لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

نوئيل عرب 

 

الخزف الصيني

برع أهل الصين منذ القدم في إتقان شتى الحرف اليدوية والصناعات الشعبية والفنون الجميلة كالتطريز بخيط الحرير والحياكة والرسم على الزجاج وصناعة الأثاث من عود الخيزران ومعاملة حجر الجاد ونحت الجليد وزراعة اللؤللؤ ومعالجة الماس وتنسيق الزهور ودبغ الجلود. وقد اكتسبوا شهرة عالمية في هذه المجالات وغيرها حتى يومنا هذا. لكن دعنا نتطرق إلي حرفة جميلة ومفيدة تفوق أهل الصين فيها على كافة الشعوب بلا منازع، ألا وهي صناعة الخزف التي تنتشر اليوم خصوصا في مناطق جنوبي الصين مثل هيبي وشانشي وهونان وغواندونغ
لقد تسنى لي زيارة أحد أهم مواقع صناعة الخزف في مدينة فوشان التي تبعد مسافة ثمانين كيلومترا جنوب غرب مدينة غوانزهو عاصمةإقليم غواندونغ في أقصى جنوب الصين. يبلغ عدد سكان هذه المدينة الصغيرة نسبيا فقط ثمانية ملايين نسمة، وتعني باللغة الصينية جبل بوذا. تتميز طبيعة التربة المحيطة بهذ المدينة العريقة باحتوائها على الخامات الضرورية لصناعة وإنتاج أجود أنواع الخزف. تم إنشاء أول فرن لشي الفخار والخزف في القرن السابع الميلادي تحت حكم سلالة تانغ التي حكمت الصين من سنة ٦١٨ لغاية سنة ٩٠٧  ميلادية. وتعاقب على الحكم عشرون إمبراطورا من هذه السلالة وهي الثالثة عشرة في ترتيب السلالات المكلية التي حكمت الصين. يعتببر عهد تلك السلالة العصر الذهبي لازدهار الآداب  والفنون والعلوم وترسيخ التبادل الثقافي والتجاري مع بلاد الأناضول وبلاد فارس. إذن أطلق الصينيون آنئذ على ذلك الفرن إسم شيوان ولا يزال يستخدم حتى يومنا هذا في فخر الخزف والسيراميك. وقد صدر الصينيون منذ ذلك العصر الخزف والفخار حتي مصر وكينيا مرورا ببلاد فارس وبلاد الأناضول عبر طريق الحرير
يطغى اللونان الأبيض ولأزرق على أواني وأعمال وتماثيل الخزف والسيراميك الصيني. وقد وصفه أحد شعراء ذلك العصر بأنه لماع كالفضة وناصع كالثلج. يكتسب الخزف الصيني اللون الفضي اللماع بفضل مزج الرصاص في الجبلة، واللون الأصفر بمزج أوكسيد الحديد، واللون الأخضر بخلط أوكسيد النحاس، والبنفسجي بإضافة المنغنيز، ولأزرق بإدخال أوكسيد الكوبالت المستورد آنذاك من الشرق الأوسط. يقاسس جمال قطعة الخزف الصيني بعدد الألوان التي تحتويه. وأجمل القطع تلك التي تجمع إثني عشر لونا. تبلغ درجة الحرارة القصوى في عملية فخرالخزف ١٠٠٠ درجة. تقاس جودة الخزف بصفاء وطول صدى رنينه عند الطرق عليه.
أخيرا هناك معاقل أخرى في آسيا لإنتاج الخزف والسيراميك مثل كريا واليابان وتايلاند. وقد تأثرت هذه الصناعة في تلك البلدان بدون شك بالمدرسة الصينية التي تعتبرالأعرق والأقدم في هذا المجال

 

 

 

 

 

 

 

لغة الأطفال في بغديدة
                                                                          
شاءت الأقدار أن آقيم منذ سنتين في الصين للعمل  بحكم وظيفتي. أثناء إقامتي هذه في هذا البلد العريق الحضارة غالبا ما تعود بي الذاكرة إلى سنوات الطفولة في بغديدة. ومن ضمن الذكريات الجميلة أن الأمهات كن يتكلمن مع أطفالهن لغة خاصة عندما كان الطفل يبدأ ينطق أولى كلماته. وكانت لغة مخاطبة الأطفال هذه شائعة ومعروفة وهي تتكون مما يقارب ستين إلى سبعين كلمة مكونة من مقطع أو مقطعين لا أكثر لسهولة النطق والفهم بالنسبة للطفل. لا أدري ربما تكون هذه الكلمات المبسطة شائعة أيضا في بقية البلدات المسيحية في شمال العراق. وهكذا على مر الأيام دونت على سبيل التسلية ما يقارب الخمسين من هذه الكلمات التي تذكرتها وقسمتها على ست مجموعات حسب المعنى

الطعام ـ نَحّا زبيب. أوفّا طبيخ. قاقا بيضة. نَنّا لحم. مَمّا خبز. مناح سكر. حنّونتا رغيف. هَم طعام. مَئّا ماء

الحالة ـ مومو نضيف وجميل. كخ أو عاع وسخ. هَو حار. قَأ مكسور. بَحّا نفاذ. حيده وقوف. أُوّا آلم

الأفعال ـ متشّه تقبيل. بشّه سبح. تبّه تصفيق. كزّا عض. تََأ ضرب. باقي حضن. بَي رأى. بُؤ وقع. تاته مشى. ننّه ولوللا نام. تعّه لعب. شينشين زعل. عَعّا وبُبُّل قضاء الحاجة. بخ ذبح. نيني رفص

الحيوانات ـ تتّو أو عَوعَو كلب. بيشه قطة. بَع خروف. تاعو بقرة. تشّو حمار. تشوتشو طير. عوع سيارة

الأهل ـ بابا أب. ماما أم. أتّا عمة. ختّا خالة. دادا أخ أو أخت. توتو جدَة. عمَا عم

أعضاء الجسم ـ بَبّا رجل. تَشتشَا يد

          لا بل لأهل بغديدة على ما أتذكر بعض المفردات كانوا يستعملونها في التعامل مع حيواناتهم الأليفة كالدجاجة والكلب والقطة والحمار والبقرة والحصان. فمثلا لطرد الدجاجة يقولون لها ـ كش ـ ولمناداتها كي تأتي ـ تيتي ـ. لطرد الكلب ـ توت ـ ولطرد القطة ـ بشت ـ. لإيقاف الحمار ـ هوش ـ  ولتوبيخه ـ يَموت ـ. لمناداة البقرة ـ تاحو ـ  ولأمرها بشرب الماء ـ قرهو ـ  وأخيرا الصفير لأمر الحصان بشرب الماء

 

معقل الفن في الصين

 

           هناك بلدة في الصين معروفة على نطاق العالم في مجال الفن لأن جميع سكانها بدون إستثناء يحترفون الفن التشكيلي من رسم ونحت وتطريز. إنها بلدة ًًدافينً الواقعة في أقصى جنوب الصين شمال مدينة ًشينزهينً إلتي تبعد فقط بضعة كيلومترات عن مقاطعة ًهونكونغ. تعتبر ًدافينً الان إحدى ضواحي ًشينزهينً الشمالية ويبلغ عدد سكانها ما يقارب إثني عشر ألف نسمة، يحترفون كلهم الفن التشكيلي.

          يبلغ إنتاج  ًدافينً من الفن التشكيلي ما نسبته ستين بالمائة من الإنتاج العالمي، آي ستون بالمائة من لوحات الفن التشكيلي المرسومة باليد المتداولة في آسواق العالم مصدرها ًدافينً. تحتضن البلدة آكثرمن ثلاثمائة محل جميعها مكرسة فقط لبيع اللوحات الفنية المرسومة باليد آو للتدريب على هذه المهنة الجميلة آو لعرض اللوحات، باستثاء مطعم ومقهي لجمهور الزائرين، وما آكثرهم على مدارالساعة ومن مختلف الجنسيات واللغات والثقافات. قاسمهم المشترك جميعا ولعهم بالفن التشكيلي. يعمل في هذه المحلات حوالى ثمانية الاف شخص من رسامين ونحاتين ومطرزين ومتدربين

          آثناء تجولي في آزقة  ًدافينً شعرت كآنني آزور معرضا فنيا فسيحا لا بل متحفا للفن الحديث، يحتوي على لوحات مبتكرة وذات مستوى فني رفيع مستوحات من التراث والخط الصينيين وهي من إنتاج رساميها الموهوبين، وكذلك على نسخ متقنة جدا للوحات الفنانين العالميين التي مضى عليها أكثر من خمسين سنة، إلتزاما بمبدآ الملكية الفكرية. إضافة إلى اللوحات الزيتية والمائية والغرافيك والقص، يجد الزائر كذلك آشكالا رائعة من المطرزات بخيط الحرير الذي تشتهر به هذه المنطقة من الصين

          ولكن ما قصة  هذه الظاهرة التي لم يمضي عليها زمن طويل حيث آن  بدايتها تعود الى  سنة ١٩٨٩ بمبادرة من ًهوانغ جيانغً  الذي كان تاجر لوحات فنية ويشرف في نفس الوقت على ورشة تعليمية لتدريب حوالى عشرين تلميذا. بسبب الضائقة المالية التي آلمت بمشروعه الفتي لجأ  ًهوانغ جيانغً إلى قرية  ًدافينً بحثا عن مبنى لقاء ايجار متدني، وهكذا نشآ قي  ًدافينً أول مرسم. شرع  ًهوانغ جيانغً بعدئذ يبيع لوحات ورشته أولا في أسواق مدينة هونكونغ القريبة وصار يستقطب المزيد من التلاميذ وعشاق القن التشكيلي. وهكذا سرعان ما وسع نشاطه وانضم إليه مع مرور الزمن فنانون ومتدربون قدموا من شتى أرجاء الصين حتى أصبحت اليوم  ًدافينً من أهم معاقل الفن التشكيلي الأصيل في الصين، لا بل في آسيا والعالم

          فقط من باب التذكير كانت مدينة  ًشينزهينً التي يبلغ عدد سكانها اليوم خمسة عشر مليون نسمة مجرد قرية صغيرة على ساحل المحيط الهادي، يعيش سكانها من صيد السمك وكانت ًدافينً قرية أخرى مجاورة. بمرور أقل من خمس وعشرين سنة أصبحت ًشينزهينً مدينة ناطحات السحاب جنوب الصين، تنافس هونكونغ إقتصاديا وصناعيا وآصبحت ًدافينً ضاحيتها الشمالية معقلا عالميا لايضاهى للفن التشكيلي

 

 

 

 

 

 

رآس السنة الصينية
          ترقى أصول تقاليد الإحتفال برآس السنة الصينية إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد. يعتقد الصينيون بآن الإمبراطور ًهوانغديً الملقب بالآصفر نسبة إلى الجنس الصيني هو الذي تبنى التقويم الصيني سنة ٢٦٣٧ قبل الميلاد. لا يعتمد التقويم الصيني إحصاْْء السنين من ١ إلى ما لا نهاية بل يقسم الزمن الى فترات تتكون كل منها من ستين سنة إعتبارا من سنة ٢٦٣٧ قبل الميلاد. وفق هذا الحساب تصادف سنة ٢٠١١ الغربية الحالية سنة ٤٦٤٨ حسب التقويم الصيني الذي يعتمد السنة القمرية والسنة الشمسية قي آن واحد، آخذا في الحسبان دوران الأرض حول الشمس ودوران القمر حول الأرض. يبدأ كل شهر في اليوم الأول لظهور الهلال وينتهي في اليوم الأخير السابق للهلال الجديد، ويكتمل البدر في اليوم الخامس عشر من الشهر القمري. تتكون السنة الصينية إذن من ١٢ أو ١٣ شهرا قمريا وتتعاقب فيها الفصول الأربعة، لذلك يطلق عليها الصينيون إسم السنة الزراعيةـ
          يتكون التقويم الصيني التقليدي المتبع اليوم من دورات زمنية تتألق كل منها من ١٢ سنة، وتنسب كل سنة إلى حيوان معين. تلك الحيوانات الرموز هي حسب التسلسل، الفأر والثور والنمر والأرنب والتنين الأفعى والحصان والتيس والقرد والديك والكلب والخنزير. تعتبر هذه الحيوانات رموزا متعارف عليها لدى الصينيين لثشبيه البشر بها من حيث طباعهم. هكذا يشبهون الإنسان الحميم بالقأر والعنيد بالثور والشجاع بالنمر والأليف بالأرنب والموهوب بالتنين والحكيم بالأفعى والحر بالحصان والنشيط بالتيس والبهلوان بالقرد والصريح بالديك والأمين بالكلب والسخي بالخزير.
          أصل هذه الرموز حسب الأسطورة أن بوذا دعى يوما جميع الحيوانات إلى مأدبة عشاء أعدها بمناسبة عيد رأس السنة للإحتفال باليوم الأول لحلول الربيع ولبى الدعوة فقط ١٢ حيوانا وصلت بالتسلسل بدأ بالفأر وانتهاءًِ بالخنزير
          بيد أن حساب الزمن أبسط الآن في الصين الحديثة بعدما تم إعتماد التقويم الغربي إعتبارا من سنة ١٩١٢ ميلادية. وتم تعميم التقويم الغربي في كافة أرجاء الصين سنة ١٩٤٩ بقرار من قائد الثورة الشيوعية ماو تسي تونك. لكن بالرغم من ذلك فإن الشعب الصيني لا يزال متمسكا بالاحتفال بعيد رأس السنة الصينية الذي يسمونه عيد الربيع الذي يصادف في اليوم الاول من الشهر الاول من السنة القمرية، أي في شهر كانون الثاني أو شباط من السنة الميلادية. صادف هذا العيد في ٢ شباط هذه السنة.
          يمارس الصينيون طقوسا وعادات جميلة وذات مغزى بهذه المناسبة كلم شمل العائلة والإكثار من تزيين الدور والأماكن العامة بالزهور والشجرات ذات البراعم وشتلات الحمضيات المحملة بالثمار وإعطاءالأطفال مغلافات حمراء تحتوي على أوراق نقدية جديدة  وتناول عشاء العيد في جو عائلي.بما آن هذه السنة هي سنة الأرنب حسب التسلسل في التقويم الصيني فقد تم تزيين كافة الأماكن برسوم وصور هذا الحيوان كما يبدو في اللقطات المرفقة. أخيرا هذه هي المناسبة الوحيدة التي تعتبر عطلة رسمية طويلة لمدة عشرة أيام











 

الريف في الصين


سنحت لي الفصة أثناء إقامتي للعمل في الصين أن أقوم بزيارة قرية  ٌزيليٌ العريقة إضافة إلى قرى أخرى مجاورة في مقاطعة  ٌغواندونغٌ جنوب الصين٠ تقع هذه المنطقة الريفية في منتصف المسافة بين مديني مكاو وغوانهو على بعد حوالي مائة كيلومتر عن كل منهما٠تغطي هذه البقعة الخلابة حقول الأرز الخضراء على مد البصر وتكسوها أيضآ في أماكن أخرى غابات الخيزران الكثيفة٠  طبعآ لا أطلق جزافا صفة العراقة على هذه القرى، فقد صنفتهآ السلطاث الصينية ضمن المعالم الوطنية المحمية لأن طراز بيوتها المعماري يوحي بوضوح الطريقة المميزة لعيش أولئك السكان الميسورين حتى بداية القرن العشرين٠ وقد تم إختيار بعض تلك المازل المنيفة وترتيبها بمثابة متاحف للزيارة٠ ولا يزال عدد من الخلف يسكنون في بعض تلك المنازل حتى يومنا هذا، محافظين عليها بعناية٠ تبدو المنازل المبية وسط حقول الأرز شامخة متناثرة كالدرر في السهول والروابي الخضراء، بينما المنازل المقامة وسط غابات الخيزران متلاصقة ببعضها بحيث لا يتجاوز المترين عرض الشارع الوسطي بين صفي الدور٠ فهمنا أن هاجس الحماية من اللصوص وقطاع الطرق جعل السكان آنذاك يشيدوا دورهم هكذا في كلتا الحالتين٠

تتميز هذه المنازل المبنية بالآجر والخشب ولاسيما خشب الخيزران المعروف بمقاومته عوامل الزمن، بطرازها المعماري الفريد٠ يتكون كل منزل من عدة طوابق حسب عدد الأولاد الذكور للعائلة، حيث يقيم الوالدان في الطابق الأرضي ويسكن الأولاد المتزوجون كل في طابق مستقل مع عائلته٠ يتكون كل طابق من غرفة معيشة وغرفتين للنوم ومطبخ وعلية لحفظ المؤن٠ إذن لم تكن العائلة الكبيرة تتناول الطعام سوية٠ الميزة الآخرى لهذه المنازل أنها ليس لها شرفات بتاتا ونوافذها أعلى من قامة الإنسان ومحكمة آلغلق بطبقتين من الفولاذ لأغراض الأمن٠ يحتوي الطابق العلوي لكل منزل على معبد بوذي صغير، كما في الصورة، كانت تجتمع فيه العائلة الكبيرة للصلاة ولتذكر الآجداد الراقدين والذين رفاتهم في علب بعد حرقهم جريا على عادة البوذيين في إكرام موتاهم حتى اليوم٠

إضافة الى جمال الطبيعة الخلابة وكثافة غابات الخيزران، تتميز هذه الأرض بكثرة ينابيع المياه وغزارتها وهذا ما يتيح زراعة الأرز الذي يجب أن يكون حقله مغمورا بالماء دائما كما هو معروف٠ إنها حقا منطقة تستحق تسمية الجنة بجدارة٠