Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

بريد القراء

موارد السريان

السريان

 

طفولة العراق الى اين؟

 

كرم حسو : نينوى

 

اغلب حضارات العالم اعتمدت على الاعتناء بالطفولة

لضمان مستقبلهم وثقافة حضارتهم، وهذا ليس الا دليل على أهمية هذه المرحلة لذلك ابدى الكثير من الباحثين وعلماء النفس والاجتماع اهتمامهم بدراسته، ولا نخفي عليكم أن الطفل ورقة بيضاء تكتب فيه ما تشاء، ومن هذا المنطق عمد الكثير من حاملي الأيدلوجيات الحزبية والقومية... الى تلقين الاطفال معتقداتهم لكي يكون التعليم في الصغر كالنقش على الحجر. وهذه عملية مشروعة ودليل اخر على أهميتها لضمان المستقبل الى حد ما.
وللحديث عن مستقبل المجتمع العراقي وبما ان العراق يمر بمرحلة مخاض وانتقالية مهمة تتحدد من خلالها أهم الأفكار التي سوف تبني النظم الاجتماعية في ضوء مفاهيمها. لذلك سوف نتكلم عن الطفولة في المجتمع العراقي وظاهرة العنف وعسكرة الطفل المتفشية فيه. وفي البداية علينا ان نوضح ان الطفل مقلد بطبيعته أي يعكس صورة مجتمعه الصغير، ولتسليط الضوء اكثر التقينا بعدد من الأكاديميين في علم الاجتماع.
-
سألنا الأستاذة "ابتهال جواد" من جامعة الموصل/ كلية الاداب حول التاثير النفسي والاجتماعي للعب الاطفال ذات الطابع العسكري والعنفي؟


*
أجابت: يؤدي اللعب دورا مهما في تحديد طبيعة الكيان النفسي والاجتماعي للطفل، و اللُعب تمثل العالم الخاص للطفل الذي سيكتشف من خلاله الأشياء ويحاول فهمها. ويتعامل الطفل مع اللعبة والاندماج في صورتها ودلالاتها فتعكس إنطباعا في ذهنه بأهمية احتواء مفهومها في سلوكه، كما أن اللُعب عند الطفل تمثل احدى وسائل التعريف بالدور الاجتماعي للذكور والاناث. ولذا تعتمد الاسرة في عملية التنشئة الاجتماعية على توجيه الطفل الى انواع اللعب الخاصة بالذكور واخرى خاصة بالاناث. زيادة الترويج في الاسواق للعب ذات طابع عنفي. يساعد في تأكيد ميل الأطفال لمثل هذه الألعاب التي يعدها رمزاً لنموذجه. وبالرغم من دور اللعب في تنمية المهارات الحركية للطفل وتخلصه من طاقاته الزائدة والتخفيف من توتراته، الا ان الاستغراق في التعامل مع لعب ذات طابع عنفي يعمل على تنمية روح العنف لدى الطفل. ومهما يكن فان مسؤولية توجيه الطفل تقع على عاتق الاسرة حول اسلوب اللعب واختيار الالعاب المناسبة والمفيدة له.


-
وفي سياق الحديث عن التاثير السلبي للعب ذات الطابع العنفي على استعدادات الطفل المستقبلية التقينا بالاستاذ "عماد اسماعيل" الاستاذ بعلم الاجرام/ جامعة الموصل ليتحدث لنا عن العنف في التربية والتربية العنيفة وعلاقتهما بالجريمة؟.
*
فقال: ينقسم هذا السؤال الي شقين، الاول أي العنف في التربية نقصد به استخدام القسوة والعنف في تنشئة وتربية الاطفال في المؤسسات التربوية ابتداء من المؤسسة الاولى. الخلية الاولى في المجتمع الا وهي الأسرة وكذلك جماعة اللعب والمؤسسات التربوية الرسمية من دور الحضانة والمدارس والجامعات ووسائل الاعلام... الخ ففي الاسرة التي تعتبر الجماعة الاولى التي يرى الطفل نفسه فيها تقرر الملامح الاولى والاساسية لشخصيته لأنه في هذه المرحلة يكون الطفل كلوحة بيضاء تنقش الاسرة عليها نقوشها وتبقى اثارها الى زمن بعيد من عمره فاذا تلقى في الاسرة تنشئة وتربية قاسية قائمة على التزمت والعنف من احد الوالدين او كلاهما فانها تولد في نفسه شعورا مصحوبا بالميل الى الكذب والحيلة لكي يتخلص من العقاب، وكذلك عند ممارسة العنف في التربية يؤدي به الى كره الوالدين وخاصة الاب وهذا الكره ينصب على كل ما يمثل السلطة من المدرسين في المدرسة والشرطة والقانون والدولة وهذا الكره يقوده الى عدم الخضوع للسلطة وبالتالي الانحراف والقسوة في التربية في الاسرة وبالتالي الوقوع في جماعات منحرفة والكلام نفسه ينطبق على المؤسسات التربوية الاخرى.
اما عن الشق الثاني من السؤال فيتمثل في تربية الطفل على العنف وتاثيرها السلبي على سلوكه مستقبلا، والتربية سواء كانت تقليدا او تدريبا مقصودة او غير مقصودة، فالطفل يعتبر مرآة لما يجري في اسرته فيقلد كل الشخصيات في اسرته وخاصة الوالدين فاذا كان الوالدان قاسيين في تعاملهم مع بعضهم وفي تعاملهم مع الاطفال فان هذه القسوة تنغرس في شخصيتهم في بداية الحياة قد يكون التقليد بريئا في البداية ولكن بعد ذلك وبمرور الزمن تصبح ممارسة القسوة والعنف جزءاً من شخصيتهم فيكون عنيفا مع الاخرين. وبعض الاسر ترشد ابناءها وتربيهم دائما على حمل السلاح عند خروجهم من المنزل لدرء المخاطر عن انفسهم او الدفاع عن انفسهم ولكن هذه الوسيلة الدفاعية قد تتحول الى وسيلة هجومية في بعض الاحيان... لانه سوف يعتقد ان العنف هو حل لكل المشاكل في التعامل مع الاخرين. واضاف الاستاذ "عماد": ان لوسائل الاعلام تاثيراً كبيراً على هذا الجانب لما تعرضه من افلام ومواد وبرامج اعلامية ذات طابع عنفي كما تشارك الاسرة تنشئة وتربية الاطفال داخل المنزل وخاصة المسموعة والمرئية منها. وعلى الاسرة ان تقوم باختيار الافلام والبرامج المفيدة للطفل وتستخدم نظام الاختيار الى عمر معين.
-
بعدما استعرضنا لكم آراء بعض الاختصاصين بقي لنا ان نسأل الدكتور "حمدان رمضان محمد" من قسم علم الاجتماع/ جامعة الموصل عن تفسير علم الاجتماع لظاهرة التعامل العنيف مع الاطفال؟.
*
فأجابنا: في الحقيقة اثبتت معظم او اغلب الدراسات الاجتماعية والنفسية في العصر الحديث ان العنف عملية غير مجدية في التعامل مع الطفل ولو تعامل الوالدان بقسوة مع الاطفال سوف يؤدي الى اثار اجتماعية سيئة خصوصا عندما تزداد شدة العنف من قبل الوالدين حيث توّلد لدى الطفل حالات من العصيان والتمرد والقلق كبيرة مما يسبب له مشاكل اجتماعية خطيرة تؤثر على سلوكيات حياته اليومية.
وهنالك رأي آخر يقول ان التربية تحتاج أحيانا الى بعض جوانب الشدة ولكن هذه الشدة يجب ان لا تزيد عن حدها الاعتيادي بحيث تؤدي على عكس النتائج المرجوة منها أي بمعنى آخر نريد أن تقوم عملية التربية على حالة من التوازن بين اساليب اللطف واللين واحاطة الطفل بكل ما هو جميل وبين اساليب القوة او الشدة او العنف في التعامل، لان الطفل يولد وهو محتاج الى التعامل مع ابناء مجتمعه بمجموعة لمختلف تعاملات يعود عليه بالفائدة والنفع. اذ يهيأ لعملية الانضمام الى جماعة تقبله ويحس بالانتماء اليها. وهذه العملية اساسية في الاستقرار النفسي للافراد كما
هي اساسية في بناء الجماعات وتماسكها."

 والان وبعدما عرفنا وتعرفنا على هذه الظاهرة ليس لنا سوى ان نقوم بنظرة شاملة على واقع الطفل العراقي وهو يعيش هذه الاحداث العنيفة اذا كانت من الداخل أي تعامل الوالدين مع الطفل لنجده في حالة مزرية بسبب الوضع الاقتصادي او النفسي او الاجتماعي او السياسي للعائلة، او جهل الوالدين بأبسط أساليب التعامل اللطيفة والصحيحة والسليمة مع الطفل والحدث، ومن جهة اخرى نرى المجتمع عامة يجهل ابسط مفاهيم او مضامين لائحة حقوق الانسان كما نشاهد ! يوميا انفجارات تستهدف كل شي وانتشار المظاهر المسلحة والحياة الصعبة واستغلال بعض الاشخاص للاطفال في كثير من الاعمال اللااخلاقية وتردي الرعاية الاجتماعية وسوء التغذية والتشرد، هذه كلها مشاهد يعيشها اغلب اطفال الشعب العراقي واذا كان السبب الاحتلال او لم يكن فالمشكلة واحدة وقائمة. وفي ضوء ما استعرضناه من آراء ودراسات الاختصاصيين نجد ان مستقبل العراق يمضي الى المجهول او بالاحرى الى مجتمع اكثر عنفاً والبقية تأتي. والسبل الوحيدة لمعالجة هذه الحالات هي اخذ مؤسسات المجتمع المدني دورها وتفعيل دور الرعاية الاجتماعية والصحية والاهتمام بالعلوم الانسانية وتطبيقها الى ارض الواقع وبالتعاليم الدينية البعيدة عن التطرف.