدين ، مكون من معتقدات ومبادئ وتعاليم ،يعتبرها معتنقوه بانها الافضل حسب
قناعاتهم ـ اذا ما استثنينا الموروث ، واطلقنا حرية الاختيار إإإ ـ والايمان هو ترجمة هذه
القناعات والطقوس من خلال علاقة روحية مسؤولة سامية فردية  شخصية بين الخالق وبين المخلوق ـ بالنسبة للدين  السماوي ـ تنعكس حقيقة وصحة وسلامة هذه  الممارسات على تصرفات ـ سلوك ـ الانسان  او المؤمن على وجه التحديد، ثم على  العائلة واخيرا على المجتمع الذي يعيش فيه ، فبالامكان  اذا اعتبار تطور المجتمع مقباس  للاختبار ، اذا ما اعتمد الدين كنظام سياسي .ولكن وبحسب   معلوماتي المتواضعة ، لا يوجد على وجه المعمورة بلد واحد اعتمد الدين كنظام  سياسي ، وفيه من التطور والنجاح ما يذكر ، لا بالعكس هناك امثلة وادلة كثيرة لبلدان عديدة تؤكد فشل  هذا النظام وعدم نجاحه . اذا اين الخلل ؟
هل هو في الدين ورجالاته ؟ ام هو في النظـــــــام السياسي؟ والجواب هو لا في هذا ولا في
ذاك ، وانما هو في البعض من رجالات الدين الذين
يودون زج الدين في السياسة وتشغيل ماكنة  السياسة بوقود دينية إإإ وهذا ناتج من
جهل البعض  منهم  بحقيقة الدين اولا ثم استغلال الدين لاشباع رغباتهم واعطاء الزخم للافلاس
النفسي  الذي يعيشونه ، بتوريط الكثير من المؤمنين في تحقيق احلامهم المريضة .
 لقد اساءوا الكثيرين من رجال الدين وما زالوا يسيؤون لدينهم اولا ثم لاتباعهم في
اختزال العقول  والغاء سخصية المؤمن من خلال التدخل في كل صغيرة وكبيرة من حياته وكانه يعيش لهم
وليس  لنفسه اولا كي يكون المسؤول الاول عن تصرفاته امام خالقه وامام نفسه ثم امام
الاخرين ... وهذا كله متات من الثقة العمياء برجال الدين ومن الجهل الذي يعشعش في رؤوسهم دون
توجيه  او توعية وتثقيف . لذا ارى ان الواجب الاول لرجل الدين هو تثقيف وتوعية المؤمنين
 اهدائهم الى  الصراط المستقيم ، وقول الحقيقة كما هي وليس كما يبتغيها هو .
 لا زال رجل الدين يحيط نفسه بهالة مصطنعة ومفتعلة ـ نتيجة الجهل ايضا ـ وكانه
العالم بكل شئ وبيده وحده الحل والربط واصدار الاوامر وما على الاخرين غيرالطاعة والتنفيذ إإإ
متناسيا دوره الروحاني والروحاني فقط ، من تنوير المؤمنين
بالامور الدينية التي يجهلونها وما اكثرها إإإ في الماضي كثرت وتنوعت الاديان
والمعتقدات ، لحاجة الانسان النفسية والاجتماعية لها ، فلقد كان  للدبن او المعتقد الدور الكبير في
التقارب بين القبائل والشعوب الصغيرة المتفرقة ، وايضا الخوف من  القوى والمظاهر الطبيعية ، حيث اخذ
الانسان يعبد البعض منها لخوفه منها من جهه ولجهله بماهيتها  من جهة اخرى ، ولكن لما ان الاوان ،
واعلنوا الانبياء والرسل عن رسالاتهم السماوية بصورة واضحة  وعلنية ، لم يعد الانسان ـ اذا كان دينه
من السماء ـ بحاجة كي يعامل كالقطيع ، وبنفس اساليب الخوف والقصاص والنار  وغيرها من المفاهيم
البعيدة كل البعد عن دور الدين الايجابي في تهذيب حياة البشر إ ان جانبا كبيرا من السياسة الدولية يعتمد على المصالح والمنافع المشتركة التي تتغير بتغير عوامل داخلية وخارجية ، اقليمية كانت ام دولية ، فاذا
كان الدين قد اعتمد كنظام سياسي ، فعليه ايضا ان يتماشى مع  هذه المتغيرات والمصالح ، وهذا محال ان
يتغير الدين ـ اذا كان سماوياـ حسب المتغيرات الدولية إ وتكون
 عندئذ المصالح والمنافع هي التي تسير الدين وليس العكس .
 وكذلك لو اعتمد الدبن كنظام سياسي لبلد ما ، فان نسبة الايمان تتفاوت بين فرد
واخر ، لا بل قد يكون من بين الافراد اناس غير مؤمنين ،وهذا امر طبيعي ، فكيف يعاملهم الدين في هذه الحالة ؟؟؟ اذا ما سلمنا جدلا بان الشعب كله يدين بديانة واحدة إ فما بالك ان يكون ضمن هذا
الشعب الواحد عدة ديانات ؟؟؟ وهذه معصلة
كبيرة اخرى بوجه من يطبل لجعل الدين نظاما سياسيا . رب قائل يقول ، من الممكن ان يعيشوا
ابناء الوطن الواحد بتاخي وسلام رغم اختلاف اديانهم ومعتقداتهم وهذا عبن العقل ، شرط
ان لا تفرض سياسة دين على اخر ، والا سيطالب الاخرين سياسة دينهم ايضا ، لانهم مختلفون بالدبن حقا ولكنهم ليسوا مختلفين بحق المواطنة إإإإ فالوطن والمواطنة اولا واخيرا وليس لا الدين ولا المعتقد .إإإ
 كنا قد اشرنا في مقال سابق الى ـ نعمة ـ الاستفادة من التجارب الايجابية للشعوب
الاخرى ، ولكن  ورغم التقدم الحاصل في
بقية ارجاء المعمورة وخصوصا ثورة الاتصالات والمرئيات والالكترونيات ،تبدو بلداننا
تئن تحت وطاة التخلف والجهل والاستعمار الذاتي الفكري ، وارضة ـ نحن الافضل
والاحسن ـ تبقى تنخر في العقول النتنة قبل الاجساد المريضة الهرمة إإإإ لقد كانت اوربا تدين بديانة واحدة وهي المسيحية ، ولكن رغم هذا فصلت الكنيسة عن الدولة ومنذ قرون عديدة ، مجسدة لقول
المسيح ** اعطوا ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله 

وبهذا اصبحت قبلة للذين يكرهونها اولا ثم للذين يحبونها ثانيـــا

 

لماذا نُـقـتَـل..؟

 شعبنا العراقي، اهل بلاد ما بين النهرين، وبمختلف انتماءاته القومية والدينية، شعب واحد ذو حضارة، علم الانسانية ما لا تعلم. والعراقيون اهل الكرم والضيافة والنخوة. شعب يحب الحياة، رغم انه لم يجد - بعد - فرصته الحقيقية لحد الان بسبب الظروف العصيبة التي المت به عبر عقود من الزمن، من الحروب والاضطهاد والقتل والتهجير..!!

ولحد هذا اليوم، وللاسف الشديد، لا لغة فيه غير لغة القاتل والمقتول، الظالم والمظلوم، القوي والضعيف، الغني والفقير، الاكثرية والاقلية، وغيرها الكثير من المتناقضات ليست لغوية فقط وانما مفردات يومية يقتات عليها المواطن العراقي والذي لا حول له ولا قوة!! وان البعض من هذه الوجبات الغذائية المسمومة بالامكان هضمها!! ولكن اقسم لكم بالله بانني ولحد هذه
اللحظة لم استوعب فعل القتل!! وكيف يجرؤ - انسان - ان يقتل اخاه الانسان؟؟؟ اذن القاتل هذا المخلوق البشع، دخيل على نسيجنا الثقافي والحضاري والاجتماعي. ولا داعي لمعرفة سر تواجده الغريب بيننا، فالحدود مفتوحة على مصراعيها منذ اربع سنوات ونيف، وربما قبل، علاوة على الظروف الامنية التي تجعل من ارض العراق تربة خصبة كي يسرحوا ويمرحوا ويتعشعشوا ويتكاثروا هؤلاء القتلة والمجرمين. في علم الجريمة هناك دائما دوافع لوقوع الجريمة، وهذه الدوافع قد تكون سخصية - الثار والحقد او الشرف - وقد تكون عامة. سياسية او اجتماعية او اقتصادية. اما ان يكون الدين دافع وذريعة للقتل فهنا الطامة الكبرى!! فصرخة جريمة القتل الاولى في تاريخ الاديان، بين قايين وهابيل - وصلت حد السماء، اذن لا دين - اذا كان من السماء - يامر بالقتل اولا ثم ان الله عز وجل، ليس بالعاجز للقيام باي شئ، لانه القدير والقادر على كل شئ، علما ان القتل ليس من صفات الله الرحمن الرحيم. اذا كل ما يدعونه هؤلاء القتلة والمجرمين ليست الا ذرائع لتحقيق ماربهم الدنيئة والخسيسة، ولاشباع رغباتهم وشهواتهم المريضة وغرائزهم الحيوانية والبربرية، وبحسب توجيهات اسيادهم  ومن لف لفتهم، واين تكمن بواطن مصالحهم الشخصية والذاتية ضاربين كل قيم ومبادئ واخلاق الاديان والانسانية عرض الحائط... واذا كان من الاهمية معرفة من هو القاتل، ارى ان الاهم معرفة لماذا نُقتَل؟؟؟ قيل قديما،، ان الوقاية خير من العلاج،، فهذا هو الجواب الصريح والواضح على تساؤلي اعلاه. انه من غير الممكن ن تطلب من القاتل ان لا يقتلك، لانه قاتل وقد امتهن هذه المهنة القذرة والبشعة على اتم وجه، وللاسباب التي ذكرناها سابقا، ولكن هل من الممكن ان لا تدع القاتل من ان يقتلك؟ الجواب نعم ولكن كيف؟ اذن الاختلاف في الكيفية، والكيفية التي لا اختلاف عليها هي - وحدتنا - فاننا نُقتَل! لاننا مبعثرين ومتشتتين غير متحدين. نُقتَل! لان الانانية وحب الذات قد قتلتنا قبل ان يقتلنا القاتل، نُقتَل! لان حب الوطن وغيرتنا عليه في سبات عميق في دهاليز ذواتنا، نُقتَل! لان النخوة والشهامة قد دفنت في مقابر نفوسنا، نُقتَل! لان قوانا قد خارت وانهارت بسبب الصراعات فيما بيننا، ليس من اجل فع راية الوطن وحمايته ولكن بسبب الطمع الذي اعمى بصائرنا، نُقتَل! لان ليس هناك من يقف بوجه قاتلنا، نُقتَل! لان لم يعد لدينا القوة كي نطلب من القاتل حتى ان يطلق رصاصة الرحمة علينا!!

فمتى نتوحد، ويكون همنا الوحيد تضميد جراحات الوطن النازفة والعميقة؟؟

متى نتوحد، ونتخلى عن انانبتنا ونظرتنا القومية والدينية الطائفية والمذهبية العتيقة؟؟

متى نتوحد، ونخاطب بعضنا البعض بلغة الاخوة لغة عصرية شفافة ورقيقة؟؟

متى نتوحد، ولن بكون غير المحبة والسلام والمودة منهاجنا للعيش وطريقة؟؟؟

متى نتوحد، ويكون بمقدورنا ان نفرق بين الشعوب العدوة لنا والصديقة ؟؟

متى نتوحد، ونتعامل مع كل الشعوب والامم وكانها صديقة لنا وشقيقة؟؟

متى نتوحد، ونعبد زهو بلادنا - ما بين النهرين - تاريخه وحضاراته العريقة؟؟

متى نتوحد، ليبقى اسم العراق ترنيمة الجميع واعذب لحن وموسيقى؟؟

وسمفونية تعزف في جميع بقاع المعمورة وتطرب على انغامها الخليقة؟؟

 

وطني ألمصلوب

تتسابق حكومات الدول المتقدمة وعلى إختلاف أنظمتها ألسياسية
على تهيئة أفضل سبل ألعيش ألرغيد لمواطنيها وحتى للمقيقين
فيها من ألأجانب، والمواطن من جانبه يعمل بجد وإخلاص وتفان
من ذات نفسه ومن دو ن رقيب لأن حقوقه مصانة لا بل مقدسـة
لذا يقدم كل ما لديه من قدرات ألإبداع والتفوق ويسخر كــل
إمكانياته من أجل سمو ورقي بلده،حيث يكاد لا يمر يوم دون
إكتشاف جديد أو إختراع مذهل ،تصب جميعها في خدمة
الإنسان ومن أجل راحته٠
ومن باب ألمقارنة ليس إلا ، ومن دون الدخول في تفاصيل حقوق
المواطن العراقي،لا بل حتى التطرق إليها لأنها لم تكن موجودة
أصلاً وهذا جرم بحد ذاته ، ولكن ولكي أكون منصفاً وأكثر
موضوعية ،فالعراق ليس من الدول المتقدمة لذا فبالإمكان غض
الطرف عن حقوقه ـ ولو الى حين ـ ؟
ولكــــــن ٠٠٠أن يُسلب ويُجرّد ويُسلخ المواطن من وطنـــــــه؛
ومن إنتمائه وشعوره الوطني ؛ فهذه جريمة لا تُغتَفَر ؟ هــــــذه
كانت ولا زالت كُبرى جرائم النظام السابق ، مع كل تقديسي
وتمجيدي لكل الضحايا والشهداء من أبناء شعبي ألمظلوم
حيث كانت ألمواطنة والإنتماء للوطن ـ وبكل ألم ومرارة ـ
تُقاس بمدى إنتمائك وتأييدك للنظام أو عَدَمِهِ ؟؟؟
فبدأت بذرة المواطنة والإنتماء تموت شيئاً فشيئاً ،بالقتل
حيناً وبالسجن والتعذيب والترهيب أحياناً ،ولكي لا تموت
ألأشجار وهي واقفة ، بدأ المواطن بالبحث عن البديل كي
يبقي ويحافظ على هذا الإنتماء والشعور فلم يجد غير
الدين أو الطائفة أو القومية كبدائل وكمتنفس له ، وليعبر
عن ذاته وكيانه وأصالته المتجذرة في بطون التاريخ
وأيّ تاريخ ؛؛؛ وليملأ فيها هذا الشرخ وهذه ألهوة العميقة
والتي حفرها النظام وسياساته بمخالب من حديد ونــــار٠
وفي خِضم هذه الأجواء المتوترة والمشحونة بدأت تنشأ
أحزاب ألمعارضة وجل أدبياتها وآيديولوجياتها مبنيــــة
وللأسف الشديد على هذا التوجه الضيق والعليل ؟؟؟
ولكن وبعد أن سقط النظام وجاءت هذه الأحزاب المعارضة
ـ بالأمس ـ وأصبحت ـ أليوم ـ تديـر شؤون البلاد السياسـية،
أبقت على آيديولوجيات وأدبيات أحزابها دون تغييـــــر
وكأنها لا زالت في المعارضة ، وأصبح كل حزب يغني
على ليلاه ،وليلى ـ الوطن تحت حراب ألغزاة ـ لأنها منهمكة
في تقاسم الكعكة ، وبسبب التخمة التي أصابتها نسيت حالها
وتركت أدبيات أحزابها مصابة بعدُ بفقر الدم المزمن ؟؟؟
فعليكم يا سادتي أن تفيقوا من سُباتكم وتنسوا الماضي وأن تعيشوا
ألحاضر وأن تخططوا للمستقبل ، لأن العيش في الماضي
واللطم والبكاء على أطلاله لا يجد نفعاً ولا ينشر غير لغة
الظلم والإنتقام، وتكون نتيجته أبشع وأعنف من سياســــة
النظام البائد لأن أُغنيتكــم المفضلة هي ، ال دي مو قرا طية؟؟؟
ولم يجد المواطن ولحد الآن غير القتل والخطف والتفجيرات
والخوف والرعب والتهجير والمفخخات، والإغتصاب ، بكاء
وعويل أنين وآهـــــات ؟؟؟
لذا ، ويا أبناء جلدتي ويا إخوتي بالوطن يا ساستي الكرام ، عليكم
أن تلغوا كل أدبيات أحزابكم لا بل مزقوها إن لم تخدم أبناء شعبكم
تجردوا من انانيتكم وترفعوا عن ذواتكم ، لأنه لا نسمح لكم ولا يحق
لكم أن تتحدثوا عن إنتمائاتكم الدينية والمذهبية والقومية قبل أن
تعلنوا وترفعوا وتمجدوا هويتكم العراقيـــة ، اعطوا للعراق كل ما
لديكم وكل ما تمتلكون كي يتعافى أولاًً ويُرفع اسمه عالياً سالماً
وغاليــا ،وبعدها خذوا ما يحق لكم أن تأخذوا ؛؛؛
يكفيكم من دماء الأبرياء التي سالت وتسيل، لتسقوا بها بذرة الشعور
والإنتماء الوطني الأصيل ،كي تكبر وتصبح شجرة نتفيأ بهاجميعاً
من كل الأديان والطوائف والقوميات ،يكون عطاءنا فقط هو السبيل،
كي نُعيد للوطن هيبته وتاريخه الجميل٠
يا سادتي ربما تسألون من أنـــــا
فأنا لست سياسياً ولم انتم إلى أي حزب ، سوى حزب وطني
إنني عراقي قبل كل شئ وبعد كل الأشياء،
عراقي حد الثمالة وحد الجنون ، هذه هي مصيبتــي
وأتلذذ بفخر وبنشوة الإنتماء كتلذذ الغريم بغريمته
وأتغزل بـه كما يغازل الحبيب حبيبتــه
واناجي حبات ترابه كمناجاتي للنجوم في سماء غُربتـي
هذا هـو انـا وهذه هي هويتــــي
وهذا هو انت ، يا وطنـــي
فأنت إيماني وعقيدتي ، وإنتمائي وقوميتـــي
أنت أبي وامي ، انت أهلـي وعشيرتـــي
أنت مصدر إلهامي وشعري ومفردات قصيدتي
وأنت منهل علمي ومعرفتي ، انت جهلي وحكمتي
أنت أنا ، وأنا أنت ، أنت بدايتي وأنت نهايتـــــــي؛؛؛
ولكن أسألُك بالله يا وطني ، لماذا تســيل دمعتـــــي
كالطفل كُلما شدني الحنين إليك في غربتـــــــــــي ؟؟؟
أليس لأن الغربان تنهش فيــك
وأنا عاجز لا أملك غير حيرتي ودهشتــــــي
ولأنك حمَــل شـــعبي المصلــــوب على جبل جُلجُلتــــي
تبـاً للأعـــداء ، وليخســأ الغربـــــــــــاء ،
ستبقى يا وطني يا عراق ،والى الابد، رجائي وقيامتــــــي
إبنك
صبــــــاح جـــــــــولاغ

 

يا رفيقي

يا رفيقي يا صديقي يا جاري ، يا شقيقي بالفطرة ومن دون اختيار
يا انســــــــــان٠
دعنا نتحاور قليلاً عن الأواصرالتي تربطنا ، عن وجودنا ،عن الزمان
وعن المكـــــان٠
ارضنا ،كوكبنـا، تربتنا ومكان تواجدنـا واحـدة ،لا فرق فيها غير الأسم
والعنــــــــــوان٠
حياتنا، ووجودنا، ومصيرنـا مشـترك نتقاسـمه في الأفــــــــــــراح وفي
الأحـــــــــــزان٠
خبزنا،طعامنا وشرابنا مُعد ومهيء من قوت ومن ماء ، من النـــــــــــار
والدخـــــــــــان٠
كســوتنا، لباســنا، هندامــنا زينتنا لا خلاف عليــها ســـوى فـي الأذواق
والألــــــــــوان٠
شـهيـقنا وزفيرنــا ،من نبضات قـلب يخفق دون كلل إلى حين ـ ها قـد
آن الأوان ـ ٠
أوجاعنا وأمراضنا ، آلامنا وآهاتنا ، دموعنا ومصائبنا لا تحتاج منـا
غير الصبر والإيمان٠
سماؤنا ، خيمة الهية تحتضن ساكنيها ـ دون تمييـز ولا تفرقة ـ بالمحبة
والمودة والحنـــــان٠
بقاعنا، مكونة من تلال وجبال ، وسهول وحقول، وصحارى وبراري
ومراعي ووديـــان٠
ومن أنهر ومحيطات ، وأشجار وغابات ، وشتـى انــواع النباتـــات ،
ورياض وريحـــان٠
ومن زواحف وحيوانات ، وطيـور وأسـماك ، وغيرهــا منقرضـــات
ذي منشـأ ســــيان٠
سـنين وقـرون، أشهر وأسـابيع وأيـام ، أسماء وأرقام مجردة قيدتنــــا
بالوقت وبالزمــان٠
ألسـنتنا، لغاتنـــا جزء من هويتنا ، نتفاهــم ونتغنــــــى بهـــا بأعــذب
الألحــــــــــــــــان٠
عاداتنا ،تقاليدنـــا ، شعائرنا ، حضاراتنــــا ، مفخــرة وغِنــــى لنـــا
وعنفـــــــــــــوان٠
ملامحنـا ، ألواننـا، هيئاتنـا، أجناســـنا ،لوحات رائعات سبحان الخالق
الفنــــــــــــــــان٠
جوهرنا ، أهوائنا ، غرائزنا شهواتنا لا خــلاف عليها البتة بين فــلان
وفــــــــــــــلان٠
مشاعرنا وأحاسيسنا ، عقائدنا وخصوصياتنـا ، يجب أن نحترمها وأن
تُحترم لأنها معيار لنا وميـزان٠
فشعوبنا عائلـة كبيرة واحـدة، قُســمت وسُــميت بالأقطار والأوطــان٠
إذن يا رفيقي ، يا صديقي ، ويا شقيقي يا إنسـان
دعني أقبلك وأُقبّلك وأحضنك وأضمك بين طيـات قلبي الولهـــــــــان،
لنعيش سـوية ، بفـرح، وتعاون ،وسعادة ،وســلام وأمـــــــــــــــــــان،
ونشــمّر عن سـواعدنا ، لنجســد حقيقة إنسانيتنا فقط للبنيـــــــــــــــان،
لنقضي ضيافتنا الأرضيـة بالمحبـة ، كي نستحق ازليـة الرحمـــــــان٠

 

البحـث عن المفقــــــــود

خرجت ابحث عن شـئ تطلبه نفسي باستمرار
فلم اجد ، ولم اسمع غير خطابات وانقسامات وضوضــــاء
شاورت عقلي ، ناجيت روحي وتساءلت 
لماذا احس بهذا الأختناق ؟ لا الأرض ولا البحر
اعطوني الأمان ولا النجوم ولا حتى الســــــــــــــــــــــماء
مرغما انتشلت جذوري الممتدة في اعماق الزمن
وغرستها هنا ،ولكن هل من تربة ؟
هل من ماء؟ةهل من شمس؟ هل من هـــــــــــــــــــواء؟
صرختي تلاشت وصداها تاه بين رمال صحراء بيـــــــــــداء
الكل مثلي حمل جذوره
الكل مثلي نقل غرسته
ولكن لا احد استطاع ان ينقل تربته ا فهل سنتهدم اذا ؟
هل يعني الخراب؟ الموت ؟ هل يعني الفنـاء ؟
سافرت الى دهاليز عقلي، ابحث عن حل
اصدقائي ، اقربائى ، اهل بلدي هنا
كلهم مثلي ،مشردين ، مشتتين
البعض منهم لا يحس بهذا ، والبعض الآخر
يموت كل يوم عشرات المرات وبعنـــــــــــــــــــــــــــاء
مددت يدي الى كل واحد منهم ، لمست اصابعهم
فوجدتها جامدة ، هامدة ، عروقهـــــا يابسة
ليســـــت ســـوى انامـــــــــــل قحـــــــــــــــــــــــلاء
حاولت ان اتلمس طريقي الى عيونهم ، رايتها هي الأخرى
مثقلة، تعبة، هرمة خرســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
طرقت ابواب قلوبهم ، فكانت موصدة ، خالية من الحب
عابدة اله المال واللذات والفنــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
كل واحد يتكلم عن نفسه وكانه بلا خطيئة،
ويتكلم عن الآخرين وكانهم غرقى بالخطايا مذنبين جهــلاء
انا لست اقلهم ، انا لست بملآك،لكنني انظر الى الجميع
من فوق ، بمنظار المحبة ، المســــيح ، الفــــــــــــــــــداء
لقد احببتهم كلهم ، ونذرت ان اجمع من اديم هذا البلـد
حبة ، حبة واعجن منها بعرقي، تربة صالحـة نغرس فيها
جذورنـا التائهـة والمثقـــــــلة
بالآمنا بجروحنا بكل مخلفات الماضي الرعنـــاء
لننمو وننهض باستقامة جنب الى جنب ، اقويـــــــاء
انقيـــــــاء ، اصحـــــــــــاء اصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاء
نرتوي من ماء الحب ونرتشف من مصل سمائه الزرقـــــــاء
فترتسم البسمة على الوجوه نقيـة صافيــة
وتعلو الضحكات الخالية من كل حقد وانانية وبغضـــــــــــــاء
ليكون الحب وليس الا الحب دواء لكـــــــــــل داء
ولنكـون حقــا احفـــاد اولئـك الجبابــــــــــرة العظمـــــــــــاء

 

 

رسالة من الاخ والصديق العزيز المهندس صباح جولاغ، اخو الاب العلامة الراحل يوحنان جولاغ

يودع فيها اخته المرحومة كرجية جولاغ والتي وافاها الاجل يوم 25/12/2006 في ديترويت /امريكا
وهذا نصها

 

رسـالة محبة ورجـاء من اهل الارض الى اهل السـماء

الى اختي كرجيـة جـولاغ التي انتقلت الى السـماء يوم الاثنين 25/12/2006

اه يا اختاه، ها قد ان الأوان ودنت لحظـة الوداع والرحيـــــــل
بسبب مرض استفحل بجسمك فلا حكمة الحكماء ولا دواء ولا سـبيل
وللتو ثار ضعفنا البشري ، بكاء وصراخ وعويل، لفراق يبدو لنا طويل وطويـــل
متناسين ومتجاهلين تعاليم الرسل والأنبياء والأنجيل
من صلب وموت وقيامة المخلص، الرجاء، كاعظم وابصـــــر دليـــــــــــــــــــل
* * *
ارحلي يا اختاه عبر الأفق واخترقي الأثير واللامنظور،الى حيث السماوات
والملكوت والعرش الألهي، ارحلي الى حيث اللامكــــــــــــــــــــــــــــــان
ارحلي يا اختاه الى، منذ البدء، وقبل الأوان، منذالأزل، الى الابـد
ودهر الداهرين، لا بداية ولا نهاية ارحلي الى حيث اللازمـــــــــــــــــــــان
* * *
ارحلي يا اختاه وابتعدي من هنا حيث، الأنا، والأنا فقط
حب إإإ وكره، حروب والآم، خصـــــــــام وانتقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام
ارحلي يا اختاه واستقري هناك حيث،هـو وانت وانا وهـم وهـن
الكل حيث ـ اللــه محبــــــة ـ حيث السكينة والأمـــــان والســـــــــــلام
* * *
ارحلي يا اختاه وحذاري ان تصحبي معك الآمك، الآمي دموعي
قروحي وهمسـات جروحي، انانيتي بشريتي ولا انســــــــــــــــــانيتي
ارحلي يا اختاه مكللة باكليــــــــل النسـاء العفيفـــات الطيبــــــــــات
البريئـات المؤمنــــــــــات ، مفخرتــــــــــــــــي وســــــــــــــــــــــلوتي
* * *
ارحلي يا اختاه ودعي هنا حيث مثــــــواك، تراب جـسدك الأرضــي
العليل من ترســــــبات السـنين،وصـدا الحيـــــاة الأرضيـــــــــــــــــة
ارحلي يا اختاه وهنيئا لك حلتــك الجـــديـدة،جسـدك النــــــــــوراني
طـــوبى لك ، هويـــــــة اهـل الحيــــــــــــــاة الـســــــــــــــــماويــــة
* * *
لربــــما تاخــر رحــــيلك قليلأ هـذا اليـــــوم ،حيـث الكـون منــشغل
جدا بحلـول الكلمـة المتجــسدة ـ الالاه ـحيـــــث الميــــــــــــــلاد
بعدها صعدت دون مزاحمــــة في الطريــــق ومكانـك مهيئـا عنــد
الآب حـيث ، الفـــــــرح والســـعادة، دون الـم ولا بكـــاء ولا حـــداد
* * *
يا ليتني معك لحظـة دخولك ولقاءك الأحبة الذين قد رحلـوا من قبلــك
الملائكة والكاروبين، تسابيح ومزامير،عرس وغناء فيا للــــذة اللقــــــــاء
ليت فكري يموت ويبعث بالقيامة للحظة ، لينطــق ويتحــــــدث عــــن
هيــبة الحياة في رحاب الله ، فيـــا لــــه من بهــــــــــــــــــــــــــــــــاء
اما نحن اهل الأرض سنبقى دومـا نجهد ونجتهـد للحصـــــــــــــــــول
على مجـد اهــــــــل الـــــسماء ، فيا لـه من عنــــــــــــــــــــــــــــاء
ارحلـــــي يـا اختــاه ، هنيــئا لك بالســماء

والى اللقــــــــــــــــــــــاء

اخوك صبـاح جـــــــولاغ من فرنســـا


 

اخي العزيز المهندس صباح جولاغ والعائلة المحترمين

لقد ابدعت بهذه الرسالة ياصديقي العزيز...لانها رسالة المحبة والرجاء مرسلة من دار الفناء الى دار الحق والازل ارسلتها نيابة عن اهل الارض الى الاخدار السماوية حيث الاحبة يتنعمون بالعرس الالهي
فارجو من اختك كرجية ان تبلغهم سلام ومحبة وشوق اهل الارض جميعا كما ارجو ان تبلغ تحياتي الخاصة الى امي وابي واخواتي وتقول لهم ان يصلوا ويطلبوا من رب الكون ورب السماء ان يرسل ابنه الحبيب من جديد ليبسط سلامه ومحبته وينقذ العراق واهله من هذا المخاض الاليم مع حبي وشوقي وتحياتي لكل الاهل والاحبة والاصدقاء المقيمين في السماء تحت خيمة وفرح سيدهم رب السماوات والارض

ابنكم واخوكم وصديقكم من الارض
د. وعدالله عزيز الكركجي

 

 

 

القس يوحنان جولاغ ، تاج الحكمة ورمز الابداع

بقلم : نبيل يونس دمان

     يا له من بون يفصل الموت عن الحياة ، والماضي عن الحاضر ، ففي الامس كان الفقيد يترنم بأشجى الاصوات ، واعذب الالحان ، وامضى الكلمات ، التي يبحث عنها ، فيجدها تتراقص امامه ، ليقتنصها ويرصّها في بنيان القصيدة ، او الفكرة ، او الموضوعة ، خزين من الكلمات ينتقي بليغها ومن لغة عريقة عراقة الارض ، واليوم يرقد على رجاء القيامة ، يلفـّه الصمت ، تحيط بوجهه الوضاء هالة المجد ، ينتظر في رقدته الابدية من الاجيال التي عرفته ان تطرب بذكراه ، كلما دار الحديث عنه ، فقد وُهِب قلبا ً عامرا ً بالمحبة والفرح . كان اهالي القوش يصغون اليه جيداً في الستينات من القرن الماضي ، فتقع مواعظه وقعا ً عميقا ً في نفوسهم ، وفي الغالب كانوا ينظرون لبعضهم متعجبين من قدراته ومعرفته الدقيقة عن  حياتهم الاجتماعية ، كأنه يعيش في كل بيت . رغم كل الآلام النفسية والجسدية التي عاشها ، في ظروف متقلبة شديدة الوطأة ، فإنه ظل متمسكا ً بأيمانِه ، أمينا ً لتـُراثِه ، هكذا مات الذي كان الدهر بأناشيده ينشد ، مات الذي كان يسقي شجرة الحياة بخميرة فِكره ، أيها الناس إبكوا الذي لم يصل الى مبتغاه ، في لم ّ شملكم ، واشاعة الفرح في حياتكم ، انه ليس كمن يأت ويذهب ، او ما يتناثر من الشهب والكواكب ، فيخفت بريقه بسرعة ، بل جاء وفي يده شيء غـَرسِه في الارض ، لينمو ويزدهر ويكون له الثمر الوفير، كان منارة لمن اراد ان يتبع خطاه ، تغنـّى بمآثر وطنه وبأمجاد شعبه ، بأرق مشاعر الحب والوفاء ، فلا تخلو من كل ذلك الأشرطة الصوتية التي سجلها ، بعرقه وتعبه ، وسهره الطويل ، وبحثه المتواصل ، في أمهات الكتب والميامر والأشعار، التي امدت قصائده بذلك البنيان المتناسق ، وذلك الصوت الأخاذ ، والأداء الجميل

 .

     ذهب الكاهن الورع الى حيث الراحة الابدية ، هناك تستقبله ملائكة الرب بالمصابيح والشموع ، راقصة بالطبول والدفوف ، فالدُنى ما كانت يوما ً دارَ قرار ٍ ، وعلى الدوام ستنظر الاجيال الى ذلك المعلم بإحترام ، ولن أبالغ القول بان القس يوحنان جولاغ هو واحد ممن ترك لنا إرثا ً وأثرا . عرف عنه دفاعه عن بلدته ايام المحن ليس أدلـّها ، دعوة الناس للتجمع امام مركز شرطة القوش في ربيع 1969 ، لافشال مخطط السلطة في ايذاء البلدة وابنائها الأباة . وفي صيف نفس العام كان القس يوحنان على رأس وفد للمصالحة مع الجيران ، وقد عكّر الزمن مؤقتا صفو العلاقة التاريخية بينهم

 .

     كلما ودعنا رجلا ً عظيما ً أشرنا الى معاناته ، وخبايا آلامه ، ومكنونات حزنه ، لارتباطها الوثيق بملكة الابداع الذي اعتلى هامته بجدارة القسيس الراحل ، لم يسكن قصرا ً ولم يعشق منصبا ً، وكل القرائن كانت تشير الى امكانه ذلك ، لما جبل عليه من الذكاء وسرعة البديهة والكياسة ، وكما قال شقيقه صباح في رثائه ، بانه كيـّف نفسه ، مع الكبار كبيراً ومع الصغار صغيراً ، حتى يرضي الجميع . مبكرا ارتبط ابداعه بتلك العوارض التي نوهنا عنها ، وفي  جسده السر في مقاومة ضروب الدهر ، فقد العديد من افراد اسرته ، وابتعد عن مسقط رأسه دون رغبته ، ووقع في اشكال بسبب حرصه على آثار نينوى العظمى . كان اسم بلدته لا يفارق محياه ، وظل قلبه يخفق بحب ابنائها المنتشرين في بقاع الارض ، لقد ترك لنا في رحيله وجهة الى الاحياء ، بان يتذكروا مصير الانسان ، فينصتوا لعين العقل ، وصواب الحكمة ، في نشر المحبة ، وروح التعاون في الملمّات ، وان يتركوا الاحزان خلفهم ، ويغنـّوا لغدهم ، لأعقابهم ، فالحياة قصيرة ، والموت غادر ، يداهم البشر في أية لحظة

 

     جاء الى اميركا في العام الماضي ، لم يبق فيها كثيرا ً ، وكأنه جاء يودع أحبته وأصحابه ، غادرها خوف ان تداهمه المنيـّة فيرقد تحت تربةٍ غريبة ، وهو القائل " انها الجنة ولكن معجونة بماء الجهنم " ،  فاسرع الخطى ليحتضن ارض العراق ، وتحتضنه تربتها التي منها انطلق واليها عاد ، ليلتحق بجنات الخلد حاملا ً رسالة ، ولايقاظ المهللين بمجد الرب ، ان يستمطروا رحمته على أرض الحضارات ، فتنتهي دورة العنف لصالح السلم ، والصراع لصالح البناء ، هل كانت تلك الجنات تنتظر عودة الاب يوحنان اليها ، ليشق بصوته فضاء السكون ، فيحرك المسبحين بإسمه ، لينصتوا الى عذابات الانسان ، بالتأكيد سيجلب الانتباه ، ذلك الخطاب الذي حمله معه ، في رحلته الابدية ، فيعود السلام والازدهار، الى بلاده بين النهرين الخالدين

 

     عاد الطير المحلق عاليا الى وَكره الارض ، ومن جسده الممتزج مع ترابها ، سيُجبل مبدعون آخرون ، يرشفون مياهها ويتنسمّون هواءها ، لينطلقوا من جديد ، مادة وروحا ً ، عطاء وارتقاء ً ، فعمر الخليقة سلسلة من حلقات الابداع ، تكبر وتعظم باستمرار، وحتى يرث خالقها ما عليها

 

     قد نكون قصرنا مع الراحل ، ليسامحنا فالظرف قاهر، والاحداث خطيرة ، فـَلم تدعنا نلتفت اليه ، ولكننا سمعنا صرخاته ، وما خالج قلبه ، كنا نامل ان نشيع في قلبه المتعب بالشيخوخة اذا صح تسميتها ، بالغبطة التي كان مسكونا ً بها في صباه وشبابه ، ليعذرنا الاب يوحنان وعزائنا انه باق ٍ خالد ، وتراثه حي يبعث من جديد ، في كل دورة من دورات الفلك ، وعلى ايدي النجباء من تلامذته

 

    يألمني انني لم التق ِ به منذ مغادرتي الوطن قبل ربع قرن ، لكنني بعد سماعي شريطه الصوتي بعنوان ( الغربة ) والذي اعتبره قمة عطائه ، ارسلت له الرسالة التالية

 :

خيپوثيله مبرپشاله شمشه قويثـــــــــــــــــه

خايد ناشه گدامي لمايه ديلي بنهــــــــــــــرا

كد كمهرشي كصابي وكصاخه بگاوي صيرا

زونه جغيشا علمه تعيشه بلبح بيشــــــــــا

..........................

باثي زونه بنايخ علما بكيوه قريشــــــــــــــا

وناشه طاوه بعالي ريشح وبناپل بيشـــــــــا

 

 الى ابونا الموقر يوحنان جولاغ المحترم

تحية صادقة

     ان قلمي ليعجز عن التعبير عن نبضات الحب والاعجاب بذلك الذهن المتنور المتفتق الذي أجهر بالأبيات أعلاه ، وبذلك الصوت الدافئ القوي النبرات ، والمشحون بالعواطف ، والمنساب من فم كأنه الشهد ، اي زهو يمتلكني وانا اصيخ السمع الى كلماتك ايها الاب العزيز بعد ان فارقتنا قسوة الاقدار لعقود من السنين ، لكن صوتك عبر الشريط المسجل اعاد تواصلنا وارجعني سنين الى باحة الكنيسة وانا اسمع صوتك ، او في لقاءاتي معك طالبا في الندوات الدينية في اواسط الستينات ، او في لقاء طويل معك واذا تذكر لساعات في بيتكم صيف عام 1972.

     ان صوتك الذي وصل عبر البحار والمحيطات اسكرني بحب الوطن والتربة الغالية والقوش الحبيبة ، وجعلني اعيد سماعه مرات ومرات دون تعب او ارتواء . في شريط الفيديو الذي صوره نجيب عيسى كولا ، سمعتك ، ورايتك بوسامتك ، ولحيتك البيضاء المهيبة . شكرا من الاعماق ، لن انسى كلماتك تلك ، وكأنها موجهة لي ولكل فرد مغترب وساحتفظ بالشريط كأغلى هدية ، وسيرافقني اينما حللت ، وحتى التقي بك واجلس معك واتطلع لسماع ومعرفة المزيد عنك ، وبتقديري تمتلك الكثير ، يقينا ان ثروة الادب التي ليس في الفانية أثرى منها ، تخلد الانسان وتجعل مكانته متميزة في عجلة الزمن .

 تحية لك ولوالدتك ، وإخوتك .

ودمتم لنا ولمدينتكم الأبية القوش .... والسلام .

 تلميذك نبيل دمان

 2- 11- 1994.

 

وارسل الجواب التالي :

     عزيزي نبيل

     ببالغ السرور والاعجاب قرات رسالتك الاخوية المشحونة بمشاعر النبل والتعلق الصميم بالوطن والاصدقاء والمعارف الذي حالت ظروف الزمان بينكم وبينهم ، عسى ان يجتمع الشمل يوما ما بعناية الرب القدير ، لان الشجرة ما دامت خضراء فجذورها عميقة في التربة الاصلية مهما قطعت منها اقلام وشتلت في تربة اخرى :

أرا كلـّه خا بيثيلا دبرناشوثـــــا

بسيمتيلا إن لا ثوابا نوخرايوثا

 

      هذا هو واقع الحياة للكثير من ابناء آدم في هذا الزمان ، واينما يحل البشر فهم في ارضهم ، في بيتهم ، مع فارق الغربة الثقيلة والمؤلمة ، ثم يدور الزمان ويدور كما تدور الارض حول الشمس ، وقد يلتئم الشمل بعد الفراق والبعاد ، او يكفي ان تكون القلوب والافكار ملتحمة متحدة ، فهي تقرّب الابعاد وتقلـّص المسافات والله كريم .

      اشكرك قلبيا على مشاعرك الصادقة وتعابيرك الاخوية مع ما فيها من مديح لست اهلا له ، لانني حين اتكلم او اكتب شيئا ما ، فانما اعبر عما يجيش في قلبي من حب وتعلق بحياة الناس جميعا ً ، وخاصة بحياة معارفي واهلي واصدقائي ، لكن امنيات الانسان لا تتحقق جميعها ، لاننا بشر لنا حدود في الزمان والمكان ، لكن القيم التي يحملها الانسان لا حدود لها ، فهو يتالم حين لا تتحقق امنياته الانسانية بالعيش الكريم والكرامة لجميع الناس بدون فرق بين هذا او ذاك ، حياتنا في الارض طريق الجلجثة على خطى السيد المسيح المنتصر على كل ما في حياة الانسان من سلبيات وشرور. حفظكم الرب بعنايته القديرة ودمتم سالمين .

 اخوكم القس يوحنان

 الموصل - كنيسة مار اشعيا - 21/ 11/ 1994

     انجز العديد من الاعمال الكتابية ، الترجمة ، والاشرطة الصوتية ( الكاسيت ) التي يمكن ذكر بعضها مثل : قصة يوسف الصديق ، وجنفياف ، يزداندوخت ، وقافلة الموت ( كروان دموثا ) ، والاخير كان شبه فلسفي ، يدور حول تبادل الاتهامات بين الافراد والموت بشكل جدلي متقن ، في ذلك الاسهاب ألهب يوحنان جولاغ مشاعر المستمعين، وهو يتحدث عن قصة كارثية ، في غرق خمسة من شباب وشابات البلدة ، في بحيرة الثرثار عام 1980.

     صبرا وسلوانا ً لأهل بيته ، لكل من عرفه ، او سمع به ، وهو المكلل بهامة الرفعة والمتجذر بقوة الايمان ، دعوه ينظر من عليائه اليكم ، في حركتكم المستمرة الى الامام ، مضيفين للأدب والثقافة والفنون ، مفاخر الدنيا ومباهج الحياة .

      يا نينوى ويا كنيسة مار اشعيا ، يا القوش ويا كنيسة مارﮔورﮔيس ، أبْكوا جميعا ً الأب الشاعر ، وأذرفوا له الدموع .

قرْي يا ماثي پقـْيناثه          وْطلوبْ تـَه رابي رَحْماثـَه

تـَدْ شـَمي كُل نـَثياثـَه          مَحرا وزومارَه خاثــــــَــه

شِتقـَه مْخيلِه لْبرياثه          وصْميري وَردي وْحيواثه

وْكُل طـْير ِه دِشْمَيّاثه          پْخيلي مِخْ ناشِد ما ثــــــَه

مْسُكيرْ رابي مْأيناثـَه          ولـَخـّـازيلي نـَشْواثــــــــَـه

طاواثِح ْ گو مَسّاثـَــه          وشِمِّحْ كْمَبهـِر كْثوياثـــــَه

شِشْو زاگِه بأيداثــــَه          ومْخو صَنـّوجِه بأيتاثــــَه

ياعْلمايِـِه وبْـني ماثه          مْپـَشْطول ِ بـِصـْلاواثــــَــه

گو بيبونِه د حقلاثــَه          گو قالِه د كـَلـْكـَلياثــــــــَـه

علوييله بكُل يوماثــَه         مْدار ِ لـْدار ِ وگهاثــــــــَــه

يا بـَئايِـِدْ حَقــّوثَــــــَه         كـْليل ِ دَرقــُل أودوثــــــَـــه

لَـَياذيوَه ﭽـْو زْدوثــَه         طالِحْ كْشَكلـَه مَلكْوثـــــَـــه

 

ملاحظة : آخر البيتين في القصيدة من نظم الشاعر الصديق سعيد يوسف سيبو .

 :

nabeeldamman@hotmail.com

USA

July 14, 2006

 

 

مقاضـــاة الــــــسماء

اخـــوك صـــباح جــــــولاغ

 

 

رثاء صباح جولاغ لاخيه الاب والمربي الجليل يوحنا جولاغ يتقاضى ويعاتب  به السماء  بحرقة ودموع ملتهبة ثم يسحب  مقاضاته ويتنازل لحكمة السماء ويسلم امره وامرهم  بيد الله خالق السماء والارض وكل مايرى وما لايرى

استميحك العذر بدءأ ... لاننـي لـست بعبـدك ،لانك ملكـــــــــي وربــــــــــــي
 أستميحك العذر بدءأ ... واطمـع بفيـض حنانـك،لانك خالقــــي وأبـــــــــــي
 أستميحك العذر بدءأ ... لاختلس منك شـعاع نـور،لانك شـمعة دربـــــــــــــي
 أستميحك العذر بدءأ ... كي ارتوي عطشـأ،لانك منهــــــــــــل حبــــــــــــــي
 استميحك العذر بدءأ ... رغم تلعثم مفرداتي،لانك بلاغــــــــــة ادبــــــــــــــي
 استميحك العذر بدءأ ...  وأتوسـل اليك بالقليل مـن  صبـــر ايـوب النبــــــي
 لم ولن افقد صوابي ... رغم عجزي من لملمة جراحاتي،لانك املي ومأربـي
 فبالامس، أمي ـ حياتي ـ وصميم ـ قلبي ـ ودانية ـ عروســة شــــــــــــبابـي
 واليـوم اخي ، معلمــــي ، صديقــي ، رفيقـــي، حبيبــــــي وأبــــــــــي
 أينقصـها الـسماء ،علمأ ،مفكـرأ ، فيلـسوفأ، أديبـأ، مرنما ذو الصوت العذب؟؟
 بأعماله غصت الدنيا كلها، من كنائس وأديــرة،ومجالـــس ، وبيـــــوت ، واناس من مشــــــــــــــرق ومغــــــــــــــــــــرب؛
 ضليـع في الطقـس الكنسـي، مربيـأ للاجيـال ومرشـدأ، ســابقأ لزمانـه وكأنه
 قـــــــــــــــــــــــادم من غيـر كوكـــــــــــــــــــب؛
 بقلبـه الكبيـر يحتضن الـشـعب كلـه، خيمـة للجميـع ، كبيـر مـع الكبـــار، وصغير
  مـع الصغـــــار، دون تكلـف، ولا لــــوم ولا عتب
 رجـل، حكيـم، قـ ـوي، عادل، حـازم حـد السـيف، لـم يسـاوم ابدأ، ابيــــــــــــــأ
 أن يقايــــــــــــــض الذهــــــــب بالخشـــــــب
 مجـد ، شــغوف، معجـون بالام وامــال قوميتـه، غيـور على كنيسـه التي شـغلته حتئ ايـــام المــــــــرض والشــــيب
 لـم تهمهـه المناصـب والتيجـان، ولم يلهث وراءهـا، وارتضـى العيـش
 ببســاطة كناســــــــــــــــك ابـــــــــــــــــي
 محـب متواضـع، طيـب المعشـر، ترتـاح له النفوس، وقيثـارة تعـزف الحكمــة
 والحـان واناشــــيد تعشـعـش في القلــب والعصــب
 ســـتبقى، معلمــأ، ومرجعـــأ، ومدرســة للاجيـــال خالــــــدأ، وصوتك الصامت
 سـيبقى صـــداه مســموعأ من بعـد ومن قـــــــــرب
 لـذا سـأتنازل لحكمـة السـماء ، وسـأسحب مقاضــاتي، وارحـل بهنـــــــــــاء